رقصة «الهوسيت» عند قبائل «البشارية» وتأثرها بالبيئة فى حلايب وشلاتين
العدد 52 - موسيقى وأداء حركي
عرف الإنسان الرقص منذ أقدم العصور، فأصبح أحد وسائل التعبير عن حاجاته العاطفية، واتجاهاته الذاتية، وتصوراته لما في الكون والطبيعة من ظواهر، وما إعتقده من قوى تسيطر على هذة الظواهر وتؤثر على أنماط حياته1، وإستمر هذا النوع من الفن ملازماً له في التطور والارتقاء مروراً بالحضارات التى مرت بها الشعوب والأمم.
إن الرقص لم يكن مجرد أشكال مختلفة من الحركات طبقاً لإيقاع معين فحسب، إنما فن روحي يعتمد على إحساس الإنسان ومشاعره، لذلك نجده دائماً ما يصدر في صورته التلقائيه بطريقة عفوية في التعبير، ليحقق المتعه والحيوية في أدائه كلما دعت الحاجة إليه، فتظهر وظيفته الفنية والجمالية والإجتماعية التى يؤديها من خلال قدرة الإنسان على إبراز انفعالاته بالحياة واستجابته لوحي الطبيعة وما يحيط بها من عناصر، فالرقص لغة كمثل باقى اللغات، لكنها صامتة غير مدونة أو مكتوبة، حيث لا يستخدم فيها أبجديات الكلمات، إنما تعتمد في الأساس على الحركة، فالحركة من أبسط أنواع التعبير عن الإنسان وما يقوم به من نشاط، لذلك يعتبر فن الرقص من أقدم أنواع الفنون التى إرتبطت بحياة الإنسان وأكثرها شمولاً.
وبالنظر إلى إحدى تعريفاته لدى دائرة المعارف البريطانية نجد إنه «أقدم من الفن نفسه، وإنه يحوي على أسس جميع الفنون، وإن الدراما والديكور والموسيقى كلها بدأت من الرقص»2، إلا أن بعض المتخصصين في مجال التربية الرياضية أطلقوا عليه لفظ (التعبير الحركي)، نظراً لما يتطرق إلى أذهان الكثير منا عندما نذكر مٌصطلح (الرقص) عامة، وعلى الرغم من تعدد تلك التعريفات وتنوعها، إلا أنها تشير إلى ذلك المفهوم الذى يعني (التعبير الحركي)، لما يتضمنه من شمول3، فالتعبير في حد ذاته مقدرة يسعى الفرد لتهذيبها وتنميتها بشتى الوسائل كي يستطيع بواستطها أن يفصح عما يجول بنفسه وبخاطره، حتى يتمكن من نقل أفكاره ومشاعره لغيره من الناس في سهولة ويسر4.
مما لا شك فيه أن لكل مجتمع من المجتمعات رقصاته الشعبية الخاصة به التى تعبر عن سمات شخصيته التاريخية والثقافية، وما تحمله تلك الشخصية من أفكار اعتقادية وعادات وتقاليد متوارثة، تظهر من خلال تلك الحركات الراقصة التى تخضع لضوابط معينة وقوانين مٌحكمة تفرضها ثقافة ذلك المجتمع الذى تنشأ فيه وتتشكل منه تلك الرقصة، لتصبح بذلك جزءا أصيلا من هذا التراث الشعبي الذى يعبر عن ثقافة تلك الجماعة الشعبية التى تنتجه وتبدع في صياغته في بيئتها الشعبية، حيث يتأثر بكل ما يحيط به من عوامل طبيعية وجغرافية، وهذا ما يجعله يختلف ويتميز من مكان إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى، وبالرجوع إلى ما يعنية أقسام علم الفولكلور، نجد أن الرقص الشعبي أحد أنواع الفنون الشعبية التي تضمها الثقافة الشعبية (الفولكلور).
(الطبيعة الجغرافية)
عندما تدق أقدامنا لنبحر في أعماق الجنوب لننقب ونبحث عن جذور بعض عناصر تراثنا الشعبي المصري الأصيل، نكتشف سراً غامضاً من أسرار مصر القديمة لم يكن معلوماً لدينا، بل نجده يسري من أمام أعيننا في عروق أهله وباطن أرضه، لما يحمله كل منهما من أصالة وعراقة يعبران عن جوهر الشخصية المصرية منذ آلاف السنين، حيث كانت تلك البقعة الحدودية الجنوبية موطناً للإنسان الأول على أرض مصر، والمسرح الذى نشأت فيه حضارته التى إرتكزت على أسس قوية جعلته يقفز بتلك الحضارة إلى الأمام.
اولاً: الموقع:
وهنا في أقصى الجنوب الشرقي من الصحراء الشرقية على الحدود «المصرية – السودانية» تقع تلك المنطقة التى تٌعرف إعلامياً بمثلث (حلايب وشلاتين)، حيث تضم ثلاث مٌدن كبرى من الشمال إلى الجنوب، «شلاتين – أبو رماد – حلايب»، والتى تبلغ مساحتها حوإلى ما يقرب من 18.500 كم مربع إلى 20580 كم مربع، وتعتبر مدينة شلاتين المركز الرئيسي لها، حيث تبعد عن «القاهرة» بحوالي 1600 كم، وتشكل تلك المنطقة ما يشبه المثلث المتساوي الأضلاع لذلك تٌعرف بالمثلث، تمتد قاعدته بطول 300 كم، وطول كل من ضلعيه الشرقى المٌطل على البحر الأحمر والغربي المٌشرف على الصحراء الشرقية نحو 200 كم، ويبدأ رأس هذا المثلث عند نقطة تقع على ساحل البحر الأحمر بالقرب ممّا يٌعرف ببئر الشلاتين5.
فنجد أن هذة المنطقة غنية بالعديد من الثروات الطبيعة، لما تحتويه أرضها من تنوع بيئي مميز يشمل ثلاث بيئات مختلفة، فمنها البيئة «الجبلية – الصحراوية – الساحلية»، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الفريد حيث تقع على الطريق الساحلي بين مصر والسودان، وكذلك قرب سواحلها من السواحل اليمنية السعودية، لذلك فهي تعتبر بمثابة البوابة الجنوبية الشرقية لمصر6.
ثانياً: المناخ:
فهذا التنوع يجعلها تختلف في أحوالها الجوية، فمناخها صحراوي مداري، جاف صيفاً يميل إلى البرودة شتاءً، تهب عليها رياح شمالية غربية جافة وجنوبية شرقية رطبة، مما تجعلها تقع في حزام التجمع بين المداري، وهو النطاق الذي تتساقط فيه الأمطار بغزارة، ولهذا يوجد بها فصلان للآمطار، أولهما قبل شهري مارس ومايو، أما الأخر في شهري أكتوبر ونوفمبر، فالحياة فيها تعتمد على مياه تلك الأمطار التى تتساقط على سلاسل جبال البحر الأحمر ثم تنساب في بعض الفصول على هيئة سيول، مما تتكون خزانات المياه الطبيعية التي يعتمد عليها سكان المنطقة إلى جانب بعض الآبار7.
