الحكاية الشعبية في حوض البحر الأبيض المتوسط
العدد 5 - أدب شعبي
ترجمة :محمد الداهي
تعتبر الحكاية – على نحو غيرها من أشكال التعبير الشعبية – جزءاً من مَجال أَشمل يُسَمَّى الأدب الشفهي الذي يشكل بوتقة تنصهر فيها غالباً التقاليد المحلية والجهوية. يصعب في كل تقليد الفصل بين ما يتعلق بالشَّفهية (بحصر المعنى) وبين ما يهم باقي الممارسات الشعائرية والرمزية، في العصور البائدة، كان كل من الشعر أو الحكاية أو الدراما أو الغناء مرتبطاً أيما ارتباط بالمجالات الرمزية التِّي تُؤَطِّرهُ. إنَّ التلفظ الشفهي المُشَّخص في شكل قصة أو شعر أو ترتيل أو غناء يندرج طبعاً في إطار التلفظ الأنتربولوجي الذي يكون فيه الفعل والكلام متلائمين ودَالَّين. وبقدر ما تكون هذه الدلالة فردية فهي جماعية لأن الفرد يذوب في الجماعة. يمثل الأدب – قبل كل شيء – تعبيراً شاملاً عن آمال وآلام الجماعة أو الفئة الاجتماعية، ويعمل على نحت رؤيتها المشتركة، ويضمن في الآن نفسه نقل القيم الجماعية ونشرها، ويُمَكِّن أيضاً الأفراد من ترسيخ هويتهم الثقافية وطمس النزاعات والتوترات التي قد تَنْشُبُ بينهم. إن الوظيفة الاجتماعية للآداب
سامية «ترتبط بالسياق الثقافي وتتجَلَّى في القواعد والقيود التي يخضع لها إنجاز النُّصوص، وفي خصوصية بعض الأجناس المخصصة لمناسبات معينة جداً، وفي الاستعمال البيداغوجي للنصوص... الخ» (ج – كلام – كريول G.Calame-Griaule، 1977، ص/ص. 24/23).
يمكن للأدب الشفهي – حسب السياقات التاريخية والثقافية – أنْ يفخر بأجناسه وأنماطه التعبيرية. ويمكنه أن يَنْمُوَ أو، بالعكس، يَنْحَسِرَ بخاصة في حالة الوجود الدينامي للتقليد المكتوب المتأصِّل والراسخ في العادات. تتغير بعض الأجناس أو الجُنَيسَات من تقليد إلى آخر. ومع ذلك يلاحظ عموماً استمرار بعض النماذج في الأدب الشفهي:
- الإبدال الاستدلالي الذي يَحْوِي ألاعيب اللغة: اللغات الخاصة والأحجية واللغز والمثل والحكمة والرمز والتجنيس والتورية والحكاية الملغزة.
- الإبدال الحكائي الذي يتمفصل حول الحكي: الأساطير والحكايات والخرافات والمُلَح والنوادر والحكايات المنظومة والحكايات ذات مغزى إلخ.
- الإبدال الشعري الذي ينفتح على النصوص المنظومة والمقفَّاة والمغنَّاة: الأشعار والأغاني والملاحم.
- الإبدال الدرامي والإرهاصات الأولية لفن التشخيص أو التمثيل: المآسي والملاهي والمآسي/الملاهي والكرنفال و العروض الإِيمائية والهزلية.
تعتبر بعض النماذج أو الأَجناس – حسب التقاليد والثقافات – أكثر إيثاراً وبالتالي أكثر تطوراً مِنْ أخرى. فبواسطة الأجناس والأَشكال الجمالية، يضع المجتمع رهن الأَفراد زاداً هائلاً من المعارف والوضعيات وكذا قائمة غنية بالأوامر والنواهي.
وعليه، يضطلع الأدب الشفهي، عبر الأجيال والسنوات، بدور التعليم والتربية والتسلية والمحافظة خصوصاً على هوية الجماعة وذاكرتها.
1 - التقاليد الشفهية في الدول المتوسطية:
مما لا جدال فيه أن الدول المتوسطية تعتبر أعرق خزان للتقاليد الشفهية والشعبية المقرونة بالإمبراطوريات الكبرى بدءاً بالفراعنة واليونان والرومان ووصولاً إلى العثمانيين والسلالات الحاكمة بالمغرب والأندلس وتونس والشرق الأوسط. وأسهمت الحروب ودفعات الهجرة والمبادلات التجارية طويلاً في تكوين رؤية ومتخيل الرجل المتوسطي ومتخيله سواء أكان في الشرق أم في الغرب ، في الشمال أم في الجنوب . يمكن أن تحدد، بما فيه الكفاية، القواسم المشتركة للجهات أو الأقاليم برمتها، وللأسطورة أو الحكاية أو الملحمة أو الخرافة دون أن نغفل – بصريح العبارة – الخصوصية اللغوية أو العرقية أو الثقافية للدول المتوسطية. فكل دولة أو منطقة تتمتع بتقاليدها الشفهية والثقافية الخاصة التي تحافظ من خلالها على هويتها وأصالتها.
1-1: التقاليد الشفهية في شمال الحوض المتوسط:
مما لاشك فيه أن التقليدين الإِغريقي والكريتي Crétois يعتبران مِنْ أعرق التقاليد وأغناها في شمال حوض البحر الأبيض المتوسط. تبدو الملحمة بمثابة الخاصية الأساسية التي اتسم بها المجتمع الإِغريقي القديم. لقد كانت ذات طبيعة موسمية يَنْهَض الشعراء المنشدون بأدائها ونقلها بين الناس. يتعلق الأمر بنقل شفهي دام إلى حدود القرن السَّادس أي قبل أنْ يطاله التدوين. يرى A. Meillet (1938)1، في هذا الصدد، أنه توجد أدلة قاطعة على وجود أشكال ملحمية قديمة من النوع الأركادي arcadien والأيولي éolien ما زالت ماثلة في الأثرين الأدبيين الإلياذة والأوديسا1. وتحيل أيضاً العناصر المتبقية إلى الأشكال الأولية للملحمة الشعبية في العصر الجليدي الأول، إذ كانت موضوعاتها الموثرة تَتَشَكَّل من المفاخر الحربية والغرق والتيهان والحداد. تعتبر الملحمة الأيونية ionienne- التي تُعْزَى إلى هوميروس - ملحمة مركبة، تتنامى فصولها ومقاطعها حسب الأَحداث وحسب ما يروق الرابسوديين Rhapsodes2) والشعراء الذين كان يطلق عليهم «الخياطون». أثبت أ- مايي، في هذا المضمار، أنه لا يوجد ما يماثل التفعيلة السداسية في المجال الملحمي الهندو-أوروبي. وهي – علاوة على ذلك - غير مندمجة على النحو المطلوب في البنية الموسيقية للغة الإغريقية. ويرى لفيك P. Levèque (1964) في السياق نفسه أن الأمر يتعلق – من باب احتمال الوقوع – بالوزن الكريتي الذي استخدمه الأكائيون Les Achéens «قد تكون الملحمة – إذن – إِبداعاً يَسِمُ العصر الميساني mycénienne: فهي مينونية minoenne بِشكلها وأكائية achéenne باستلهامها للموضوع الحربي» (1964. ص. 72). بموازاة مع الملحمة عرف اليونان قديماً الشعر الغنائي المصحوب بالموسيقى. ساد عندهم صِنْفان من الغنائية: الصنف الأول هو عبارة عن نشِيد الجوقة يكثر في الحفلات والأَعياد، ويدعم الوحدة لأنه تعبير عن الفئة الاجتماعية. أما الصنف الثاني فهو بمثابة أغنية مُفْردَة تسود في المجالس الأدبية والبلاطات الملكية، وتعبر عن الروح الفردية الطافحة بالأهواء.
من الملاحظ أنه توجد – حسب المناطق – فروق واضحة في شكل أَو نمط إِبداع الشعر الغنائي ونقله. وَيَتَشَخَّصُ ذلك في الأنماط التعبيرية التالية:
- الغنائية الأيونية التي ترتب عليها الرثاء وهي عبارة عَنْ نحيب مصحوب بِنغمات النَّاي للتَّعبير عن آلام الحب. لقد طور هذا النوع من الغنائية الأيامبو3 الذي يتميز بإيقاعه الخفيف. وعمل هذا الأخير بدوره على دعم الهجاء الفردي والجماعي السَّاخر.
- الغنائية الأيْلودية التي تولدت عَنْهَا ضروب العزف بالقيثارة والأَناشيد الخفيفة.
- الغنائية الإسبرطية التي صقلت شكل نشيد الجوقة والغناء.
من جهة أخرى يجوز – من باب احتمال الوقوع – ربط ظهور الأجناس الدرامية (على نحو المأساة والملهاة) في اليونان بالأشكال العشائرية. يرجح أرسطو أن المأساة نشأت عن المديح، وهو شكل مرتبط بالأشكال الانتربولوجية الضاربة في القدم. في قديم الزمان، كانت الشَّعِيرَةُ تقام على شرف ديونسيوس؛ بحيث كانت الأجواق الموسمية تقدم رقصة عشائرية وهي تطوف على الهيكل. يبدو أيضاً أن المأساة كانت مرتبطة بالشعائر الجنائزية في الأوساط الأرستقراطية وبالطقوس العريقة لتطهير الأرواح. وهذه الفكرة حاضرة عند أرسطو الذي يعتبر المأساة تطهيراً (catharsis) للنفوس مِنَ الانفعالات4.
