فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
39

الأمثال الشعبية المصريــة قراءة في السمات البنائية والتكوينية

العدد 39 - أدب شعبي
 الأمثال الشعبية المصريــة  قراءة في السمات البنائية والتكوينية

 

في الموروث العربي القديم قيل( أسير من مثل ) ، وفى الأمثال الشعبية المصرية يقال ( المثل للكلام زي البرهان للقضية) هذا معناه أن المثل له قيمة علمية وضرورية للحديث أو للحوار أو للنقاش لأن فيه برهانا قويا للقضية المطروحة عند الاختلاف عليها وليس لمجرد التسلية والفكاهة، كما أن الأمثال تعد خلاصة تجارب الشعوب، (حكم بليغة، صيغ  محكمة، معاني كثيرة في جمل صغيرة)، هكذا هي الفلسفة الشعبية، أمثال نستند إليها في محطات كثيرة من حياتنا حيث غرس وتنمية القيم على اختلاف أنواعها.

هذا وقد تعارف الدارسون جميعاً مع اختلاف اللغات على أن المثل له مورد ومضرب، فالمــورد هو الموقف الذي قيلت فيه العبارة أول ما قيلت، والمضرب هو كل موقف يمكن أن يتمثل بها فيه، لذا فالمثل هو القول السائر الممثل بمضربه أى الحالة الأصلية التى ورد فيها الكلام إذ يشَّبَه به الحال الثاني بالأول، وفى اللغة العربية خرج لفظ المثل إلى معانٍ أخرى حيث اتسع معنى الكلمة لدلالات كثيرة فأصبحت تدل على معاني (الخبر - الحديث - الصفة - العبرة - الآية أو الحجة - المثال أو المقدار - القول المأثور أو ما يضرب به الأمثال والمكانة العليا أو القدر الأعظم والقدوة أو النموذج الذى يحتذى إلى غير ذلك من معانٍ مستوحاة من أصل المادة اللغوية لكلمة المثل)(1).  

هدف الدراسة:

لما كان الهدف الأساسي للأمثال الشعبية هو غرس وتنمية القيم على اختلاف أنواعها، ولما كان  المثل الشعبي يلعب دورا متميزا في ابراز القيم الاجتماعية (كالترابط  الاسري والمجتمعي والاحترام والتقدير، ولما كان للمثل دور في تنمية القيم الاقتصادية في المجتمع مثل العمل والحرص عليه وتقديره والدقة والمحافظة على الثروات الطبيعية والوعي بأهمية القيم الاقتصادية، ولما كان أفراد المجتمع يسعون بتداول المثل الى المحافظة على ترسيخ معاييرهم الدينية والأخلاقية، ولما كانت الأمثال تعد بمثابة المعايير الأخلاقية التي يضعها عقلاء القوم لتكون ضابطا سلوكيا ومنهجا أخلاقيا لعامتهم وخاصتهم يتناقلها الخلف عن السلف...

لذا فان هذه الأمثال خضعت بوعي أو بلا وعي لكثير مــن التحـويـرات والتغيـيرات والابداعات أفـرزتـها الذاكرة الجمعية مما جعل لها خصوصية ثقافية تعكس بها موروث الأمة وتعكس بها تطور الوعي الشعبي وتحولات المجتمع.

لكل هذا كانت الأمثال في حاجة إلى تحليل فني وفق مداخل منهجية متنوعة تثبت القيمة العلمية للأمثال الشعبية المصرية.

وهذا ما تهدف اليه الدراسة .......

منهج البحث:

المنهج  في اللغة يعني الطريق الواضح، ونهجَ الطريق  بمعنى أبانه وأوضحه  ونهجه بمعنى سلكه بوضوح واستبانه(2)، قال تعالى ﴿ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا﴾(3) أي لكل منكم جعلنا طريقا واضحا للسير عليه ومن ثم فالمنهج هو الطريق الواضح المستقيم والبين والمستمر للوصول إلى الغرض المطلوب أو تحقيق الهدف المنشود،  كما يعني كيفية أو طريقة فعل أو تعليم شيء معين  وفقا لبعض المبادئ بصورة مرتبة ومنسقة ومنظمة ، أما المنهج بمعناه الفني العلمي والاصطلاحي الدقيق فيقصد به: "الطريق الأقصر والأسلم للوصول إلى الهدف المنشود. كما عرف أنه "فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة  إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون جاهلين بها و إما من أجل البرهنة عليها للآخرين حين نكون عارفين بها"(4)، أو أنه  "الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة  بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته، حتى يصل إلى نتيجة معلومة، أو هو  "مجموعة الإجراءات الذهنية التي يتمثلها الباحث مقدما لعملية المعرفة التي سيقبل عليها  من أجل التوصل إلى حقيقة المادة التي يستهدفها(5) وعليه فالمنهج عملية فكرية منظمة أو أسلوب أو طريق منظم دقيق وهادف يسلكه الباحث المتميز بالموهبة والمعرفة والقدرة على الإبداع  مستهدفا إيجاد حلول لمشاكل أو ظاهرة بحثية معينة. 

ولطالما أن الأمر كذلك فان هذه الدراسة سوف تعتمد على منهج البنيوية التكوينية والذى يقوم على أساس مفهوم البنيوية (Structure)، ومفهوم التكوينية(6) (Genese).

فالبنيوية(7) هي التى تدرس النسيج الجمالي الذي تنتظم فيه مفاصل النص في مستوياته السردية والذهنية بعلاقات تشابكية ومنسجمة ومؤولة تركيبيا ودلاليا وتداوليا، بمعنى أنها تعتبر العمل الأدبي كلا شاملا مكونا من عناصر مختلفة متكاملة فيما بينها، ودراستها في نفسها أولا وفي علاقاتها المتبادلة تحدد في نهاية الأمر البنية الأدبية المتكاملة وعليه فان مستويات الدراسة البنيوية هي:

 المستوى الصوتي حيث دراسة الحروف ورمزيتها وتكويناتها الموسيقية من نبر وتنغيم وإيقاع.

 المستوى الصرفي حيث دراسة الوحدات الصرفية ووظيفتها في التركيب اللغوي.

 المستوى المعجمي حيث يدرس الخصائص الحسية والتجريدية للكلمات.

 المستوى النحوي حيث يدرس تأليف وتراكيب الجمل وخصائصها الدلالية.

 المستوى القولي حيث يدرس تراكيب الجمل الكبرى وخصائصها.

 المستوى الدلالي حيث يحلل المعاني بالاستفادة من علم النفس وعلم الاجتماع.

 المستوى الرمزي حيث الكشف عن الأبعاد الدلالية والرمزية للغة أو التأويل.

ومن هنا يمكن القول بأن البنيوية طريقة وصفية في قراءة النص الأدبي  لا تهتم بالمضمون المباشر، بل تركز على شكل المضمون وعناصره وبناه التي تشكل نسقية النص في اختلافاته وتآلفاته.

أماالتكوينية (8) فهى التي تدرس الدلالات الموروثة عن النص والتي لعبت دورا فى إعداد النص وتكوينه ومن ثم فهي تدرس النص الأدبي منذ لحظة تكونه في ذهن صاحبه حتى شكله الأخير لكن ليس على أساس زمني يعيد الشيء المدروس إلى تاريخ ولادته ونشأته ، وإنما على أساس يرتبط  بالأعمال والتصرفات الإنسانية، إذ يكون فهم النص محاولة لإعطاء جواب بليغ على وضع إنساني معين؛ لأن التكوينية هنا تُقِيم توازناً بين الفاعل وفعله أو بين الأشخاص والأشياء.  أي أن صفة التكوين تعني الدلالية، دون الرجوع إلى النشأة بالضرورة.

خطوات المنهج البنيوي التكويني:

   الخطوة الأولى:

 البدء بقراءة ألسنية للنص، وذلك عن طريق تفكيك بنياته إلى وحداته الصغرى الدّالة، وذلك باكتشاف "البنية السطحية" للنص، وبيان بنيات الزمان والمكان فيه. ثم تركيب هذه الأجزاء للخروج منها بتصور (البنية العميقة) للنص، أو رؤية العالم كما تجسدت في الممارسة الألسنية للنص(9).

   الخطوة الثانية:

 إدماج هذه البنيات الجزئية للوحدات الدالة في بنية أكثر اتساعاً. وتفكيك هذه البنية الأشمل، أيضاً، للعثور على دلالتها الشاملة. وبهذا ننتقل من "النص الماثل" إلى "النص الغائب"، وذلك أن النص الماثل ليس ذرة مغلقة على نفسها، بل هو نتاج اجتماعي تاريخي، يعّبر عن طموحات فئة اجتماعية أو طبقة اجتماعية. وبذلك تصبح قراءة النص الأدبي كشفاً لبنياته المتعددة، ثم إدماجها في البنية الاجتماعية لبيئة المبدع وعصره(10).

وهكذا تبحث البنيوية التكوينية في أربع بنيات للنص هي:

  البنية الداخلية للنص.

  البنية الثقافية أو (الايدولوجية).

  البنية الاجتماعية.

  البنية التاريخية.

وهذه البنيات متكاملة ومتفاعلة فيما بينها. فإذا كانت القراءة الداخلية للنص تقدم لنا خطوة نحو فهم القوانين المتحكمة في البنية الداخلية، فإن هذا الفهم بحاجة إلى تفسير. وهذا ما ينبغي التماسه في البنية الثقافية. غير أن هذا التفسير يظل مجرداً، إذا لم يتحول إلى فهم، فيصبح بدوره بحاجة إلى تفسير، مما يستدعي مقاربة البنية الثالثة (الاجتماعية)(11).

مادة البحث :

تأتى مادة البحث مما يحفل به المجتمع المصرى من ثروة طائلة من الأمثال الشعبية في شتى  مجالات الحياة المختلفة "الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية والإنسانية" وإن كانت نسبة كبيرة جدا من تلك الأمثال مستمدة من الدين، أو متوافقة معه أو تعبر عنه، ولا ننسى أن الكثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية قد أضحت أمثالاً يقولها الجميع  فــمــثـــلا : ﴿كـــل نفـــسٍ ذائـــقـــةٌ المـــــوت﴾ (آل عمران: 185)، ﴿كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله﴾ (البقرة: 249)، ﴿لا يُكلِّف الله نفساً إلاّ وسعها﴾ (البقرة: 286)، ﴿كل من عليها فان﴾ (الرحمن: 26)، ﴿عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم﴾ (البقرة: 216)، "اطلب العلم من المهد إلى اللحد"، "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، "صوموا تصحوا"، "لا يُلدغُ المؤمن من جُحْرٍ مرَّتين".

وقد اهتم الدارسون على اختلاف توجهاتهم وقاموا بجمع نصوص هذه الأمثال ورصدها في بحوثهم ودراساتهم ومن بين هذه الأعمال التى اعتمدنا عليها كمصدر لنا في هذه الدراسة:

  المستطرف في كل فن مستظرف للابشيهى، الباب الخاص بالأمثال المصرية، تحقيق: د.مفيد محمد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1986.

  معجم الأمثال العامية لأحمد تيمور باشا، لجنة نشر المؤلفات  التيمورية، القاهرة، 1970.

  مـوسـوعة الأمثـال الشـعـبيـة المـصـريــة للدكتور ابراهيم شعلان، طبع دار المعارف، القاهرة، 1990.

الدراسات السابقة :

  عـمـر شاع الدين، الأمثال الشعبية، منحى لغوي، المأثورات الشعبية، الدوحة، العدد 27، يوليو 1992.

  آلن دندس، بنية المثل، ترجمة د خطرى عرابى، الفنون الشعبية، القاهرة، العدد 53، 1996.

  د. ابـراهـيم الـدســوقي، السـكـتة في المـثـل الشعـبي، الفنون الشعبية، القـاهـرة، العـدد 62-63، 199.

  حسن ناجي، المرأة في المثل، المأثورات الشعبية، الدوحة، العدد 8، 1978.

  حسن ناجى، العادات الصحية فى الأمثال الشعبية، مجلة المنهل، الرياض، العدد463، 1408ه.

  صفــوت كــمــال، الأمثال الكويتية المقارنة، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، 1978.

  سـلوى المغربى، أمـثـال الزواج في الـكويت، ط الكويت، 1985.

 خالد سعود الزبد، من الأمثال العامية الكويتية، مطبعة حكومة الكويت، 1961.

  أحمـد محـمـد يــوسـف عبيدان، الأمثال الشعبية في قطر، دراسة أدبية، أطروحة ماجستير، جامعة الأزهر، 1985.

  ابراهيم راشد الصباغ، الأمثال الشعبية في الامارات وما يقابلها من الأمثال الدارجة في الوطن العربي.

 مــــحــمــد قــنــديـــل الــبــقــلــى، الأمثــــال الــشــعـــبــيـة، دار المعــارف،  1978.

  جاسم محمد حسن العبد الله، أمثالنا الشعبية، وزارة الأعلام البحرينية، المنامة، 1984.

  على ابراهيم الدرورة، الأمثال الشعبية الملاحية في الخليج العربي، مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدوحة، قطر.

  مرسى السيد مرسي الصباغ، الثقافة الزراعية في الأمثال اليمنية، مجلة كلية الآداب، جامعة الزقازيق، ربيع 2006.

  حارص عمار، الأمثال الشعبية ودورها في تنمية التفكير الناقد والقيم لدى تلاميذ الحلقة الإعدادية من خلال تعلم الدراسات الاجتماعية وتعلمها، أطروحة دكتوراه، كاية التربية، جامعة سوهاج، 2010.

   أمين عبد الله محمد حسين اليزيدي، الخصائص الفنية في الحكم والأمثال العربية، دراسة تحليلية تطبيقية على كتاب مجمع الأمثال للميدانى، أطروحة دكتوراه، كلية الآداب جامعة النيلين، السودان، 2005.

  د. وسيمه عبد المحسن المنصور، من أمثال القصيم، دراسة فى المضمون والصياغة، مجلة الدارة، العدد 3، السنه 25، الرياض، 1999.

 

 

التحليل البنائى والتكوينى لنصوص الأمثال:

بنيوية المثل الأسلوبية 

يقول فريدريك زايلر في تعريفه للمثل بأنه (القول الجاري على ألسنة الشعب الذي يتميز بطابع تعليمي وشـــكل أدبــي مــكــتــمــــل يســمــو عــلـــى أشــكـــال التــعــبــيـــر المألوفة)(12) من هذا التعريف نستطيع الوقوف على بنيوية المثل.. وذلك في قوله (أنه شكل أدبي مكتمل يسمو على أشكال التعبير المألوفة) لكن ما هذه التركيبة المكتملة؟

هنا يمكن القول ..

  أولاَ: أن المثل فيه سمة التساوي والتعادل في المعنى فمثلا "من القلب للقلب رسول" هذا معناه أن القلوب إذا توادت وتحابت انجذب بعضها لبعض وبالطبع هذا يُضرب للمتحابين  والمتوادين حيث أن كلا منهما مساو ومتعادل للآخر في الحب والود، ومن أمثلة ذلك أيضاً "قعاد الخزانه ولا الجوازة الندامه"وهذا معناه أن تبقى البنت في بيتها بدون زواج خير لها من الزيجة التى تندم بعدها فكلاهما متعادل ومتساو في الضرر والسوء وهذا يُضرب في تفضيل أخف الضررين وحول نفس المعنى نجد "العزوبيه ولا الجوازه العره".

