مواد البناء في العمارة السكنية التقليدية بمنطقة نفزاوة من الجنوب الغربي التونسي
العدد 52 - ثقافة مادية
لابد للبحث العلمي اليوم، وفي جميع اختصاصاته، من الارتباط بقضايا المجتمع وواقعه المعيش، يسعى جاهدا للمساهمة في تحقيق الإضافة المعرفية والتطبيقية، وتتأكد أهمية هذا التوجه اليوم مع تزايد وتيرة التحديات التي تواجه موروثنا الشعبي عامة والثقافة المحلية خاصة مع تزايد ضغوطات العولمة والتحولات السياسية. في هذا الاطار عادت مختلف الشعوب لدراسة موروثها الشعبي، قصد البحث عن حلول لمشاكلها الراهنة، وتعتبر الاستفادة من المواد المحلية، في مجال العمارة، قاعدة عامة بالنسبة لمواد البناء في أي مكان من العالم1.
لقد ساهم ثراء المكونات الطبيعية لمنطقة نفزاوة التي تقع في الجنوب الغربي التونسي في تنوع مواد البناء المحلية، لذلك سنعمل في هذا العمل على تصنيف هذه المواد وتثمين الثروة المعرفية2 والتعريف بمكوناتها، فربما تساهم هذه الدراسة في مستقبل التنمية في الجهة وتشجع على الاستثمار. كما سنعمل أيضا على تثبيت المصطلحات الشعبية المحلية في مستوى العمارة التقليدية للمحافظة عليها والتأكيد على ثراء وتنوع المعجم اللغوي المحلي والتصاقه باللغة العربية الفصحى مع بعض الروافد من اللهجات المحلية المجاورة والبعيدة.
يُمكن تصنيف مواد البناء المحلية التي تُستعمل في تشييد المساكن التقليدية بقُرى واحات نفزاوة إلى ثلاثة أصناف أساسية: المواد النباتية والمواد الترابية الصلبة والمواد الترابية اللينة.
المواد النباتية:
تُعتبر الواحة أهم مصدر لمواد البناء النباتية وهي الخشب، ويتأتى من النخيل والأشجار المثمرة، كما يستفيد السكان من الأحراش المجاورة لقراهم التي توفر أغصان الأشجار والشجيرات الصغيرة، بالإضافة إلى استخدام الخشب المصنّع المجلوب من خارج البلاد.
اولاً: الخشب:
توفر الواحات الممتدة على مساحات شاسعة أنواعا مختلفة من الأخشاب التي تُوظف في المعمار السكني التقليدي بالمنطقة، وهي تُعتبر من العناصر الأساسية حيث تُستخدم في الأسقف وتُصنع منها الأبواب وتُوظف في أغراض إنشائية عديدة. يمثل النخيل أهم مصدر للخشب في البناء ولا تقل عنه قيمة أخشاب الأشجار المُثمرة لاسيما أغصان شجرة الزيتون.
1. خشب النخيل:
ينقسم بدوره إلى نوعين وهما الجذوع والجريد:
أ- جذع النخلة: وردت الإشارة إلى أهمية جذوع النخيل بالنسبة للمنطقة في عدة نصوص ووثائق، خاصة الأرشيفية منها والتي تعود للقرن التاسع عشر3. يُستغل جذع النخلة في أغلب العناصر الإنشائية للمسكن التقليدي بقُرى واحات نفزاوة، ولا يُستعمل خاما إلا نادرا، إذ يمر عادة بمراحل تحضيرية عديدة، ولا يتم استغلال جذوع جميع أنواع النخيل، فالنجّار خبير في معرفة أجودها وأهمها تلك المتأتية من صنف «الذكّار» و«العمَّاري» و«الْفِطِيمِي» و«الْحُرَّة» و«الْبِسِرْ حِلُو» و«الطُرًنْجَةْ»4.
يستفيد النجار التقليدي بالمنطقة من جذوع هذه الأنواع لما تكتسبه من مميزات، لعل أهمها دقة أليافها واستقامتها وقدرتها الفائقة على مقاومة التسوس والتصدع. كما يحرص على ترشيد استهلاك الخشب فلا يقطع سوى النخلة ذات المردود الضعيف، ولا يستخدم بكثرة جذوع النخيل من صنف «الدﭭلة» و«الـﭭصْبِي» و«الـﭭنْدَةْ» لأنها ذات ألياف خشنة لا تتحمل ضغط الثقل، وإن تم استعمالها فلأغراض ثانوية.
تمر عملية تحضير الجذع بعدة مراحل، وتنطلق عملية الاشتغال عليه في الواحة في المكان الذي تُسقط فيه النخلة، وأُولَى المراحل هي القطع عن طريق صَّاصْ مختص. تُقص النخلة ذات الجذع الطويل على مراحل، وتسمى هذه الطريقة «الحُبِّيلَةْ».
تتمثل «الحُبِّيلَة»5 في توجيه سقوط النخلة عن طريق حبل يُربَط في طرفها العلوي، ويُشَد طرفها الثاني للأرض خوفا على المزروعات والأشجار الصغيرة تحتها وذلك بعد أن يُقصَّ جريدها. يُعَالج الجذع بالفأس إلى أن يسقط الجزء الأول، ثم بنفس الطريقة مع بقية الأجزاء بحسب طول النخلة فقد يتم إسقاطها على مرحلتين أو ثلاث أو أربع على أقصى تقدير للنخلة التي يتجاوز طول جذعها 20 م.
تأتي إثر ذلك عملية «التفليق»، وتتمثل في تقسيم الجذع طوليا إلى جزءين أو أربعة أجزاء باستعمال مجموعة من «الدِّوَاسِيسْ»6. يثبت «داسوس» فوق الجذع ويدق «بالرزام»7، وعندما يتغلغل إلى نصفه يدق «داسوس» ثان على بُعد 0،50 م، منه، عندما يخترق هذا الأخير الجذع. يقوم «الـﭭصَّاصْ» بإدخال «داسوس» صغير، يسمى «كِلُوفِي»، في الفتحة التي حدثت بينهما لكي يسهل سحبهما، ثم تتواصل نفس المراحل إلى أن يشطر الجذع إلى نصفين. يمر «الـﭭصَّاصْ» إثر ذلك لمرحلة التجفيف، إذ يُترك الجذع على عين المكان ويُوضع فوقه قليل من الملح أو يُلقى به في شط الفجاج أو شط الجريد8، تتراوح المّدة بين ستة أشهر وسنتين9.