تضرب أيضاً الملهاة بجذورها في الأشكال الانتربولوجية المستمدة مِن الشعائر القديمة على نحو شعيرة باخوس التي كان يحتفي بها المزارعون إِبَّان الفراغ مِن الحصاد، إذ كانوا يخلدون إلى الاسترواح والهزل وتبادل النكت والنوادر المستملحة أو المبتذلة. في الجهة الأخرى من بحر الادرياتك بإيطاليا، توجد المقبرة الإلهية الرومانية التي تشبه كثيراً مَثِيلَتَهَا الإغريقية لكن دون أن تُعَادِلَها. تجسد الآلهة ،على نحو جوبيتر (المعادلة لزوس الاغريقي) وجونون (المماثل لهيرا) وزحل والزهرة وعطارد ، رموزا للإغريق وتمثل نظرتهم لنشأة الكون. كما ساهمت كثيراً أساطير كرومولوس الذي بنى روما ووهبها اسمه، وقيصر وأوغسطين وكاليكولا ونيرون في إضفاء الطابع الأسطوري على روما القديمة. عرف الشعر اللاتيني – سواء أكان ملحمياً أم غنائيا – تطوراً ملحوظاً بفضل النشاط الذي كان يضطلع به الشعراء الجوالون الذين كانوا يجمعون بين الغناء والتلحين والموسيقى، وينتمون إلى طبقة العلمانيين وليس إلى رجال الدين. وهكذا، أداموا تقليداً شفهياً لشعر وُجِدَ أساساً ليُغَنَّى ويُصْحَبَ بالموسيقى. ويُمَكِنُ كذلك أن يُتْلَى ويُنْشَدَ على مسامع الجمهور. تُدْمِجُ أغاني المآثر على وجه الخصوص في معمارها العام حصصاً تامة من الإِنشاد. تقترن أشهرها بالعصر الكارولنحي. إن شخصيات عُظْمَى – على نحو الإمبراطور فردريك برباروس Fréderic Barberousse – تُلْهِمُ المآثر الملحمية.
فمآثر فردريك تحتفي بوقائع الحرب والأنشطة التي اضطلع بها الإمبراطور في حملته الإيطالية بين سنتي 1152 و1162. بعد عشرين سنة ظهرتْ حكاية أخرى موسومة ب» Lugurinus « لِتُعْطِيَ صورة مغايرة عن نشاط الإمبراطور، وهي مستوحاة من عمل أوتون دو فريزنغ Othon de Freising5 ومن أعمال أتباعه. ومع ذلك لا أحد ينكر أن أفضل أغنية للمآثر في إيطاليا وفي جزء كبير من أوروبا هي أنشودة رولاند cantilena Rolandi. إنها معروفة على نطاق واسع و تتمتع بشعبية كبيرة إلى الحد الذي جعلها تتردد على مسامع النَّاس قبل اندلاع المعارك.
عرفت أوروبا الجنوبية – وتحت تأثير روح الكياسة والشعر الغنائي للغة الجنوب – انتشار وتطور قصائد الشعراء الجوالين. لا يمكن أن ننكر ما حققته حركة الكياسة وما حققه الشعر الذي كان يجسدها من نجاح. ونذكر في هذا الإطار ما خلفه بلاط شارل دانجو Charles d’Anjou بنابولي من صدى وإشعاع. لقد ظل هذا البلاط لمدَّةٍ طويلة منبعا من منابع شعر الكياسة. إن الانتقال من غرض شعر الكياسة إلى غرض شعر الغزل – المؤثر في عهد دانتي – يؤكد الاستمرارية الموضوعاتية والفنية. وتشهد عليه جيداً النصوص النثرية التي كان ينشرها الشعراء الجوالون بين الناس، والتي تم استنساخها في دواوين ابتداء من القرن الثالث عشر على نحو ديوانيْ الحيوات والبواعث. فنصوص الديوان الأول عبارة عن مجموعة من النَّوادر والحكايات المعروفة أو المقولبة. أما نصوص الديوان الثاني فتتضمن إشارات سيرية مُسْتمدة من الأعمال نفسها، وهي معلومات غير موثوق بصحتها . لا ينبغي إغفال أن قصائد الحيوات والبواعث تشكل بالنسبة للباحث ومؤرخ الأفكار وثائق فريدة ونادرة عن التاريخ الأدبي والفني لذلك العصر. إن أشهر نص عرفته فرنسا، فيما يخص التقليد الشفهي، هو أغنية رولاند، ويشهد على ذلك مخطوط أكسفورد الذي يرجع إلى ما قبل سنة 1080. توجد قصيدة ملحمية أخرى تبدو وكأنها سابقة عن الشكل النصي لرولاند وهو حج شارلمان إلى القدس (حوالي 1060). إن الحجة الأساسية والمواضيع في أغنية رولاند معروفة لدى الناس. و تتسم عناصرها بالتركيب. كما أن تطور مواضيعها بطيء وتدريجي تخلَّلته تعديلات وإضافات قامت بها ثلة من الشعراء الجوَّالين الذين كانوا يكيفون الشعر حسب توقعات الجمهور وشروط التلفظ الشفهي.
وفي إطار هذا التقليد الشعري الملحمي – الراسخ عند الفرنسيين والألمان- تطور الأدب الحكائي المستمد غالباً من التقاليد الشفهية والفلكلورية المحلية. ويمكن أن نشير في هذا المضمار إلى مآثر الحروب الصليبية والعصور القديمة والروايات الشعبية وأشعار الفروسية للمائدة المستديرة وحكايات الفروسية الصوفية والأَشعار الحكائية. ساهم الشعراء الجوالون الغلوائيون « Gallois » والبروطانيون « Breetons »بجلاء في نشر وإذاعة حكايات سِلْتية قادمة من انجلترا. وتتمثل مادة «بريطانيا» أساساً في أسطورة «ترستان» التي تتمحور حول الملك آرثور وفرسانه وحول لغز البحث عن الكرال Graal.
إن الشكل الأكثر انتشاراً هو شكل القصائد الموسيقية والحكائية. انتشرت هذه الحكايات الشعرية في أشكال مختلفة، وتم حصرها وجمعها حوالي سنة 1170 في مجاميع حكائية ضخمة وفي موضوعات كبرى. وتمثل – من باب احتمال الوقوع – المثل الأرستقراطي الذي تتحكم فيه القوة الحربية ومغازلة النساء. بالمقابل، تتجلى الروح البورجوازية من خلال جنسين حكائيين، وهما: رواية رونار Renart والخرافة المنظومة.
يعتبر الجنس الأول جماعاً متنافراً من المحكيات المنظومة التي تضمن الشخصية الرئيسة (رونار الثعلب) وَحْدَتَها. إِنَّها محكيات في شكل أبيات من ثمانية مقاطع، تضطلع فيها الحيوانات بأدوار تُشَخِّصُ من خلالها أنْماطاً بشرية. تتضام هذه المحكيات أو الفروع في مَجْمُوعَتين يموضعهما المؤرخون بين سنتي 1175 و1250، وهما يعملان على وسم المجال الأدبي الفرنسي. يضرب هذا الأدب الشعبي بجذوره في القدم. ونذكر في هذا الصدد بَعض الأعمال التي عرفها القرن التاسع على نحو إيزوب Esope وخرافات فيدر وديوان أحد مؤلفي الخرافات يُسَمَّى روملوس امبراتور. تتضمن الحكايات عموماً شخصية رونار الذكية والمتعجرفة والحاذقة. وبما أنَّ عقليته متحررة من أي امتثالية فهو كذلك عنيف ونهاب وعديم الذمة. إن الهجاء –في هذه الحكايات -لاذع لكن نبرته خفيفة وعباراته مُسَلِّية. وهذا ما يفسر بدون أدنى شك ما حَقَّقه هذا النوع من الحكايات مِن نجاح.
بالمقابل، تكون الخرافات المنظومة قصيرة ومبهجة. فهي حكايات مسلية تستوحي موضوعاتها وحججها من المعيش اليومي. إنها قبل كل شيء أعمال غفل يتناقلها الناس الذين يعرفون أحداثها الأساسية ويتحكمونَ في خيوطها السردية.
وموازاة مع الجنس الحكائي، تطور الجنس الشعري وعلى وجه الخصوص الشعر الغنائي. تعايش الغزل الغنائي -الذي يَتَبَيَّنُ من خلال موضوعاته وجمهوره بأنه مستوحى من الأوساط الأرستقراطية- مع الشعر الغنائي الموسوم بالطابع البورجوازي والقريب من الانشغالات اليومية للناس. وتعتبر الأغنية أحسن تعبير عن ذلك. ينبغي الإشارة إلى انتشار الشعر الغنائي الإيطالي الذي كان يطفح بالإِحساس الديني. إن تراتيل الشمس ومدائح المخلوقات المنظومة باللهجة الأومبرية بين سنتيْ 1125 و1226 هما التعبيران الصادقان والمثيران عن الروحانية الفرنسسكانية. كثرت القصائد المنظومة باللغات المحليَّة (العامية) والمصحوبة بالموسيقى. تُقَوِّي أعمال التسابيح الصباحية الغُفْل والصوفية لدى الجماعات الورع الديني. مما لا ريب فيه أن التجليات الثقافية القشتالية الأولى-بإسبانيا- تعود إلى المرحلة الشفهية الأكثر إيغالاً في القدم، والتي كانت تحْوِي أساساً الأساطير والحكايات والأشعار الملحمية والغنائية. يمكن أن نذكر من بينها أغاني المآثر أو البطولات. ومن أشهرها قصيدة Poema de mio Cid التي أذاعتها وتناقلتها أجيال الشعراء الجوَّالين6 الذين حذقوا في فن الإلقاء والتمثيل. لقد تم إِحصاء باقي أغاني المآثر طوال المرحلة القروسطية باسبانيا، ونذكر منها:
- نشيد ملك رودريكو وهزيمة إسبانيا.
- الكونت فرنان كونزاليس.
- مآثر راميرو وكارسيا نجلا صانشو الأكبر.
- نشيد أطفال لارا السبعة.
- مآثر الراهب دون جوان دومونتمايور.
- نشيد أهل موصيداد دو رودريغو.