المعالم الطبيعية والأثرية في حلايب:
اولاً: محميات (علبة):
ومن ضمن المعالم الطبيعية التي تتميز بها منطقة حلايب محميات (عٌلبة) التي سٌميت بهذا الاسم نسبةً إلى جبل (عٌلبة) الذي يعتبر الركيزة الأساسية لهذة المحمية الطبيعية الكبيرة، حيث يبلغ إرتفاعه حوإلى 1437 متراً، كما يٌطلق عليه أهل تلك المنطقة بلغتهم التبداوية «إيلب» الذى يعنى (الجبل الأبيض)، نظراً للون صخوره أو تجمع السحب البيضاء على قمته.
ونظراً لمساحتها الشاسعة التى تبلغ حوإلى ما يقرب من 35600 كم مربع، أصبحت أرضا خصبة في إنتشار الغابات الشجيرة والحشائش البحرية، حيث تنمو فيه ما يقرب من 400 نوعاً من النباتات نمواً طبيعياً، تستخدم بعضها كأعشاب طبية منذ أقدم العصور، كما أتاحت لها الظروف أن تكون بيئة مناسبة في انتشار العديد من الطيور النادرة أو الجارحة (المستوطنة والمهاجرة) والتى بلغت ما يقرب من 150 نوعا حتى الآن، كالنسور الأفريقية الكبيرة مثل (الأوزون - الرخمة المصرية - الصقور - العقبان)، وغيرها من الحيوانات البرية والمتوحشة والزواحف السامة، وذلك نظراً لطبيعة تلك البيئة الجبلية.
ثانياً: ميناء عيذاب:
أما عن المعالم الأثرية نسبةً لأهميتها التاريخية هو ميناء (عيذاب)، الذى كان يقع جنوب مدينة أبو رماد على بعد 23 كم شمإلى مدينة حلايب، فكان من أهم الموانئ الرئيسية على ساحل البحر الأحمر جنوباً في تلك المنطقة، ويقال أن اسمه قد يرجع نسبة إلى أحد الأنواع من الأعشاب باللغة البيجاوية التى كانت تنمو في هذه المنطقة بكثرة.
بدأت مدينة عيذاب كنقطة لتلبية احتياجات عمال المناجم في الصحراء الشرقية، ثم صار بعد ذلك ميناءً رئيسياً ومحطة للسفن القادمة من الهند وشرق افريقيا وجنوب الجزيرة العربية8، وفي العقد الرابع من القرن الثالث الهجري، سيطر بنو يونس وهم فرع من قبيلة بني ربيعة على عيذاب، ولكنهم أجبروا على التراجع للحجاز بعد معركتهم مع أبناء عمومتهم بنى بشر الذين ركزوا سيطرتهم على منطقة المناجم عن طريق التزاوج مع (البِجا) السكان الأصليين للمنطقة خاصة الحضارمة منهم9، حيث تم إكتشاف هذا الموقع على يد «تيودور بنت» Theodore bent في عام 1896، وكان ذلك من خلال قيامه برحلة من مرسى حلايب متجهاً نحو الشمال، حيث وجد على مسافة 20 كم آثاراً تشرف على البحر، وبعد دراسته لهذة الآثار رجح أنها تعود إلى مدينة عيذاب10، وتشير بعض المراجع إلى أن سواكن القديمة هي عيذاب الحالية التى غطتها الرمال والصخور الآن11.
ثالثاً: الهوسيت.. وتأثرها بالبيئة والطبيعة:
عٌرفت الثقافة بأنها نتاج عملية تطور طويلة إمتدت على طوال ألآف السنين، ترسبت في كل مجتمع بشري، متضمنة قدراً عظيماً من الحكمة في معاييرها وأنماطها الشديدة التنوع، ولا يمكن لآحد أن يهرب من تأثيرها في أي مجتمع كان، إبتداء من أكثر المجتمعات بساطة حتى أشدها تعقيداً وتطوراً12، ومما لا شك فيه أن هذة العملية التى تحدث بداخل كل مجتمع أو منطقة جغرافية معينة قد تتعرض لمؤثرات تفرضها عليها بعض العوامل الطبيعية والجغرافية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهذة المؤثرات بالتالي قد تؤثر في بعض العناصر الثقافية التي تعبر عن أفرادها الذين يحملون تلك الثقافة.
ومن هنا لعبت تلك العوامل والظروف دوراً حيوياً مؤثراً على تشكيل ثقافة تلك الجماعات الإنسانية المتمثلة في هذة القبائل التي تعيش وسط أحضان تلك البيئة المتنوعة، وهذا ما نراه بوضوح في استخدام بعض الأدوات والأسلحة كجزء من ثقافتهم المادية في بعض العناصر التي تندرج تحت الفنون الشعبية، والتي منها على سبيل المثال الرقصات والألعاب الشعبية، حيث يتم استخدام هذة الأسلحة التى يعتمد عليها الرجل البجاوي بصفة دائمة في حياته اليومية سواء في الصيد أو في الدفاع عن نفسه لمواجهة مخاطر تلك الطبيعة كاستخدام (السيف - الرمح - الخنجر) وكذلك العصي كما في حالة الرعي أثناء أدائه لرقصة «الهوسيت» كأداة من أدوات التعبير عن الفرح أو السعادة وليس كأداة للدفاع كما في صورتها الحقيقية، فالمهارة في الصيد جزء مهم من شخصية البدوي، على الرغم من أن هذه الأدوات بدائية الصنع محدودة الإمكانيات، كما أنهم يرمزون إلى بعض القطع المستخدمة في أداء لعبة (توي إستيت - تُ سِدِّءِ) التي تعني الجالس بـ «الجمل» والذي يٌطلق عليه بلغتهم البداويت «أوكام»، حيث إنها تعتبر رمزاً هاماً وأساسياً من رموز البيئة الصحراوية، وهذا يدل على مدى إرتباط الإنسان بكل ما يحيط به من طبيعة مستخدماً عناصرها في التعبير عن ثقافته.
كما أن الظروف المناخية التي تتمتع بها تلك المنطقة جعلتهم يرتدون نمطا معينا من الملابس التقليدية ذات اللون الواحد وهو اللون الأبيض، والتي من سماته إنه يعكس أشعة الشمس القاسية مما يجعلها أقل حدة، فأصبحوا يتميزون به عن غيرهم من المجتمعات الأخرى البعيدة عنهم، إلا إنهم يتشابهون فيه مع غيرهم من المجتمعات القريبة منهم، وهذا التشابة يدل على إمتزاج ثقافتهم بثقافة غيرهم من المجتمعات المتماثلة، طبقاً لتشابه هذه العوامل والظروف التي تحيط بهم، حيث أن العلاقة بين الإنسان والبيئة الفيزيقية أو المكانية التي تحيط به تعكس التداخل في نسيج الثقافة الشعبية13.
فهذة المنطقة تٌعد واحدة من ضمن المناطق الثقافية الجنوبية، حيث تتمثل في الإقليم الواقع بأقصى جنوب مصر الذي يشترك مع إقليم شمال السودان في ثقافة واحدة، وهذة الثقافة تعتبر مزيجاً بين الثقافتين، مما نتجت عنها وجود جماعة شعبية ذات تميز وتفرد شديد الخصوصية، استطاعت أن تخلق لنفسها ثقافة متميزة تٌعرف بـ «ثقافة الحدود»، وهذة الثقافة تمثل خليطا متنوعا من عناصر ثقافية شديدة التجانس14، فأصبحت تمثل حلقة الوصل والصلة بينهما، مما جعلت هذة المناطق تزخر بحركة دائبة منذ القدم، كما يشير إلى ذلك مفهوم المناطق الثقافية من حيث الامتدادت الجغرافية لبعض الأنماط الثقافية وكذلك إلى الامتدادت التاريخية للتراث المشترك، ولهذا فإن تراث المنطقة المشترك هو بناء ثقافي يتميز بالامتداد التاريخي والجغرافي، فالمنطقة الثقافية تتمثل في تلك الرقعة التي توجد بها ثقافات متماثلة15.