  ثانياً: أن المثل فيه سمة التعارض والتناقض في المعنى.. فالتعارض كأن نجد تركيب المثل مستقلاً عن المعنى فمثلا "بره ورده وجوه قرده" فهذا المثل رغم أنه مفهوم مجازا إلا أنه صحيح بالفعل لأنه من المستحيل على المرأة المستهترة التى لاتتزين إلا خارج بيتها أن تكون جميلة وقبيحة في وقت واحد ولهذا فهو يُضرب في حسن الظاهر وقبح الباطن، وكذلك "من كُترت عرسانها بارت" أى من كثر خُطابها لم تتزوج أبداَ ومن ثم استحالة زواج الفتاة التى يتقدم لها خُطاب كثيرون فى وقت واحد وذلك لصعوبة الاختياروتحديد المناسب وفي نفس الوقت لتدللها وبطرها عليهم، وأيضا "عُمر النسا ما تربى عجل ويُحرت" وهذا معناه أن العجل الذي تربيه المرأة لايصلح للحرث لسوء تربيته وهذا يُضرب في أن من تربيه النساءلا يُفلح، أما التناقض فمعناه أن المثل مادام يحمل رأياَ في قضية ما فهو إذاَ يحتمل الوجهين القبول والرفض للحدث الواحد ولا غرابة إن بدت القضية متناقضة أو متناسخة فمرد هذا احتمال القضية نفسها للأمرين أو لاختلافات الرأي لفوارق التقدير(13)، ومن هذا التناقض نجد "آخد ابن عمى وأتغطى بكمى" حيث يُضرب فى تفضيل زواج المرأة من قريبها حتى ولو كان فقيراَ إلا أن هذا المثل فيه تناقض اجتماعى وعلمي.. ذلك لأن الرغبة في الزوجة تقل إذا كانت من القربى فضلاَ عن أن تقوية النسل وتحسينه أمر قرره كثير من علماء الوراثة فى أن ضعف الذرية وانحطاط قدرتها العقلية يرجع في كثير من الأحيان إلى عامل الوراثة، فكلما كانت الزوجة ذات قرابة ظهر أثر الوراثة أكثر على الذرية..، يضاف إلى أن هذا المثل له ما يناقضه فمثلا "خد من الزرايب ولا تاخد من القرايب" وأيضاَ "إن كان لك قريب لا تشاركه ولا تناسبه" ومن صور التناقض أيضا "يا واخد البيضه يا مقضى زمنك فرحان" يتناقض مع المثل "السمار نص الجمال" فمعيار الجمال الحسي في المثل الأول يرتكز على بياض البشرة مما يجذب الرجال  الى النساء أما المثل الثانى فيأتى عكس الأول ويجعل الجمال الحسي يرتكز فى سواد البشرة لكن قد يؤدي هذا اللون الأسود في بعض الأحيان إلى النفور من صاحبة البشرة السوداء  فيقول "دى سوده زى قعر الحله" وفي نفس المعنى نجد "لاعين كحيله ولاخد أحمر" وأيضا من صور التناقض المثل القائل "شاورهم وخالف شورهم" نجد نقيضه "شورة المره تجارب سنه".

  ثالثاً: أن المـــثـــل يســتــخـــدم الــجـمــل والألـفـــاظ  استخداماَ فنياَ وذلك بربط الأفكار ربطاَ لغوياَ قوياَ متماسكاَ، ففى الجملة نجد أنها تتفاوت بين البسيطة (الصغرى) والمركبة (الكبرى) والضيقة والموسعة وإننا إذ نستعرض بعض أنواع الجمل في بناء الأمثال المصرية لنرى أن هذا لمختارات من الأمثال لا دراسة استقرائية:

الجملة البسيطة:

وهي التي تتركب من وحدتي الإسناد: المسند والمسند إليه وهي بالمعنى اللغوي المعاصر "الفعل +  الفاعل"، و"المبتدأ + الخبر"(14)، ويشترط أن تؤدي فكرة مستقلة (15).

وفي الأمثال تكون بساطة الجملة مدعاة لسرعة حفظها وروايتها ومن ثم انتشارها، فقولهم: "الجوع كافر"، "الدنيا تلاهى"، "العقل زينه" هي جمل بسيطة تحقق فيها عنصرا الإسناد، وهي في التصنيف النحوي جملة اسمية مثل (الجوع - كافر) (مبتدأ - خبر).

كما أن الأصل قي الكلام العربي أن يتقدم المبتدأ على الخبر، ويجوز في بعض الأحيان أن يتقدم الخبر على المبتدأ، فيقال مثلا: في الحقيبة كتابك، كما يقال: كتابك في الحقيبة. أما في الأمثال فيقولون "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة".

وأمــا الــنـوع النــحـوي الآخـــر (الجملـــة الفعــلـية) فيمثله قــولــهــم: "كبر دماغك"، "الحق نطاح"، "خف أحمالها.. تطول أعمارها"، "تبات نار.. تصبح رماد".

وقــد يــبـنـى الـفـعــل للمـفعول إلا أنه في مستوى الاستخدام الشعبي يستغنى عن صيغة "فُــعِــل"، إذ تحل صيغة "انـفـعــل" بـديــلاً عـنـهـا مــثل: "انـحــرق دمــه"، "انخرب بيته".

الجملة الكبرى:

وهي الجملة الاسمية التي يكون خبرها جملة اسمية أو جملة فعلية(16) وقد سماها محمود نحله "الجملة الجملية"(17). ومن الأمثلة على هذا النمط من الجمل ورد في الأمثال "حنك ما يكسرش حنك"، "الحدايه ما ترميش كتاكيت"، "الحرامى ايده تاكله"، "الطمع يقل ما جمع"، "العويل ما يفتح بابه"، "المستخبيه تكسر المحرات".

الجملة المركبة:

تصاغ الجملة المركبة complex sentence من جملتين بسيطتين وقد تصاغ من أكثر من جملتين وقد أطلق محمود نحلة على الأولى مصطلح "التركيب المفرد" وعلى الثانية "التركيب المتعدد"(18). ويلاحظ عباده أن "الجملة المركبة مكونة من مركبين إسناديين أحدهما مرتبط بالآخر ومتوقف عليه، وأن أحدهما يكون فكرة مستقلة، والثاني يؤدي فكرة غير كاملة ولا مستقلة، ولا معنى له إلا بالمركب الآخر، والارتباط بين المركبين معتمد على أداة تكون علاقة بين المركبين" (19). وللجملة المركبة في نصوص الأمثال أنماط هي:

 الجملة الشرطية:

"من قدم السبت يلقى الحد قدامه"، "من باعك بيعه والعشره نصيب"، "من فات قديمه تاه"، " من جاور السعيد بيسعد"، "من دخل بيتك جاب الحق عليك"، "إن لاقاك المليح تمنه"، "إن ما شكا العيان حاله يبان"، "اللى يقدم قفاه للسك ينسك"، "اللى يكرهه ربنا يسلط عليه لسانه"، "ما يسعى لك فى الطلاق إلا اللى مش غرمان حاجه".

 الجملة الجزائية الطلبية:

وقــــد صـنـــفــهــا الشــمـســـان في أجــوبـة الـــتراكـــيب الإنشـائية(20) وقـــد تـحـقـقـت في الأمــثال: "خف تعوم"، "عيش نهار تسمع أخبار"، "شخشخ يتلموا عليك".

جملة القول:

وهي نمط يتركب من جملتين كلاهما يتصدر بفعل القول (قال) وتكون الثانية إجابة أو تعليقاً أو إضافة على القول الأول، ومثل هذا التركيب ينقلنا إلى مشهد محاورة مسرحية بين طرفين من شواهده قولهم "قالوا للحرامى احلف قال جالك الفرج"،  "قال له نام لما ادبحك قال دا شئ يطير النوم"، "قال ياربى دخلنا بيت الظالمين وطلعنا سالمين قال وايش دخلك وايش طلعك"، "قالوا الجمل طلع النخله قالوا آدى الجمل وآدى النخله"، "قالوا للفار خدلك رطلين سكر ووصل الجواب للقط قال الأجره طيبه لكن فيها مشقه"، "قالوا راح تجوزى فى بيت العيله قالت يبقى معايا لسانى وأغلب".

التركيب المفرد:

  ويعرفه د. نحلة "أنه التركيب بإحدى طريقتين: أولاهما أن توضع جملتان بينهما علاقة دلالية وثيقة متجاورتين مرتبطتين برابط لفظي أو غير مرتبطتين، والثانية أن تدمج إحدى الجملتين في الأخرى، أو تدخل عليها أو تتفرع عنها"(21).

وأهم ما يلاحظ في التركيب المفرد الرابط، وقد يكون لفظياً مذكوراً أو محذوفاً، ويذكر حماسة أن وسائل الترابط منها المعنوي ومنها اللفظي يقول: "وقد أوجد النظام اللغوي عدداً من وسائل الترابط في الجملة بعضها يعتمد على الفهم والإدراك الخفي للعلاقات، وبعضها الآخر يعتمد على الوسائل اللغوية المحسوسة"(22).

ومن أنماط التركيب المفرد:

  العطف:

يسهم العطف في تقوية الجملة دلالياً مثل: "صبح وقبح"، "ياكل خيره ويعبد غيره"، "كل واشكر" وفي الجمل السابقة البسيطة جاء العطف ليربط بين جملتين "جملة فعلية + عطف + جملة فعلية" متماثلتين في نوعهما النحوي، كما نلحظ أن هذه الجمل المتماثلة في النوع النحوي قد جاء فاعلها ضميراً مستتراً. أما إذا اختلف النوع النحوي للجمل المتعاطفة مثل: "فعلية + عاطف + إسمية" فقد يكون الفاعل ظاهرا ولو من جهة المعنى لا الإعراب الصناعي، مثل: "نهق الحمار والنهار طلع" فالعاطف جاء بين جملتين مختلفتين في النوع النحوي والجملة المعطوفة جملة كبرى لذا كان الفاعل ظاهراً لا مضمرا وهو (الحمار).

وقد تعطف جملة كبرى على جملة صغرى: "الاولى لك والتانيه عليك" جملة إسمية كبرى + عاطف + جملة إسمية صغرى، ومثال حذف العاطف قولهم: "توته توته خلصت الحدوته"، وقد تكون المتعاطفتان جملتين استثنائيتين: "ما عندوش تخين الا الفل ولا كبير الا التل"، أو جملتين منفيتين "لا له عيل ولا تيل"، أم العطف بالتكرار وحذف العاطف فمثاله "تاته تاته خطى العتبه".

   المزاوجة:

تأتي بعض الأمثـال في جملة مـركبة تحمل صـفـة التـقـابل والمـزاوجـة بين عنـاصـرهـا في اللفظ أوالمعنى.

(أكل ومرعه وقلة صنعة)، (سرباتى واسمه عنبر)، (الاسم لطوبه والفعل لأمشير)

(تكون في ايدك وتقسم لغيرك)، (راحت السكرة وجت الفكرة)، (ويلي منك، ويلي عليك).

 التركيب المتعدد:

وقد عرف نحلة هذا النوع من الجمل بأنها: "الجملة المركبة تركيباً متعدداً تتكون من أكثر من جملتين وتتلقاها الأذن مسموعة، أو العين مقروءة بما هي وحدة واحدة"(23). وفي الأمثال الشعبية أنماط كثيرة لصور التركيب المتعدد نذكر منها:

(ماتبكيش على اللى فرغ ماله ابكى على اللى وقف حاله)، (ما شافهمش وهما بيسرقوا شافهم وهما بيتحاسبوا)، (ما لقوش عيش ينتشوه جابوا عبد يلطشوه).

أسلوب الاستفهام:

تتصف الأمثال الشعبية بثرائها بأنماط أسلوب الاستفهام وتراكيبه، فمنها ما يكون بأداة ومنها ما تحذف أداته ومنها ما يأتي بالسؤال والجواب ومنها ما يقتصر على السؤال.

   الاستفهام بالأداة دون ذكر الجواب:

(ايه ياخد الريح من البلاط؟)، (ايه يعمل الـترقيـع في التـوب الدايب؟)، (ايه يعمل الحسود في المرزوق؟)

   الاستفهام بالأداة مع ذكر الجواب:

(ايه اللي رماك ع المر ؟ اللي أمر منه)، ( ايش عملت الحره ؟ اتطلقت واتجوزت )

  الاستفهام دون أداة: (كان علم ولا حلم؟)

اسلوب القصر:

  بتقديم الخبرعلى المبتدأ:

(في التأنى السلامه وفى العجله الندامه).

  بالنفي والاستثتاء:

(ما يمسحش دمعتك إلا ايدك).

  استخدامات (يا):  

 تخرج الأداة (يا) في استخدامات المثل الشعبي عن قيد النداء إلى دلالات يقتضيها السياق:

1. الزجر:

يا مستخبيه خرق ودنيه.

أي أيتها المتحجبة اظهارا للصون والحياء قد أفسدت تحجبك بصياحك حتى كاد صوتك يخرق أذني، فأين ماتدعين من الحياء؟

2. التحذير:

يـاداخـل بيـن العـتر والـريحــه مــا ينــوبـك الا الفضيحة.

يا شامته ماتشمتى النهارده لى وبكره لك.

3. للاستهزاء:

ياما جاب الغراب لأمه.

يا حلاوة طولى فى اللى ماهولى.

4. للتحبيب والامتنان:

يابت كونى نغشه. 

وفى رواية (ياوحشه كونى نغشه).

5. للنــداء:

يا يابا علمنى الرزاله ، قاله اللى تقوله عيده.

6. الإعجـاب:

ياحلو قوم من النوم حلاوتك زايده كل يوم.

7. الدعـاء :

ياهادى ودى الشيطان غادى.

8. للتحسر:

يا قلب يا كتاكت ياما فيك وانت ساكت.     

9. للتعجب:

ياما فى الحبس مظاليم.

10. للإنكار:

يابانى فى غير ملكك يا مربى فى غير ولدك.

11. للحث والإغراء:

يا مجامل الغرب تفتخر بيهم جامل أهل بيتك تكسب أجرهم.

12. للعب والعبث:

ياكمون هاتوا مجنون يافلفل هاتوا يفتل.

13. دلالة الأسف والأسى:

يا مكبرنا يا مصغرنا.

14. تكون"يا" جزءا من صيغة ثابتة:

يابا شرفنى لما يموت اللى يعرفنى.

  رابعاً:  أن المثل يتكون من جمل منطقية حيث تُربط النتيجة بالمقدمة وهذا النوع من الأمثال يتكون من جملة فرعية تبتدئ بكلمة (اللى) وجملة رئيسية أخرى(24) فمثلاَ (اللى تخرج من دارها يقل مقدارها) أى أن المراة التى تتعود على كثرة الخروج من دارها يقل مقدارها وقيمتها بخلاف المرأة المصونة التى لا تخرج إلا لداع وسبب مقبول فهنا نجد المقدمة فى الجملة الفرعية التالية (اللى تخرج من دارها) أما النتيجة ففي الجملة الرئيسية التالية (يقل مقدارها)، وكذلك (اللى تطبخه العمشه لجوزها يتعشى) أي ماتطبخه العمشاء ضعيفة البصر لزوجها يأكله على علاته، وهنا نجد المقدمة في جملة (اللى تطبخه العمشه لزوجها) أما النتيجة ففي جملة (يتعشى).

  خامساً: أن المثل يمتاز بالحركة الإيقاعية التي تنجم عن استخدام الوزن والإيقاع وإذا كان الوزن والإيقاع في الشعرمن شأنه عرض الصور اللغوية المتناسقة عرضاً يتميز مع الحركة النفسية فإنه في المثل يصنع الشكل اللغوى المقفل فما أن تنتهي العبارتان المتحدتان على وجه التقريب في الوزن والإيقاع حتى ينتهي المثل(25) فمثلاً (قصقصى طيرك ل يلوف بغيرك) ومثل (اللى مالوش وليّه غدرات الزمان قويه).