عرف نوع شعري آخر قادم من الأندلس تطوراً ملحوظاً بإسبانيا، ونعني به الموشحات. وهي قصائد قِصارٌ، مكونةٌ من أسماط أو أقفال ومن أبيات تتفرع إلى أغصان، ومتميزةٌ عن الشعر الكلاسيكي في بنياتها الإيقاعية والفضائية، وموضوعةٌ غالبا للغناء بِقشتالة. مع العلم أن خَرْجاتها تكون بالعامية أو تُدْغِمُ الشعر العاطفي المسيحي.
وقبل ظهور الأشعار الغنائية (الموشحات) ذات الجذور العربية – الأندلسية، عرفت مختلف الممالك الإسبانية أشعارا عاطفية؛ وهي عبارة عن دواوين من الشعر الشعبي التي تكون غالباً غُفْلاً، ويصعب تحديد تاريخ ظهورها، وتحوي أعرق أساطير البلد. إن الظهور الحديث نسبياً للخرجات Jarchas التي تضرب بجذورها في بلدان أخرى من غير قشتالة (كالبرتغال وبروفانصال وكاطلنيا)، تطرح من جديد مشكلة تكون الشعر الغنائي بإسبانيا خلال فترة ما قبل القرون الوسطى.
ينبغي في هذا السياق أن نشير إلى تطور وانتشار شعر المناقب الذي تناقله الشعراء الجوالون. يتميز هذا النوع من الشعر ذي الأبيات القصيرة والمواضيع المناقبية بنبرة غنائية خاصة، ويختلف عن الشعر البطولي والإكليركي.
إن التقليد الشفهي بتركيا (حلقة وصل بين أوروبا وآسيا) قديم جداً؛ إذ ساهم في اقتباس ونشر الأساطير الإغريقية والبابلية والأناضولية وحتى التاتارية. لوحظ مع بداية الإسلام ظهور ثم ازدهار الأدب المناقبي والملحمي العام. تطورت في الأناضول الشيعية أسطورةٌ ذات صبغة عالمية وشعبية في الوقت نفسه، وتتعلق بشخصية الإمام علي الأسطورية والمُبجَّلة.
تعتبر، في هذا المستوى، المماثلة الشكلية والموضوعاتية بالميثولوجيا الشيعية الفارسية مُفيدة. إن التعبير الذي يستخدمه أدب المناقب هو الحكاية النثرية والشعر الحكائي المنظوم والمعد للغناء.
ومع ذلك لا يمنع قطعاً هذا التقليد الديني من ظهور شعر ملحمي يَتَغَنَّى بمآثر الأبطال والمحاربين في سبيل الوطن، ومن بروز شعر غنائي يتعلق في الآن نفسه بالشعر الغزلي ذي الأصل الفارسي أو الإسلامي وبالشعر الشعبي الذي يستخدم اللغات المحلية. ومن ثمَّ عرف الغناء والموسيقى ونشيد الجوقة تطوراً كبيراً لأن البلاطات الملكية كانت تدعمها وتشجعها.
لم يكن الفن الدرامي مُنْتَفِياً في التقليد الفلكلوري التركي. لقد عرف الأتراك مسرح خيال الظل أو الكراكوز. يتعلق الأمر بدمية ذكية ومتحررة مَنَحت اسمها لهذا النوع من المسرح الذي يرجع، على الأقل، إلى حكم أورهان (1326/1359). استخدم الإِغريق والرومان والصينيون تقنية الدُّمى والعرائس. في باقي الدول ساير هذا المسرح – إن صَحَّ التعبير – الغزوات التركية والمغولية التي استهدفت حوض البحر الأبيض المتوسط. لم يتغير محتوى المسرحيات رغم تضمنه لقسط وفير من النقد الاجتماعي اللاذع الذي تتخلله مسحات سياسية. وكتب ج-ديجو J. Déjeux (1978) في هذا السياق ما يلي «إن المدح والنقد اللاذع الموجه للمؤسسات الاجتماعية ولرجال الدين والقانون عنصران من مسرح خيال الظل أو الكراكوز (بوصفه شخصية) يجعلان هذا المسرح لَيْسَ مجرد تَسْلية خالصة» 1978، ص. 101.
إلى جانب شخصية الكراكوز تُوجدُ في التقليد التركي شخصية هزلية تحظى هي الأخرى بغرابة الأطوار. وهي شخصية جحا الشائعة الصيت في التقاليد الشفهية العربية الإسلامية بالمشرق والمغرب. وبناء عما سبق يمكن أن نوضح بأن أنساب الآلهة Théogonie (نشير إلى هزيود فقط) والمأساة إغريقيان في حين أَنَّ أغنية المآثر والملحمة المستمدتين من جرمانيا تُمَيِّزانِ التقاليد الفلكلورية الفرنسية والإسبانية وحتى البرتغالية، وأن الشعر الغنائي والغزل نشآ بإيطاليا واليونان، وأن الرواية الشعبية ظهرت في البداية بفرنسا وأن مسرح خيال الظل يشكل التعبير الفني المفضل لدى الأتراك.
1-2: التقاليد في جنوب الحوض المتوسطي:
من آسيا الصغرى إلى بلاد الرافدين ومن فنيقيا إلى ضفاف النيل، تنعم المنطقة بضوء الآلهة والأبطال الأسطوريين الذين تتبارى التقاليد الشفهية المحلية والملاحم الوطنية للتعريف بهم. تَتَعَدَّدُ التأثيرات وتكثر القواسم المشتركة إلى الحد الذي ينبغي فيه استنباط الطبقات المترسبة العديدة للأسطورة والحكاية والشعر الغنائي والملحمة؛ وذلك لفهم وتمثل كل شكل من هذه الأشكال التعبيرية الشعبية.
يمكن أن نذكر الملاحم التركية، والتركية / التتارية أو التركية / المغولية، والمصرية، وملاحم بلاد الرافدين. إن الآلهة الساميين على نحو بعل وبليت وحداد، والأحجار المقدسة كبتيل أو بنبن، والأساطير المرتبطة بالفَرَس (الملحمة التركية والقرغيزية) وبالتَمِّ (بآسيا الوسطى) وبالتمساح والعقاب (بمصر)، والأساطير المتعلقة بلوط (حفيد ابراهيم) وبأطالي وبملكة جودا Juda أو اخناثون وبملك مصر، تحيل في نهاية المطاف إلى البنيات الذهنية والمعرفية لشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط.
إن مصر، على سبيل المثال، معروفة بكثرة مقابرها الإلهية، وبعظمة آلهتها المحليين (على نحو آمون وأنوكيس وهوراس وإزيس وأزريس وسَاتْ Seth) و آلهتها الكونيين (على غرار ري (إله الشمس) ونوت (إلهة السماء) وجيب (إله الأرض)، وبأنصاف – آلهتها، وبِجِنِّها، وبحيواناتها المقدسة (كأبيس الثور المقدس). توجد من بين الأساطير المصرية القديمة الثرَّة، أسطورة أوزريس المنتشرة في جل بقاع العالم. لم تحظ بالتدوين في أي مكان، ولا نجد لها أثراً في نقوش المعابد والمسلاّت والقبور. ومع ذلك تتم دائماً الإشارة إِليها. يقدم كتاب الأهرام معلومات دقيقة عنها تنضاف إلى المدائح العشائرية المنقوشة على مسلة بمتحف اللوفر. حول مَ تدور الأسطورة؟
يقوم أوزريس الابن الأكبر لإله الأرض/جيب وإلهة السماء/نوت، ووريث الإمبراطورية، وناشر السلام والعدالة بمصر بتقديم المساعدة لإِزيس وحمايتها. في حين يعمل أخاه سات المُبعَد عن الحكم بالتآمر ضده. فيتمكن من القبض عليه وقتله ورمي جثته في اليَمِّ. رحلت إزيس للبحث عن الجثة فوجدتها وحملتها معها. وحسب مختلف الروايات قديمةً أكانت أم متأخرة فقد تم تحنيط الجثة وبث الروح فيها من جديد. تتضمن، مثلا، الرواية الإغريقية التفاصيل والوقائع الثرَّة التي تَنْتَمي، من باب احتمال الوقوع، إلى أساطير أخرى صادرة عن هذه المنطقة المتوسطية. أورد بلوتارك Plutarque خاتمة أسطورة أوزريس التي تبين أنَّ هوروس – المولود بعد وفاة إِزريس – يثأر لوالده، فيقتل سات ويتربع على العرش من جديد. توجد رواية مغايرة أَلْمَعَ إليها هيرودوت.
إِن الأساطير الأخرى – المتعلقة على وجه الخصوص بأبي الهول وبالعنقاء – قد صمدت عبر الأزمنة. وإن لحقتها التحريفات فهي قد حافظت على أصالتها. تمثل العنقاء بالنسبة للمصريين القدامى رمزاً لدوران الشمس. وهي شديدة الارتباط بمدينة عين الشَّمْس Héliopolis. يزعم الرواة العرب أن هذا الطائر الأسطوري لا يمكن أن يحط إلا فوق قُنَّة جبل قافQaf الذي يمثل قطب العالم ومركزه. ويقترن عند المصريين بالدورة اليومية للشمس وبالدورة السنوية لفياضانات النيل. ومن ثَمَّ تدل العنقاء المشخَّصة في شكل بَلَشُون أرجواني على الحياة والتجدد. بالمقابل تُجَسِّد أسطورة أبي الهول – الأسد الإلهي ذا الرأس الفرعوني – التعبير الرمزي عن مصر الخالدة. وبوصف أبي الهول حارساً على مدينة الأموات وعلى المومياوات الملكية، فهو يمَثِّل : حسب ج – يويوت J. Yoyote – «قوة ربانية قاسية على المتمردين وحامية للأخيار. وبفضل وجهه الملتحي، فهو ملك أو إِله الشمس، لأنه يملك صفات الأسد نفسها. وبما أنَّه سِنَّوْري ٍ[ من فصيلة السنوريات] فهو لا يُقْهَرُ في المعركة» (1959، ص. 272).