تتخلص الجذوع خلال هذه المرحلة من الحشرات، وتكتسب صلابة وحماية من التسوّس أما الرديء منها فتظهر عليه علامات الاعوجاج والتآكل. ومن بين أهم خصائص خشب النخيل المرونة والصلابة لذلك يُوظَّف في الأماكن التي تكون معرضة للهدم أو للتصدع، ويستغله السكان في دعم الجدران وكساكف لمدخل البيت أو الكوة وفي السقوف. قد يضطر بعضهم لشرائها، ويتراوح ثمن الجذع الواحد في أواخر القرن التاسع عشر بخمس فرنكات10 ويتراوح في أواسط ستينات القرن الماضي بين 20 و 30 مليما11.
ب- جريد النخيل: مفردها جريدة، وتتكون من ثلاثة أجزاء: «الكِرْنافَة» أو الكرب12 أي الجزء الذي يبقى عالقا بجذع النخلة، وتكون ملساء عريضة ومنبسطة الظهر مُحدبة الوجه، و«الساق» وهو ذو أشواك وعادة ما يكون صلبا ومستقيما، وأخيرا الجريدة، وهو الجزء الذي يعتبر امتداد ا«للساق» لكنه مكسوّ بالسعف. يُستعمل «الساق» والجريدة في البناء بعد إزالة الأشواك والسعف، ويُسمى عندئذ «مَطْرَقْ» وجمعها «مَطَارِقْ» أو «سِيـڨ»، ويوظف البنَّاء «المطارق» في الأسقف (الصورة عدد 4) وفي أبواب الإسطبل وفي بعض الأثاث مثل السرير، ورغم أهمية الجريد يبقى دون أهمية جذع النخلة13.
2. أخشاب الأشجار المثمرة:
تنتشر في الواحات القديمة عدة أصناف من الأشجار المثمرة مثل الزيتون والرمان والتين والتوت14، وتتميز بصلابة أغصانها وسهولة تطويعها، إضافة إلى بعض الأشجار الأخرى وأهمها حب سبحة تُعتبر أغصان شجر الزيتون عنصرا أساسيا في صناعة الأبواب في المسكن التقليدي بقُرى الواحات القديمة بمنطقة نفزاوة، وتستعمل جافة كعوارض لربط ألواح خشب النخيل من الداخل، وتُوظف في أغراض أخرى كالأقفال والمسامير نظرا لصلابتها ومرونة تشكيلها. كما تتميز بزهد ثمنها وبجودتها مما يضمن جودة الباب. يوظف السكان الأغصان الطويلة من الأشجار المثمرة كركائز تحمل سقف الإسطبل، وفروعها كمسامير تُدقّ في الجدران وتعلق عليها عدة أغراض كالأدوات المنزلية والأواني الفخارية المليئة بمخزون الزيت والسمن.
ثانياً: القصب:
ينبت القصب غالبا في شبكات صرف المياه الزائدة عن حاجة الأرض السقوية في الواحات (الخنادق أو النشعيات)، يتراوح طول الواحدة منها بين1.50 و4م، ويُستعمل أساسا في التسقيف(الصورة عدد4). يتوفر القصب بكميات متفاوتة بين قُرى الواحات القديمة، فإن وُجد بكميات كبيرة في جمنة وبني امحمد والبرغوثية والبليدات فهو قليل جدا في المنشية وبوعبدالله وفطناسة.
ثالثاً: القش:
يتـمـثـل القـش فـي كـل النباتات اليابسة من حشائش وسعف النخيل والليف والتبن. يُمثل التبن مادة أساسية في صنع قالب الطين المعد للبنـاء، إذ يسـاهم فـي شدة صلابته وتـماسـكه ويضاعف في حجم مقاومته لعوامل التعرية التي تسببـهـا الأمطار والرياح، ويُقلص من إمكانية تشقق الجدران فيما بعد. كما يُعتبر السقف من أهم العناصر المعمارية التي يستخدم فيها القش، إذ يمثل طبقة من طبقاته.
رابعاً: الخشب المستورد:
يُسمي سكان منطقة الدراسة الخشب المصنَّع «لُوَحْ،» وهو ذو لون أحمر أو أبيض، يجلب من خارج البلاد التونسية ويصلح لجميع المناخات15، يسمى أيضا الخشب التجاري إذ يصل المنطقة عبر ميناء صفاقس، وقد انتشر استعماله في البناء مع دخول المستعمر الفرنسي وتكثف في فترة ستينات القرن الماضي.
يُوَظَّف «اللُّوح» خاما في السقوف من خلال نوعين: «الْمَادِرِي»16 ومفردها «مَادِرِيَّةْ»17 ويبلغ طولها 5م وعرضها 0.15 م وسمكها 0.10 م، و« الوُرڨْ» ومفردها «وِرـةْ» بطول 7م وبعرض 0.20 م وسمك لا يتجاوز 5 صم(الصورة عدد 6). كما تُصنَع منه الأبواب والنوافذ والأثاث، خاصة الخزائن والصناديق الملونة.
يبدو أنه ليس غريبا توظيف بعض المواد من خارج المنطقة في العمارة التقليدية إذ لا يقتصر الأمر على قرى نفزاوة بل ينتشر في عدة مناطق أخرى من العالم لاسيما حول بلدان حوض المتوسط18. يبقى خشب النخيل الأكثر استعمالا من المواد النباتية، ويساهم مع المواد الترابية الصلبة في متانة المبنى ككل.
المواد الترابية الصلبة:
تتمثل هذه المواد الترابية الصلبة في الأصناف المختلفة من الحجارة ومنها تلك التي تُستخرَج من جبال «طباـة» عن طريق مقاطع مفتوحة ثم حجر «السامس» المُلتقَط من سفوح نفس الجبال، إضافة للحجارة المجلوبة من المباني التاريخية القديمة. تختلف نوعية الحجارة ومصدرها باختلاف موقع القرية، ولئن كانت الحجارة الصغيرة التي تُلتَقط من على سطح الأرض أساسية في الإنشاء المعماري، فإن بعض السكان استفاد من حجارة المقاطع المفتوحة بالجبال وعلى ضفاف شط الجريد.