  سادساً:  أن المثل يستعين بأسلوب التكرار لزيادة عنصر التأثير فمثلاً (إصباح الخير تحبل إصباح الخير تولد) وهذا للسخرية من كثرة الولادة، وكذلك (يا مآمنه للرجال يا مآمنه للميه فى الغربال) أى أن التى تأمن الرجال فى وفائهم لنسائهم كالتى تأمن على الماء في الغربال وهذا يُضرب في عدم الركون إلى ما يُظهره الرجال من الوفاء للنساء.

  سابعاً: أن المثل قد يكون فيه طابع الحكاية ومثل هذا يستخدم كلمة القول على سبيل الحكاية فمثلاً (لمّا قالوا دا غلام شد ضهر أمه وقام  ولمّا قالوا دا ولد شد ضهر أمه وانسند) وفي هذا دلالة على المكانة التى يحتلها الولد الذكرفى نفوس أبناء المجتمع الشعبي وخاصة الريفي.

  ثامناً: أن المثل كما يقول (ملنر) هو مقولة تقليدية تحوي بنية مكونة من أربعة أجزاء(26) وطبقاً لافتراض (ملنر) فإن الأجزاء الأربعة هي الوحدات الصغرى للمثل مجتمعة في جزئين هما الوحدات الكبرى التى تماثل وتوازن كل منهما الأخرى حيث يُطلق على النصف الأول الافتتاحي للمثل (الرأس) بينما يطلق على النصف الثاني (الذيل) وقد قام ملنر بفحص ما في ربع المثل من كلمات من قيم موجبة أو سالبة وعليه فإن أي مثل يتكون من رأس قيمته موجبة أو سالبة وذيل قيمته موجبة أو سالبة وبالتالي نجد للمثل أربعة مستويات:

   المستوى الأول:

 رأس موجب (إمشى في جنازه)، وذيل سالب (ولا تمشيش في جوازه).

    المستوى الثانى:

 رأس سالب (إن حبوك موتوك )، وذيل موجب (وإن كرهوك موتوك).

   المستوى الثالث:

 رأس مـــوجب (أصــحــاب العـــرس)، وذيـــل موجب (مشتهيين المرق).

   المستوى الرابع:

رأس ســــالـــــب (لا عـــين كحــيــلـه)، وذيــل ســالـــب (ولا خــد أحـمـــر).

  تاسعاً: أن المثل يحوي في بنيته ما يسمى بالسكتة(27) حيث تحتل السكتة مكانة متميزة  يتوقف عليها الحكم على الشخص بإجادته لفن الحديث  إذا سكت حينما تجب السكتة  أوبعدم إجادته له حين تأتي السكتة بلا مبرر أو تأتي إليها الضرورة(28) وهي فى المثل مابين  سكـتات كـبرى( 29) ووسطى(30) وصغرى(31) وأيضاً بين البساطة والتعقيد ما يميزه عن الكلام العادي فمثلا (بره ورده وجوه قرده) حيث نجد سكتة وسطى بعد كلمة(ورده) باعتبارها نهاية شطرمع كلمة (بره) وسكتة كبرى بعد كلمة (قرده) وكذلك المثل القائل (الأب عاشق والأم غيرانه والبنت حيرانه) حيث نلحظ السكتة الوسطى بعد كلمة (عاشق) وكلمة (غيرانه) وسكتة كبرى بعد (حيرانه) عند نهاية المثل.. أما المثل (خدتك عواز خدتك لواز خدتك أكيد العوازل كدت أنا روحى) فنجد أن هناك سكتات صغرى بعد (عواز) وبعد (لواز) وبعد(العوازل) أما السكتة الكبرى فبعد (روحى).

  عاشرا:   يصاحب المثل موقف أدائي ينبثق من الحالة الانفعالية للمتكلم إذ يساق المثل لفظاً وأداءً، والأداء مميزٌ بالتنغيم وطريقة النبر وكثيراً ما يعزز بالفعل الحركي ما بين إشارة باليدين أو حركة الجسم أو الإيماء بالرأس وحركة العين واتجاه نظرتها وحدته وحتى حركة الرجل إذا كان المتحدث جالساً فالأمثال التي تصاحبها حركة مثل: (اللى تخرج من دارها ينقل مقدارها).

ومن الأمثال التي لا بد لها من تنغيم نجد مثلا (خدتك عواز خدتك لواز خدتك أكيد العوازل كدت أنا روحى) ومن الأمثال التي لا بد لها من تنغيم وحركة  نجد مثلا (طول مانى  قاعده على الحصيره مانت شايف طويله ولا قصيره)، ويسوق المتكلم المثل بفعلٍ لا إرادي من المتكلم لا يهدف منه إلى إخبار، وإنما من أفعال التواصل الاجتماعي، وقد يجد فيه المتحدث تعزيزاً لفكرته وتعضيداً لمقولته وتــحـــفـــيز الســامــع للانــصـــراف إلـــى المتــحــدث، وقـــد يفرض الموقف وحالة المتحدث نسيان صيغة المثل المتوارثة فيعمل حينئذٍ مقدرته الذاتية في التصرف اللغوي، ولعل هذا التصرف الذاتي أحد عوامل تعدد الروايات في المثل الشعبي؛ وذلك إذا ما قدر لتلك الرواية المعُدَّلة القبول من الجماعة اللغوية ومنزلة المتحدث الاجتماعية التي تيسر لتلك اللغة الفردية الشيوع والانتشار ولن يتأتى ذلك إلا بعد حقبة من الزمن يتحقق فيها لتلك الرواية الفعل في الوعي الجمعي(32).

  حادى عاشر:  اتفق الدارسون على أن بلاغة المثل تجتمع في أربعة أشياء لا تجتمع في غيره( 33) هى (إيجاز اللفظ، و اصابة المعنى، و حسن التشبيه، وجودة الكناية).

وعليه فإن المثل يعتمد على استخدام فنون البلاغة والبيـــان واستــخـــدام المحــســنـــات مـــن ســجـع وجــناس وطباق(34) لذا فإننا من خلال ماسبق نجد أن بلاغة المثل ترتكز في عدة أمور فنية.. هي:

1 . أن المثل كثيرا مايحاول تجسيد الفكرة من خلال التشبية، والتشبيه هو الجمع بين شيئين بينهما علاقة المشابهة في صفة أو أكثر بقصد توضيح المعنى ونقل الإحساس به للآخرين(35) فمثلاٌ (اللى يقول لمراته ياعوره الناس تلعب بها الكورة) حيث نلحظ أن هذا المثل لايهدف إلى التشخيص فقط بأن يجعل المرأة كالكرة يتلاعب بها الناس عندما يهينها زوجها ويعيرها بعيوبها بل يبرز الحقيقة التى يلاحظها الإنسان مراراً في اللحظة التي يمعن فيها تجربته التي عاشها ومن ثم ينتفي طابع العمومية ويكتسب طابع التجريد فتصبح مثلاً.

   ومن ناحية أخرى يعتبر التصوير سمة أساسية في المثل الشعبي وقد تخلو منه بعض الأمثال، وتعوض عن فقده اللغة الانفعالية التي يساق بها من محافظة على التنغيم وحيوية الموقف وحرارة الأداء. والأمثال التي قوامها التشبيه تضيف بعداً أعمق في إثراء الدلالة.

   وتختلف أساليب التشبيه فنجد التشبيه بالأداة "زي" مع ذكر المشبه والمشبه به فمثلا اللى ايده فى الميه مش زي اللى ايده في الولعه، ونجد التشبيه بالأداة "زى" مع حذف المشبه فمثلا: (زى اللى بينفخ في قربه مقطوعه)، (زي الرهوان)، (زي الحلوف).

  ونجد التشبيه بالكاف مثل (كأنك يابو زيد ما غزيت)، (كأننا يابدر لا رحنا ولا جينا).

  ونجد حذف المشبه وأداة التشبيه وقد صنف(36) هذا النوع في المركب الاسمي الإضافي. والمركب الاسمي الإضافي يربط بين اسمين بتقدير رابط محذوف مثل (بنت موت)، (قدم الخير)، (وش السعد)،  (تمر حنه).

  ومن أساليب حذف المشبه وأداة التشبيه ما يكون بين متعاطفين مثل (غربه ومروحين)، أو دون عطف وإنما يكتفى بالصورة مثل (بيت النتاش مــا يــعــلاش) ومـــن التشبيه البليغ (الصيف كيف)، (الـــدفـــا عـفـا).

2 .  يرتكز المثل على أسلوب الاستعارة .. يقول عبد القاهر الجرجانى "وأما التمثيل الذى يكون مجازا لمجيئك به على حد الاستعارة"(37 ) أما كل تركيب استعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، أو كل مجاز مركب علاقته المشابهة  فهذا يسمى بالاستعارة المركبة والتي هى ما كان المستعار فيها تركيبا(38) فمثلا (اللى ما نفعنى بيضى هابكى على بيض بيضى) فالمثل هنا استعار البيض وحذف المشبه به المركب وهو الابن وابن الابن.

3 .  يرتكز المثل أيضا على أسلوب الكناية والكناية لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى  فمثلا (إن كان لك طرحه خُش بفرحه وإن كان لك طربوش خُش بطربوش) فكلمة طرحة كناية عن الزوجة والطربوش كناية عن الزوج.

4 . ظهور الجناس البلاغى وهو ما تشابه فيه لفظان فى نوع الحروف، وعددها، وهيئتها، وترتيبها، مع اختلافهما في المعنى حينئذ يسمى جناسا تاما أما الغير تام فهوما اختلف اللفظان في أحد الأمور الأربعة المذكورة فمثلا (دايره تفاوى من غير تقاوى) أي دائرة بين الناس تباهيهم بقدرتها وسعة مزرعتها وهي لا تملك البذور التي تعتمد عليها في الزرع وفي هذا جناس غير تام بين (تقاوى) و(تفاوى) ومن مثل الجناس الغير تام أيضاً (من غّير محبتها غير مخدّتها) فالجناس بين (مخدتها) و (محبتها).

5. التزام المثل بصور الطباق المختلفة، والطباق هو الجمع في العبارة الواحدة بين معنيين متقابلين، على سبيل الحقيقة، أو على سبيل المجاز، ولو إيهاما، ولا يشترط كون اللفظين الدالين عليهما من نوع واحد كاسمين أو فعلين، أو حرفين فالشرط التقابل في المعنيين فقط... وعـلـيـه فـهـنـاك طباق بـين اسـم واســم مثـل (أبـويـا الكـلـب وطـانـى وجوزى السبع علانى) فالطباق بين (أبويا) و(جوزى) وبين (الكلب) و(السبع).

   بين فعل وفعل مثل (ابعدوا تبقوا عسل تقربوا تبقوا بصل) فالطباق بين (ابعدوا) و(تقربوا).

  بين حرف وحرف  مثل (لا له ولا عليه) فالطباق بين (له) و(عليه).

  بين اسم وفعل مثل (خدوهم فقرا يغنيكم الله)  فالطباق بين (فقرا) و(يغنيكم) ومن مثل (مراية الحب تعمى صاحبها) فالطباق بين (مرايه) و(تعمى).

كما أن هناك طباقا للإيجاب وآخر للسلب: 

  فطباق الإيجاب لابد أن يكون اللفظان المتقابلان في معنييهما موجبين مثل (إيش عملت الحره اتجوزت واتطلقت) فالطباق بين (اتطلقت) و(اتجوزت).

  وطباق السلب لابد أن يكون اللفظان المتقابلان فى أحدهما أمر والآخر نفي أو أحدهما مثبت والآخر منفي مثل (قعاد الخزانه ولا الجوازه الندامه) فالطباق بين (قعاد) و(ولا الجوازه).

6 . ظهور التورية في المثل الشعبي، والتورية هي أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان، على سبيل الحقيقة، أو على سبيل الحقيقة والمجاز، أحدهما ظاهر قريب يتبادر إلى الذهن وهو غير مراد، والآخر بعيد فيه نوع خـفاء وهـو المعنى المـراد، لكـن يورى عنه بالمعنى القريب، ليسبق الذهن إليه ويتوهمه قبل التأمل، وبعـد التأمل يتنبه المتلقي فيدرك المعنى الآخر المـراد(39). فمثلاً (إن كٍبر إبنك خاويه) فكلمة (خاويه) تحمل معنيين الأول بمعنى (اجعله أخاً لك) والثاني (أن تنجب من زوجتك أخاً له) وكذلك (الـواحد لـما صـابـعه بـيـنـجرح يقـول أخ) فكلمة (أخ) تحمل معنيين الأول بمعنى (التوجع)، أما الثانى بمعـنى (الأخ الشقيق).

7 .  أن المثل يكتسب خاصية السجع لما فيه من دلائل فنية، والسجع هو توافق الفاصلتينِ في فِقْرتين أو أكثر في الحرف الأخير، أو هو توافق أواخر فواصل الجمل فمثلاً (تيتى تيتى زي مارحتى جيتى) أي أنك ذهبتى مشيعة بالزمر والضجيج ثم عدت به ولم تصنعى شيئاً وهذا يُضرب لمن يقوم بأمر يحيطه بكثرة الكلام والإعلام ثم لا يُفلح فيه، ومما فيه سجع أيضاً (جابوا الخبر من أبو زعبل إن العجايز تحبل).

8 . يعتمد المثل على الإيجاز في التعبير والإيجاز يعني وضع المعاني الكثيرة في ألفاظ أقل، مع وفائها بالغرض المقصود ورعاية الإبانة والإفصاح فيها  فمثلاً (غيرة المره مفتاح طلاقها) وهذا فيه إيجاز بليغ حيث يُضرب في شدة وقع الغيرة على نفوس النساء وكذلك (شامته ومعزيه) حيث أنها جاءت في الظاهر للعزاء وفي الحقيقة جاءت شامتة  وتحت هذه المعاني يمكن الشرح بإسهاب.

9 . إن الحال في المثل قد يتطلب الإطالة والتي هي زيادة اللفظ على المعنى لفائدة  حيث المقارنة بين الأطراف المرفوضة مع التفاوت في الحديث والاتفاق في النتيجة فمثلاً (حٍبله ومُرضعه وعلى كتفها أربعه وطٍلعت الجبل تجيب دوا للحبل وتقول ياقلة الذريه) وكذلك المثل القائل (قالوا حماتك تحبك قلت دا كان زمان وبنتها عندها ياما شبعت نسوان لمّا جرى اللي جرى والمقّدر كان صبحوا يقولوا عليّه دا كان حرامى وبيسّرق الكتان).

10 . تنتهج بعض الأمثال صياغة مشهورة تربط الفعل المطلوب بالحدث المستحيل تأكيداً لاستحالته فمثلاً (شالت الميه بالغربال) وفي هذا دلالة على استحالة رفع الماء بالغربال لما فيه من ثقوب وعيون تمنع استمرار الماء في الغربال وأيضاً (إن كانت الغله تطلع قد التبن تبقى الحما تحب مرات الإبن) وفي هذا دلالة على استحالة أن يكون محصول القمح (الغله) مساويا لمحصول التبن لأنه لو حدث ذلك لأحبت الحماة زوجة إبنها، وبالمثل (لو كانت السلفه تحب السلفه كان الجمل طلع الغرفه) أي استحاله اتفاق السلائف مع بعضهما البعض لأنه لو حدث ذلك لطلع الجمل الى الغرفة فى الدور الثانى بالبيت مثلاً.