تقدم الحكايات المتعلقة بالموت والاعتراف والروح والعدالة في كتاب الأموات معلومات حَوْلَ نشأة الكون في مصر القديمة. ولما حل الإسلام بهذا البلد، بدأت تسود الأساطير الدينية، والحكايات العجيبة، والخرافات، والحكايات الهزلية المتعلقة خاصة بجحا، والنوادر والملح. و لقد ساهم مسرح خيال الظل والشعر الغنائي والنشيد في ترسيخ هذا التقليد الشفهي.
عندما وصل الإسلام إلى البلدان المغاربية انتفت إلى حد كبير الأساطير الإِلهية الوثنية المناوئة للعقيدة الإسلامية. ومع ذلك ظلت آثارها الجزئية مبثوثة في شكل شعائر زراعية ورعوية، أو بوصفها عناصر الاعتراف الثقافي ببعض الشعائر الدينية والاجتماعية: على نحو عيد الأَضْحى وعيد الفطر و العقيقة والزواج.
تعتبر أغنية بني هلال من أشهر أغاني البطولة عل الإِطلاق، وفي هذا المضمار يقول ابن خلدون: «ولهؤلاء الهلاليين في الحكاية عن دخولهم إلى إِفريقية طرق في الخبر غريبة... ويكاد القادح فيها والمستريب في أمرها أن يُرمَى عندهم بالجنون والخلل المفرط لتواترها بينهم»7 يتعلق الأمر بحكايات وأشعار حربية تشكل مَجْمُوعة ملحمية يؤديها ويَتَنَاقَلُها شعراء – مغنون من العربية السعودية إلى مصر، ومن ليبيا إلى المغرب. في استحضار هذه المأثُرَةِ الهلالية، تتميز المجاميع الحكائية (على نحو البوزيدية والزناتية والغازية) التي تشيد على التوالي بانتصارات وبطولات أبي زيد والزناتي (أو الخليفة) والجازية (أو الزازية). إن محتوى المَأْثُرةِ بسيط، يتعلق برحلة أعراب بني هلال المكرهة مِن قفار الحجاز بنجد إلى ضفاف النيل، ومن النيل إلى سهول الأطلس؛ وذلك بحثاً عن الماء والطعام والمَرعى. تتوزع مأثرة أو سيرة بني هلال إلى ثلاثة أجزاء أساسية. اهتم الجزءان الأولان بالأحداث التي طرأت بالمشرق في حين تمحور الجزء الثالث حول هجرة بني هلال إلى المغرب العربي. يجد الجمهور في هذه القصة العجيبة والمثالية والحافلة بالغلو الملحمي كيْنُونَتَهُ العميقة وقِيَمَهُ المشتركة «فقصته المحولة والوفية، مع ذلك، للقيم التي يدافع عَنْها، مستحضرةٌ في بساطتها وعظمتها. تمثل الحياة التي عاشها أسلافه (أو على الأقل من يَطِيبُ له أنْ يَتَمَاهَى معهم)، وما زال يعيشها، ويحلم تماماً باسترداد حالتها بتفاصيلها وحركاتها الدائمة. ويعمل الخيال على إنعاش كل هذه الحياة القريبة والملموسة من السِّحر الرمْزي، إذ يجد كل واحد عظمته الخاصَّة» (م – كالي M. Galley . 1983. ص. 27).
إن التقليد الشعري بالمغرب قديمٌ. يتجاذبه نموذجان: النموذج الديني الذي هو عبارة عن مجموعة غنية مِن الأشعار والأَمداح النبوية التي تنشد في الحفلات الدِّينيَّة. والنموذج «الدنيوي» الذي يَجْمَعُ بين الشعر الملحمي والشِّعر الغنائي وشعر الكياسة. يمكن لأيِّ نوع من هذه الأنواع أن يكون باللغة البربرية (المغرب والجزائر) وباللغة العبرية (المغرب) وباللغة العربية (حسب مختلف اللغات المحلية واللهجات الرائجة في المغرب العربي). يتماشى التعْبير اللغوي مَعَ التقليد الثقافي لِجماعة مُحَدَّدة. وهكذا، نلاحظ في التقليد الشعري العربي (كما هو مشهودٌ به في دول المغرب العربي) أن الغزل بوصفه نوعاً شعرياً – موسيقياً – يهيمن على الأنواع الأخرى على نحو الموشحات أو الأندلسي، ورباعيات الحب، والمزاوكَي Lamzawqui أو الأغاني التي كانت تؤديها على التوالي نساء فاس وقرية با محمد8، والملحون أيْ أشعار تُغَنَّى بالعامية المغربية، والعيطة أي مساجلات السهول والبوادي التي تَرَتَّبَتْ عليها ذخائر موسيقية على نَحْوٍ يَفوق الأنواع الشعرية). بالمقابل، ما يُميِّز التقليد الشعري البربري هو الغنائية. تَتَجَلَّى هذه الغنائية في الشعر والغناء والرقص. فهذه الفنون تكون مجتمعةً في أحواش وأحيدوش؛ إذ تضطلع جماعةٌ بأدائها في الأعياد والحفلات الاجتماعية بالأطلس المتوسط. إن الشعراء الذين داوموا التقليد الشفهي، تركوا للأجيال اللاَّحقة نصوصاً رائعة على نحو إِسفرة لسي محند بالقبائل وإزلان، وهي عبارة عن أغاني/أشعار غفل يؤديها مغنون شعبيون كحمو اليزيد ورويشة المغربيين.
من جهة أخرى نشير، في إطار التقليد اليهودي أو الأندلسي، إلى الدور الهام الذي اضطلعت به القصة بوصفها نمطاً تعبيريا معروفاً ومنتشراً في الأوساط الثقافية واللغوية اليهودية – العربية. يَعْتَبِرُ الزعفراني (1980) «أن القصة أو الحكاية المقفاة والمثيرة برونقها وبِرمزها الشعري، تَحْظَى بنوع من الإِيثار في الأوساط الأَدبية وعند عموم الناس» ص. 13.
إلى جانب القصة، ظهرت أجناس وموضوعات متنوعة لإثراء التقليد الأصيل على نحو القصص الإِنجليزية والأشعار العشائرية وأغاني الفرح وشكاوي الحب والمسرحيات التي تُغْنَى بمناقب الأولياء المحليين والصلحاء الفلسطينيين، والأغاني الفلكلورية التي تكثر في الأعياد والحفلات العائلية. يعتبر أدب المناقب اليهودي بالمغرب أدباً غنياً ومتنوعاً. وهذا ما جعله يتمتع بشعبية كبيرة. كما تم إيثار النوع الشعري المطروز المكتوب بلغتين. فمقطع أو بيت شعري يكون بالعبرية في حين أنَّ ما يتناوب معه يكون بالعربية. وَوُضِعَ أسَاساً للغناء والموسيقى. يمكن أن نَعْقِدَ، في هذا المستوى، موازنةً مع الأغنية الشعبية اليهودية القشتالية للجماعات الناطقة بالإسبانية في شمال المغرب وفي الإمبراطورية العثمانية الغابرة. يتردد في الحبكة القشتالية تداخل الملفوظات التركية والعربية والإغريقية والعبرية. وهذا ما تشهد به أمثلة مشابهة من المخزون الفلكلوري اليوناني والتركي والإيطالي والإسباني. لا يخلو هذا الفسيفساء من مغزى إذ يعبر عن غنى التمازج الثقافي و متانة تداخل التقاليد الشفهية والموسيقية.
يوجد في التقليد اليهودي نص ديني أصيل (Haggadah de Pesah) يَسْتَحِقُّ الذِّكر، وهو بمثابة رواية عن مناقب عربية-يهودية شفهية ومكتوبة في الوقت نفسه، ومشهود بها قي عَشائر الجاليات اليهودية الناطقة بالعربية في المغرب والشرق الأوسط. توجد أيضا في المغرب رواية بربرية للأسطورة نفسها.
خلاصة القول ليس خطأ أن نجزم -إذا اعتمدنا على مفاهيم ذات شحنة قوية- أن الملحمة تطبع أكثر آسيا الصغرى وبلاد الرافدين وفنيقيا، وأن النصوص الأسطورية تميِّز مصر القديمة من الفراعنة إلى الفاطميين وحتى إلى العثمانيين، وأن الشعر العاطفي والغنائي مرتبط بالشرق الأوسط، وأن الغزل المتأثر بالطابع الأندلسي والغناء/الشعر والغناء الجماعي سواء أكان مصحوباً بالموسيقى أم لا هي فنون متأصلة في الدول المغاربية. وذلك دون إغفال أنه توجد ثلاثة تقاليد شفهية وفلكلورية تتعايش بدول المغرب العربي في انسجام وهي التقليد العربي والتقليد اليهودي المحلي والأندلسي والتقليد البربري الأكثر عراقة من سابِقيْه. توجد كثير من نقط الائتلاف بين التقاليد الثلاثة. وهي تتعلق سواء أَكانت منفصلةً أم متصلةً، بِنحت الروح المغربية. لا ينبغي إغفال التأثير الذي خَلَّفه التقليد الشفهي الإِفريقي بجنوب الصحراء.
2 - الحكاية الشعبية:
من بين التجليات الشعبية العريقة جداً، نجد الأسطورة، وأسطورة المناقب، والحكاية والنادرة والمثل. وإِن ارتبطت الأسطورة وأسطورة المناقب بالمقدس، فإِن الحكاية والنادرة يتعلقان بالمُدَنَّس. يكمن الاختلاف بين هذين الجنسين الأخيرين في كون الأول يتضمن مغزى أكثر شموليةً، وبدون شك أكثر رمزيةً من الثاني، وفي كون الأول يَسْتَمِدُّ مواده التَّخييلية من المخزون الثقافي للجماعة ويُعَبِّر عن معتقداتها ومواقفها وقيمها، في حين أنَّ الثاني هو مُجَرَّد سرد لوقائع حقيقية أو مفترضة ذات مغزى محدود لأنها تَتَعَلَّقُ غالباً بالفرد.