اولاً: حجارة المقاطع:
وتُسمى أيضا «الصَّمْ» أو «رِشادْ»19، وهي الحجارة التي يتم استخراجها من مقاطع مفتوحة بسلسلة جبال «طباﭭـة» القريبة من الواحات والقُرى، ومنها جبل «الـﭭصير» وجبل «حلُّوص» وجبل «الكوشة» وجبل «لِيصيفِر» وجبل «الطويل» وجبل «برمبة». تتطلب عملية استخراج الحجارة مجهودا بدنيا كبيرا لذلك يعمل المختصون في هذا القطاع ضمن فرق تتكون في العادة من شخصين أو ثلاثة. يمتلك قاطعو الحجارة (الحَجَّارَةْ) أدوات خاصة مثل العتلة والفأس و«الرفش» و«الماصة». وتتمثل عملية قلع الحجر في إزالة الأتربة التي تمثل الطبقة السطحية ثم تحديد مفصل بين طبقتين من طبقات الحجارة لتثبيت مسمار بينهما ودقه «بالماصة» ثم سحبه ووضع العتلة أو «البِينْسَة» مكانه وتحريكها نحو الأعلى والأسفل إلى أن تنفصل حجارة ضخمة عن الكتلة الصخرية. تُجزَّأ هذه القطعة الضخمة إلى قطع صغيرة ومن ثمة تُنقَل إلى موقع البناء20.
انتشر لاحقا استعمال اصبع الديناميت الذي يُفجَّر الصخور التي تنشطر إلى أجزاء ضخمة تُقسَّم إلى أجزاء أخرى أصغر. تُسمى حجارة المقاطع بحسب مميزاتها وألوانها، فأجودها من حيث الصلابة هي الكلسية والمسماة محليا «الْكَذَّالْ»، في حين تسـمى أصنـاف أخرى تبعا للـونـهــا، فنجد «الحَمْـرَةْ» و«الخَـضْـرَةْ» و«الزَّرْــةْ» و«الصَـفْـرَةْ»21، وتُـعتبر الأخيرة آخر الأنواع طلبا نظرا لتأثرها السريع بعوامل الطبيعة.
يُفضل العاملون في هذا الاختصاص الجبل الذي يقع على مقربة من قراهم للمساهمة في التخفيض من التكلفة المادية للحجارة والتقليص من مسافة نقلها. كانت الحجارة تُنقل على ظهور الدواب في محامل خاصة تشبه القفص، تُصنع من أغصان الأشجار المثمرة. يضطر من لا يحذق صنع هذا الوعاء لنقلها على الأكتاف بمساعدة بعض الأقارب أو الجيران من الرجال عملا بمبدأ المساعدة والتعاون الجماعي خاصة مع قرب المسافة بين المقطع والقرية بالنسبة لقرى بوعبدالله والمنشية وجزيرة الوحيشي. ولئن كانت التكلفة المادية للنقل منعدمة في البداية فإنها أصبحت، مـع دخول العربات التي تـجـرهـا الدواب للمنطقة، وهـي «الكـريـطـة»، ذات قيمة نقدية تتراوح بين 200 و300 مليم في أواسط ستينات القرن العشرين22. تتميز حجارة جبال «طباـة» بصلابتها وقدرتها على تحمل الرطوبة والحرارة، لذلك تُستعمَل لملء أُسُسِ البنايات وبناء الجدران وأطر الأبواب والنوافذ والدرج المؤدية إلى السطوح.
ثانياً: حجر السَّامِسْ:
وهي الحجارة العارية التي يتم التقاطها أساسا من سفوح الجبال أي تلك الحجارة التي تُعتبر الطبقة الظاهرة من الجبل أو قشرته، وقد اكتسبت هذا الاسم المحلي لكونها معرضة لأشعة الشمس منذ مئات السنين وهو السبب نفسه الذي جعلها غالبا ما تكون سمراء اللون، وتوجد أحجام صغيرة وكبيرة من هذه النوعية، تُستغل الأولى في بناء الجدران والثانية في الأسس.
ثالثاً: حجارة مخلّفات البناءات التاريخية:
يجلب بعض السكان الحجارة من البناءات القديمة وخاصة من المعالم الرومانية، فعديدة الدور التي استخدم سكانها هذا الصنف كأطر للأبواب ودعائم وفي أسس للجدران، وتعدى استعمال الحجارة الضخمة العادية إلى استعمال تلك التي تحمل نقائش وبعض المكونات الأخرى للعمارة الرومانية مثل الأعمدة وتيجانها ذات الزخرفة والنقوش23. وقد أثبتت المعاينة الميدانية وجود الحجارة الضخمة في مساكن قرى تلمين وﭭبلي الـﭭديمة والمنصورة وأم الصمعة.
رابعاً: حجارة «روس كلاب»:
تُستخرج هذه الحجارة من مقاطع مفتوحة تقع على حافة شط الجريد مما جعل استخدامها ينتشر في هذه القرى المحاذية له مثل تنبيب وطنبار وتلمين ونـﭭـة، ويتميز هذا الصنف من الحجارة بلونه الأبيض وبصلابته، ويحتوي على قطع أصداف صغيرة تضاعف من هذه الصفة، وتساهم بدورها في متانة الجدران التي تُبنى بها(الصورة عدد 8). تُعتبر حجارة «روس كلاب» عازلا جيدا ضد الرطوبة بما أنه من نفس طبيعة الأرض التي استُخدِم فوقها24.
خامساً: «التِّرْشَةْ»:
تنتشر «التِّرشة»25 على نطاق واسع، وتسمى «تافْزَة» في بعض القرى مثل البليدات و«شَخْشْ»26 في قرى أخرى مثل الـﭭـلعة، وهي تحتل موقعا قريبا من جبال طباﭭـة مثل المنشية والـﭭليعة وأم الصمعة، وهي صلبة لذلك تُستخدم أساسا في بناء الجدران وقد تحرق ويصنع منها الجبس. توُجد «الترشة» تحت طبقة من الأتربة لا يتجاوز سمكها في أقصى الحالات 0.30 م، وتبدأ عملية استخراجها من مقاطع مفتوحة بإزالة التراب وتحديد حجم القطعة المراد قلعها.
ينطلق العامل في الحفر بالفأس في مستوى الخطوط التي خطها وعندما تصعب العملية يغير الأداة ويستعمل «الرَيَّاطَةْ» التي تمكنه من الوصول إلى العمق الذي يريده. و«الرَيَّاطَةْ» هي أداة حديدية صغيرة بحجم كف اليد مسطحة وذات حافة أمامية حادة وتتميز بمقبضها الخشبي الطويل الذي يُمكِّن من الوصول في الحفر إلى عمق كبير. تأتي فيما بعد العملية الأخطر وهي الحفر أسفل كتلة «الترشة»، ويقال محليا «يِلَحِدْ»، ويعني «التِلْحِيدْ» مزيد تعميق الحفرة أسفل الكتلة لتسقط بسهولة، وكأننا بهم يقصدون تذكيرنا بلحود القبور التي كانت مآل البعض من الذين كانوا يمتهنون هذا العمل حيث توفي تحت أنقاض هذه المقاطع عدد كبير من الرجال في أغلب القرى التي شملها البحث.