11.  قد يلجأ المثل لتجاوز شكليته المألوفة ويرمي إلى التعقيد اللفظي الذي يُنهك المعنى الذي يفترض فيه الوضوح والجلاء فمثلاً (بنات الحراير دخاير) فكلمة (دخاير) نشعر فيها بغموض المعنى وتعقيده حيث أنها قد تحتمل معنى الإدخار ومن ثم يكون المعنى البنات الحرة يمكن إدخارهن للحياة  أو أنها قد تحتمل معنى الذخيرة ومن ثم يكون المعنى البنات الحرة تحمي أهلها بشرفها وسمعتها إلا أن الكلمة بهذا الأسلوب تفتقد الوضوح والجلاء المطلوبين فى معنى المثل.. وكذلك  (تناها على ضهر إيديها) فكلمة (تنا) تحتمل معنى الأصل الطيب  وتحتمل معنى آثار الشغل ومـن ثـم يكون المعنى الأول أن أصل المرأة يـظـهر أثره الـطـيب من أفعـال يديها أما المعنى الثانى أن كثرة شغل المرأة يظهر آثاره على يديها وبالتالـى نجـد أن هـذه الكلمة افتقدت الوضوح المطلوب في المثل.

 

 

البنيوية الفكرية 

لما كان المثل  نابعا من طبيعة المجتمع  ومتأثرا بثقافة أبنائه من جانب ويؤثر في البناء التربوي والتعليمي والأسري والديني والنفسي والفلسفي والاقتصادي والاجتماعي والفكاهي والسياسي من جانب آخر، لذا فان البناء الفكري داخل المثل الشعبي مترابط ومتصل، متأثر ومؤثر في المجتمع نفسه فمثلاً موضوع المهر ليس موضوع المرأة وحدها  بل هو موضوع اجتماعي  واقتصادي وديني وربما يكون أبعد من هذا.. وقس على ذلك كل الجوانب الأخرى التي استطاع المثل أن يناقشها في المجتمع المصري، ومن بين هذه الجوانب: 

الجانب التربوي والتعليمي:

الأمثال الشعبية جمل قصيرة تقال في موقف ما إما للتحذير من الوقوع فى الخطأ أو للتحفيز على تعلم شيء ما مثل (لولاك يالسانى ما انسكيت يا قفايه)، لذا نجد المثل في إطاره التعليمى يوجه السلوك بأسلوب مباشر أحيانا فمثلا (الأدب فضلوه على العلم)، و(الأدب راس مال)، و(اضرب ابنك واحسن ادبه ما يموت الا لما يفرغ أجله)، و(اللى ربى خير من اللى اشترى) وبأسلوب غير مباشر أحيانا أخرى وذلك بتقديم نماذج بشرية شاذة أو بإبراز سلوك اجتماعى قبيح، والمثل فى هذه الحالة يريد أن ينفرنا من هذه النماذج أو هذا السلوك وكأنه  يريد أن يقول لا تفعلوا هذا السلوك أو لاتكون مثل هذه النماذج الشاذة السيئة من قبيل (اللى يشيل قربه مخرومه تخر على راسه) و(الولد الشين يجيب لأهله اللعنه) والأمثال كثيرة فى هذا المجال، ومن ثم فالمثل يعمد الى توجيه السلوك الإنسانى باسلوب لطيف خفيف على النفس يخلو من الطابع الخطابى الوعظى المباشر ويجسد العيب الاجتماعى تجسيدا يجعلنا ننبذه وننفر منه تماما ليسلم منه المجتمع وكما يقول د. عبد الحميد يونس "إن هذه الأمثال تضع العيوب الاجتماعية أمام الأفراد على المشرحة تحللها وتدعو بطريقة غير مباشرة إلى محاربتها والتخلص منها كما جسمت رزائل التحلل والانحراف فى سخرية وتهكم لكي تنفر منها وتعمل على تخليص الأفراد من الوقوع فيها"(40).

كما أن بعض الأمثال تدعو إلى تعديل السلوك السيئ مثل (اللى يحفر حفره لأخوه يقع فيها)  و(صنعة في اليد أمان من الفقر) أو (الحب يطلع على بذره) أو (حط مالك عند من عنده مال، وحط عيالك عند من عنده عيال)، أو (عصفور في الايد أحسن من ألف على الشجرة)، كما يدعو الى الترابط الاجتماعي، ويدعو إلى التحلي بمكارم الأخلاق، ويدعو الى التفكير واستشارة الآخرين.    

والمثل كجملة يعمل على تنمية المفاهيم اللغوية ويدعو إلى التفكير والتحليل والتطبيق على مواقف جديدة وهذه تعد من مهارات التفكير الناقد(41)، أما الأمثال الشعبية التى تدعو لتنمية التفكير الناقد وإعمال العقل والمنطق للوصول إلى حل المشكلات والقضايا التي تواجه المتعلم، وتدعو أيضا إلى البحث عن المعلومات والبيانات وتحليلها وتفسيرها وتقييمها والوصول من خلالها إلى فروض أو حلول للمشكلات التي تواجه الإنسان سواء كانت هذه المشكلات ذاتية أو اجتماعية أو تخص البيئة المحيطة بالفرد  نجد (عينك في الفيل وتطعن في ضله) وهو مثل شعبي يدل على استخدام الإنسان لمهارة النقد والتقييم للآخرين، وهو يدعو إلى تحري الدقة عند النقد أو إصدار الأحكام وأيضا (ادعونه نهوش ادعونه نفتكر) وهو مثل شعبي يدعو إلى إعمال العقل والتفكير والتعقل إزاء الأمور والأحداث التي يتعرض لها الإنسان خلال تعامله مع الآخرين أو مع البيئة المحيطة وكذلك (اللي ما عنده عقل عشرة ما يضم عشرة) و(إذا كان اللى بيتكلم مجنون يبقى المستمع عاقل) نجد أن هذين المثلين يدعوان الى التعقل وتدبر الأمور ومعرفة مصادر البيانات والمعلومات وفهم وتفسير وتحليل ما يقال قبل قيامه بفرض الفروض أو إصدار الأحكام، ومن الملاحظ أن المهارات السابقة تعد من مهارات التفكير الناقد، وبذلك نجد أن هذين المثلين  يهدفان ضمناً إلى تنمية التفكير الناقد لدى المتعلم، وإذا كان هناك جزء من الأمثال يدعو إلى تنمية التفكير الناقد وأنواع التفكير العلمي الأخرى، فإن السواد الأعظم من الأمثال تدعو إلى تنمية القيم على اختلاف أنواعها مثل القيم الأخلاقية والقيم الاقتصادية والقيم الدينية والقيم الاجتماعية...إلخ.  

  تنمية القيم الاقتصادية:

وفيها نجد الأمثال الشعبية تدعو إلى العمل والمحافظة على الثروات وتقدير قيمة العمل والإنتاج والوعي بالتنمية الاقتصادية  مثل (يا واخد القرد على كتر ماله بكره المال يفنى والقرد يفضل على حاله) و(اللي ما عنده عمل يكاري له جمل) و(اللي ما عنده حيله يلعب الليله) و(من زرع في بلد غير بلده لا له ولا لولده) و(ازرع كل يوم تاكل كل يوم) و(قوى نارك تسبقى جارك) و(اعمل بخمسه وحاسب البطال) (مد لحافك على قد رجليك) و(من رش دش) و(مش كل التمر يتاكل) أما الكسل وعدم القيام بأي عمل منتج فمؤداه الجوع والضياع فمثلا (البحر غربال الخايبه) و(زي تنابلة السلطان يقوم من الشمس للضل بعلقه)، كما أن النظام الاقتصادي في المجتمع المصري نجد الأمثال تحدد وتحلل طبيعته وعلاقات العمل فيه فمثلا نجد مجموعة من الأمثال تعزز التخصص وأهميته في تقسيم العمل فمثلا (دقة المعلم بألف ولو تروح ببلاش) و(السباغ تناه على ضهر ايديه) أي الصباغ الذي يصبغ الملابس تظهر مهنته على ظهر يديه و(باب النجار مخلع ) و(سبع صنايع والبخت ضايع ) و(الجزار ما يخفش من كتر الغنم)، كما يظهر البعد الاقتصادي المرتبط بالترشيد في الإنفاق والادخار وتحمل المسئولية الاقتصادية مثل (القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود) و(أخيط بسلايه ولا المعلمة تقول هاتى كرايه) أما التقتير والبخل فصفتان غير مرغوبتين في المجتمع وتعرض بهما الأمثال مثل (بسملة قهوه من جيب الأغا) و(جوعة على جوعه خلت  للعويل راس مال) و(الفقى يقيس الميه فى الزير)، أما الدعوة الى ممارسة التجارة والبيع والشراء و ممارسة استثمار الأموال فتقول الأمثال (التجاره شطاره) و(الغالى تمنه فيه) و(من لقى بيت مبنى لقى كيس مرمى) و(إن لقيت الغالى فى السوق تمنه والبيعه مافيهاش مكسب)، بينما البطالة وعدم البحث عن لقمة العيش  ففيه تقول الأمثال (الايد البطاله نجسه) و(زى حمير الغجر ينهقوا وهمه نايمين على جنبهم).

أما نوعية العمل فتتنوع حسب المهن أو الأنشطة الاقتصادية المتوافرة في المجتمع مثل: الحلاق (مزين جديد بأقرع استفتح) والفخراني (الفخراني بيشرب في شقافه) والموسيقى (يموت الزمار وصوابعه بتلعب) (زي الطبال الأعمى) والعجان (عجان السم بيدوقه) والحاوى (لا التعبان ينسى قطع ديله ولا الحاوى ينسى موت ابنه) والقبانى (التقل ورا يا قبانى) والمراكبي (زى المراكبيه بيتخانقوا على حبل) والصياد (الصياد بيتقلّى والعصفور بيتسلى)  والنجار(باب النجار مخلع) والحداد (اللى يجاور الحداد ينكوى بناره) والجزار (بتحلّى الجزار في عين الدبيحه) والميكانيكى (الميكانيكيه باشوات مداريه) والشيخ (تحت القبه شيخ) (الفقى لما يسعد يجى له عشوتين فى ليله واحده)  الا أن الزراعة فى حياة الفلاح المصري نجدها مرتبطة بكل شئ وبسلوكياته الزراعية فمثلا: نجد حياة الفلاح (الفلاح يوم ما يتمدن يجيب لأهله مصيبه) والزراعة (الزرع لما يشوف صاحبه يفرح) (قل من الزرع واخدم وقل من المال واكرم) والحيوانات (خف على بهيمك يطول عمره) و(الحلابه ولا الدق فى العجول) و(مسمار فى الحيط ولا جاموسه فى الغيط) وفصول السنة (الصيف عفا والشتا لحاس القفا) والسلوكيات الزراعية (إن سبقك جارك بالحرت اسبقه بالمحاياه) (إن كان زرعك استوى بادر بحصده) (السباخ زرع الأهبل) والمزروعات (البطيخه القرعه لبها كتير) (العدس مالوش غير كمره).

  تنمية القيم الاجتماعية والأخلاقية :

وفيها نجد أن الأمثال الشعبية هي التعبير الصادق عن الهوية الثقافية للمجتمع المصري عبر تاريخه الطويل، ونتاج علاقات اجتماعية حرص الإنسان  على تقبلها وتشربها في وجدانه، فأضحت بمثابة ضمير المجتمع الذي يضبط سلوك أفراده ويوجهه الوجهة التي تزيد من تماسك المجتمع ووحدته، وخير معبّرٍ عن هذه القيم الاجتماعية، هي الأمثال الشعبية  التي احتلت مكانة مرموقة في وجدان أفراد المجتمع، لأنها عبرت عن مشكلاتهم وهمومهم، وأفراحهم وأتراحهم، وعاداتهم وتقاليدهم  ولهذا فإن الأمثال الشعبية السلبية قليلة، بل نادرة، (فمثل هذه الأمثال قيلت للتحذير من القلة الذين لا يؤتمن جانبهم، وعدم التركيز عليها يعني ندرتها وضآلة فعاليتها وحجمها، ويلاحظ في هذا السياق تركيز الأمثال الشعبية على القيم الاجتماعية الإيجابية التي تدعو إلى التعاون والتماسك والمحبة وتوطيد أواصر القربى والصدق وحسن الجوار والكرم والوفاء وغيرها، وهي أكثر من أن تحصى، ويعود الفضل إلى غلبة الأمثال الشعبية الإيجابية إلى التحدي الذي مر به المجتمع االمصري في مواجهة كثير من الأزمات والصعاب  عبر تاريخه الطويل الأمر الذي فرض على الذاكرة الشعبية أمثالاً متنوعة المضمون  من مثل  

(الجار قبل الدار)، (جار والجار لو جار)، (عليك بالجار ولو عال)، (الصديق قبل الطريق)، (الصديق وقت الشدة)، (الكريم لا يضام)، (الجوده من الموجود)، (ايد على ايد تساعد)، (البركه في كتر الأيادي)، (اقبل عذر اللي يجى لحد باب الدار)، (قنـع تشبـع )، (وعد الحر دين عليه).

الجانب الأسري :

في الأمثال الشعبية نجد المجتمع المصري مجتمعا عربيا إسلاميا وشكل الأسرة والعلاقات داخلها لاتختلف كثيرا عن الأشكال السائدة في المجتمعات العربية فهي أسرة أبوية ممتدة تتجه لأن تكون أسرة نووية أو زواجية صغيرة يظهر فيها الزواج والطلاق والتعددية وتظهر فيها كثير من القضايا المتصلة بالمرأة، فالعلاقات الأسرية هي نموذج لعلاقات أوسع في حياة الناس، والمرأة هي العنصر الفاعل في مركب الأسرة.

  فالمرأة هي البنت ...  تقول الأمثال:

(يجعل خلفتك بنات وعيشتك شتات)، (يامخلـفه الـبـنات يــاحــزيـنه للمـمات)، (البنت مكسورة الجناح)، (البنات مربطهم خالى )، (خلفة البنات تحوج لنسب الكلاب).

كل هذه الأمثال وغيرها يكشف الموقف من ولادة البنات وتبرز الآثار المختلفة التي تترتب على كثرة إنجابهن .. ففي المجتمع الزراعي تكون المرأة هي أقل في قوتها من الرجل ومن ثم تكون أقل إسهاماً في الإنتاج وفي مجال الصراع الإجتماعي تكون أحد أسباب الضعف لأنها عرض وللعرض حرمته وصيانة العرض من القيم التي يحرص عليها الإنسان الشعبي ومن ثم فإن من أكبر المخاوف أن يُمس هذا العرض بسوء لأنها بحسب الاعتقاد تجلب العار لأهلها إذا فرطت في عرضها أو حدث واختطفها أحد، وبالتالي فخلف البنات همّ بالليل والنهار ولايفارق أهله مادامت البنت لم تتزوج كما أن مولدها يزيد أعباء والدها مما يضطره لمصاهرة الأرازل من الناس صوناً لعرضه وخوفا من أن تبور البنت ولاتتزوج.

إلاأن هناك أمثال أخرى ترد على سابقتها لتنصف البنت وتبرز مالها من قيمة في الحياة..

تقول الأمثال: 

(البنات رزقهم واسع)، (رزق البنت برزقين)، (أبو البنات مرزوق)، البنت حبيبة أمها)، (لولا البنات ما جم الأولاد).

فهذه الأمثال وغيرها يعكس قيمة البنت في أن رزقها واسع وأنها حبيبة أمها وأنها الأصل في إنجاب الأولاد فهي الأم إلا أن هذا الأمر مرجعه وتفسيره أن التبكير بإنجاب البنت يوفرللأم من يساعدها في أعمال البيت ومن هنا تبرز القيمة النفعية للبنت بالإضافة إلى أن التبكير بالبنت يتيح للوالدين تربيتها وتزويجها في وقت مبكر حتى يطمئنا عليها(42).