رابعاً: الإبل كعنصر ثقافي:
بما أن الرقص ارتبط منذ القدم بتفاعل الإنسان مع بيئته في التعبير عمّا في نفسه وخاطره، فإن محاكاة الإنسان لغيره من الكائنات التي تعيش معه في هذة البيئة صفة من صفات ذلك التفاعل والارتباط، ومن هنا نجد أن أفراد هذة القبائل أثناء أدائهم لرقصة «الهوسيت» يتقمصون صفات وحركات بعض الحيوانات التي تتداخل معهم في الكثير من أمور حياتهم والتي من أبرزها الإبل، حيث تعتمد عليها هذه القبائل في نشاطهم الإقتصادي ونظامهم الاجتماعي لتصبح أيضاً جزءاً أصيلاً من تراثهم الثقافي لا يمكن استئصاله من بيئته الصحراوية.
فالإبل حيوان يتصف بالقوة والشجاعة ولديه القدرة على تحمل الصعوبات والمشقة، كما أن صبره وقوة تحمله صفة يتشبه بها الرجال العظماء، بالإضافة إلى أنه أثناء سيره من مكان إلى أخر نجده يتحرك بحركات خفيفه جميلة لا يستطيع الإنسان أن يقلدها أو يحاكيها إلآ من يمتلك القدرة على فعل ذلك، ومن ناحية أخرى نلاحظ أن مصادر الرعي لديهم تنقسم إلى قسمين أحدهما «مراع طبيعية» يعتمدون فيها على مياه الأمطار، أما الأخرى «مراع غير طبيعية» يعتمدون فيها على مياة الآبار والوديان، فالأولى تجعلهم يتنقلون من مكان إلى أخر على حسب فصول السنة، حيث إنهم يقومون بثلاث جولات في السنة، الأولى تتم في فصل الخريف من مشرق نهر عطبرة وحول دلتا «الجاش» ومدخل أريتريا وأثيوبيا وتسمى بـ «جولة تمار»، والثانية في فصل الشتاء حيث يتجه الرعاة إلى ساحل البحر الأحمر في موسم الأمطار وتسمى المنطقة «قنب»، وفي فصل الصيف يتجهون إلى أعإلى الجبال وبطون الأودية، حيث يستقرون فيها أكثر من أي منطقة أخرى وتسمى «دامر»16.
وهذا التنقل الذي يدور حول مورد معين من الماء، ينتج عنه تأثر ثقافة هذة القبائل بثقافات أخرى أو العكس في الكثير من الأماكن التي يتنقلون إليها سواء بداخل مصر أو خارجها، لآنهم لا يرتبطون بمكان محدد أثناء ممارستهم لهذة المهنة، وفي مفهوم علماء الإجتماع للبدو، إنهم فئة من السكان يتميزون بخصائص معينة وسلوك خاص ترسمه لهم بيئتهم الصحراوية المحيطة بهم، ولا تسمح بإقامة حياة سكانية مستقرة، كما أنهم ينتمون إلى مجموعة تغير محل إقامتها في أوقات معلومة تبعاً للتغيرات الموسمية لكل مجتمع محلي، مثل صيد أفضل، حشائش للقطع، وطقس أفضل، فالبدو لا يتجولون بدون هدف17، وهذا ما يٌعرف في علم الإنثربولوجيا الثقافية بعملية «التثقف» وهي الحالة التي تحدث نتيجة لإلتقاء ثقافتين مختلفتين، وقد عبر «كروبر» عنها في أحد المواضع بأنها «تشمل على تلك التغيرات التي تحدث في ثقافة معينة بتأثير ثقافة أخرى، والذي ينتج عنها ازدياد التشابه بين الثقافتين المعنيتين، وقد يكون هذا التأثير متبدلاً أو طاغي التأثير من جانب واحد»، حيث يرى كل من «جريبنر وشميدت» اللذين ينظران إلى «التثقف» على إنه مجرد ثقافات مختلطة ببعضها18.
ومن هنا يمكن القول أن الإبل تمثل إحدى وسائل الاتصال الثقافي بين مختلف القبائل والمجتمعات الصحراية الأخرى، فضلاً عن الدور الحيوي والوظيفي الذي تؤديه بالنسبة لأبناء هذة القبائل في مختلف مجالات الحياة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.
خامساً: الطبيعة البشرية:
أما الجانب الآخر الذي يتعلق بهذة القبائل وأصولها السلالية، وما يندرج منها من فروع قبائلية متشعبة قَاطِنَةُ في أقصى الجنوب الشرقي من الصحراء الشرقية على الحدود (المصرية – السودانية) وما يليها من مناطق أكثر عمقاً في الجنوب، يجعلنا نرجع بالزمن إلى الوراء لمعرفة الجذور التاريخية لتلك الجماعات الإنسانية المنتجة لتراثها الشعبي كجزء أصيل من ثقافتها التي تنتمي إليها، بهدف محاولة فهم طبيعة ذلك الإنسان الذي يعيش في هذا المكان، من خلال ما يصدر عنه من أفعال وسلوكيات وأفكار وممارسات تتمثل في مفردات ثقافته التي تتكون من عاداته وتقاليده، معتقداته وتصوراته، خبراته ومعارفه، آدابه وفنونه، حرفه ومهاراته.
سادساً: قبائل المنطقة:
تعيش قبائل «البشارية» التي تٌعد فرعاً من فروع قبيلة «البِجا» في هذة البقعة الجغرافية من الصحراء الشرقية وتنتشر أفرادها في جميع أرجائها في الصحراء والجبال والوديان، ويقال إن إسمها يرجع نسبةً إلى جدهم الأكبر (بشار بن كاهل) من قبيلة الكوهلة التي تنحدر من نسب الزبير بن العوام، وأن بشارا قد تزوج إمرأتين من «البِجا» أحدهما يٌطلق عليها (أم علي)، أما الأخرى فيطلق عليها (أم ناجي)، فبشارية (أم علي) هي تلك القبائل التي توجد بداخل الحدود المصرية، أما الأخرى هي التى توجد بداخل الحدود السودانية19، حيث تتفرع الأولى إلى عدة بطون كثيرة فمنها (العلياب – العميراب – الحمدوراب – الشتنراب - القمهتاب) وغيرها، حيث تنتشر هذة القبائل بين مصر والسودان في ثلاث مناطق، أحدهما تمتد من القصير حتى سواكن، والثانية تعيش على نهر عطبرة بالسودان، والأخيرة تقطن جزيرة عتباي.
البِجا عبر العصور التاريخية:
سٌميت قبائل «البِجا» قديماً بعدة أسماء طبقاً للعصور المختلفة التي مرت بها، حيث أطلق عليها في المصادر الرومانية «البليميين»، في المصادر المروية «الميديد»، في المصادر العربية «البِجا»، في المصادر الكوشية والمصرية القديمة «المدچاي»، وتجمع بعض المصادر أن وطن «المدچاي» هو شرق السودان، وتشير الأدلة الأثرية والتاريخية إلى أنهم اشتركوا في أصولهم العرقية مع الكوشيين، وأن نمط حياتهم السائد كرعاة عٌرف من خلال بيئتهم القاسية الشبه قاحلة في شرق السودان، كما عٌرف شعب «المدچاي» في العالم القديم بكفاءتهم العالية وجدارتهم في مجال الحروب العسكرية، نظراً لمهارتهم الاستثنائية في الحروب20.