إن الحكاية - الجنس الشامل المفضل في جُلِّ بقاع العالم- هي عبارة عن قصة نثرية خيالية مُتَضَمِّنة لوقائع ومَاجَريَّات بسيطة أَو عجيبة. يرجع الفضل في دراسة الحكايات الشعبية إلى الأعمال التي اضطلع بها علماء الفلكلور ودارسو الأدب المقارن في القرن التاسع عشر بأوروبا. حاول هؤلاء ترتيب الحكايات التي تَمَّ جمعها شفهياً، ثم تدوينها حسب المناطق الجغرافية التي شملتْ الفضاء الهندو-أوروبي بِرُمَّته، وحسب طبيعة النَّوع الذي دفع بالتقسيمات والتفريعات إلى حدودها القصوى. لقد كانت المعايير المعتمد عليها في هذا النوع من الترتيب الاختباري والاستقرائي في غالب الأحيان غير مُتَجانِسة وغير محددة بإحكام، إِذ تم ترتيب الحكايات وفق محتوياتها ووفق وجود أو انتفاء المواضيع الكبرى والصغرى. مع العلم أن مفهوم الموضوع مازال مثار نزاع شديد. كما أثبت النقد الحصيف لبروب (1928) أنه لا يمكن للموضوع أن يُشَكِّل وحدة سردية غير قابلة للتقسيم. فالمواضيع- على نحو السِّحرِ والفرار وإزاحة الغول والزواج بالأمير أو الأميرة- قابلة أن تُفَصَّل في قصص مستقلة أو أن تُخْتَزَلَ في فصول بسيطة وحتى في أحداث عابرة. وعلى هذا الأساس، اشتغل علماء فلكلور المدرسة الفلندية بهلسنكي ثم علماء الفلكلور الأوروبيون والأمريكيون لتكوين مَتْن ضخم مفيد قطعاً غير أنه جد مكلف9. ويمكن أن نَذْكر في هذا الصدد أعمال أ-أرن A. Aarne (1961-1960)، وأرن وص- تومبصون S. Thompson (1964-1928)، وص. تومبصون (1936-1932)، وج – بولت J. Bolte وج- بوليفكا G. Polivka (1932-1913)، وب – دولارو P. Delarue (1977-1976)، وم- ل تنيز M.L Tenèze (1985-1976)، وج- دارونكو (1957-1954)، ور- ص- بوكص P.S Boggs (1930)، و.ف- ابرهارد W. Eberhard وب- بوراتاف P. Boratav (1953)10 ونقدم فيما يلي الترتيب العام المعتمد:
- قصص الحيوانات.
- قصص (بحصر المعنى).
- حكايات هزلية.
- حكايات ملغزة.
- حكايات غير مُصَنَّفة.
إن النموذج الأول الذي اختاره آرن (فنلندا) وتومبصون (الولايات المتحدة الأمريكية) هو نموذج قصص الحيوانات. يَضُمَّ حكايات/أنواع مُرَقَّمة من 1 إلى 299. يخص النموذج التالي الحكايات (بحصر المعنى) التي تتحدد مِن الحكاية/النوع 300 إلى 1199، وتَتَوَزَّعُ إِلى أربع فئات كبرى: حكايات سحرية وحكايات دينية، وحكايات رومانسية وحكاية الغول الغبي. نجد التقسيمات الفرعية التالية في الفئة الأولى:
- الخصوم الخارقون (أو الحكايات العجيبة).
- الزوج (أو الزوجة) أو آباء آخرون خارقون أو مسحورون.
- مهمات خارقة.
- مساعدات خارقة.
- مواضيع سحرية.
- قوة ومعرفة خارقتان.
- حكايات خارقة أخرى.
يتعلق النموذج الثالث بالحكايات الهزلية الممتدة من الحكاية/النوع 1200 إلى الحكاية/النوع 1999. وتتعدد التقسيمات الفرعية داخل هذا النموذج. يحوي النموذج الرابع الحكايات الملغزة أو الرمزية التي تم ترقيمها من 2000 إلى 2399. خُصِّص النموذج الخامس للحكايات غير المرتبة أو المرتبة بصعوبة من 2400 إلى 2499.
نهض هذا التصنيف على فحص كل حكاية بالمواضيع-رئيسيةً أَكانت أم ثانوية – ثم على توضيحها بواسطة متغيرات وتبدلات الغرض الأساس أو المواضيع الكبرى. إِن الطريقة المُتَّبَعةَ، كما يتضح، يطبعها التجريب والتردد. ورغم اعتمادها على معلومات ثَرَّة ومُوَثقة، فإنها تفتقر إِلى الدِّقة. تتطلب الأدوات المنجزة على هذا النحو أن تُصْقَلَ من جديد وتُرَكَّبَ مع المعايير الأكثر عقلانيةً وانسجاماً حَتَّى تصبح إِجرائية بالنسبة لأيِّ باحث في الأدب الشفهي و خاصة في مجال الحكاية الشعبية11.
تتضارب التصورات حول تكون الحكايات ونقلها ونشرها. يَرى علماء فلكلور المدرسة الفنلندية بأنه توجد أشكال أصلية لكل حكاية/نوع (تُجْمَلُ في نموذج أعلى) يمكن أن تُشَكَّلَ من جديد. تنبثق من هذه الحكاية/النوع المتغيرات والروايات المشهود بشرعيتها. اقتنع أولئك العلماء بأحداية تكون) (monogenèse الحكاياتa . بالجملة، انتقلت من الهند إلى الفرس ومن الفرس إلى تركيا، وأَدْرَكَتِ اليونان ثم بعد ذلك طافت أوروبا بأتمها وحوض البحر الأبيض المتوسط. وبِمَعْنَى آخر يعتقدون أنَّ أصل الحكاية/النوع يعود إِلى مكان واحد، ومنه تَسْتَمِدُّ تفسيرها التاريخي قبل أنَّ تتناقلها الألسن وتُذَاع على نطاق واسع. وهكذا تَنْتَشِرُ الحكايات بطريقة تابثة قبل أن تطرأ عليها تغيرات هامة. انتُقِدَ هذا التصور من لدن علماء آخرين على نحو س.ف- فون سيدو C.W. Von Sydow (1948)12 الذي اعتقد بأن نقل المادة الفلكلورية لا يَتَمَتَّعُ إِلاَّ بحرية يسيرة جداً وأن ناقلين حاذقين أي رواة محترفين يضطلعون به على نحو غير منتظم.
يصعب التحقق من مختلف التصورات المقترحة، لأَنَّ علماء الفلكلور المعاصرين يَنْزَعونَ أكثر إلى الذرائعية؛ وذلك بتحديد أهداف واقعية قابلة للتحقق فوق الميدان.
يمكن، في مستويات دنيا، أن نَنْكَبَّ فعلا على أبحاث ونجد تطابقات بين روايات نفس الحكاية/النوع؛ وذلك في فضاءات ثقافية متعددة. ويجوز كذلك، مثلاً، القيام بالإحصاء المُعَقْلَنِ للحكاية البربرية بالمغرب انطلاقاً من تمييز الفضاء اللغوي والثقافي للريف والأطلس المتوسط والأطلس الصَّغير، أو الاضطلاع بدراسة مقارنة للحكاية العربية بالمدن المغربية. يمكن أيضاً للباحث في الأدب الشفهي أَنْ يدرس، على المنوال نَفْسِه، الحكاية الأندلسية، والكتلانية والصقلية والكَلَبْرية13 أو اللمبردية، وحكاية الأرديش أو نيفيرني، وحتى حكاية منخفض وادي النيل.
2-1. الأجناس الحكائية وأنواعها:
ينماز التقليد الشفهي الحكائي بغنى وتنوع أجناسه وجُنَيْساته. نذكر من أهمها الخرافة والحكاية الأسطورية أو الرمزية المنظومة والخرافة المنظومة والشعر الحكائي المحول عبر مر العصور إلى حكاية منظومة، وقصص الحيوانات والحكايات العجيبة والحكايات الهزلية أو المُسَلِّية والحكايات الملغزة. إِذا ألقينا نظرة على المجاميع الحكائية التي قام باحثون وجامعو الأدب الشفهي بجردها وتصنيفها، نذهل أمام وَفْرَة الأَجناس والأنواع وتعددها. ونقدم فيما يلي عيِّنة عنها وإن كانت لا تستوعبها كلها14:
- حكايات أسطورية.
- حكايات دينية.
- حكايات غيبية.
- حكايات روحانية.
- حكايات مُسلية.
- حكايات أخلاقية.
- حكايات واقعية.
- حكايات الجن.
- حكايات عجيبة.
- الحكم وحكايات العبر.
- حكايات تربوية.
- حكايات دينية ومثالية.
- حكايات السِّحر.
- حكايات لإثارة شهية الكلام.