  والمرأة هي الأم:

 لم تحظ المرأة بتكريم وتمجيد مثلما تحظى به في وظيفتها ودورها كأم فقد تحدث عنها القرآن الكريم  وتحدث عنها الرسول العظيم وتناولها الشعر والحكم ونُسجت حولها القصص والحكايات وأبدعت فيها الخطب والمقامات

  أما الأمثال فلم تغفلها وهذه صورة منها: (قلب الأم زي ورقة السيجارة)، (ياأمي ياحامله همي)، (اللي عند أمه ما ينحملش همه)، (اللى بلا أم حاله يغم)، (من طعم ولدى بلحه حلاوتها نزلت فى بطنى)، (أدعي على ولدي وأكره اللي يقول آمين)، (إن عيط ابنك عيط معه، ماتعرف إيه اللي بيوجعه).

فهذه الأمثال وغيرها توضح أن قلب الأم الحنون الرقيق هو مصدر السعادة للأولاد وللأم نفسها حتى وإن تحملت في سبيلهم المشاق الصعاب من جهد في العمل وسهرالليالى في مرضهم  وتتحمل قدر ماتتحمل من جحود الأبناء عليها ورغم ذلك لاتتحمل أي ضرريقع عليهم ولذلك فالذي عنده أم في مأمن من تقلبات الأيام وغدرات الزمان أما الذي يفقد أمه فحاله سيكون صعبا ويقاسى ويلات الحياة ويعيش في هم وغم لأنه  سيفقد الحنان والعطف.

 وأما  دور الأم في تربية أولادها وتعليمهم فنجد منها: (أكفي القدره على فمها تطلع البنت لأمها)، (اللى ما يعلمه أمه وأبوه تعلمه الأيام والليالى)، (لا عاقله ولا أمها تهديها منين العقل يجيها)، (ياأمه علمينى الهيافه  قالت تعالى في الفارغه وتصدرى).

 حيث نلحظ أن دورالأم مهم جداً ونجاح الأم في التربية هو نجاح للذرية في الحياة.. فإذا أرادت أن تعرف الولد أو البنت في المستقبل فعليك بالنظرإلى الأم لأن البنت نسخة من الأم حيث تُطبّع بطباعها وسلوكياتها وكل شئ فيها حتى ملامحها،  أما إذا فشلت الأم فيخرج الأولاد غيرأسوياء في الحياة وعليه تكون نتيجة هذا الفشل أن يخرج الأبناء  لتجارب الحياة فيواجهوا مصاعبها ومن هنا يأتى المثل التالى ليدلل على ذلك (إبنك على ما تٍربيه)، أما تربية وتعليم البنت بصفة خاصة فلم تغفلهاالأمثال أيضاً فتقول: (إكسرللبنت ضلع يطلع لها اتنين)، (خسارة الربعيه ولا خسارة البنيه)، (البنات تحتهم عفاريت).

فهذه الأمثال تحرص على التشدد في تربية البنت وأنه من الضرورى تعليم البنت حتى لاتفشل في منزل الزوجية وأمور حياتها المستقبلية.. لماذا؟  لأن البنات فى مراحلهن الأولى نموهن يكون سريعاً ولذلك وجب العناية بالبنات وتربيتهن تربية سليمة.

وأما علاقة الأولاد بأمهم فقد يسودها الحب والارتباط التام وقد تكون جافة فيها الجحود فتقول الأمثال : (ولاد بطنى يفهموا رطنى)، (ولاد بطنى مافيهمش خير قاسيين علىّ)، (قلبى على ولدى إنفطر وقلب ولدى علىّ حجر).

  والمرأة هى الزوجة:

دور المرأة كزوجة يعدل دورها كأم، وارتباط المرأة ببيت الزوجية بعد انفصالها عن بيت أبيها  يعد رباطا ً قوياً وذلك للحماية الجديدة التى تتلقاها الزوجة من زوجها يقول المثل: (أبويا الكلب وطانى وجوزى السبع علانى) فرغم أن هذاالمثل فيه صورة واضحة لسوء الأخلاق وجحود التربية من البنت لأبيها إلا أنها تُعلي من شأن زوجها لأنه رفع من شأنها بعد أن كانت وضيعة  عند أبيها بالإضافة إلى انتماء المرأة لزوجها لأنه وفر لها بيت الزوجية.

أما مسألة اختيار البنت للزواج  فمعايير ذلك عند المجتمع تتلخص في الأمثال التالية:

(خُد رعنتهم ولاتاخدش ساهيتهم)، (خُد من الزرايب ولا تاخدش من القرايب)، (خُد الجميل واقعد قُباله وإن جعت شاهد جماله)، (خُد بنت الأصول مع الزمان تدور)، (إن كنتى وحشه كونى نغشه)، (إن كنت عاوز تمّص قصب مصّ من الوسط  وإن كنت عاوز تخطب خد  رفيعة الوسط)، أي إذا أردت أن تختار بنتاً للزواج فعليك مراعاة  معايير المجتمع الشعبى التالية:

- أن تبتعد عن الساهية  (الماكرة التى تثير الشك وتفضل الصمت ولا تتكلم كثيراً).

- أن تبـتـعـد عـن الأقـارب لأنـهـم يـلـدغـوا مثل العقارب مثلما يقول المثل (القرايب عقارب).

- أن تأخذ جميلة الوجه.

- أن تاخذ صاحبة الأصل الطيب.

- أن تاخذ خفيفة الدم والظل لأنها تأسر بجمالها من ينظراليها.

- أن تأخذ ممشوقة القوام ذات وسط رفيع وليست مصابة بالسمنة.

بينما تكون معاييراختيار الشاب للزواج فهي عند المجتمع كالتالي:

- أُخطب لبنتك ولا تخطبش لأبنك.

- خدى شايب يدلّعك ولاتاخديش صبى يلوّعك. 

- ما يعيب الراجل إلا جيبه.

- إن كان عيبه في فمه شنبه يلمه.

 أي أنك عند البحث عن الزوج المناسب لابنتك عليك مراعاة المعايير الشعبية التالية:

-   أن تبحث لابنتك عن زوج مناسب بدلا من أن تبحث لابنك لأن الولد يكون مصيره في يده أما البنت فمصيرها في يد زوجها لذا وجب أن تُحسن الاختيار وتدقق فيه جيدا.

-   أن يتصف بصفات الرجولة وتحّمل مسئوليات الزواج وتبعاته فليس هناك مصيبة أو كارثة في حق الرجل بقدر عدم قدرته على تلبية متطلبات بيت الزوجية.

  هذا وترتبط النظرة للمرأة بعد الزواج بعملية الإنجاب حيث أن المراة التى لاتنجب ليست جديرة بالحياة الزوجية لذا وجب اقتلاعها والتخلص منها، يقول المثل (المره اللى ما بتخلفش زي الشجره اللي مابتطرحش دواها قلعها).

لكن المرأة التى تنجب فتنال التقدير من الجميع ويعلو شأنها لأنها تحقق مفهوم العزوه يقول المثل (الولاّده ياما بتجيب) أما الإفراط في الحمل والولادة فهذا مدعاة للسخرية لدرجة أنها تشبه بالحيوانات تقول الأمثال:

(إصباح الخير تحبل إصباح الخير تولد)، (حبله ومرضعه وجارّه وراها أربعه وطالعه الجبل تدور على دوا للحبل وتقول ياقلة الذريه)، (عامله زى الأرنبه).

أما مشاكل الحمل والولادة فلم تغفلها الأمثال حيث تقول (الحمل تلاته وحم وتلاته سأم وتلاته شحم)  أى أن الحمل مدته تسعة شهور مقسمة إلى ثلاثة شهور الأولى تكره المرأة فيها أشياء وتميل إلى أشياء وهوما يعبرعنه بالوحم والثلاثة الثانية تصاب فيها بالضعف وفى الثلاثة الأخيرة تسترد صحتها.

كما أننا نجدالنصيحة للمرأة الحامل حيث يقول المثل (الحبله تمشى وتتمايل وتحسب إن الحبل دايم) أي على المرأة الحامل ألّا تجهد نفسها في شهور الحمل الأولى لأن الجنين فى تلك الفترة لم يكن قد ثبت ولذلك عليها الانتباه حتى يدوم الحمل.

أما عن الولادة فى أول مرة  يقول المثل (جم يولدوا ما عرفوش إتشرمطوا وولدوا حمير وجحوش) وفى ذلك سخرية من النساء اللاتى لايعرفن كيف تكون الولادة، أما النساء اللاتى عندهن خبرة فيطمئن اللاتى يلدن للمرة الأولى يقول المثل (أسى الولاده منسى) وذلك للتهوين من شأن قسوة الولادة.. إلا أن الأمر لم يكن سهلا بل إن آلامه تكون مستمرة فيقول المثل (الطلق حرب الصبايا) وكذلك (الولاده زى الحرامى) وهذا للدلالة على مفاجآت الولادة، وأما شكل االمرأة ومدى جمالها وقبحها وحال جسمها وكذا طباعها فتقول الأمثال (ماتبان البضاعة إلابعد الحبل والرضاعة) فإذا ما ولدت المرأة نزل الطفل ليقارن بين حاله قبل الولادة وبعد الولاده فيقول المثل (نزلنا من الوسع للضيق).

وإذا نظرنا إلى علاقة الزوجة بزوجها فنجد أنها تقوم على مدى ميل كل طرف صوب الآخر وفى نفس الوقت حجم شخصية كل طرف مع الآخر فتقول الأمثال:

-  قالوا بلدك فين ياجحا  قال اللى فيها مراتى 

- تعــز ميــن في الــعـــيله قال اللى بطبطب عليها كل ليله.

-  اللى تطبخه العمشه لجوزها يتعشى به.

- اللــى يقــول لمـــراته يـــاعـــوره النـــاس تلعب بيها الكوره.

-  إن كان للمره في البيت مدود هده.  

-  إن كان لسان المره جهر إقطعه.  

-  اللى جوزها يحبها الشمس تطلع لها. 

-  اللــى يســكـت ومـايـقــولـش لمراته ليه رحمة الله عليه.

- بـــوس راس مـــراتـك في الــفــرشه ولا تبوسهاش فى الجلسه.

-  شاورهم وإخلف شورهم.  

-  مره ابن مره اللى يطاوع مره. 

وهنا نجد أن الرجل إذا كانت شخصيته ضعيفة أصبحت المرأة هي كل شئ للرجل وأصبحت بلدها بلده وأنها مدللة على كل أفراد العائلة وكل شئ تطبخه يأكله الرجل  مقبولاً أو غير مقبول وأصبح رأيها نافذاً عليه ولايستطيع أن يردها في شيء أما إذا كانت شخصية الرجل قوية فهذا يكون واضحاً في المجالس وأن يكون رجلاً فى كلمته أمام الناس ويلغي مشورتها حتى ولو كان رأيها صائباً ولا يسمع لأي كلمة تقولها وكذلك  يحجمها في كلامها بحيث لاتكون سليطة اللسان عليه وعلى غيره وألا يجعلها تمتلك شيئاً ترفع رأسها به عليه.. لكن ليس معنى هذا أن يحقرها ولا أن يهينها بل لابد وأن يسود الحب والاحترام بينهما أو كما يقول المثل (يا مجامل الغُرب تفتخر بيهم جامل أهل بيتك تكسب أجرهم).

  المرأة هي الحماة:

لم يرحم المجتمع المرأة عندما تصبح حماة بل ينسى دورها الأمومي وينظر إلى دورها كحماة ورغم أن الحماة في اللغة من الحمى والعناية إلا أن الزوجة تنظر إلى حماتها نظرة عداء والزوج أيضاً ينظر إلى حماته نفس النظرة (43) لكن كيف تنظر الأمثال الشعبية للحماة، تقول الأمثال:

-  الكى بالنار ولا حماتى في الدار.

-  بلا الحما من الحمى.

-  دُعا الحما من الحمى.

-  الحما حُمه ولو كانت ملكه من السما.

-  حماتى مناقره: قال طلّق بنتها.

-  الحما عقرب تقرص وتهرب.

-  جـوّزت ابنـى لبنتى الـوش وش بنتى والقفا قفا مرات ابنى.

-  اللى مالوش حما مالوش تنا.

-  إن كـانت الغله تطلع قد التبن كانت الحما تحب مرات الإبن.

-  اللى حماتها تحبها الشمس تطلع لها.

-  بوس إيد حماتك ولا تبوس إيد مراتك.

هذه الأمثال تؤكد النظرة السابقة من المجتمع للحماة  فهى خطر على زوجة الابن وأنها من الحمى أي الموت حتى ولو كانت ملكاً من السماء، كما أنها سبب تعاسة الزوج مع زوجته فهي دائمة الحرص على تحريض الابن ليطلق زوجته الأمر الذى بسببه تُخرب البيوت العامرة لذلك تراها الزوجة كالعقرب الذى يلدغ لدغته ويهرب دون أن يراه أحد، كذلك هي مصدر البلاء الذي يصيب الزوجة نتيجة لدعاء الحماة عليها ومن ثم نجد العلاقة بين الحماة وزوجة ابنها سيئة للغاية وأنـه من المستحيل أن تصحح هذه العلاقة  في يوم من الأيام.

إلا أن هذه النظرة لها ما يقابلها فكما تسود العلاقة  السيئة بينهما فإن المثل يفتح باب الأمل أمام زوجة الابن أو زوج البنت وذلك بالنصح لزوجة الابن أن تجعل حماتها تحبها وأن تقدم لها كل خير وأن تكون أصيلة معها وأما زوج البنت فعليه تقبيل يد حماته حتى ترى زوجته ذلك فتحبه وتدوم العشرة بينهما وفى نفس الوقت يتقي شر حماته بأن تنصح ابنتها بطاعة زوجها وعدم عصيانه أو إغضابه أما إذا لم يفعل ذلك فالويل كل الويل له لأن الحماة كما هي من الحماية فهى أيضاً من الموت والهلاك.

  المرأة هي الزوجة الثانية:

 والزوجة الثانية هي الضرة - وفيها من الضرر الشيء الكثير - فهي التى تشارك الزوجة زوجها وتشارك الأولاد إرثهم لذا فالنظرة اليها تكون غير مريحة، تقول الأمثال:

- مــراة الأب خــدهــا يــارب وإن كـانت حوريه من الجنه.

- الضره تعدل العَصبه(44).

- الضره مُره ولو كانت حلق جره (45).

 أما إذا أردنا أن نقارن في العلاقات الأسرية بين الضرة (الزوجة الثانية) والسلفه (زوجة شقيق الزوج) لوجدنا أن الضرة أخف ضرراً من السلفة حيث أن الضرة قد تتفق مع ضرتها فى بعض الأحيان أما السلفات فيغرن من بعضهن البعض.. تقول الأمثال: 

- السلفه داهيه مختلفه.

- مــركـب الضــرايـر ســارت ومــركـب السـلايـف غـارت.

  المراة هي الأخت:

لقد أعتنت الأمثال بالأخت ووضعتها في المكانة اللائقة بها فنجدها تقول.

- لو بختك في حجر أختك  خُديه وأجرى.

- خُدى بختك من إيد أختك.

- حلاوة حديت الأخت للخيه سكر مكرر ياأختى ما طالته ميه.

- أنا وأُختى  نعمل فرح بنت أختى.

- يبقوا أختين ولهم طبعين.

فهذه الأمثال نجدها متناقضة.. فبعضها حريص على أن البنت يجب ألا تضيع حظها من الزواج بل لو وجدت العريس تقدم لأختها فتحرص على أن تجعله يميل لها ويترك أختها أو لو أن زوج أختها أراد أن يتزوجها فلا تمانع وهذا مدعاة للأنانية وحب النفس وفى نفس الوقت مخالفا للشرع أما البعض الآخر فيحرص على بث روح التعاون والحب بين الأختين في كل المناسبات السعيدة وغير السعيدة  ولهذا نجد الطباع مختلفة بين الأختين رغم أنهما من أب واحد وأم واحدة.