بعد أن تُفصل كتلة كبيرة، تتم تجزئتها إلى قطع متوسطة الحجم تصلح للبناء، توضع في كومات منفصلة عن أكداس الحجارة الصغيرة التي تتساقط أثناء عملية القلع والتجزئة، وتجمع بدورها لتحمل أيضا في محامل لتُستغَل في عملية بناء الجدران أو في فرن صنع الجبس. تُعتبر هذه المواد التربية الصلبة من أهم مواد البناء استعمالا وأكثرها جودة لاسيما في تشييد الجدران، كما أن استخدامها لوحدها لا يفي بالحاجة لذلك يستعمل البناء بعض المواد اللينة كمادة للربط.
سادساً: «الفٌرَّاش»:
توجد هذه النوعية من الحجارة في بعض القرى الجنوبية من نفزاوة ومنها زيرة الحداد جنوب شرق الفوار على مسافة لا تتجاوز 3 كلم. تلتقط على سطح الأرض عادة في شكل صفائح مسطحة كبيرة الحجم، ملحية قليلا نظرا لقربها من الشطوط، يتراوح سمكها 5 و15 صم وهي ذات لون رمادي يميل إلى الأبيض. يعتبر «الفٌرَّاش» حجر صلب جدا لكنه طيع الاستعمال ويوظف عادة في السقوف كطبقة من الطبقات وخاصة في سقف القبو. ما تجدر ملاحظته هو أن قلع هذه الحجارة ونقلها عادة ما يتم من طرف صاحب المسكن نفسه لكن في عدة فترات عندما تشهد حركة التعمير ذروتها لاسيما في فصل الخريف، يصبح بيع الحجارة مصدر رزق وعملا مربحا للكثير. تتم عملية البيع بالكومة. تباع الكومة التي ذات الألف حجرة من الحجم المتوسط بثمن قدره 1000 مليم سنة 1968 وتبلغ تكلفة نقله 250 مليما26.
كانت هذه الحجارة تنقل في البداية على ظهور الجمال باستعمال وعاء مصنوع من أغصان الأشجار الصحراوية المتينة مثل الرتم والأزال والزيتة ويسمى «الشِّكَمْبُو»، ويتميز هذا الوعاء بشكله المخروطي، اذ تربط ثلاث أغصان من الشجر مجتمعة في الأسفل ثم تشد بحبل بين واحدة وأخرى وكلما ارتفعنا نحو الأعلى يمدد الحبل قليلا مما يعطينا شبكة متعددة الثقوب، توضع له عرى في مستوى أعلى الأغصان، ويستخدم بوضع اثنين على ظهر الجمل واحد من كل جهة. لا يخلو «الشكمبو» من بعض العيوب فهو لا ينقل كميات كبيرة في مرحلة واحدة ويصعب استخدامه في نقل الحجارة الصغيرة. تُعتبر هذه المواد التربية الصلبة أفضلها جودة وأكثرها استعمالا لاسيما في تشييد الجدران، كما أن استخدامها لوحدها لا يفي بالحاجة لذلك يستعمل البناء بعض المواد الترابية اللينة كمادة للربط.
المواد الترابية اللّينة والهشّة:
هناك مواد ترابية لينة تستعمل في حالتها الطبيعية وأهمها الروبي وأخرى بعد تحويلها ومنها الجبس والجير واللوس والرماد. أما المواد الهشة فنعني بها المواد سهلة الكسر والتفتت ومنها الطوب.
اولاً: الجبس:
يطلق أهالي المنطقة على الجبس الذي يصنعونه بطرق مختلفة اسم «الزِّبِسْ» ومن أهم هذه الطرق يمكن ذكر: «المردومة» و«الكوشة» و«الحفرة» و«المناصب» إضافة إلى الرمال المحروقة تحت أواني الطبخ. يكتسب الجبس أهمية بالغة وقيمة ثابتة اذ يستخدم في العناصر الإنشائية وبناء «الخوابي»27 إلى حد أنها من بين المواد التي تخزن28.
1. جبس «الكُوشَةْ» و«الْمَرْدُومَةْ»29:
«المردومة» و«الكوشة» طريقتان متشابهتان تُستعملان عادة عند الحاجة لكمية كبيرة من الجبس، والفرق بينهما يكمن في كون «المردومة» يتم خلالها إعداد الجبس فوق سطح الأرض، بينما يُحفر « للكوشة» حفرة قد يتجاوز عمقها المتر. يستعمل الأهالي التقنية نفسها في الطريقتين، ومراحلها كالتالي:
- المرحلة الأولى: وضع كمية من حطب النخيل والأشجار على ارتفاع 0.50 م في شكل دائري عادة ما يتجاوز قطره 2 م وارتفاعه 0.50 م أو يزيد بقليل، وتُسمى «كُرْسِي».
- المرحلة الثانية: وضع الطوب فوق الحطب في شكل هرمي مع الإبقاء على منفذين اثنين، يسمى كل منهما «مَنْفَسْ»، يدخل من أحدهما الهواء ويخرج من الثاني الدخان بحسب اتجاه الرياح. يرتب الطوب بحيث يُوضع الأكبر حجما من الأسفل ثم الأصغر فالأصغر.
- المرحلة الثالثة: ردم الهرم بطبقة صغيرة من التراب ورشها بالماء، ثم إشعال النار في الحطب، وتدوم عملية حرق الطوب أياما معدودة.
اثر خمود النار يقع إزالة الأتربة ودك الطوب المحروق بهراوة غليظة ليصبح جبسا صالحا للاستعمال30. يجب الإشارة إلى أن هذه التقنية تُسمَّى في مناطق أخرى باسم «فُرْنِ الزِّبِسْ»31. يمكن للفرن أو «الكوشة» أن يكونا مباشرة بجانب المقطع ثم يُنقل الجبس فيما بعد، كما يضطر بعضهم إلى نقل «الطوب» وصنع الجبس بجانب موقع البناء مباشرة.