يَتَغَذَّى، أصلا، هذا التعدد من الأجناس والأنواع باللغات الأم أو اللغات المحلية التي تساهم في نقلها. وعلى الرغم من التعدد المشار إليه، فإنه يمكن إعداد الخطوط العريضة لتصنيف واقعي يُراعي في الوقت نفسه ثوابت الأجناس والجُنيْسات والاختلافات الموجودة بَيْنَها. ومن المؤكد أنَّ الأصناف الكبرى تتجلى في نطاق الحكاية؛ وذلك على نحو حكايات الحيوانات والحكايات العجيبة التي تشمل الحكاية المسماة أسطورية والحكاية الخارقة وحكاية السِّحر، والحكاية الدينية والحكاية الهزلية والحكاية الملغزة. فيما يخص الحكاية الأخلاقية أو المتضمنة للعبر، فإنه يبدو، بشيء من الاحتمال، أنها تشكل جِنْساً مستقلاً أو جُنَيْساً. ويرجع ذلك إلى سببين: يَكْمُن السبب الأول في كون السِّمة الأخلاقية أو الموجبة للعبر ليست مَخْصُوصَةً بِهذا النوع من الحكاية. فجميع الحكايات تَرْمِي إِلى المثالية والحكمة، وتُقَدّم نَفْسَها بطريقة مجازية إن لم نقل رمزية. أما السَّببُ الثاني فَيَتَجَلَّى في وجود صِنْفٍ من القصص أو الخرافات المنظومة أو الحكاية ذات المغزى التي كانت معروفة جيداً في القرون الوسطى بحوض البحر الأبيض المتوسط، و تؤدي بجلاء الوظيفة البيداغوجية. فيما يخص الحكاية المناقبية، فهي تندمج تماما في النموذج الحكائي للأسطورة، الذي يقرُ بالتمفصل التالي: أسطورة منظومة/أسطورة نثرية (أو حكاية مناقبية إن لم نقل حكاية أسطورية). كما يَتَوَضَّحُ في أبحاث آرن وطومسون، تهيمن في صِنْفِ الحكاية العجيبة بعض الأنواع الحكائية على نحو الحكايات التِّي توظف الخصوم والمساعدات الخارقة، والحكايات التي تَتَضَمَّن مهمات خارقة. توجد حكايات أخرى تسْتَتْبِعُ سلطة أو معرفة خارقة أو تبحث عن المواضيع السِّحرية.
2-2. الموضوعات والأغراض:
تشكل الموضوعات الأسطورية أو الاجتماعية، بالنسبة لعدد لا يستهان به من الدول المتوسطية، قاسماً مشتركاً ونوعاً من الفضاء الخيالي الذي تتقاطع وتتداخل فيه حكايات أشخاص نموذجيين أو وقائع مُنْزَاحة عن المعتاد. ولتوضيح كلامنا، اخترنا متناً مغربياً أكثر تنوعا من باقي المتون، وذلك لإقامة تطابقات وجُسور مع حكايات من النوع نفسه تَمَّ إحْصاؤها من التقاليد الشفهية الأخرى بالحوض المتوسطي.
- الحكاية/النوع 303: «قصة أخوين» (لاوست laoust، 1949، ص. 218). فهذه الحكاية البربرية ذكرها كل من آرن وطومسون في «الأخوان الشقيقان أو التوأمان»، ودولارو Delarue في»ملك الأَسماك أو الحيوان ذو سبعة رؤوس، وفي «بنات الطَّحان الثلاث»، وبازيل Basile في «التاجر» وفي «الظَّبية المسحورة»، وكريم grimm في «الأخوان» وفي «أطفال الذهب». نجدها أيضاً في المتون المغاربية عند باصي Basset (1897) «الغولة والأخوان» وعند لاكوست دوجاردان Lacoste-Dujardin (1970) في»قصة الهاوي الأبيض» وعند ريفيير Rivière (1982) في «الأخوان» وعند صافنياك Savignac في «الأخوان غير الشقيقين» (غير منشورة).
يمكن أن نستنتج تماثلات دالة من الحكاية المصرية «الأخوان» التي تم جمعها في القرن الثالث عشر قبل المسيح، ومن أسطورة بيرسي Persée وأندروميد Andromède. حُرِّرَت النُّسخة الأُوروبية الأولى لهذه الحكاية في القرن الرابع عشر15.
- الحكاية/النوع 313: «ابنة الجن» (لاوست، 1949، ص. 262). أثبت آرن وطومسون هذه الحكاية في العنوان العام «الهروب السحري» الذي يحوي أيضاً النوعين 313 و314. أما العنوان الخاص للنوع 313 فهو «الفتاة التي تساعد البطل على الهروب». قدم دولارو روايتين عن الحكاية نفْسِها: «أولاي الجميلة» و»الجبل الأخضر» وعَرَض بازيل مُتَغَيِّرَتين عنها: روزلا «Rosella» و»اليمامة» Paloma (على نحو جزئي). نتوفر كذلك على رواية كريم «الأَعَزُّ رولاند» وعلى رواية كوريسيكية سيالاّ «Sialella» أثبتها ماصنيون. تتعدد الروايات بالمغرب العربي، ونذكر منها رواية محمد الفاسي (1928) «عائشة بنت التنين»، رواية سيل ميلي Scelles-Millie (1964) «ابنة الثعبان الأخضر» وروايات فروبنيوس Frobenius (1922) «الحياة في البيضة»، و»الأخوات المتزوجات» و»فُسْتُق الأرض» ورواية لاكوست دوجاردان (1970) «قصة شاب وابنة عمه».
- الحكاية/النوع 325: «الطفل واليهودي» (1) و(2) (لاوست، 1949، ص/ص. 177 و178). نجدها مُثْبَتَةً عند آرن وطومسون «الساحر وتلميذه»، وعند دولارو (1976) «السَّاحر وتلميذه» أو «الساحر المتعلم». تحمل عند الإيطالي سترابرولا عنوان «الخياط المتعلم الذي يتلقى العلم السري من معلمه»، وعند الألماني كريم «المعلم السَّارق ومعلمه». تم جمع الروايات بالمغرب العربي من لدن دوستان Destaing (1907) ولاوست (1913). يرى عالم الفلكلور الفرنسي كوسكان Gosquin (1922) أن النوع 325 مُنْتَشِرٌ على نطاق واسع بأوروبا والهند16.
- الحكاية/النوع 326: «عتيق والضاحي» (الفاسي 1926، ص. 215). وهي حكاية عربية مُنْبَثِقة من المغرب، وبالذات من فاس. شهد آرن وطومسون بشرعيتها في «الشاب الذي يبحث عن معرفة الخوف» ودولارو في «جون-بدون-خوف»، وكريم في «حكاية من يبحث عن معرفة الخوف»، وسترابرولا في «حكاية من يبحث عن معرفة الموت» (الخرافة الخامسة من الليلة الرابعة). يقدم بولت Bolte وبولفكا Polivka (1932/1913) عن الحكاية رواية تركية وأخرى هندية. توجد رواية مغربية قَدَّمَها الفاسي تحت عنوان «ابن الإسكافي» (الحكاية رقم 15).
- الحكاية/النوع 425: «قفطان الحب المنقط بالهوى» (الفاسي، 1926، ص. 225). توجد في الكَشَّاف الدولي لآرن وطومبسون وفي الفهرس الفرنسي لدولارو- تنيز موسومةً بـ»البحث عن الزوج المفقود». وتتشخص أيضاً في مَجْموع بازيل عبر ثلاث روايات: «القفل» و»أصل الذهب» و»Pintosmauto» أمَّا في مجموع كريم فهي تتجلَّى في روايتين: «القُبَّرة المُغرِّدة والمدندنة» و»المقلاة الحديدية». يمكن أن نقابل بين النوع 425 و بين المحكي/الإطار للخماسية Pentamerone.
توجد روايات مغربية وفرنسية مشهود بها:
- «لؤلؤة في غصنها» (رواية فاس، الفاسي، 1928).
- «الطاهر فراجي» (رواية فاس، الفاسي، 1928).
- «تَنَكُّرُ الفتاة في صورة الفقيه» (رواية بربرية، لاوست، 1949).
- «الغِرْسُ» (رواية أربيح، دولارو-تنيز، 1977).
- «ابنة بيلكريور» (رواية كاصكون، دولارو-تينز، 1977).
- «الجميلة والوحش» (رواية كروز، دولارو-تنيز، 1977).
- الحكاية/النوع 480: «الجن» (لاوست، 1949، ص. 259). لقد أثبتها آرن وطومبسون في حكاية «المرأة الغازلة في فصل الربيع»و دولارو-تنيز في حكاية «التوابع». كما أدرجت روايات مماثلة في مجاميع سترابرولا وكريم وبرولت Perrault واسبنوزا Espeinosa. في المغرب العربي، توصل الباحثون التالون في أبحاثهم الفلكلورية إلى النوع نفسه: بيارني Biarny (1909) «قصة رجل وابنته وزوجته»، ودوستان Destaing (1911) «فريحة والصبيتان»، والفاسي (1926) «البيت المشؤوم»، وسيل-ميلي (1972) «أحمد والجن».
- الحكاية/النوع 510 أ: «عائشة رمادة» (الفاسي، 1928، ص. 69). وهي حكاية ذائعة الصيت بحوض البحر الأبيض المتوسط. وتوجد عشرات من الروايات التي تشهد بشرعيتها، على نحو: آرن وطومسون «The Cinderella»، وكريم ودولارو-تنيز «Cendrillon»، وبازيل «قُطَيْطُ الرماد»، وبرولت «سندريون أو الخف الزجاجي الصغير». لقد تم جرد باقي الروايات الفرنسية على نحو «لاسندروز» (بواتو Poitou) و»الحسناء والدَّميمة» (لورين Lorraine) و»La Cendron-Gand-rovillon» (نيفرني Nivernais) و»سندروزيت» (فوندي Vendée).
- الحكاية/النوع 516: «الحلاق العاشق» (لاوست، 1949، ص. 231). نجد هذه الحكاية عند آرن وطومسون وكريم «جون الوفي»، وعند دولارو-تنيز «الخادم الوفي»، وعند بازيل «الغراب». يتقارب مدخل الحكاية مع الحكاية/النوع 593 « Fidderav». تحوي الحكاية آثار أنشودة المآثر «Amis et Amiles» التي كانت منتشرة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بشمال حوض البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك كانت هذه الحكاية ذائعة في البرتغال وفي الهند مروراً بآسيا الغربية. كما أنها مثبتة في Pentamerone (الليلة الرابعة، الحكاية التاسعة) ببروطاني السُّفْلى «العجوز فرنسوا» وبطوسكانة وبصقيلية. وأخيراً، اضطلع اسبنوزا بجمع الروايتين الإسبانيتين والرواية الكطلانية.