أما الزواج فهو رباط مقدس يقوم على المعاني الروحية والعاطفية أكثر مما يقوم على أي معنى آخر وهو عقد لا يراد به إبرام صفقة عابرة ولا أمر وقتي سريع الزوال بل هو عقد يقوم على اشتراك طرفيه في الحياة في شركة يراد بها الدوام والاستقرار لذا فهو مسئولية متعددة الصور متفرعة الجوانب فيه حماية للمرأة واستقرار للرجل، ورغم أن تكاليف الزواج باهظة إلا أن الزوج لن يتوقف والزوجة لن تبور لذا فقد عبرت الأمثال عن هذا بهدف إرساء الزواج الصالح صيانة لقيمة من قيم المجتمع التي تحفظ عليه تماسكه ولتثبت دعائم الأسرة على أساس سليم  فنجد مثلاً (الجواز قسمه ونصيب) و(أول بخت ما يتعوضش) وفي هذا يظهر إيمان الناس بالحظ والنصيب حتى أن هذا الإيمان يكون في أكثرالأحوال منقذاً للأب للتخلص من الخاطب الغير مرغوب فيه فيقول له (ما فيش نصيب) وكأن هذه الكلمة السحرية فيها الرد الشافي رغم  قصرها كجملة وقلة حروفها إلا أنها لاتحتاج إلى أي تساؤل آخر... أما إذا كان فيه نصيب فقد يكون للغريب أو للقريب وهنا لايهم الغنى والفقر بل يقول المثل تفضيلاً للفقير (خدوهم فقرا يغنيكم الله) إلا أن هناك من يرى ضرورة في زواج الأقارب فيقول (آخد ابن عمى وأتغطى بكمى) حيث أن ذلك صيانة للعرض وحماية للحم العائلة أما الجانب الآخر فيرى أن (جواز القرايب ندامه) و(إن كان لك قريب لاتشاركه ولا تناسبه) لأن (الدخان القريب بيعمى) لذا (خد من الزرايب ولا تاخدش من القرايب) لأن (بنت الأصول  على الحلوه والمره بتعيش) وأيضا (الأصيله أصلها يرد عليها).

ولأن بدايات الزواج وعملية الاختيار تكون صعبة ومليئة بالمشاكل نجد المثل يقول (قبل ما تناسب حاسب) وكذلك يحذر من يتصدى لهذه الأمور قائلاً (إمشى في جنازه ولا تمشيش في جوازه) إلا أن ذلك لا يمنع من السير في هذا الطريق لأنه ( يا بخت من وفق راسين فى الحلال).  

فإذا ماتمت الخطبة وجب تقديم المهر إلا أن مسألة المهر ليست قضية المخطوبة أو والدها فقط بل لها امتدادات اقتصادية ودينية واجتماعية وربما تكون أبعد من هذا لذا يحرص المثل على مطالبة المجتمع بالاعتدال فى هذا الأمر وعدم المغالاة في المهور لأن الأهم الحياة التي ستأتي بعد الزواج فيقول (المهرتقليه والرك على العيشه الهنيه).

وإذا ما تزوجت قد تكون قريبة من أهلها أو بعيدة عنهم فهى في كل الأحوال لايهنأ لهم بال إلا إذا اطمأنوا عليها  لذا يقول المثل (إن جوزت بنتك غريبه حضّر لها حمار وزكيبه) وذلك حتى لاتظهر أمام أهل زوجها بأنها فقيرة  وأنها كانت قبل الزواج (ما كانتش شبعانه في بيت أبوها)... هذا إذا سارت الأمور على طبيعتها وعاش الزوجان معا بدون مشاكل الحموات حينئذ تكون الحياة طبيعية لأن (بصلة المحب خروف) و(مراية الحب عميه) وأيضاً (إن كانت الأوده قد المعصره ما تسعش غيرالراجل والمره ) أما إذا  سارت الحياة عكس ذلك  فالرجل (عينه تندب فيها رصاصه) لأن المرأة لا تعرف معنى المثل الذى يقول (قصقصى طيرك ل يلوف بغيرك) ولا تعرف معنى المثل القائل (يا مآمنه للرجال يامآمنه للميه فى الغربال) لأن الرجل هنا سيتزوج على زوجته ويصبح (جوز الأتنين يا قادر يافاجر) أو (جوز الضراير غندور) وبالتالى تغار المرأة لأن (اللى ما بتغرش على بعلها حلل الله قتلها) ولأن (الست زي الفريك ما بتحبش شريك) و(الغيره تعلّم الحيره) وهنا تكون (غيرة المرة مفتاح طلاقها) لذا يقول عليها الناس (إيه عملت الحره إتجوزت وإتطلقت) أما (إذا صبرت الصبيه في بيتهأ عمّرت) لأنه (ما فراق إلا بالخُنّاق)  وفي نفس الوقت يجب أن تكون واثقة من نفسها لأنها لا تقل في أنوثتها عن أى إمرأة أخرى ولذا يقولون لها (حُطى جوزك فوق السطوح إن  كان من نصيبك لم يروح) هذه النظرة جعلت بعض النساء يفضلن حياة العزوبية  لأن (العازبه جت تشتكى  لقت المتجوزه بتبكى) ولأن (العزوبيه ولا الجوازه العار)  و(قعدة الندامه ولا الجوازه الندامه) وكذلك (لااتجوزت ولا خلى بالى وتنى  قاعده على حالى) و(كانوا بيحسبوا الجواز هديه لقوه رزيه ).. إلا أن العزوبية لها سبب آخر غيرالزواج الفاشل ألا وهو تكبر البنت على من يتقدم لخطبتها ولم ترض بنصيبها فهى ترفض في بداية الأمر وتندم في آخره وهنا يقول المثل (خطبوها إتعززت فاتوها إتندمت).

ثم نأتي لنرى نظرة المجتمع للمرأة والتى تباينت عبر عصور مصر المختلفة فنجد  أنها في العصر الفرعوني(46) كانت الشريك الوحيد للرجل في حياته الدينية والدنيوية من خلال عقود الزواج الابدية طبقا للمبادئ الدينية الفرعونية بل تعدت هذه المكانة ووصلت إلى درجة التقديس فظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور بل أن آلهة الحكمة كانت فى صورة إمرأة والآلهة ايزيس كانت رمزا للوفاء والإخلاص، كما أنها استطاعت أن تتولى عرش البلاد مثلما تولت الحكم (حتب) أم الملك خوفو، و(خنت) ابنة منقرع، و(أباح حتب) ملكة طيبة، و(حجشبسوت) ابنة آمون، و(تى) زوجة اخناتون و(كليوباترا)، كما عملت المرأة بالقضاء مثل (نبت) و.....، وعلى صعيد التشريعات والقوانين  فقد حظيت المرأة الفرعونية بتشريع الرباط المقدس الذى تحظى فيه بالاحترام المتبادل بينها وبين الرجل باعتبارها ربة  البيت والمتحكمة الأولى فيه، ناهيك عن حقها فى ثلث مال زوجها فى حال تطليقها بدون سبب، وحقها فى أن تدفن معه فى المقبرة، وحقها الكامل فى التعليم اعتبارا من سن الرابعة.

اما اليوم فعلى المستوى الرسمي وعلى الرغم من وجود دستور للبلاد يكفل لها الحقوق التى كفلها لها الإسلام الا أن الموروث الثقافي في المجتمع الشعبي المصرى إبان عصور الاحتلال وما نتج عنه من جهل وفقر ومرض وتخلف عانت منه المرأة أكثر من الرجل أفرز لنا نظرة - كما نلمسها في الأمثال الشعبية في كل الأحوال- نظرة سفليه دونية  ذلك لأن المرأة أقوى من الرجل بحيلها وكيدها  يقول المثل (لاتآمن للمره إذا صلت ولا الشمس إذا ولت) و(كيد النسا غلب كيد الرجال) لماذا؟.. لأن (النسا نساية المعروف والوليه بتولول عليه يوم ما يموت والمره بتمرر عليه عيشته) وهكذا نجد أن النساء يتفوقن على الرجال  في الكيد والخديعة والمكر  لذلك (قاضى النسا شنق روحه) من كثرة حيلهن ومشاكلهن أما (إذا حبيت تكيد راجل سلط عليه مره) إلا أن قوة المرأة ليست فى الكيد والمكر والخديعة فقط وأنما فى قدرتها  على اللعب بعقول الجبابرة وهز العالم برقتها وحنانها ولطفها من أجل نظرة استخفاف تجعل (الرجاله عند أغراضها نسوان) وذلك راجع لأنه (إن غابت الرجاله النسوان سابت) لذلك لايحب الرجل في المرأة أن تكون سيئة الخلق لأنها إن فعلت ذلك تكون ساقطة (وماشيه على حل  شعرها).

إلا أن النظرة السفلية للمرأة لم تكمن في هذا الجانب فقط بل نجد تلك النظرة أيضاً في أنها ناقصة عقل لأنه (لاعاقله ولاأمها تهديها منين العقل يجيها) لذا يجب عدم الأخذ برأيها ومن هنا ينصح  المثل الرجل بأن (يشاورها ويخالف شورها). 

وأيضا ينظر المجتمع للمرأة بأنها مصدر القلق لذا يقول المثل (من يريحهم يتعبوه ومن يتعبهم يريحوه) لأن (النسوان هدايا ورزايا) ولأن (النسوان تركب بمليم وتنزل بملايين) وأيضا (النسوان زى القطط تاكل وتنسى) و(المره لها خرجين واحد قدام وواحد ورا الطيبه تحدفها ورا والسيئه تحطها قدام)  و(حبيبتك في النسا تبيتك من غير عشا) و(الميه مية الرحمن والوساخه من النسوان) كل هذه الأمور تسبب القلق فى حياة الرجل.

كذلك يرى المجتمع فى المرأة بأنها غير قادرة على كتمان السر لذلك يقول المثل (إن كان لسان المره جهر أقطعه) لأنه إن أعطاها سره ندم و(ياويله اللى علته مرته يموت والطبيب حداه) لذلك يكون (مره ابن مره اللى يدى سره لمره)، وأيضا المرأة إذا ملكت تجبرت  لذلك يقول المثل (إن كان للمرة مدود في البيت هده).

لكن رغم كل ماسبق من نظرة متدنية للمرأة في المجتمع إلا أن هناك من أنصفها وأعطاها شيئاً من حقها  فـ (الحسن والجمال زمانه بينقضى والعقل والحشمه خيار البضايع) و(بنت الأصيل تخاف من العار ولو بالنار ضربوها) و(بنات الحراير دخاير) و(بكره يقعد ع البساط وينقى ست الستات) و(شورة المره بتجارب سنه) وغير ذلك كثير....

الجانب الديني:    

من مجموع الأمثال المصرية يمكن أن نستخلص معتقد الشعب المصرى في الله تعالى، والإيمان به كخالق للكون، وحافظ لنظامه، ومتصرف فى شئونه، وقريب جدًا من الإنسان. والملاحظ هنا عدم وجود أي نوع من التردد، أو الحيرة، أو الشك، أو حتى اللغط الذي ساد مقولات علماء اللاهوت والعقيدة الذين أرهقوا أنفسهم بها في مؤلفات مطولة، وفيما يلي عناصر هذا المعتقد(47):

-  الإيمان بالله عن طريق العقل (ربنا ما شفناه .. بالعقل عرفناه).

-  والله واحـــد، كـمـا أن العـمـر - ببساطه - واحد(الرب واحد، والعمر واحد).

-  والله مـلك الكون كله (صبحنا، وصـبح الملك لله).

-  وهـو وحده الغني، الذي لا يفتقر إلى أحد (ما غنى إلا الله).

-  وهو الذى خلق الحياة وقدّر الموت (ما يا اخذ الرقبه (الروح) إلا اللى خلقها).     

-  ومن حكمته أنه جعل أقدارنا في الحياة مختلفة، لكنه يسوي بيننا جميعًا في الموت (ربنا ما ساوانا إلا بالموت).

-  وفي أي مكان سواء أقمنا أم رحلنا، فالله موجود، وهو معنا (رب هنا.. رب هناك)

-  وكما أنه تعالى خلقنا، فهو الذى يرزقنا (الأرزاق على الله، (يرزق الهاجع والناجع، واللى نايم على صرصور ودنه)، (ربك رب العطا.. يدّى البرد على قد الغطا).

- وعلى الإنسان ألا يرهق نفسه كثيرا في محاولة حل المشكلات الأكبر من قدرته، لأن الله تعالى يتولاها بنفسه (العبد فى التفكير، والرب فى التدبير)، (تبات نارتصبح رماد، لها رب يدبرها)

-  وبالنسبة للظالم، فإن (ربك يمهل ولا يهمل)  

-  أما المظلوم أو الضعيف، فإن الله تعالى يتولاه وهو الذي يدافع عنه (الزعره.. بينش عنها المولى)، بل أحيانا يعطي الضعيف حتى يندهش لذلك القوي (يعطي الضعيف لما يستعجب القوى)، ولذلك فإن المظلوم عليه أن يتجه إلى الله وحده، وليس إلى أحد غيره (الشكوى لغير الله مذله).  

-  وعموما فإن ما يقع للإنسان في الحياة مقدر بمشيئة الله، ولا شك أن هذا يبعث على اسـتـقـرار الطـمأنيـنة بـالقـلب (الخـيره فيـما اخـتاره الله).

-  وذلك لأنه أعلم بالإنسان ظاهرا وباطنا، بل إنه أقرب إلى أهم عضو فيه، وهو القلب بكل ما يجول فيه من عواطف ومشاعر وأحاسيس (ربك.. رب قلوب)  

-   وعلى الرغم مما يشاع من أن المصريين يميلون إلى الإيمان بالمقادير وبالتالى يسود بينهم عدم الاعتراف بالمسئولية الفردية الا أنهم يعترفون بأن كل انسان محاسب على مايعمل وأنه ستحمل تبعات تصرفه لذا نجد من الأمثال ما يؤكد ذلك تماما ومن ذلك (كل انسان معلق من عرقوبه).

-  إلا أن الإحساس الديني العميق لدى المصريين يربط بين الدنيا والدين (الدنيا أصلها الدين).

-  وكذلك يـربطها بـالآخرة (الدنيا ما تغنيش عن الآخره).

-  أما الموت فقد شاع عن المصريين القدماء احتفاءهم بالموت، وإعدادهم القبور وتشييد الأهــــرامات لاستقباله، وإقامة الطقوس المصاحبة واللاحقة له. لكن يبدو أن الأمثال الشعبية المصرية تقدم صورة مغايرة تمامًا لموقف المصريين من الموت، ولعل الصورة الأولى هي التي كانت تعبر عن الموقف الرسمي للدولة، حيث كان الكهنة هم الذين يصـــوغـــون المعتقدات، ويـكرســونها أمـا نــظرة المصــري بعد الفتح الاسلامي وحــتى الآن فـتبايــنـت لذا قالت الأمثال: (الف نومه بكدر ولا نومة تحت الحجر)، (أقل عيشه أحسن من الموت)، (ماكفى الميت موته  حتى عصره القبر)، (حزنى عليك يا ساكن التربه).

-  صحيح أن الموت حق، وهو كأس داير بين الناس    (الموت على رقاب العباد)، (الموت كاس ، وداير على الناس)، (ابن يومين ما يعيش ثلاثه)،  (كل عيشة وآخرها الموت).

   لكن بعض الأمثـال سـوت بن الموت والخراب:

-  موت وخراب ديار )، (وفي الموت يتساوى الفقير والغني)، (في القبر بيدلّى أبو جوخه وأبو فَلّه - نوع من الكتان الغليظ).