تٌعد قبيلة «البِجا» من القبائل الرٌحل التي تنتمي إلى الجنس الحامي، إلا إنهم بعد قرون عديدة تأثروا بالإتصال العمراني والمشروعات الزراعية التي تمت في الكثير من المناطق في تلك البقعة الجغرافية الكبيرة التي يعيشون عليها، فاستجابوا إلى هذه التطورات، وبدأوا يتخذون قرى على ضفاف القنوات، ويحتلون أحياء من بعض المدن، وأخذ كثير منهم يشتغل بالزراعة وفي مختلف الحرف21.
وتشير بعض المصادر الأخرى أن في الفترة التي ظهرت فيها معالم حضارة جديدة في منطقة النوبة قديماً، وأطلق عليها العالم الأمريكي «جورج رايزنر» حضارة المجموعة «x» شهدت في هذا العصر قيام مملكتين وهما مملكة «البليميين» ومملكة «النوباتيون»، والبليميين هم قبائل سكنت شرق النيل وحتى البحر الأحمر، وقد عرفوا عند الإغريق بهذا الاسم، ولكن المؤرخين العرب أسموهم بـ «البِجا»، وهم قبائل «البجه - البِجا» الحالية القاطنة في شرق السودان22، حيث عاشت في منطقة بلاد النوبة السفلى قبائل عدة ذكرها المصريون القدماء منها (وا وات – إيرثت – ستاو – إيام – مدجاو أو مدجاى)، والأخيرة منها هي تلك القبائل الرٌحل التي لم تستقر في منقطة بعينها، وكانت تجوب مناطق السودان والنوبة السفلى23.
اولاً: فروع البِجا:
تنقسم فروع قبيلة «البِجا» وهى القبيلة الأم لكل هذة الفروع إلى أربعة قبائل رئيسية، وهما «البشاريون» في الشمال الذين يعيشون في تلك البيئة الجبلية الصخرية، كما يحتلون معظم الإقليم المٌسمى بصحراء العتباي، ثم يليهم من الجنوب قبيلة «الأمرأر» الذين يمتدون بإنحراف في إتجاه الغرب في مسمار على الخط الحديدي إلى الشمال الشرقي في اتجاه بور سودان، ثم يليهم جنوباً «الهدندوه» وهم أكثر البِجا في السودان عدداً، حيث يمتدون من سواكن إلى سنار وفي الأرض المجاورة للخط الحديدي الممتد بين البلدين وبذلك أصبحوا يحتلون دلتا الجاش، كما يعيشون على شواطىء العطبرة المجاورة لهم، وأخيراً نجد في الجنوب الشرقي قبيلة «بنى عامر» الذين يمتدون من «طوكر» شمالاً إلى داخل حدود أريتريا جنوباً، كما توجد جماعات أخرى من «البِجا» أو قبائل صغيرة، مثل «الأرتيقا»، «الكميلاب»، «الحالنقا» وغيرهم، وبعضهم يدور في فلك القبائل الكبيرة وترتبط بهم24.
ثانياً: لغة البِجا:
تتحدث قبائل «البِجا» لغتهم الحامية، وهي المٌسماه «التبدواى أو البداويت» ويستثنى من هذا معظم العشائر الجنوبية من «بنى عامر» ومن يجاورهم من الجماعات القليلة التي تتحدث لغة خاصة تعرف بـ «تِجره»، وهي لغة سامية منتشرة في أريتريا وشمال بلاد الحبشة، وإن كان بعضهم يتكلم اللغة البجاوية، فأكثر قبائل «البِجا» يعرفون اللغة العربية إلى جانب معرفتهم للغتهم التى يتحدثون بها، واللغة العربية ما هي إلا أثر من أثار النفوذ العربي الذى دخل إليهم في عهد متأخر نسبياً إلى أوطانهم25.
ثالثاً: صفات البِجا:
أن «البِجا» بوجه عام شعب لا تزال تغلب عليهم الصفة العسكرية، والطابع الحربى الذى أملته البيئة والكفاح للمحافظة على النفس والمال، وشجاعتهم وقوة احتمالهم مضرب الأمثال، إلا أن هذه الروح لا تزال سائدة فيهم متغلغلة في نفوسهم، وسلاحهم الرئيسي هو السيف للهجوم والدرقة للدفاع، فقد قل استخدامهم للرمح أو القسي والسهام، ولكنهم يحملون في منطقهم خنجراً منذ الحداثة ويظلون محتفظين به، ومن المرجح أن سلاحهم فيما ماضى كان الرمح، سلاح أهل الجنوب، ولكن السيف جاءهم من الشمال، أو من الجزيرة العربية عن طريق البحر الأحمر، فأقبلوا على إقتنائه، وكثيراً ما يٌطلق أحدهم على سيفه اسماً خاصاً، كعادة فرسان العرب، ويرددون قصصاً عن بعض السيوف وحدتها26، وتظهر النزعه الحربية للـ «البِجا» حتى في لهوهم ولعبهم فيرقصون رقصاتهم الحربية على دقات الطبول، وأناشيدهم وأغانيهم تردد قصص أبطالهم القدماء27.
أنوع الرقصات الشعبية:
توجد أنوع مختلفة من الرقصات الشعبية عند قبائل «البشارية» فمنها رقصة (الواندوب – الهوسيت – البيبوب - أوكل) كل منها يتميز بفن الأداء الشعبي، حيث تؤدى تلك الرقصات بتحريك جميع أجزاء الجسم، نظرا لأنها تعتمد في حركاتها على القفز والوثب والحجل، فكل رقصة من هذة الرقصات لها إيقاعها الخاص ومناسبتها الخاصة التي خصصت من أجلها.
فنجد فنون الأداء فيها تحتوي على عدة عناصر منها «التقمص» وهو ما عرفه علماء الأنثربولوجيا بأنه «قدرة الإنسان البدائي على التقليد ومحاكاة الطبيعة»، وكذلك على «الحركــــة» حيث استطاع الإنسان من خلالها أن يعبر عن إرادته، ومخاوفه، ورغباته، وشهواته، وظلت لغة حية حققت له التواصل والاتصال والتعبير عن ما يشعر به ويعتقده، وأيضاً على «الإيقاع» الذى يعتبر واحداً من أبرز عناصر اللغة الموسيقية نظراً لأنه يرتبط بالحياة، فنجده يرتبط بالفنون الزمانية والمكانية، حيث يحتوي علي حركة ورقص وطبول وتصفيق بالأيدي وضرب بالأرجل، كما أن «الأإيقاع» في الرقص يحتوي على بعدين، أحدهما «مكاني» يرتبط بإيقاع حركة الرقصة وأبعادها وإمكانية الانسجام والتوافق والتماثل والتكرار في الحركة، وآخر «زماني» يرتبط بالإيقاع الموسيقي في الآلات الموسيقية التي صنعت خصيصاً لهذه الرقصات وحركاتها، وأخيراً على «التأثــــير» وهو القيمة الأساسية في «الأداء الشعبي»، لأنها ترتبط بأحداث الحياة اليومية، وبهذا الإنسجام التلقائي تتحقق قيم الأشكال لفنون الأداء الشعبي، كما أن جميع الإيقاعات المستخدمة في فن الأداء الشعبي سواء في أشكالها ومضامينها تعتمد على عناصر البيئة بوصفها المكون المباشر لها والتي تستمد منها أشكال الرقصات والإيقاعات28.