- الحكاية/النوع 545: «الرجل والقرد» (لاوست، 1949، ص. 256). لقد ذكرها آرن وطومسون في حكاية»القط بوصفه مساعداً» ودولارو-تنيز في حكاية»القط المحتذي جزمة»، وسترابرولا في حكاية «قسطنطين الثَّري الذي حقق ملكا عظيما بفضل قطه»، وبازيل «Cagliuso». بالمغرب العربي توجد روايتان مشهورتان. إحداهما لكروزات Creusat (1873) «ابن آوى الأبقع» والأخرى لريفيير Rivière (1882) «القرد والصياد».
- الحكاية/النوع 551: «الأمير الأسود» (سيل-ميلي، 1972، ص. 13). بوبها آرن وطومسون موسومةً بهذا العنوان العام «الابن يبحث عن دواء عجيب لأبيه». أما دولارو-تنيز فقد جعل من «الأبناء يبحثون عن دواء عجيب لأبيهم» حافزاً مركزياً. راجت كثير من الحكايات الفرنسية على نحو «جزيرة كاكافويات» (نيفرني)، و»ثلاث برتقالات» (لغة الجنوب) و»ماء فرونيك أو الطائر المتكلم» (كورسيكا). فيمكن أن تعقد مقارنات مع الحكاية الفرنسية «الضائع» (النوع 550)، ومع الحكاية الألمانية «ماء الحياة» (كريم 1856) ومع الحكايات المغربية «القُمَيْرُ المغني والنُّجَيْمُ الراقص» (الفاسي، 1928)، و»الطائر الحاكي» ( عبد الكبير الخطيبي، 1974) و»الطائر الصَّداح» (رواية غير منشورة).
يمكن أن تُعقد تقابلات فلكلورية مع الحكاية الإسبانية «الطائر الذي يصدح بالخير والشر» (اسبنوزا، 1965)، ومع حكايات الغرب الفرنسي «Trente-de-Paris» و»حكاية تريغور» (ماصنيون، 1953)، وكذلك مع المجموعة التركية «مغامرات إِرطوزتوك عملاق الفيافي» (براتاف، 1953).
- الحكاية/النوع 554: « السمكة الجنية» (الفاسي، 1926، ص. 126). وهي جد منتشرة في جل دول حوض البحر الأبيض المتوسط. لقد نهض آرن-طومسون ودولارو-تنيز بتصنيف هذا النوع تحت عنوان «الحيوانات المعترفة بالجميل». وهو حاضر عند كريم «الثعبان الأبيض» و»ملكة النحل». وفي حكاية جمعها Von Hahn (1864)17 يقوم شاب ذميم ومعتوه بإنقاذ السمكة التي وقعت في شَرَكه؛ فتستجيب لطلباته وتساعده على اكتساب صفتي الجمال والذكاء وعلى القران بالأميرة. إنَّ موضوعة «الحيوان النَّافع والمعترف بالجميل» جد ذائعة بمناطق دول المغرب العربي كالقبائل والريف والجرجرة والأطلس المتوسط والأطلس الصغير. إذا تعمقنا أكثر في الأصول الأسطورية للنوع 554، فسنجد أن أول حكاية مكتوبة تعود إلى القرن الخامس عشر بتوتى-نامية الفارسية. يضطلع الأمير في هذا النص بتقديم قطعة من لحمه إلى ثعبان؛ وذلك بنية إنقاذ ضفدعة. تحضر في حياة بوذا مشاهد مماثلة قام بنقلها أتْباعُه18.
- الحكاية/النوع 671: «لغة الطيور» (الفاسي، 1926، ص. 139). ترد هذه الحكاية عند آرن وطومسون وكريم وإسبنوزا ودولارو-تنيز موسومةً باللغات الثلاث». ويُعنونها سترابرولا بـ»الإخوان الثلاثة الذين يجوبون العالم».
- تمثل الحكايات/الأنواع 517 و671 و725: لدولارو «مجموع التنبؤ المحقق». انطلاقا من حلم يتنبأ البطل في النوع 725 بما سيقع لوالديْه في أيام جنائزية ومخزية. بالمقابل، لا يتحقق التنبؤ في النَّوعين الآخرين إلا بفضل تفسير لغة الحيوانات. يرى تنيز (1977) أنَّ النوع 517 ذو جذور أدبية. ينبثق من إحدى الحكايات (رواية الحكماء السبعة) المترجمة إلى اللغة اللاتينية في القرن الثاني عشر، ثم إلى اللغات الأوروبية المحلية في القرن الرابع عشر.
لقد عرفت الحكاية القروسطية عموماً تغيرات عميقة، بحيث تَحَوَّلت من بنية بسيطة إلى بنية ثنائية ثم بعد ذلك إلى بنية ثلاثية. كما أن البطل تدرَّج من الوثنية إلى الإيمان بوحدانية الله، إلى أن استقر فكره على اعتناق المسيحية.
- الحكاية/النوع 707: «إذا تزوجني الملك...» (لاوست 1949، ص. 185). يَشْهَدُ على وجودها آرن وطومسون «ثلاثة أبناء من الذهب» ودولارو-تنيز وبازيل «طائر الحقيقة». وتَتَشَخَّص عند سترابرولا تحت هذا العنوان «لانسلو ملك البروفانس يَتَزَوَّجُ ابنة الخباز». أما عند كريم فهي معنونة بـ»العصافير الثلاثة».
إن الرواية البربرية التي أوردها لاوست مبتورة من النوع 707 «طائر الحقيقة» أو «الطائر الذي يَصْدَعُ بكل شيء «(رواية صدرت عن شامبانيي ثم اضطلع دولارو/تنيز بنقلها). تحيل بدايتها إلى النوع 501 «الهاربات الثلاث». في حين أن تطور الأحداث يترك انطباعاً بوجود أوجه التشابه مع النوع 315 «الأخت الخائنة» ومع النوع 590 «الأم الخائنة أو الوشاح المقوّي». نجد روايات تامة في المتون المغاربية لكوصكان Cosquin 1887 «طائر الحقيقة» ولدوستان (1907) «ابن الملك وابنته»، ولبيارناي 1917 «قصة زاوية الدنيا»، ولهويت Huet (1923) «قصة الأخوات الثلاث»، وللوكي Legey (1926) «طائر الأقطار المحروثة»، ولبلات Pellat (1955) «قِصَّةُ النسوة الثلاث» وللاكوست-دوجاردان 1970 «الأميرة والأمير ذَوَا الجبهتين الذهبيتين والكون» وللخطيبي 1974 «الطائر الحاكي» وللغالية بنت منصور (رواية غير منشورة وهي رائجة بمدينة مكناس ).
يمكن أن نحيل في هذا الصَّدد إلى حكايات ألف ليلة وليلة على نحو حكاية «فريزاد ذات بسمة الورد» (ترجمة كالان).
- الحكاية/النوع 709: «أجمل من الشمس» (لاوست، 1949، ص. 252). توجد هذه الحكاية طبعاً في كَشَّاف آرن وطومسون وكَشَّاف دولارو-تنيز وعند اسبنوزا «Biancanieves» و»الأشعة الأرضية السَّبعة». يوجد ما يشبهها في التقاليد الشعبية الإيطالية (روايتا «Lacandiera» و»البندقية الجميلة» واليونانية والتركية والأرمينية. نتوفر في المغرب العربي على الروايات التالية: ماصكراي Masqueray (1897) «الفتاة والغول»، ولوجي legey (1926) «الفتاة والإِخوة السَّبعة»، والفاسي (1926) «لالة خلال والخضراء» وسيل-ميلي (1972) «الإخوة السبعة في مواجهة الغول».
يمكن أن نجد أوجه التشابه الفلكلورية بين النوع الذي نحن بصدد التحدث عنه وبين النوع 531 الذي بَوَّبه الباحثون بأسماء مختلفة: «الجميلة ذات الشعر الذهبي» (دولارو/تنيز. 1977) و»الأميرة المسحورة» (اسبينوزا 1936) و»علي دومُّو» (مولييراص، 1893). إن الأصول الأسطورية للحكاية/النوع تضرب بجذورها في الأساطير اليونانية القديمة على نحو» ميلوزين» و»بيرصيفون» وبسيشي».
بناء عمَّا تقدم، يَتَبَيَّنُ أنَّ النظرة الإجمالية التمثيلية – وإن كانت غير وافية – تعطينا قائمة غنية من الإمكانات السردية للحكاية. فالدراسة المقارنة للموضوعات والأنواع والمواضيع تفتح آفاقا للبحث في الأدب الشفهي، و تنذر دوما بجني ثمار مفيدة، وتُجَلَّى الجوانب الأسطورية والرمزية والفلكلورية للثقافات المدروسة، وتمكن أيضاً من إبراز الطابع النسبي لأصالة تقليد ما مقارنةً مع آخر، ومن بيان ما يميز هذا النوع الحكائي عن غيره.
تمثل منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط فضاء التلاقي والتبادل الرمزي الذي تتقاطع وتتمازج فيه عناصر ومكونات مختلف التقاليد الشعبية والعالمة. تدعم فعْلا كثير من الحكايات مواضيع وعناصر ثقافة مُنْتَمِيَة إلى أنواع حكائية وإلى مناطق جغرافية أخرى. يُشَكِّل بعضها مكوناً عَالِماً يحتوي نوعين حكائيين أو ثلاثة إِنْ لم نَقُلْ أنواعا حكائية مُتعدِّدة. ومِن ثمة فهي تقاوم أي تصنيف.