  -  كما ينتهى الحال بالمعجب بنفسه، سواء بماله أو بجاهه (بكره تموت يا أبو جبه وأعمل لك فوق قبرك .. قبّه).

 -  وفي أحد الأمثال، يعلن أحد المتزوجين أنه كان يتمنى ألا يتزوج أبدًا، ويعيش دهره أعزب، ولا يفقد رفيقة عمره بالموت (أعزب دهر، ولا أرمل شهر).

  كما تبدي بعض الأمثال الدهشة من أن الموت قد يصيب الأصحاء، بينما يتجاوز عن المرضى والضعفاء (اشحال ضعيفكم (عيانكم)؟ قالوا: قوينا مات).    

 - لكن شعور الرضا يعود فيسيطر على الإنسان المصري، لثقته بأن الذي يقبض الأرواح هو الذي وهبها، وهو - أيضًا - القادر على التعويض بغيرها (الله جاب، الله خد، الله عليه العوض)  

 هذا وقد توصل الإنسان المصري إلى مجموعة من الحقائق الإنسانية التي وصلت عنده إلى مستوى المعتقدات، ولذلك نراها ما زالت سارية حتى اليوم في أحاديثه مع الآخرين، كما أنها تبرز في مختلف المواقف التي يتعرض لها في حياته اليومية، فتساعده على مزيد من التحمل، أو تفتح له طاقة أمل في جو عام من اليأس، ومن ذلك: (آخر الحياة الموت)، (المكتوب ما منوش مهروب)، (ما بين الخيرين حساب)، (كلمة (ياريت) ما تعمر بيت)، (كل واحد له شيطان)، (كل شى فى أوله صعب)، (كل إنسان فى نفسه سلطان)، (عمر المال الحلال ما يضيع)، (اكتم سرك .. تملك أمرك)، (الهروب نص الشطاره)، (الغربه تعلم)، (الصبر مفتاح الفرج) ، (اخلص النيه وبات فى البريه)، (ترك الذنب ولا طلب المغفره)، وفوق كل هذا نجد الأمثال الدينية تدور أيضا حول العبادات  من صلاة (الصلاه عمود الدين)، (الصلاه في وقتها أحسن من الدنيا وما فيها)، (اللى يتوضا قبل الوقت يغلبه) وصيام (صام صام وفطر على بصله) وحج (ياللى  عليكى الحيضه الحجه لصاحب البيضه).

 الجانب النفسي:

بما أن المثل يلعب دورا تربويا وأخلاقيا ودينيا فهو كذلك يلعب دورا نفسيا عن طريق تهدئة النفس البشرية، والتفريج عن همومها وأتراحها، ومن الأمثال التي تلعب هذا الدور النفسي نجد (اجرى يابن آدم جرى الوحوش غير رزقك لم تحوش)، (اعمل الخير وارميه البحر) فهذان المثلان يقومان بدور تهدئة النفس البشرية حول أمور يجب أن تؤخذ ببساطة وأن تترك مقاديرها لله تعالى، كما أن الجانب النفسي لم يقف على هذا الحد بل يمتد الى أمور أخرى تحاكي الواقع وتحلله وتفسره للعمل بها وهي بمثابة إرشاد وتوجيه نفسي للأفراد ذوي الخبرات المحدودة للعمل بها ووضعها في الحسبان وللاستفادة منها في حياتنا اليومية بهدف الحياة السعيدة والتي تعتبر المطلب الأول والأخير في حياتنا العامة والاجتماعية، ومن ثم فالأمثال الشعبية لها فوائد وأهمية كبرى في توجيه الذات وفي فهم أنفسنا وحياتنا ومن ذلك (عقلك في راسك تعرف خلاصك) وهذا معناه أننا إذا فكرنا تفكيراً سليماً عقلانياً وواقعياً لخلصنا من كثير من المشاعر الأليمة التعيسة ولنجونا من أثار الانفعال الذي قد يضاعف أحزاننا فالغضبان قد يعتدي وإذا اعتدى سيعتدي عليه أو يعاقب وبالتالي يطول مسلسل التعاسة ويتفاقم، وأيضا (القناعة كنز لايفنى) أى أن القناعة تفكير وتدريب، فإن تأملت مثلا في ميزات زوجتك إن كنت متزوجا  ووعيت أن كل امرأة فيها نقص وأن الميزات التي في زوجتك تكفيك لعشت في سعادة وسلام. ولو تأملت أن المناصب سلاح ذو حدين تأخذ شيئا وتعطي أشياء، وعلى حساب أشياء كثيرة، واقتنعت بما لديك أو بما تسعى إليه، لكنت أكثر استقرارا وسعادة ولا بأس أن كنت تطمح ولكن دون قلق ودفع ثمن باهض، فهنا يعود الموضوع إليك، ولو عرفت أن المال وسيلة وإنه عندما يصبح غاية يضيع العمر قلقاً وجهدا وزمنا في جمعه فقد تسببت لنفسك بالأذى ومن هذا الأذى التعاسة لذا تكون القناعة كنز لا يفنى، وكذلك (اذا عرف السبب بطل العجب) وهذا معناه أنه عندما يعترضنا موقف من المواقف المثيرة أو المخيفة أو المقلقة ولا نعرف أسبابه فإننا نتعجب ونذهل ونتوتر ونبحث عن تفسير وعندما لا نجد تفسيراً صحيحاً قد نلجأ للتفسير الذي يقابلنا لأول وهلة والذي قد يصادف أنه تفسير جاء من قبل شخص مغرض أو حاسد أو مستفيد - وما أكثر المستفيدين - فقد نختار تفسيراً غير دقيق لم نتأكد منه،  وقد يؤدي هذا التفسير إلى تصرف خطأ يؤدي إلى نشوء مشكلة ليست لها نهاية، وعندما تتضح الأسباب الحقيقية ويتضح للشخص أنه كان على خطأ يزول العجب ويقل التوتر المتعلق بموضوع الشك ولكنه قد يندم على ما فعل بسبب تفسيره الخاطئ وأحيانا تعالج المشكلة وأحياناً تتفاقم ويصعب حلها.

الجانب الفلسفي:

منذ عهد الفراعنة ونحن نلتقى بثروة ثمينة من الحكم والنصائح التي تختصر الكثير من التجارب الإنسانية(48)، والتي كان يقدمها أصحابها من ذوى الخبرة إلى أبنائهم لكى يعملوا بها في شئونهم اليومية أو يستهدوا بها في حياتهم. ومن خصائص تلك الحكم والنصائح أسلوبها السهل المباشر، والذي كان يعتمد على الاختصار مما يقربها كثيرا من الأمثال الشعبية.

   يقول الحكيم بتاح محب:

لا تقس قلبك حين القسمة، ولا تبتغ ما لا يخصك، ولا توغر قلبك إزاء أقاربك، وإنه لتافه ذلك الذى يستأسد بين أهله، وهو محروم من حصائد الحكمة، والشىء الطفيف الذي يطمع فيه يولد البغضاء حتى في صاحب الطبيعة الباردة، ولنقارن الجزء الأخير بالمثل الشعبى (اللقم تمنع النقم) (اطعم الفم تستحى العين).

ويقول أيضا: اقض اليوم في سعادة ، ولا تجهدن من نفسك، فإن أحدًا لن يأخذ متاعه معه، وليس في قدرة إنسان قد ولى أن يعود ثانية، ويقارن ذلك بالمثل المشهور (ماحدش واخد منها حاجه) وأيضًا (مال الكنزى للنزهى) أي أن الذي يكنز المال لن يتمتع به لأنه سيتركه لوريثه الذي سوف يتنزه به.

   ويقول الفلاح الفصيح في شكواه:

إن لسان الرجل قد يكون سبب تلفه، وهو المعنى الموجود في المثل الشعبي القائل (لسانك حصانك: إن صنته صانك، وإن خنته خانك) وكذلك (جواب النحس على طرف لسانه).

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد أن الأمثال المصرية تثبت أن الشعب المصري ليس شعبا حالمًا ولا خياليا، وأن الواقع كان دائما جزءًا لا يتجزأ من حياته. وقد كان اتصاله بهذا الواقع عميقا ومتنوعا، واستطاع من خلال التعامل معه الذي يتطلب استخدام الحواس أن يصل إلى حقائق، كان يقوم بالاستفادة منها، وتسليمها إلى الأجيال اللاحقة يقول المثل المصري - قبل ظهور المنهج التجريبى الحديث في القرن السابع عشر فى أوربا: (لسان التجربه أصدق).

وعندما يقول مثل آخر (اسأل مجرب، ولا تسأل طبيب) فليس معنى ذلك عدم الثقة في الطبيب، لأن الطبيب في ذلك الوقت لم تكن لديه خبرة المجرب.

وعن الملاحظة، يقول المثل المصري (عينك ما تغشك)، وعندما يعرض البضاعة، فإنه لا يخفي منها شيئا (على عينك يا تاجر)، وبعيدأ عن الفكر الخرافي، يقول المثل المصري (كل شيء له سبب) وكذلك (إذا عرف السبب بطل العجب)، ولكل شيء في الوجود، وأيضا في الحياه: بداية ونهاية (اللى له أول  له آخر)، ولكي لا يتوه الإنسان في مجردات عقلية (آدى السما، وآدى الأرض)، (آدى البير، وآدى غطاه)، ولمعرفة حقائق الأشياء، يستدل عليها بمعالمها (ابريق انكسر، وآدى بزبوزه)، (حمار، وآدى ديله)، ومن التجارب العملية (البيض الخسران يدّحرج على بعضه)، (لو كانت تمطر كانت غيّمت)، (الميه ما تجريش في العالى)، (السيف ما يدخل إلا فى جرابه)، (حصوه تسند الجره)، (اللى فى الدست، تطلعه المغرفه)، (يوم الهدد ما فيهشى بنايه)، (اربط صباعك مليح لايدمى، ولا يقيح).

ومن التجارب الصحيحه أيضا أن يقوم بالعمل المؤهلون له (إدى العيش لخبازينه ولو ياكلوا نصه)، كما أن تنفيذ الأمور يتطلب توفير الوسائل (إديه دقيق، وخد عيش)، (اطبخى يا جاريه كلّف يا سيدى).وبالتالى فإن من أكبر الخطأ القيام بالأمر المستحيل، وترك الأمور للظروف (يمشي على الحيطه، ويقول: يارب سلم)، ومن الذكاء الفطري (الجواب يتعرف (أو يتقرى) من عنوانه)، ويمكن أن نتيح للشخص فرصة واثنتين، أما الثالثه فهي النهائية (التالته تابته). أما الأدعياء الذين ينسبون لأنفسهم أمورًا غير معقوله، فأيضًا تقوم التجربة العملية بفضح دعواهم (الميه تكدب الغطاس)، (خليك ورا الكداب لحد باب الدار)، ( قالوا : الجمل طلع النخله  قلت آدى الجمل وآدى النخله). ومن التجارب التي يمكن أن تستفيد منها الشرطة في القبض على الجاني المجهول (وهذا ما يحدث الآن في علم الأدلة الجنائية) (الفتله  تبين العَمْله)

   تجربة المصري مع الواقع عميقة ومتنوعة، ولذلك فإن معظم مشكلاته كان يجد لها حلا، أو على الأقل، يعتقد في وجود حل لها، وهذا يعني عدم وجود المستحيل (كل عقده، ولها حلال).

لكن هناك (عقدة) في لوح الخشب هي التي توقف النجار عن الاستمرار في قطعه بصوره مستقيمة أو معتدله (العقده تغلب النجار).

لكن من أجمل الأمثال المصرية، ذلك المثل الذي يبين فائدة البكاء عند وقوع البلاء (لولا الدموع  لاحترقت الضلوع).

أما الأمثال التي تحكي تجارب المصريين  فى مختلف مظاهرها اليومية والمستمرة  نجد منها على سبيل المثال: (أكبر منك بيوم .. يعرف عنك بسنه)، (نص العمى، ولا العمى كله)، (نزول البلا، ولا انتظاره)، (ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه)، (قشش على ميتك تسخن)، (الخساره اللى تعلم   مكسب)، (الليّن ما ينكسرشى)، (دارى على شمعتك تقيد)، (الهم في الدنيا كتير بس مفرّق)، (من وفر شىء قال له الزمان: هاته)، (من عادى الرجال ما ينام الليل)، (القاضى إن مدّ إيده  كترت شهود الزور)، (الجرى نص الشطاره).

وبقــراءة مـا ســـبق مــن أمـــثال يــمــكـن اســتــنــباط المـــلاحــظات الـــتــالــــية:

    أن الفلسفة الشعبية في الأمثال تبتعد عن روح التحليل‏.

    أن مصادر الفلسفة الشعبية لا تعرف الدهشة فالمفكـر الشعـبي في المثل دائم المراقبة للواقع والمحيط‏ به.

    أن الفلسفة الشعبية لا تسعى لاعطاء منهج للتفكير ولا لتكوين مذهب.‏

    أنها فلسفة موقف لا قضية أي النصح المؤقت للتصرف حيال ظروف عارضة.

 الجانب السياسي:

في هذا الجانب نجد الأمثال تعبر عن الحياة السياسية للمصريين(49) وتتناول الحاكم وسطوته في الحكم فمثلا (سيف السلطنه طويل)، كذلك لابد من وحدة الحاكم، لأن (المركب اللى فيها ريسين .. تغرق)، (إذا كترت النواتيه غرقت المراكب)، وبالطبع نلتقي بالمثل الذي يقول(سلطان غشوم .. خير من فتنة تدوم)، (ضرب الحاكم شرف) وبالطبع لا يمكن أن يصدرمثل هذين المثلين من الشعب المصري بقدر ما يحتمل صدورهما  من السلطة الحاكمة لتبرير وجودها، على الرغم من عسفها، لكن الشعب يعود فيخاطب الحاكم بأن منصبه معرض للزوال، ولذلك ينصحه بالعدل (يا والى لا تجور.. الولايه لا تدوم)، ويتوعد الحاكم الظالم بمصير محتوم (يا ظالم لك يوم)، لكنه يكاد يئن من الشكوى حين يقول (حكم القوى على الضعيف)، ولذلك كان الشعب المصري ينعم بالطمأنينة عندما ينام الحاكم ، والمقصود هنا النوم الحقيقي، لأنه لا يمارس سلطاته المطلقة في الظلم والتنكيل (نوم الظالم عباده) .

وهناك بعض الأمثال المصرية التي ترصد بعض اللمحات الهامة في سلوك الحكام، ومن ذلك (زى الحاكم .. مالوش إلا اللى قدامه)، (لا تأمن للأمير، إذا غشك الوزير)، (ذل العزل يضحك من تيه الولايه)، ولذلك توصي بعض الأمثال الناس (المساكين) بمجاراة سياسة الحكام لكى ينجوا من الظلم، أو تنالهم بعض الخيرات (ارقص للقرد فى زمانه (أو دولته)، (اللى بياكل عيش السلطان يضرب بسيفه)، لكن في المقابل من ذلك نجد أمثالا تدعو الناس إلى الابتعاد تمامًا عن محيط السلطان، لأنه لا يأتي منه إلا الشر (السلطان.. من بعد عن السلطان)، (من أكل مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد حين)  ومع ذلك فإن المصريين حين يخلون إلى أنفسهم، ويأمنون من شرور الحاكم يمكنهم أن يفضفضوا برأيهم فيه (السلطان ينشتم في غيبته)، أما المثل الذي يقول: (ابن الحاكم يتيم)  فله تفسيران الأول أن حال ابن الحاكم يشبه اليتيم حيث لا يتفرغ له والده، أما الثانى أن الحاكم تنتهى حياته عادة بالقتل على أيدي منافسيه ، وهكذا يتحول ابنه إلى يتيم حقيقي   وعلى أي من التفسيرين فإنه يصور مأساة الحاكم الذي يسبب المآسي للمحكومين، وعن مصر نجد المثلين التاليين:

    الأول: مصر للغريب .. أول سنة، تضيق زى الميم .. وتانى سنة تفتح زى الصاد .. وتالت سنة تتسع زى الراء.