2. جبس الحفرة:
تُستعمل هذه الطريقة بكثرة في قرى الـﭭليعة وجزيرة الوحيشي والمنصورة، وهي عبارة عن حفرة في عرق رمال متكلسة، على عمق لا يتجاوز 2 م وقطر لا يتعدى 1،50م في أقصى الحالات32.
تُوضع في تلك الحفرة كمية من الحطب وتشعل فيها النار، وعندما تهدأ النار وينتهي لهيبها يتم إدخال جريدة نخلة خضراء إلى الحفرة وحك جدرانها الداخلية المحترقة فتسقط حبيبات الجبس في القاع. يعاد إشعال النار عدّة مرّات وتُكرر نفس العملية إلى أن تمتلئ الحفرة بالرمال المحروقة التي تستخرج بعد أيام وتوضع في أكياس وقد تحولت جبسا رمادي اللون.
3. «المناصب» كانون الطبخ:
تستعمل المرأة الحطب لطهي طعامها، تضع وعاء الطبخ على ثلاث ركائز من الطوب في شكل مثلث تمثل كل واحدة منها زاوية وتسمى «مَنْصَبَة» وجمعها «مَنَاصِبْ»، وهو الكانون33، وبعد طبخ عدة وجبات تصبح المناصب جاهزة للدَكَّ والطحن باستخدام عصا غليظة.
لا يتطلب صنع الجبس معارف ومهارات كبرى، إذ يقوم به صاحب أو صاحبة المسكن بوسائله الخاصة وحتى شراؤه لا يتطلب أموالا باهظة. يتميز الجبس بمجموعة من الخصائص أهمها قدرته على تحمل الضغوطات المناخية بالجهة كالحرارة الشديدة صيفا والبرودة القاسية شتاء، وهو طيع الاستعمال بعد خلطه بالماء وتصنع من الجبس قوالب صالحة للبناء، وهي خاصية عرفتها قريتا بِشْرِي وفِطْنَاسَةْ34.
يُفضَّل الجبس مهما كان مصدره عن باقي المواد لاسيما عند الاستفادة منه كملاط في الجدران، في حين توظيفه في لياسة الجدران والسطوح والأرضيات تدفع بالأهالي لإعادة «التِّزْبِيسْ» مرة في السنة على الأقل في إطار عمل جماعي لأنه مادة سريعة التأثر بعوامل التعرية مثل الرياح وخاصة ذوبانه بفعل مياه الأمطار وتآكله بفعل عوامل الرشح الأرضي. رغم إيجابياته العديدة، فإن الجبس المحلي سريع التأثر ببعض العوامل الطبيعة خاصة الأمطار، مما يستدعي صيانته الموسمية، لذلك يُعد في كل مسكن مكان خاص بخزن كميات من الجبس، تُستعمل في الترميمات.
ثانياً: «الطُوبْ»:
يعتبر «الطوب» كتلة من التراب المتكلس35 وتسمى مفردها «طُوبة» أو «طوباية»36، ويتميز بلونه الأبيض الذي يميل إلى البني. تُستخرَج هذه المادة من مقاطع مفتوحة تقع بالقرب من جبال «طباﭭـة» لذلك تتمتع قرى مثل المنشية والـﭭليعة وأم الصمعة بهذا الامتياز في حين تفتقده أخرى كقرى نـﭭـة وتنبيب والرابطة. يختلف «الطوب» في نفزاوة إذن عما هو موجود بمناطق أخرى والتي يطلق فيها هذا الاسم على قالب الطين المخلوط بالقش والمجفف تحت أشعة الشمس37.
يُعتبر الطوب بنفزاوة عازلا جيدا للحرارة38، لكنه لا يتحمل الضغط الكبير ويستعمل الجبس المحلي كملاط داخلي وخارجي للجدران التي تبنى بهذه المادة39، لذلك فهو من أفضل مواد البناء التقليدية وينتشر استعماله على نطاق واسع( الصورة عدد 11). يُحَوَل «الطوب» أيضا إلى جبس باستعمال طرق مختلفة وهو دليل على قيمته الكبرى في العمارة السكنية المحلية ويُستعمَل بكثرة عند الطبقات الفقيرة بسبب انخفاض تكلفة استخراجه ونقله.
ثالثاً: الرُّوبِي:
يُعتبَر الرُّوبِي صنفا من أصناف الطين، ويقترب لونه من الأخضر الحمصي40. تُعدهذه المادة من أكثر المواد استخداما في البناء بحسب المشاهدة العينية والشهادات الشفوية، وهي تمتاز بالعديد من الإمكانات والخصائص المهمة والكثيرة، كما أنها لا تخلو من بعض العيوب أو المعوقات. يُستخرج «الرُّوبِي» في كل قُرى المنطقة مباشرة على عين المكان الذي سيتم فيه البناء، إذ يتوفر بمجرد إزالة طبقة من الأتربة على عمق لا يتجاوز 0.50 م. تُستعمل المسحاة في خلطه مع القليل من الماء بداخل الحفرة، ويبقى على تلك الحال مدة قد تصل إلى يومين، ويُسمَّى حينها «خُمْرَةْ»41، ويستعمل في بناء الجدران(الصورة عدد 12) أو لزجا كملاط أثناء بناء جدران الحجارة، ولا يُستعمَل في كل الأحوال كطلاء لأنه سهل الاقتلاع بفعل العوامل البشرية أو الطبيعية.
ترتفع القيمة الإنشائية لهذا النوع من الطين عندما تُصنع منه قوالب تُستخدَم في بناء الحيطان بعد أن يُضاف له قليل من القش أو التبن42، وهو ما لاحظناه بكثرة في قرى نـﭭـة والبليدات والـﭭليعة. تتوفر بالمنطقة بعض المواد الهشّة الأخرى في تكوينها المادي لكنها تكتسب صلابة في وظيفتها عند حسن توظيفها، ومنها:
رابعاً: «التُرْبَةْ»:
تُعتبر «التُرْبَة»، وهي ذات لون بُنِّي، نوعا من التراب المنتشر في منطقة نفزاوة خاصة في سفوح آخر مرتفعات سلسلة جبال «طباـة»، إذ يعثر عليها بمجرد إزالة قشرة الأرض السطحية. تُعتبر التربة كمادة أساسية في بعض أنماط من السقوف43، إذ تمثل طبقة ضرورية للاستفادة من قدرتها الكبيرة على امتصاص المياه وتحملها أكبر فترة ممكنة خاصة إذا ما تم دكها بعناية فائقة44.