3 - التقليد الشفهي في الوقت الراهن:
مما لا جدال فيه أن الأدب الشَّفهي في ضِفَّتَيْ البحر الأبيض المتوسط ما زال يخضع لتغيرات وتطرأ عليه تطورات. بدأ يَتَخَلَّى عن بعض التَّقاليد والأجناس التي أصبحت عديمة التأثير، وتستحضر في دوائر معينة أو تظاهرات خاصة فقط (أعياد دينية أو وطنية أو ثقافية). ونذكر منها على سبيل المثال الأسطورة والحكاية و القِصَص وشعر المناقب والشِّعر الملحمي والغزل.
بالمقابل، ازدهرت أجناس أخرى من الأدب الشَّفهي أكثر تَكَيُّفاً مع تطور نمط المجتمع العصري، وإن اكتنفتها اختلافاتٌ واضحة كلما انتقلنا من الشمال إلى الجنوب، ومن المدن إلى الأرياف والجبال والصحراء، ومن المركز الحضاري للقطر أو الجهة إلى المناطق القريبة أو البعيدة.
من بين الأجناس الرائجة، يمكن أن نذكر الشعر (بالعامية أو باللغة الوسطى أو الثالثة) والغناء الجماعي والأحجية والمثل والنادرة والرمز. ومع ذلك ما يشد الانتباه هو الدور الذي بدأت تضطلع به وسائل الإعلام في استثمار هذه الأجناس من الأدب الشفهي. أصبحت تشكل جزءا من تقنيات التواصل عبر الأثير. أكثر من ذلك أسْهَمَتِ التلفزة في تحقيق الاندغام بين الإنجاز اللغوي والصورة وفي استلهام الحكايات الشفهية لإنجاز الصور المتحركة وتنشيط لعبة الدمى ومسرحيات العرائس. كما أنَّ الإشهار قد استثمر بدوره إِمكانات التقليد الشفهي لِبَثِّ وسائل إشهارية (الحكاية والغناء والمثل والرمز وطريقة التعبير). من جهة أخرى، تساهم حركات الإبداع الفني جزئياً أو كلياً في التعريف بإرث التقليد الشعبي سواء أكان محليّاً أم جهويا. يمكن أن نمثل في هذا الصَّدَدِ بمسرح الصدِّيقي الذي يندرج في إطار التقليد الفلكلوري المغربي، إذ يَسْتَثْمِرُ الحلقة والأغاني الشعبية والغناء الجماعي والقصص، ويُمزج التقاليد بالحداثة. كما نستحضر تجربة المجموعات الموسيقية (على نحو ناس الغيوان وجيل جيلالة) التي تمتح موادها مِن التقليد الموسيقي والشعري المغربي. نحَتِ المجموعة الموسيقية الجرجرة الاتجاه نفسه بالجزائر. يطرح الراي بالمغرب والجزائر وفرنسا بديلا ثقافيا بوصفه يُعَبِّر عن أقلية عرقية وثقافية، وباعتباره كينونة هامةً في حدِّ ذاتها وجديرة بأن تُفْهم ويُعاد إليها الاعتبار بوصفها تعبيرا ثقافيا هاما. يَعْرِفُ التعبير المسرحي والشعري والموسيقي والسينمائي تطوراً كبيراً بمصر. تعمل كل هذه الأَنماط التعبيرية على استثمار التقليد الشفهي والفلكلور المحلي بكثافة، نَلْمس الظاهرة نفسها بالبرتغال وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا واليونان. ففي فرنسا، تطالب المجموعة الموسيقية Gipsy King بثقافة أقلية الغجر التي تَنْهَلُ من تقاليد محلية مُتَنَوِّعة. في إسبانيا، يعتبر الفلامينكو جنساً يجمع بين الإرثين الأندلسي والقشتالي. في إيطاليا، استثمر المسرح والموسيقى وفرة الأجناس والإمكانات الشفهية المحلية. يبدو على وجه العموم أن «التحول الأكثر عمقاً الذي يطرأ على الثقافات الشفهية المعاصرة، يَمَسُّ جانب المحتوى: فالدور الذي يلعبه على المستوى العرقي والتهذيبي وعلى مستوى عامل الإدماج الاجتماعي يَتَبَدَّد لإضفاء قيمة على المحتويات الاجتماعية الأكثر نقداً: تقترح الثقافات الشفهية اليوم (...) أشياء معاكسة للمجتمع الراهن، ومواقف الرفض التي تتخذ أحياناً وصراحةً صفة الإنكار. يَرجع هذا التطور بدون شك إلى كون الثقافة ما زالت تنأى عن التيارات الثقافية الشرعية. ومع ذلك تشق الأفكار طريقها: تطالب المجموعات اللغوية والثقافية – وحتى وإن كانت تشكل أقليات – بحقِّ تحديد هويتها؛ وذلك باستخدام وسائلها التعبيرية. والثقافةُ الشفهيةُ هي من هذا النوع». ج – زارات G. Zarate (1979، ص. 142).
من جهة أخرى، يمكن أن نعتبر أن المذياع والتلفاز والإشهار والحاسوب ووسائل الاعلام المستقبلية توجد في خضم بناء ونقل الأشكال الجديدة للشفهية التي تنتقل من الشَّفهية العَالِمَة (حوارات ونقاشات وأحاديث وبرامج ثقافية ذات مستوى رفيع...) إلى الشفهية الشعبية (منوعات وألعاب ورياضة ومسرح الشَّارع والفكاهة وسهرات للجمهور العريض...) مروراً بأشكال وَسِيطِيَّة.
إن الشَّفهية كالثقافة تعتبر قضية العصر والذهنيات والاستراتيجية. فلا يمكن للإنتاجات الثقافية أن تَنْفُدَ. فهي، بالعكس، تتطور مَعَ المجتمعات وأنماط الإنتاج المادية والرَّمزية. لقد سبق للوسائل السَّمعية/البصرية وللوسائط المتعددة( على نحو التليماتيك) أن قَدَّمت آفاقا واعدة للشفهية بوصفها نمطاً تعبيرياً وإبداعاً فنياً مَوجهين للفئات الاجتماعية العريضة سواء في الدول المتوسطية أو في العالم بأسره.
هوامش ومراجع
1 - A. Meillet (1938) Aperçu d’une histoire de la langue grecque. Paris Flammarion, 5 éd.
2 - [الرابسودية مزيج من الأشعار المختلفة كان الشعراء الجوالون (الرابسوديون) باليونان ينشدونه متنقلين من منطقة إلى أخرى، أحياناً بمصاحبة القيثارة. ويُشَنِّفون أسماع الحضور إِما بأشعارهم الخاصة أو بأشعار غيرهم]. المترجم.
3 - [يعنى بالكلمة التراشق بالشتائم. و هي تفيد نوعاً من الهجاء]. المترجم.
4 - E. R. Dodds (1965) Les Grecs et l’irrationnel, Paris, Ambier.
5 - O. de Freising (1912) Chronicon… cité par J. Paul (1973), Histoire intellectuelle de l’occident médiéval. Paris, A. Colin, P.P 227/28.
6 - [الشعراء الجوالون (Troubadous et Jongleurs) كانوا يطوفون البلاد متنقلين من قصر إلى قصر يتغنون بأناشيد الغرام وقصص الفروسية في مقاطع غير محكمة الوزن وغير مقيدة بالقافية]. المترجم.
7 - Ibn Khaldoun 1856, Histoire des berbères. Alger, Librairie orientaliste, trad .de Slane, P.P 41/42.
8 - M. El Fasi (1967) Chants anciens des femmes de Fès, Paris, Seghers.
Kh. Hadji (1992) « La poésie orale féminine : introduction à la forme brève » in Revue de la faculté des lettes de Fès, n° spécial 8, 1992, P.P 185/193.
9 - نحيل فيما يخص مفهوم الحافز إلى نقد فلاديمير بروب ونقد م. ل – تنيز للجنس الموسوم بـ»الحكاية العجيبة».
V. Propp (1928) Morphologie du contre, Paris, seuil, trad, F de 1965 et 1970
M. L Tenèze (1970) « Du conte merveilleux comme genre » in Approches de nos traditions orales. Paris, G. P Maisonneuve et Larose. P.P 11/65.
10 - W. Eberhard et P. Boratav (1953), Typen Türkischer volksmärchen, wiesbaden, steiner verlag.
ما يثير في تبويب أنواع الحكاية الشعبية التركية ومواضيعها هو الطريقة الحدسية والشخصية التي اتبعها الكتاب محاولةً منهم تصنيف ثلاثة آلاف رواية محْصية.
11 - Voir E. Meletinsky (1977) :« Principes sémantiques d’un nouvel index des motifs et des sujets » in Cahiers de littérature orale, 2, 1977, Paris, publications orientalistes de France, P.P 15/24.
12 - C. W Von Sydow (1948) :« Popular Prose tradition and thier classification » in selected popers on Folklore, Copenhague, Rosenkielde…, P.P 127/145.
13 - N. Zagnoli (1981) « Mission en Calabre » in littérature orale Arabo-Berbère, 12, 1981, Paris, Chess/CNRS, P.P 211/213.
N. Zagnoli (1984) «La fausse politique, Ruse et culte marial dans l’honorable société » in littérature orale Arabo-Berbère, 15, 1984, P.P 167/209.
14 - Recueils de Basset (1897), déjeuy (1978), Espinosa (1965), Laoust (1949), Moulièras (1898), Scelles Millie (1972, 1973, 1982) etc.
15 - Voir E. Cosquin (1922a) Etudes folkloriques, Paris Champion.
16 - Voir E. Cosquin (1922b) Les contes indiens et l’occident, Paris Champion.
17- J. G Von Hahn (1864), cité par El Fasi et Dermenghen (1926), P. 136.
18 - Voir. H. Drvon (1972), Le Bouddha, Paris, P.U.F.
تعليق
a - أي أنها متفرعة عن أصل مشترك (المترجم).