رقصة الهوسيت وما تحمله من معنى:
«الهوسيت».. كلمة ليست عربية.. بل بجاوية الأصل، نسبةً للقبائل التى عٌرفت حديثاً بهذا الأسم (البِجة - البِجا - البِجاه) بكسر الباء وتعطيش الجيم، وهذا الإسم هو الأكثر تداولاً وانتشاراً في العديد من المناطق المختلفة29.
فـ «الهوسيت».. كمٌصطلح يعنى في مٌجمل مضمونه العام «الاستعداد» سواء للحرب أو للقتال أو للمبارزة، ومن هنا عٌرفت رقصة «الهوسيت» برقصة الاستعداد أو رقصة الحرب، فهى رقصة استعراضية قتالية تعبر عن حاملي تلك الثقافة الذين يتميزون بروح الفروسية وما تحمله تلك الروح من الشجاعة والجرأة، وما تتمتع به أجسادهم من القوة والحركة الخفيفة التي تعبر عن مدى اللياقة البدنية العالية.
اولاً: وصف الرقصة:
تٌعد رقصة «الهوسيت» من أشهر تلك الرقصات الشعبية التى تبرز مدى قوة وشجاعة المؤدي كأنه مقاتل شرس يواجه الأعداء في ساحة المعركة، حيث اكتسبت قيمتها الفنية والجمالية والإبداعية في أدائها الشعبي من خلال تلك الحركات الإنسيابيه المنظمة، فنجد المؤدي للرقصة يستخدم السيف للهجوم والدرقة «الدرع» للدفاع، كوسيلة من وسائل الأداء، حيث يعبران من خلالهما عن السمات الثقافية والتاريخية لشخصية ذلك المجتمع البدوي.
يتم أداء تلك الرقصة طبقاً لطقوس معينة وضوابط مٌحكمة تحترمها وتقدسها أبناء هذه القبائل، حيث تصاحبها آلات موسيقية وأصوات إيقاعية تٌعرف في مجال الموسيقى بأساليب الإتصال والتفاعل، وهي تلك (التأثيرات التي تخلقها الموسيقى في حواس مسقبل فردي أو جماعة من المستقبلين)30، والتي تتمثل في عدة عناصر، أحدهما يشمل (الأدوات الصوتية وتكويناتها) وهي الأصوات الإضافية المصاحبه لصوت الإنسان نفسه، كحركات التصفيق بالأيدي بطريقة منتظمة (ضرب الكفوف) ودق الأقدام بقوة أو بخفة على الأرض، وكذلك ما يردد عن طريق اللسان من (النصوص الشفوية) والتي تتمثل في نصوص الأغاني وبدائل الكلام المستعملة في المجالات الموسيقية كقناة كبرى للتفاعل، بالإضافة إلى إستخدام الأغنية نفسها كأداة للتأمل، وأخيراً التعبير من خلال الأداء الحركي عن طريق (الرقص) الذي يشكل حلقة هامة في الإتصال والتواصل مع الآخرين31.
من هنا تبدأ الرقصة:
في البداية لا يجوز مطلقاً أن يتقدم أي فرد من المشاركين في أداء تلك الرقصة وسط الساحة المخصصة للرقص، قبل أن يبدأ بها من يكبرهم سناً أو من يحتل مكانه اجتماعية وسط أفراد قبيلته.
فعند سماع الإيقاع الموسيقي من آلة «الباسنكوب» يتوجه مجموعة من الشباب باختلاف إعمارهم بتكوين حلقة شبه دائرية يطلقون عليها «نصف قرص»، فيأتى أكبرهم سناً أو من يحتل تلك المكانة الاجتماعية، حاملاً في يده اليمنى السيف وفي يده اليسرى الدرقة «الدرع»، ليتجة إلى وسط هذة الساحة المخصصة للرقص، فيقوم في البداية بعرض تحيته لهذة المجموعة المٌشكلة أمامه، عن طريق رفع كل من السيف والدرقة «الدرع» مع تحريك كل منهما بطريقة معينة غير ثابتة، حيث تستقيم يده للأمام ويبدأ في رسغها فتتحرك في رعشة شديدة، يرتعش السيف من أعلى إلى أسفل، ثم يصاحبها حركة الدرقة «الدرع» مع ثني قدميه اليمنى أثناء أدائه لهذة الرقصة.
وفي هذة الحالة تقوم هذة المجموعة بالرد على تحيته عن طريق إطلاق أصوات من أفواههم تشبه أصوات «الهمهمة» مصاحبة أصوات ضربات الكفوف ودق الأقدام على الأرض بطريقة في غاية الروعة لما لها من شكل إيقاعى منظم، وذلك لضبط الإيقاع الحركي والموسيقى بالنسبة للمؤدين، كأنها نابعة من شخص واحد، وعيونهم متجهة في أغلب الأحيان إلى الأرض، وأجسامهم قد تبدو منحنية، وأقدامهم لا تزال تدك على الأرض بقوة عنيفة بإستخدام أحد الأقدام إما اليمنى أو اليسرى، أو كلاهما معاً على التوالي، بحيث تكون مرة بالقدم اليمنى ومرة أخرى بالقدم اليسرى.
وأثناء ذلك العرض الاستعراضي للرقصة الذي لم يستغرق عدة ثوان معدودة، يتقدم شخص آخر من المؤدين سواء من أبناء القبيلة أو غيرها إلى ساحة الرقص حاملاً في يده نفس الأدوات المستخدمة في أداء الرقصة، فيقدم تحيته للمجموعة كما فعل الأول من قبل، مع الوضع في الاعتبار مراعاة مستوى العمر بينهما أو درجة المكانة الاجتماعية، ثم يقوم كل منهما بالوقوف أمام بعضهما البعض وهما يؤديان تلك الرقصة من خلال تحريك السيف والدرقة «الدرع» في حركة سريعة بطريقة إبداعية في الأداء أكثر احترافية في التنفيذ، مما يلفت أنظار الحاضرين سواء من المشاهدين أو المشاركين في أداء الرقصة.
ومن هنا يبدأ كل منهما بإظهار قدرته القتالية ومدى لياقته البدنية من خلال عرض حركات تعبيرية منظمة سريعة باستخدام السيف والدرقة «الدرع»، حيث يتحكم فيها إيقاع الموسيقى التى تعلو وتهبط من صوت آلة «الباسنكوب» وكذلك إيقاع ضربات الكفوف من المشاركين حولهم، وأثناء هذا الأداء الجماعي المشترك بين المؤدين والمشاركين في الأداء وعلى مدار فترته الزمنية، يزداد حماس المؤديين.