خامساً: «اللُّوس»:
يُستخرج «اللّوس» غالبا من المناطق القريبة من جبال «طِباﭭـة» وأصله تراب غليظ الحَبِّ45، ويكون عند استخراجه أبيض اللون، ثم يحرق في طَاجِينْ أو حَمَّاسْ من حديد فيزداد بياضه نصاعة. يخلط «اللّوس» عند الحاجة إليه بالماء ويستخدم في طلاء الجدران الداخلية والخارجية لأسوار المساكن وغرفها عند الميسورين والفقراء على حد السواء(الصورة عدد 13) نظرا لانخفاض تكلفة استخراجه ونقله وتحويله واستعماله، وكلها أشغال تقوم بها المرأة46.
سادساً: الرماد:
يُستخدم الرماد في البناء التقليدي في قُرى واحات نفزاوة كإضافة إلى مواد البناء الأساسية خاصة الجبس وبالتحديد عند استعماله كمادة ربط في تشييد الجدران47، وهو يمثل أكثر المواد فاعلية فيما يتعلق بالعزل الحراري، ومن هذه الخاصية يكتسب أهميته رغم ندرة استعماله كما هو الشأن بالنسبة لبقية مواد البناء.
بقية مواد البناء:
تتمثل هذه المواد في الجير والماء كمواد محلية والحديد كمادة مجلوبة من خارج المنطقة ويتم تشكيلها محليا.
أولاً: الجير:
يُسمَّى في نفزاوة «الْجِيرْ الْعَرْبِي»، وتُستعمَل الحجارة الكلسية المُستخرَجة من مقاطع جبال «طباﭭـة» لصنع هذا الصنف من الجير في أفران توجد غالبا في أطراف القرية48. تُهيأ أفران49 خاصة بهذه العملية على مشارف القُرى وهي لا تختلف كثيرا عن أفران تحويل الطوب إلى جبس إلا أن درجة الحرارة يجب أن تبلغ 1000 درجة مائوية50، وقد كان التركيز في استعمال الوقود الطبيعي متمثلا في الحطب المجلوب من الواحة أو الصحراء ثم اسْتُبدِل في وقت متأخر بالفحم الحجري51.
يبقى الجير في الماء لمدة قد تتجاوز أسبوعا لكي يتخمر، ويضاف له القليل من الملح أو الشَّب52 لمزيد تثبيته على الجدران أو السقوف، ومن أهم مميزاته قدرته على القيام بدور عكس أشعة الشمس بعيدا عن الجدران نظرا لبياضه الشديد وبالتالي التقليل من تأثير الحرارة داخل الغرف، لذلك يُستعمل في تبييض واجهات الدور والجدران الداخلية والخارجية لسور المسكن53.
لا يستخدم الجير في الوظيفة الجمالية، إنما يُستخدَم أيضا في وظيفة حمائية إذ تُطْلَى به الأسطح للوقاية من تسرب مياه الأمطار إلى داخل الدور54، كما يخلط بروث الدواب55 أو التربة المجلوبة من الأودية ويستعمل كملاط للجدران، ويسمى هذا الخليط «شَهْبَةْ»56.
ثانياً: الماء:
يُعتبر الماء من المواد الأساسية في مختلف مراحل البناء، يُجلب من العيون الطبيعية إن كانت قريبة من موقع البناء، وتنقله نساء العائلة على ظهورهن في جرار أو قرب أو على ظهور الدواب. قد يكون نقلهن للماء في إطار عمل يومي تساعدهن فيه الجارات والقريبات كمساهمة من المرأة في هذا العمل الجماعي. أما في صورة حفر بئر، فإن ذلك يتم على عين المكان، ويُستخرَج منه الماء بالحبل والدلو57. يختلف عمق البئر من مكان لآخر، وقد يصل إلى 20م، ويتم بناء حاشيته بالحجارة المهندمة للمحافظة عليه من التهدم المتكرر. يحتفظ بهذا البئر بعد إتمام البناء للاستفادة من الماء في أغراض شتى كغسل الملابس أو سقي المواشي والدواب، كما قد تغرس نخلة أو شجرة مكانه.
ثالثاً: الحديد:
يُمثل الحديد المعدن الوحيد المُستعمَل في العمارة السكنية في قُرى واحات نفزاوة، ويُستعمل بأشكال مختلفة وخاصة في الأبواب وشبابيك النوافذ58، إذ يسهر الحداد التقليدي على صنع الصفائح والأقفال والمفاتيح والمسامير59. استخدمت الشبابيك الحديدية التي توضع للنوافذ، في مرحلة متأخرة، وتسمى النافذة «شِبَّاكْ»، وقد حذق قلة من حدادي المنطقة صناعتها، فهي تجلب من مدينة صفاقس عن طريق تجار يهود انتصبوا في أسواق قبلي ودوز.
تحتوي هذه الشبكة الحديدية على أشكال متعددة من الزينة، وتُشد إلى إطار خشبي، ورغم دورها الوظيفي الذي يتمثل في حماية الدار من السرقة فإنها احتوت على أشكال مميزة (الصورة عدد 14).
احتفظ المعمار التقليدي في قرى واحات منطقة نفزاوة بمميزات استخدام المواد الإنشائية المحلية60، ولم تتم الإضافات إلا نادرا ومع تلك التي استجابت للحاجيات المحلية والعادات السكنية وتأقلمت مع البيئة.
كانت هناك استمرارية في استخدام المواد المحلية للبناء وإعادة استخدام القديم في حرص شديد على إعادة تدوير المواد، ولم تكن لتظهر بشكلها النهائي لولا خبرة البنائين الذين ساهموا بمعارفهم المتوارثة في تنويع تقنيات الإنشاء وتطويرها في مختلف العناصر الإنشائية.
الهوامش:
1. يمثل قول المعماري العربي حسن فتحي" انْظُرْ تَحْتَ قَدَمَيْكَ وَأَبْنِ" من بين أهم الجمل المعبرة عن ذلك، وقد طرح في كتاباته هذه المسألة، أنظر: حسن فتحي(محمد)، عمارة الفقراء، ترجمة الدكتور مصطفى فهمي، القاهرة، الجامعة الأمريكية، 1989.