وفي وضع آخر نجد أن المؤدين للرقصة يقوم كل منهما باللف حول زميله في حركة شبه دائرية بطريقة ثني الجسم إلى الأمام مع الضرب بقدميه على الأرض، ومن شدة هذة الضربة القوية العنيفة ينبعث الغبار من تحت أقدامهم، وكل منهما ماسكُاً سيفه والدرقة «الدرع» بقوة بكل فخر وعزة وكبرياء، وأحياناً قد نجد العكس في طريقة الإمساك سواء للسيف أو الدرقة «الدرع»، وقد يرجع ذلك إلى الشخص نفسه المؤدي لتلك الرقصة، ثم يقف كل منهما فجأة فينظران إلى بعضهما البعض نظرات حادة قوية، رافعاً كل منهما سيفه أمام الآخر، وهما يدكان الأرض بشدة بكلتا أقدامهما، كأنهما يعلنان عن انتصار أحدهما على الآخر أو صمود كل منهما أمام الآخر في هذه الساحة القتالية.
وبعد مرور عدة دقائق قد تتجاوز عشر دقائق أو أكثر من أداء تلك الرقصة وفي لحظاتها النهائية الأخيرة، يقوم كل منهما بطرق سيفه على الدرقة «الدرع» التي يحملها أمام هذة المجموعة ليعلنا نهاية أدائهما للرقصة، فأحياناً قد يتم ترك السيف والدرقة على الأرض وسط ساحة الرقص أو أخذهما معاً، فإذا تم تركهما يأتي شخصان آخران من هذة المجموعة المشاركة بدونهما ليبدأ كل منهما بهما الرقصة من جديد، وإذا لم يتم تركهما يأتي كل واحد منهم ومعه سيفه والدرقة «الدرع» الخاصه به.
ثم تبدأ الرقصة في مرحلة جديدة مع شخصين آخرين من هذه المجموعة التي تلتف حولهما لم يسبق لهما الرقص من قبل بداخل هذه الساحة، مع الوضع في الإعتبار عامل العمر بينهما، إلا إنه في بعض الأحيان قد يشارك فيها شخصان آخران من هذة المجموعة يرغب كل منهما في الرقص مع الآخر، فتبدأ الجماعة في التشكيل مرة أخرى، حيث يتقدم كل من المؤدين في لحظة سريعة بطريقة قد تبدو عشوائية، فيقوم كل منهما بخطف السيف والدرقة «الدرع» من على الأرض كنقطة بداية لمرحلة جديدة لأداء تلك الرقصة.
ويستمر الوضع هكذا لفترة زمنية طويلة قد تتجاوز ساعات، إلا إنها لا تزال محافظة على نفس القوة والحيوية والنشاط في أدائها، ولكنها تختلف بالطبع من حالة إلى أخرى على حسب طبيعة كل موقف أو المناسبة التي خصصت من أجلها لأداء تلك الرقصة.
السمات الخاصة بالرقصة:
لا ترتبط هذة الرقصة بعدد معين من الأفراد المؤدين لها، كما أنها تتم في كثير من الحالات إما بطريقة فردية أو جماعية، ولا يمكن أن تتم إلا باستخدام أدواتها الخاصة التي تتكون من السيف والدرقة «الدرع»، فاللعب بالسيف سواء في وضع الثبات أو الحركة السريعة المتوازنة على الجسد، يدل على مدى مهارة الأفراد الذين يقومون بهذا الأداء، فهي تعبر عن ثقافة هذه القبائل وما مر بها من أحداث تاريخية عبر ماضيهم الطويل، وكذلك تظهر مهارتهم القتالية في الدفاع عن أنفسهم وشجاعتهم في حماية قبيلتهم ضد الأعداء، كما إنها تهدف إلى رفع الروح المعنوية لدى الشباب خاصةً، مما تثير فيهم روح الشجاعة والإقدام والحماسة، فمضمون دلالتها يختص بأوقات الحرب لإثارة الحماس.
المناسبات والمواقف الخاصة بأداء الرقصة:
تقام هذة الرقصة في الكثير من الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية العامة أو الخاصة، وكذلك في جلسات الونسة وفي أوقات الفراغ عند ممارستهم لمهنة الرعي في الصحراء، وأيضاً في بعض المواقف الأخرى تعبيراً عن تحية أهلها للضيوف أو الزائرين لهذة المنطقة، فهي تٌعد وسيلة من وسائل التحية والتعبير عن الفرح والسعادة طبقاً للمناسبة أوالظرف الخاص بها من ناحية، وكذلك وسيلة للتسلية والترويح عن النفس من ناحية أخرى.
(الأزياء المستخدمة في أداء الرقصة)
يعبر الزي عامةً عن هوية الشعوب، فالزي ممارسة إجتماعية وعنصر ثقافي يرتبط ارتباطا وثيقاً بالعناصر الثقافية الأخرى، ويتكون الزي التقليدي الخاص بالرجال في هذة المنطقة من (العراقي – السروال - الجلابية - الصندل).
اولاً: العرَّاقي:
جلباب من القماش الخفيف، أبيض اللون، واسع الفتحة من الأمام يشبه الجلَّابية، لكنه أقصر منها طولاً ذو أكمام قصيرة، حيث يتم ارتداؤه عامةً تحت الجلابية الخارجية، كما توجد به جيوب على جانبيه لحفظ الممتلكات، وسٌمى بهذا الاسم نسبةً لكلمة «عرق» أي مخفف للعرق نظراً لالتصاقه بالجسد، جاءت به بعض القبائل العربية إلى السودان قبل أن تستقر فيه، فقد كان معروفاً لدى سكان جدة قديماً، حيث تتكون خامته من أنواع عديدة، فكان يصنع من القطن الخفيف والذي يٌعرف بالشاش32، كما يمكن للشخص ارتداؤه والجلوس به بداخل منزله، ولا يجوز الخروج به دون أن يكون مرتدياً الجلباب أو الجلابية.
ثانياً: السروال «سربادوب»:
يٌعرف السروال باللغة البجاوية بـ «سربادوب»، وعند قبائل بني عامر يٌعرف بـ «البوجا»، فهو يشبه في شكله البنطلون، وهو عبارة عن قماش خفيف، أبيض اللون، يتم ارتداؤه أسفل «العراقى» وكذلك الجلابية الخارجية، حيث يتم ربطه من أعلى بحبل من نفس القماش الذي تنتهي أطرافه «بالتَّكة»، يثنى في أعلى «السروال» بفتحتين يدخل من طريقهما الحبل وينتهي بفتحة أخرى ليتسع ويضيق، وهو بذلك الشكل يتناسب تماماً لطبيعة حياتهم التي تعتمد على الترحال والتنقل من مكان لآخر، وكذلك يتناسب أيضاً مع أدائهم لرقصاتهم المختلفة التى تحتاج إلى خفة في الوزن ورشاقة عالية33.
ثالثاً: الجلَّابية:
عبارة عن زي خارجي أبيض اللون ذي أكمام مدورة، وأحياناً يكون لها ياقة، ويمكن ارتداؤها دون صديرى إذا كان بياقة34، وقد يرجع تسميتها بهذا الأسم نسبةً لكلمة «الجلابة» وهم التجار الذين كانوا يقومون بجلبها.
رابعاً: الصديري:
يشبه الجاكت في شكله إلا أنه ليس له أكمام، كما يصنع من أنواع مختلفة من القماش، وهو متعدد الألوان فمنه «الأسود – الأزرق – البيج – البني»، إلا أن اللون السائد لدى أفراد هذة القبائل هو اللون الأسود والأزرق الغامق، بينما توجد بعض القبائل الأخرى في مناطق متعددة يلبسونه بألوان مختلفة، حيث إرتبط دخول الصديري في العهد التركي، ويعتبر الإقليم الشرقي من أكثر الأقاليم تأثراً بالهجرات، نظراً لوجود بعض الموانئ على سواحلها مقابلة لشبه الجزيرة العربية35، مما كان لها الأثر الكبير في سرعة اقتباس بعض الأزياء الغربية والتي من بينها الصديري، حيث تصدرت فرنسا الموضة الأوربية خاصة في القرن الثامن عشر، وقد كان الشعب الفرنسي أول من ارتدى الصديري، كما أن للصديري نوعين أحدهما يٌعرف بالأفرنجي، أما الآخر فيعرف بـ «السواكني» نسبة لمدينة سواكن حيث يشتهر به سكان شرق السودان36.
خامساً: الشبط «الصندل أو الحذاء»:
اشتهرت قبائل «البِجا» بإرتداء الحذاء المعروف بالصندل، والذى يٌطلق عليه باللغة البجاوية «نادوركيدات - قى دأتْ»، وهو حذاء من نمط قديم يتكون من الحبال ويصنع من جلد الجمال، وبه ثقب من الأمام، وثقبان من الخلف يتم إدخال جلد الماعز من الثقب الأمامي، ويوجد به مكان للآصابع وينتهي بخرز عريض نوعاً ما على وجه الحذاء، ويخرج من الجلد الثقبان الخلفيان37.
(الأدوات المستخدمة في الرقصة)
اولاً: السيف «مَأدَدْ»:
عبارة عن سلاح معدني حاد طويل، له يد من الخشب والحديد مكسوة بالجلد أو الصوف، ومحلاة بخيوط من الفضة، وله جراب من الجلد يٌسمى «سير» وذلك لحمله، كما يوضع على جرابه عدد من الأحجبة الجلدية وكذلك بعض الأشكال الزخرفية من أعلى.
يٌعد السيف أحد رموز السلطة والمُلك، حيث نجده في كل الفترات التاريخية، وظلت الأسر الحاكمة تتوارث بعض السيوف التي أصبحت مشهورة بأسمائها مثل النَمنم، والمَطَقْ38، كما له مٌسميات عديدة يختلف كل منها عن الآخر على حسب ما يحتويه من شكل، حيث يٌسمى السيف نفسه باللغة البجاوية «مَأدَدْ»، أما السيف المزين بالفضة فيسمى «أوكارْ»، السيف الطويل ذو النجمة فيسمى «سُليمانْ»، السيف الذى به زخرفه على شكل هلالين فيسمى «أيرابّ نافيبْ»، السيف ذو نصل حديد فيسمى «يُسرياي»39.
ثانياً: الدرقة «الدرع»:
عبارة عن قطعة كبيرة دائرية الشكل تتكون من الجلد مع بروز في وسطه لقبضة اليد التي تلبس بالحديد، وله ثلاثة أنواع أحدهما يٌسمى «كربياى» وهو سميك وأثقل وكان يصنع من جلد الفيل، ذو قبضة حديدية وسميك، أما الثانى «داشكاب» وهو يصنع من جلد التمساح ولكنه أقل سمكاً، أما الأخير «تايسنتياي» وهو يصنع من جلد فرس البحر، وهو أكبر حجماً من الأنواع السابقة، وفي مركزه يد من جدائل الجلد، ومنقوش على الدائرة رسوم هندسية لها مغزى سحري، وتستخدم الدرقة «الدرع» في الدفاع عن النفس لصد المخاطر أو الأذى عن الجسد، وهو جزء من سلاح الرجل البجاوي وشيء أصيل من تراثه الثقافي لا يمكن الاستغناء عنه أينما تنقل من مكان إلى آخر، وفي أوقات السلم يعتبر أداة من الأدوات الهامة المستخدمة في أداء الرقص وخاصةً رقصة «الهوسيت»، حيث يتم جلب الجلود المستخدمة في صنعه من السودان، لأنها تتميز بسمكها وصلابتها أثناء استخدامه عند ضربه السيف40.
ثالثاً: الخنجر «شُوتَال»:
يتميز الخنجر عن السكين بأن له جزءا مثنى من الأمام حادا، كما تصنع يده من الخشب أو العاج، ثم يوضع في جراب خاص من الجلد، ويعتبر من الأسلحة التي يستخدمها البجاوى أثناء تنقله المستمر في الصحراء، فقد تهاجمه بعض الحيوانات المفترسه والزواحف السامة، كما أنه يستخدم في تقطيع لحم الغنم أثناء عمله لآكله «السلات» الشهيرة والمفضلة لدى هذة القبائل41.
رابعاً: العصا «أكوإلى»:
إحدى الأدوات التي يعتمد عليها البجاوي في حياته اليومية، حيث يقوم بصنعها بنفسه، فهي ذات انحناء رفيع من أسفل، ويتم استخدامها في بعض الرقصات الشعبية الأخرى، حيث يتكئ عليها المؤدي أثناء أدائه للرقص، وقد تستعمل أيضاً في الدفاع عن النفس، وهناك عصا تسمى بـ «كوليت» تصنع من فروع أشجار «السيال أو السنط»، وهي منقوشة برسومات لها مغزى سحري ولها طرف معكوس والطرف الآخر يغلف بجلد التمساح أو الثعبان وتسمى «الحداثة» فهي نوع من العصي يحملها الشيخ أو كبار القبائل، وللعصا دلالة على مكانة الفرد الاجتماعية وسط أبناء قبيلته، كما يتم استخدامها في بعض الحالات الأخرى حيث يخطط بها على الأرض خطوطاً معينة أثناء حديثه مع بعض أفراد القبيلة وهم جالسون على الأرض42، وكذلك لصيد بعض الزواحف السامة كالثعابين.
خامساً: السوط «الكرباج»:
يُعد السوط «الكرباج» إحدى الأدوات المادية التي يتم استخدامها في بعض الرقصات الشعبية الأخرى الخاصة بهذة القبائل، فهو يصنع في السودان، كما له أنواع أخرى عديدة يختلف كل منها على حسب نوع الحيوان الذي يصنع منه السوط «الكرباج»، فأحدهما يصنع من جلد فرس البحر ويٌعرف بـ «القرنتى»، وغيره يٌعرف بسياط «الكروج»، وأنواع أخرى تصنع معظمها من ذيل كل من الإبل أوالخــرتـيت أوالقـرنـيـته، كما أن السوط يٌعد رمزاً من رموز السلطة والمُلك، والذي اشتهر بسوط العنج.
(الآلات الموسيقية المستخدمة في الرقصة)
اولاً: آلة الباسنكوب (الطنبورة):
تعتبر آلة «الباسنكوب» من أقدم الآلات الموسيقية الوترية المصرية القديمة، التي كانت تٌعرف في عصور ما قبل التاريخ، حيث كانت تسمى «كنر » أو »كنارة » ولا زالت تصنع بنفس الشكل الآن في مناطق السودان والنوبة، وهي تشبة آلة (الطنبورة) النوبية تماماً من حيث الفكرة والتركيب والشكل العام وطريقة التصنيع وأسلوب الضبط وطريقة العزف، حيث عرفتها القبائل الإفريقية القديمة، كما لها أسماء عديدة تختلف باختلاف المناطق التي تستخدمها، ففي السودان والنوبة تٌعرف بـ (الطنبورة) ويٌطلق عليها باللغة النوبية (كِيسر)، ولدى قبائل (البِجا) (الباسنكوب)، وفي أثيوبيا (الكرارة)، حيث تستخدم هذة الآلة الموسيقية في معظم الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية الخاصة بهذه القبائل43.