2. أكد مارسال موس على ضرورة الاهتمام بأدق التفاصيل التي تتعلق بالتقنيات وعلاقتها بالمواد الأولية في الدراسات الميدانية التي تهتم بالمباني التقليدية، أنظر:
- Mauss (M.), Manuel d’ethnographie, Éditions sociales, Paris, 1967,pp. 59-60
3. لعل أهم الوثائق التاريخية تلك التي تتعلق بقانون النخيل في منتصف القرن التاسع عشر، حيث لم يتم إحصاء النخيل المثمر فقط إنما حتى النخيل المقطوع نظرا لدوره في الإنشاءات المعمارية العامة والخاصة، حيث مثلت"ثروة خشبية مهمة لمن يملكها" حسب ما جاء في نص القانون، أنظر: أ. و. ت.، دفتر عدد 1718 بتاريخ 1278 هـ/1862 م.
4. مقابلة مع السيد إبراهيم النجار، 79 سنة، قرية بوعبدالله بتاريخ 25 جوان 2011.
5. تستخدم هذه الطريقة في واحات الجريد، أنظر: Bourg (A.), "L’habitat à Tozeur", Cahiers des arts et techniques d’Afrique du nord, N°5,1959, p. 37.
6. الدواسيس: مفردها دَّاسُوسْ ويُسمى أيضا صبنّار، وهو مسمار غليظ مصنوع من خشب الزيتون.
7. الرزام: مطرقة غليضة وصلبة مصنوعة من خشب الزيتون.
8. Ben Mansour (A.), Restructuration et rénovation de l’ancien village de Kebili, Thèse 3e cycle en Architecture, Ecole Nationale d’Architecture et d’Urbanisme, Tunis, 1999, p. 83.
9. يوضع في قفصة في سبخة مجاورة لسيدي أحمد زروق، أنظر:
- Collectif, Gafsa, une médina oasienne en Tunisie, Association pour la Sauvegarde de la Médina de Gafsa, 2004, p. 76.
10. S.H.A.T., Bobine: M. 14 bis, projet de réorganisation du Nefzaoua (Béchevel1887).
11. مقابلة مع السيد إبراهيم النجار، 79 سنة، قرية بوعبد الله بتاريخ 25 جوان 2011.
12. ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، 2004، ج 13، ص 24.
13. يستخدم جريد النخيل في بناء أسوار المستغلات البحرية بجزيرة قرقنة، أنظر:
- Louis (A), Les îles Kerkena (Tunisie), Étude d’ethnographie tunisienne et degéographie humaine, Tunis, 1963, Publication de l’Institut des Belles Lettres Arabes, Tunis, vol 2, p. 27.
14. يقدم بيار مورو جدولا إحصائيا لعدد أصول مختلف الأشجار المثمرة في كل واحة من واحات قرى نفزاوة سنة 1946، أنظر:
- Moreau (P.), Des lacs de sel aux chaos de sable le pays des Nefzaoua, IBLA, Tunis, 1947, p. 136.
15. كان هذا الصنف من الخشب يجلب من السويد منذ القرن الثامن عشر ثم من رومانيا والنرويج، أنظر: القلال (سهام)، الأبواب العتيقة بمدينة صفاقس، دراسة اتنوغرافية، بحث مرقون لنيل شهادة الدراسات المعمقة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2004.
16. يقال للمادري في الفصحى الرّوافد، أنظر: ابن منظور، لسان العرب، نفس المرجع، ج 6، ص 189، وسنعود لها بأكثر تفاصيل عند العنصر الخاص بتقنيات الإنشاء.
17. يسمى المادري في جزيرة قرقنة المردك، أنظر: السعيدي (نجوى)، أبواب الدور التقليدية بجزر قرقنة دراسة اتوغرافية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، دراسة ماجستير، 2003، ص 55.
18. في دراستهم الاتنوأركيولوجية أكد عدد من الباحثين على وجود عدة مواد بناء من خارج منطقة الدراسة، أنظر:Aurenche (O), Bazin (M), Sadler (S), Villages engloutis. Enquête ethnoarchéologique à Cafer Höyük (Vallée de l’Euphrate), Lyon : Maison de l’Orient et de la Méditerranée Jean Pouilloux, 1997, p. 80.
19. انتشرت نفس التقنية لدى سكان قرى جبل برقو، أنظر: الصويد (جهاد)، التعمير والمعمار بجبل برقو دراسة اتنوغرافية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الآثار، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2010، ص89.
20. (20 Ben Mansour, Restructuration…, op. cit., p. 92; Chaabouni (M.), Gdoura (H), Contribution à la revalorisation du sud, thèse 3ème cycle, I.T.A.A.U., Tunis, 1982, p. 65.
21. لا توجد مثل هذه التسميات في نفزاوة فقط انما تعكس أسماء الصخور لونها في عدة مناطق من البلاد العربية، أنظر، الحماد (محمد عبد الله)، "العمارة التقليدية في المساكن اليمنية"، مجلة مجتمع وعمران، 1992، العدد 13 - 14، ص33.
22. محادثة مع السيد علي رزڨ، 65 سنة، بتاريخ 25 جويلية 2008، قرية المنشية.
23. ذكرت العديد من النصوص استفادة سكان قرى نفزاوة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من حجارة البناءات القديمة، من بينها يُنظر:
- Le tourneux(A), Rapport sur une mission botanique exécuté en 1884 dans le nord, le sud et l’ouest de la Tunisie, Paris, Imprimerie nationale, 1887, p. 51.
24. أفادنا أحد البنّائين أن "هذه الحجارة بمثابة ابنة هذه الأرض فكيف لأُمْ أَنْ تَذِي صْغِرْهَا"(4)، محادثة مع السيد علي بالمكي، 80 سنة، بتاريخ 5 جويلية 2005، قرية نـﭭـة.
25. يبدو أن للاسم صلة بالكلمة الفرنسية torchis، أنظر:
- Boris (A.), Lexique du parler des Mrazig, Paris 1958, p. 58
26. توجد نوعية من الحجارة في مطماطة تسمى شخش لكنها تختلف من حيث المصدر فهي "حجارة هشّة نسبيّا، يتمّ جمعها في الغالب من سفوح الجبال"، أنظرا: بوخشيم (النوري) المعمار والتعمير بجبل مطماطة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الآثار، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2011، ص 388.
27. محادثة مع السيد محمد بلغيث، 88 سنة، الفوار، بتاريخ 10 جانفي 2007.
28. Boris (J.), Documents linguistiques et ethnographiques sur une région du sud tunisien "Nefzaoua", paris, 1958, p. 157.