تصنع آلة «الباسنكوب» بأدوات متاحة من بيئتها، فهي عبارة عن صندوق دائري الشكل مجوف من الخشب مغطى بطبقة جلدية بها خمسة ثقوب ومثبت بالصندوق مثلث قاعدته من أعلى، وقاعدة المثلث بها خمسة مفاتيح مشدود بها الأوتار المصنوعة من أمعاء الحيوانات أو شعر الخيول، وطرفها الآخر مثبت على حجم الصندوق بعقدة خشبية، كما أن الأساس الهارموني الذي بنيت عليه طريقة ضبط الآلة هو السلم الخماسي الإفريقي، وهو من السلالم الموسيقية التي استخدمت في موسيقى الحضارات القديمة وخاصةً في أفريقيا.
تعتبر هذه الآلة الموسيقية وسيلة من وسائل لغة الحوار بين أفراد القبيلة، حيث تدل نغماتها على معان وإشارات لا يفهمها أحد إلا أبناء هذه القبائل، فأحياناً يتم العزف عليها عندما يطلب أحدهم المساعدة أو النجدة.
ثانياً: الإيقاع المصاحب للرقصة:
تعتمد هذة الرقصة على الأدوات الصوتية وتكويناتها، والتي من أصوات الهمهمة وضربات الكفوف بالإضافة إلى أصوات دق الأقدام بقوة على الأرض التي يقوم بها المشاركون في أداء هذة الرقصة، وكذلك الإيقاع الصادر من آلة «الباسنكوب»، ومن هنا تختفي منها بعض الأغاني المصاحبة لها في أغلب الأحيان، وإذا وجدت فمعظمها تكون إما مدحا في أصول القبيلة وأمجادها وبطولاتها عبر فترات تاريخها الطويل أو التمجيد في أحد فرسانها الأقوياء أو الغناء للإبل وعظمتها أو في البيئة وما تحتويه من طبيعة كالصحراء والجبال.
الهوامش
1. نادية عبد الحميد الدمرداش، علا توفيق إبراهيم. مدخل الى علم الفولكلور.- القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية، 2007. ص83.
2. نادية عبد الحميد الدمرداش،علا توفيق إبراهيم. مرجع سابق، ص74 .
3. نادية عبد الحميد الدمرداش،علا توفيق إبراهيم. مرجع سابق، ص75.
4. نادية عبد الحميد الدمرداش،علا توفيق إبراهيم. مرجع سابق، ص75.
5. سوزان السعيد. الحياة الشعبية جنوب البحر الأحمر- القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية، 2002.- ص11.
6. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 31.
7. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص31.
8. نهى عبد الحافظ. الأهمية التاريخية لميناء عيذاب الأثرى.- دراسات إفريقية.- ع 36 (ديسمبر 2006).- ص 204.
9. نهى عبد الحافظ. مرجع سابق، ص 204.
10. نهى عبد الحافظ. مرجع سابق، ص 205.
11. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 25.
12. محمد الجوهرى. علم الفولكلور الأسس النظرية والمنهجية.- القاهرة: مركز البحوث والدراسات الإجتماعية، 2016.- 374 ص.- (المجلد الأول، ص25).
13. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص16.
14. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص95.
15. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص86.
16. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 58.
17. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 56.
18. محمد الجوهرى. علم الفولكلور الأسس النظرية والمنهجية، مرجع سابق، ص9.
19. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 37 - 38.
20. http://www.ancientsudan.org/trans_history_18_medjay.html
21. محمد عوض محمد. الشعوب والسلالات الإفريقية.- القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة. 1965.-ص 254.
22. http://nubiat.blogspot.com.eg/2013/09/blog-post_8918.html
23. عبد المنعم أبو بكر. بلاد النوبة.- القاهرة: دار القلم، 1962.- ص 58.
24. محمد عوض محمد. الشعوب والسلالات الإفريقية، مرجع سابق، ص 249-250.
25. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 36.
26. محمد عوض محمد. الشعوب والسلالات الإفريقية، مرجع سابق، ص 283.
27. محمد عوض محمد. الشعوب والسلالات الإفريقية، مرجع سابق، ص 282 - 283.
28. عادل حربى. فنون الأداء الشعبى فى السودان.- سودابيديا (الموسوعة السودانية).- ع 24 (سبتمبر 2017).
29. محمد عوض محمد. الشعوب والسلالات الإفريقية، مرجع سابق، ص246.
30. محمد شبانه. أغانى الضمة فى بورسعيد.- القاهرة: المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، 2006.- ص 31.
31. محمد شبانه. أغانى الضمة فى بورسعيد، مرجع سابق، ص32 - 34.
32. زينب عبد الله محمد صالح. الأزياء فى السودان.- سودابيديا (الموسوعة السودانية).- ع 26 (سبتمبر 2017).
33. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق،ص 183.
34. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق،ص 183.
35. زينب عبد الله محمد صالح. الأزياء فى السودان، مرجع سابق.
36. زينب عبد الله محمد صالح. الأزياء فى السودان، مرجع سابق.
37. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 183.
38. أحمد معتصم الشيخ. الجَرْتِقْ (من مظاهر الاستمرارية الحضارية).- سودابيديا (الموسوعة السودانية).- س5، (سبتمبر 2017).
39. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين.مرجع سابق، ص 186.
40. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين.مرجع سابق، ص 188.
41. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين.مرجع سابق، ص 183.
42. جيهان حسن مصطفى. الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين، مرجع سابق، ص 187.
43. محمد شبانه. أغانى الضمة فى بروسعيد، مرجع سابق، ص191.
• المصادر و المراجع
- نادية عبد الحميد الدمرداش،علا توفيق إبراهيم. مدخل الى علم الفولكلور.- القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية، 2007.
- سوزان السعيد. الحياة الشعبية جنوب البحر الأحمر.- القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية، 2002.
- نهى عبد الحافظ. الأهمية التاريخية لميناء عيذاب الأثرى.- دراسات إفريقية.- ع 36 (ديسمبر 2006).
- محمد الجوهرى. علم الفولكلور الأسس النظرية والمنهجية.- القاهرة: مركز البحوث والدراسات الإجتماعية، 2016.- 374 ص.- (المجلد الأول، ص25).
- -http://www.ancientsudan.org/trans_history_18_medjay.html
- عبد المنعم أبو بكر. بلاد النوبة.- القاهرة: دار القلم، 1962.
- عادل حربي. فنون الأداء الشعبي فى السودان.- سودابيديا (الموسوعة السودانية).- ع 24 (سبتمبر 2017).
- محمد عوض محمد. الشعوب والسلالات الإفريقية.- القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة. 1965.
- محمد شبانه. أغاني الضمة في بورسعيد.- القاهرة: المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، 2006.
- زينب عبد الله محمد صالح. الأزياء في السودان.- سودابيديا (الموسوعة السودانية).- ع 26 (سبتمبر 2017).
- أحمد معتصم الشيخ. الجَرْتِقْ (من مظاهر الاستمرارية الحضارية).- سودابيديا (الموسوعة السودانية).- س5، (سبتمبر 2017).
- http://nubiat.blogspot.com.eg/2013/09/blog-post_8918.html
• الصور
- الصور من الكاتب.