29. Rehouma (F), Matériaux et techniques de construction du sud tunisien, thèse 3 ème cycle, ITAAU, Tunis, p. 72.
30. تستعمل نفس التقنيات في صنع الجبس وبنفس التسميات بعدد آخر من مناطق جنوب البلاد التونسية، بمطماطة، أنظر، بوخشيم، المعمار والتعمير، نفس المرجع، ص 388-339؛ وبتطاوين، أنظر: الثابتي (علي)، عمارة القصور بالجبل الأبيض(جنوب تطاوين) في الفترة الوسيطة، بحث لنيل شهادة الدراسات المعمقة في التراث والتنمية الثقافية، مرقون، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2005، ص 27 ؛ وبقابس، أنظر:
- Baklouti (N.), "La maison traditionnelle à Gabes", in: habitat traditionnel dans le pays musulmans au tour de la méditerranée, 1990., p. 548.
- وما يميز قابس وجود أفران الجبس خارج مناطق العمران.
31. نفس المراحل في قرى واحات قفصة، أنظر: التليلي (مصطفى)، قفصة والقرى الواحية المجاورة: حول الحياة الجماعوية ( من بداية القرن 18 إلى 1881)، نشر جمعية صيانة مدينة قفصة، 2009، ص 165.
32. Kiuoa (R.), Cout et qualité de la construction à Tataouine, thèse 3éme cycle en architecture, Session 1988, p. 33.
33. بن مزهود (البشير)، المسكن في قرى الواحات بنفزاوة، أطروحة في الهندسة المعمارية، المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير، تونس، فيفري 1996، ص 70.
34. Gobert (E-G.), Usages et rites alimentaires des Tunisiens, leurs aspect domestique, physiologique et social, Archives de l’Institut Pasteur, Tunis, 1940, p. 18.
35. بن مزهود، قرية بشري، نفس المرجع، ص 68.
36. Boris, Lexique…, op. cit, p. 381.
37. بن مراد (إبراهيم)، الكلم الأعجمية في عربية نفزاوة، مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، تونس، 1999، ص 263.
38. مثل ما هو موجود ببلاد الجريد، أنظر:سيلة، المعمار والتعمير، نفس المرجع، ص 240؛ M’rabet (A.), L’art de bâtir au Djérid, Etude d’une architecture vernaculaire du Sud tunisien, Faculté des lettres et des Sciences Humaines de Sousse, Contraste Editions, 2004, p. 31؛ وكذلك في قفصة، أنظر:
- ابن أبي لحية (المنتصر)، نور الأرماش في مناقب القشاش، دراسة وتحقيق لطفي عيسى وحسين بوجرة، المكتبة العتيقة، تونس، 1998، ص 219. كما يوجد نفس الطوب في واحات واد ميزاب، أنظر:
- Feraud (C. H.), kitab el Adouani ou le Sahara de Constantine et de Tunis, Extrait du "Recueil des notices et mémoires de la Société archéologique de la province de Constantine", Alger-paris, 1868, p.178.
39. بن مزهود، قرية بشري، نفس المرجع، ص 68.
40. Chaabouni, Contribution…, op. cit, p. 65.
41. يستعمل الطين في العمارة السكنية التقليدية بواحات ﭭـابس ويميل لونه للأبيض، أنظر:Baklouti, La maison…, op. cit. p. 548.؛ وفي بلاد الجريد يسمى بعد خلطه بالماء " لُكعة ".
42. Rehouma, Matériaux et techniques…, op. cit., p. 70.
43. يستعمل الطين في مناطق عديدة من العالم في صنع قوالب لبناء الجدران.
44. Ben Mansour, Restructuration…, op. cit., p. 94.
45. تُخلط التربة مع الجير في قابس فتعطي مادة جيدة لتلبيس الجدران، أنظر:
- Baklouti, La maison …, op. cit., p. 548
46. Boris, Lexique…, op. cit, p. 567.
47. يُستفَاد من "اللوس" في أشغال أخرى غير البناء، إذ تستفيد النساء من خصائصه فيستعملنه أثناء غسل الصوف لتنقيته من الشوائب فترتفع جودته وقيمته، أنظر: بن مراد، الكلم الأعجمية، نفس المرجع، ص 365.
48. Chaabouni et Gdoura, Contribution…, op. cit, p. 121.
49. Ben Mansour, Restructuration…, op. cit., p. 92.
50. يُستعمل الجير في أغلب العمائر السكنية الريفية والقروية والحضرية في محتلف العصور، أنظر:
- Saadaoui (A.), Tunis ville ottomane trois siècles d’urbanisme et d’architecture, Centre de publication universitaire, Tunis, 2001, p. 312.
51. (51 Rehouma, Matériaux et techniques…, op. cit, p. 84.
52. 52) الشب: مركب كيميائي، وهوalum في الانقليزية، يذوب في الماء فيمنح الخليط لحمة قوية، وتستخدم هذه الطريقة في قفصة، أنظر: Collectif, Gafsa, une médina oasienne…, op. cit., p. 75
53. (53 Chaabouni et Gdoura, Contribution…, op. cit, p. 96 ; Boris, Lexique…, op. cit, p. 97.
54. (54 Mrabet, L’Art de Batir…, op. cit., p. 38.
55. محادثة مع السيد عبد المولى بالشيخ، 55 سنة، قرية تلمين، بتاريخ 5 مارس 2011.
56. محادثة مع السيد صالح بن قمير، 75 سنة، قرية المنصورة، بتاريخ 25 ماي 2012، وهي نفس الطريقة المستخدمة في قفصة، أنظر: التليلي، قفصة والقرى الواحية المجاورة، نفس المرجع، ص 166.
57. فيما يتعلق بالماء نجد نفس الظروف بقرية وذرف، أنظر:
- Cerato (C.), "L’habitation à Oudref", in: Cahiers des arts et techniques d’Afrique du nord, N° 5, 1959, p. 68.
58. يندر استعمال الحديد وبقية المعادن أيضا في العمارة التقليدية بالواحات المجاورة، أنظر:
- Mrabet, L’Art de Batir…, op. cit., p. 38; Cerato, L’habitation…, op. cit.,p. 68.
59. (59 Saadaoui, Tunis ville ottomane, op. cit.,p. 316.
60. شيخ روحه (علي)، "استعمال الطرق التقليدية والمواد المحلية في مشاريع البناء الذاتي: تجربة بناء خلية للإرشاد الفلاحي ببشني"، مجلة مجتمع وعمران، تونس، 1987، العدد 10، ص 18.
• الصور
- الصور من الكاتب.