والتحليل المبدئى البسيط لهذا المثل يظهر أنه من إنشاء العصر الإسلامى، وخاصة بعد انتشار اللغة العربية المكتوبة.

    أما المثل الثانى فيقول: ديار مصر .. خيرها لغيرها أو لغريبها.

وهذا المثل رغم بساطته يؤكد حقيقة تاريخية لا مجال للشك فيها طوال عهود الاحتلال الأجنبى الذى مر على مصر أن المستعمر دائما كان ناهبا لخيراتها ودون أن يعود على أهلها بشيء.

  الجانب الفكاهي:

كطبيعة الشعب المصرى تتميزالأمثال الشعبية بخفة الدم، التي يمكن تحليلها بأنها نوع من الرصد الفكاهي للأحداث والشخصيات التي تمتلئ بها الحياة، ولا يستطيع أن يتوقف عندها سوى شعب عركته التجارب الصعبة، وتمكن من تجاوزها ليس فقط بالصبر عليها، وإنما أيضا بالسخرية منها، وصياغة النكتة اللاذعة حولها:

- قالوا للجعان: الواحد في واحد بكام؟ قال: برغيف.

- قـالوا للأعمى: الـزيت غـلى قال: فـاكـهة مستـغـنى عـنـها.  

- قـالـوا للأعور: الـعـمى صعـب  قــال: نـص الخـبر عندي.  

- مزين فتح .. بأقرع استفتح.

- حزينه ما لها بيت اشترت مكنسه وزيت.

- التقوا بقرد يبول فى المسجد قالوا له: الله يمسخك قال: بس يعملنى غزال.

- قالوا: عد غنمك يا جحا؟ قال واحده واقفه وواحده راقده.

 - طمعنجى بنى له بيت فلسنجى سكن له فيه.

- إن مات حمار القاضى كل الناس تعزى القاضى وان مات القاضى ماحدش يعزى الحمار.

-   ضربوا الأعور على عينه قال: خسرانه خسرانه.  

-   قالوا للقاضى يا سيدنا الحيطه شخ عليها كلب ؟ قال: تنهدم سبع، وتبنى سبع قالوا: دى اللى بيننا وبينك؟ قال: أقل الماء يطهّرها  .

- قالوا للديب ح يسرّحوك فى الغنم ؟ قام عيّط  قالوا: دا شىء تحبه؟ قال: خايف يكون الخبر كذب.

- تفوا على وش الرزيل قال : ده مطره.

- جه للأعمى ولد قلعوا عينه م التحسيس.

- خالتى عندكم ؟ ماجاتش.

- حلم القطط كله فيران.

- حسنهْ .. وانا سيدك.  

- جينا نساعده فى دفنه أبوه خد الفاس ، وهرب.

- إيه ياخد الريح م البلاط؟ 

-   إيه تعمل الماشطه فى الوش العكر؟ 

-  جنازة غريب لا وراه، ولا قدامه .

-   جاريه وصينيه .. على بدنجانه مقليه. 

-   كان يحلف بقطع إيده صار يحلف بزكاة ماله.

التقويم القبطي في حياة المصريين:

يقول المقريزي في خططه (فصل الربيع في أمشير وبرمهات وبرمودة وبشنس، وفيه نجد مصر في هذا الزمان أياما معتدلة نقية صافية لا يٌحس فيها بحر  ظاهر ولا برد ولا رطوبة ولا يبوسة، وتكون الشمس فيها نقية من الغيوم وقد يعرض في أول هذا الفصل أيام شديدة البرد، وذلك في أمشير وعلة ذلك دخول فصل الربيع في فصل الشتاء وتكثر فيه الرياح، ثم يدخل فصل الصيف في آخر بشنس وبؤونة وأبيب وبعض مسرى فيشتد الحر واليبس وتجف الغلات وتنضج السمار، ثم يدخل الخريف من النصف الأخير من مسرى ثم توت وبابة وبعض أيام هاتور وتكثر فيه الرطوبة، ويوجد في هذا الفصل أيام شديدة الحر ويشتد اضطراب الهواء، ثم يدخل فصل الشتاء من النصف الآخر من هاتور ثم كيهك وطوبة)(50).

كذلك يتحدث المؤرخ أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن زولاق في كتابه فضائل مصروأخبارها وخواصها فيقول "ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء وثلاثة أشهر مسكة سوداء وثلاثة أشهر زمردة خضراء وثلاثة أشهر سبيكة ذهب حمراء، فأما اللؤلؤة البيضاء فان مصر في أشهر أبيب ومسرى وتوت يركبها الماء فترى الدنيا بيضاء وضياعها على روابى وتلال مثل الكواكب قد أحيطت بها المياه من كل وجه فلا سبيل الى قرية من قراها الا في الزوارق، وأما المسكة السوداء فانها في أشهر بابة وهاتور وكيهك ينكشف الماء عن الأرض فتصيرأرضا سوداء وفي هذه الأشهر تقع الزراعات أما الزمردة الخضراء فانها في أشهر طوبة وأمشير وبرمهات يكثر نبات الأرض وربيعها فتصير خضراء كأنها زمردة، وأما السبيكة الحمراء فانه في أشهر برمودة وبشنس وبؤونة يتورد العشب ويبلغ الزرع الحصاد فتكون كالسبيكة التي من الذهب منظرا ومنفعة"(51).

بهذا الوصف الدقيق للطقس في مصر استطاع المصريون أن يضمنوا أمثالهم الشعبية شهور السنة القبطية وما يتعلق بها من ظروف المناخ وربطوها بسلوكياتهم الاجتماعية ونشاطهم الزراعي وهي على النحو التالي :

     لا خير في زاد بييجي مشحوط ولا نيل بييجي في توت وذلك لأن مياه نهر النيل تبدأ في  النقصان فى شهـــر تــوت ومــن ثــم فـــلا زراعة انتظارا لقدوم الفيضان وبالتالي يكون الخير شحيحا (مشحوطا) بسبب الجفاف.

    في بابه خش واقفل البوابه وذلك لأن حرارة الجو والرطوبة تكون عالية ومن ثم وجب الاحتراز والاحتماء داخل البيوت.

    في كيهك صباحك مساك، شيل ايدك من غداك وحطها في عشاك وذلك لأن نهار هذا الشهر يكون قصيرا وليله قصيرا ومن ثم تتقارب فيه أوقات الطعام حيث تنتهي من الافطار يحل موعد الغداء ولا تنتهي من الغداء ليأتي وقت العشاء.

    طوبه أبو البرد والعقوبة وذلك لأن  برد مصر مٌركز في شهر طوبة حيث تلفح سياط البرد الوجوه وتسلق الابدان ومن ثم فشهر طوبة  هو أبرد شهور السنة في مصر وحول نفس المعنى نجد (فتى ياطوبه ما بلّيتى عرقوبه)، (أبرد من مية طوبة).

    أمشير أبو الزعابيب الكتير فيه النهار يزيد ضل حصير وذلك لأن رياح الخماسين تهب فيه محملة بالأتربة والغبار.

    طوبه تقول لأمشير ادينى عشره منك أخلى العجوزة جلدة والصبية قردة وذلك لأن أول عشرة أيام  من أمشير تسمى برد العجوزة وهي أيام قارسة البرودة.

    مهما تعمل ياأمشير فيك روايح من روايح الصيف وذلك لأن أمشير هو مرحلة الانتقال من الشتاء الـــى بـــوادر الــربيـــع ومــن ثــــم فـــــهـــو مــتـــقــلـب بين الشتــاء والــربـيع.

    برد أمشير يخلى العضم على الكوم يسير وذلك لأن الناس تلتمس فيه دفء الشمس.

    طوبه وطبطبه والشهر اللى بينا ع المصطبه وذلك لأن الشهر الذي يلي طوبه يبدأ الناس فيه بالخروج من منازلهم للتمتع بالجو الذي يأتي في بعض أيام أمشير بالجلوس على المصطبة.

    في بؤونه لاينضرب طوب ولا ينعمل مونه وذلك لأن شهر بؤونه يشتد فيه الحر وبالتالى يجف الطوب اللبن ويتشقق ولا ينماس وكذلك المونة التي كانت تستخدم في بناء الطوب اللبن.

    اللي ياكل ملوخيه في أبيب يجيب لبطنه طبيب وذلك لأن الملوخية تصاب بنفس الآفات التي تصيب القطن ومن ثم تتأثر بالعدوى.

    في مسرى تجرى كل ترعة عسرة وذلك لأنه في شهر مـــرى يــفــيــض الــنــيل بـــالمــــياه وتمــتــلـــئ الـــتــــرع والقنوات بالمياه.

    مسرى تعفن الكسرى وذلك لشدة الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة الأمر الذي ينتج عنه تعفن المأكولات ومن ثم تكثر الأمراض.

أما الأمثال المرتبطة بعلاقة الزراعة بالمناخ فنجد:

    اللى يزرع دره في ناروز ياخد قلحه من غير كوز.

    زرع بابه يغلب النهابه.

    هاتور أبو الدهب المنتور.

    أمشير يقول للزرع سير سير القصير يحصل الطويل.

    ان كان زرعك تحت الكوم متبصش عليه وفاضل في أمشير يوم.

    في برمهات روح الغيط وهات من كل الحاجات.

    في برموده دق العموده ولا يبقى فى الغيط ولا عوده.

    بشنس يكنس الغيط كنس.

    أبيب طباخ العنب والزبيب. 

    فى الغطاس مص القصب والطبيخ قلقاس 

وبجانب هذه الأمثال نجد أن كل شهر من الشهور القبطية يختص بلون من المأكولات الغير موجودة في شهور أخرى فمثلا: (رمان بابه - موز هاتور - سمك كيهك - سمن طوبه - خروف أمشير -  لبن برمهات - ورد برمودة - نبق بشنس - تين  بؤونة - عسل أبيب - عنب مسرى).

 

 

خاتمة الدراسة

عاش الإنسان ما عاش من الزمن ومرت عليه تجارب عديدة بلغ على أثرها مبلغ الخبرة المصحوبة بالحكمة التي لا تتزعزع ومن ثم كان لخبرته الواسعة وبصيرته النافذة ورأيه الثاقب في حاجة إلى صانع يجمع الكثير في قليل ويختار من الكلمات أدلها ومن الألفاظ أنفذها ومن العبارات أجزلها، ولمّا كان المثل هو خلاصة تجارب الحياة والمعبر عن كل المتناقضات فيها لذا فالمثل يعد سيرة ذاتية لسلوكيات ومعتقدات أفرادها من هنا كانت الدراسة لهذه الأمثال هي دراسة بنيوية تركز على شكل المضمون وعناصره وبناه التي تشكل نسقية النص في اختلافاته وتآلفاته ، وتكوينية تدرس النص الأدبي منذ لحظة تكونه في ذهن صاحبه حتى شكله الأخير لكن ليس على أساس زمني يعيد الشيء المدروس إلى تاريخ ولادته ونشأته، وإنما على أساس يرتبط بالأعمال والتصرفات الإنسانية، إذ يكون فهم النص محاولة لإعطاء جواب بليغ على وضع إنساني معين  وعلى هذا نجد:

    البنيوية الأسلوبية .. فالأمثال عبارة عن شكل أدبي مكتمل  البنية يسمو على أشكال التعبير المألوفة فيه :

- سمـة التسـاوي والتـعـادل في المعـنى وفي نفس الـوقت فـيه سـمة التعـارض والـتنـاقـض في المـعـنى.

- الألفاظ تقوم بربط الأفكار ربطا متماسكا في جمل قصيرة.

- الجملة المنطقية التي تربط النتيجة بالمقدمة.

- الحركة الإيقاعية التي تنجم عن استخدام الوزن والإيقاع.

- عنصر التكرار لزيادة  عنصر التأثير.

- طـابع الحـكـايـة حيث يستخدم كلمة القول في الصياغة.

- التركـيب من جزئين  الأول (رأس المـثـل) والثانى (ذيـل المـثـل).

- السكتة  والتي هي وقفة قصيرة أثناء الكلام وتتعلق بالطريقة التي ترتبط  بها الكلمات مع بعضها البعض وتمثل فجوات أو تقاعسات أثناء إخراج المنطوق.

- يصاحب المثل موقف أدائي ينبثق من الحالة الانفعالية للمتكلم إذ يساق المثل لفظاً وأداءً، والأداء مميزٌ بالتنغيم وطريقة النبر وكثيراً ما يعزز بالفعل الحركي ما بين إشارة باليدين أو حركة الجسم أو الإيماء بالرأس وحركة العين واتجاه نظرتها وحدته وحتى حركة الرجل إذا كان المتحدث جالساً.

- تجسيد الفكرة من خلال الصورة البلاغية (تشبيه واستعارة وكناية).

 - اكتساب خـاصية السجـع لمـا فـيه مـن دلائـل فـنـيـة.

- ظهور الجناس البلاغي المتقن.

- الالتزام بصور الطباق المختلفة.

- ظهور التورية.

- الاعتماد على الإيجاز في التعبير.

- الإطالة إذا تطلب الأمر.

- ربط الفعل المطلوب بالحدث المستحيل في بعض الأحيان.

- التعقيد اللفظي الذي ينهك المعنى.

    البنيوية الفكرية .. وهذه تمثلت في عدة جوانب:

الجانب التربوي والتعليمي:

فالمثل عمد الى توجيه السلوك الإنساني بأسلوب لطيف خفيف على النفس يخلو من الطابع الخطابي الوعظي المباشر ويجسد العيب الاجتماعي تجسيدا يجعلنا ننبذه وننفر منه تماما ليسلم منه المجتمع وذلك بوضع العيوب الاجتماعية أمام الأفراد على المشرحة لتحللها وتدعو بطريقة غير مباشرة إلى محاربتها والتخلص منها كما جسمت رزائل التحلل والانحراف في سخرية وتهكم لكي تنفر منها وتعمل على تخليص الأفراد من الوقوع فيها

ناهيك عن تعبيرها الصادق عن الهوية الثقافية للمجتمع المصري عبر تاريخه الطويل، والتي جاءت نتاج علاقات اجتماعية حرص الإنسان على تقبلها وتشربها في وجدانه، فأضحت بمثابة ضمير المجتمع الذي يضبط سلوك أفراده ويوجهه الوجهة التي تزيد من تماسك المجتمع ووحدته بقيم اجتماعية وأخلاقية واقتصادية

الجانب الأسري:

وفيه بينت الأمثال المجتمع المصري  بأنه مجتمع عربي إسلامي وشكل الأسرة والعلاقات داخله لايختلف كثيرا عن الأشكال السائدة في المجتمعات العربية فهي أسرة أبوية ممتدة تتجه لأن تكون أسرة نووية أو زواجية صغيرة يظهر فيها الزواج والطلاق والتعددية وتظهر فيها كثير من القضايا المتصلة بالمرأة ، فالعلاقات الأسرية هي نموذج لعلاقات أوسع في حياة الناس، والمرأة هي العنصر الفاعل في مركب الأسرة.

فهي البنت ( العرض) الذي يجب الحفاظ عليه وأنها ضعيفة مكسورة الجناح يجب حمايتها  بزيجة مناسبة وأن رزقها واسع فلا يجب التبرم من إنجابها وفي سبيل كل ذلك وجب تربيتها وتعليمها فنون الحياة المنزلية لأنها  نواة لأم قادمة

وهي الأم فوجدت أن دورها الأمومى لايعادله دورلأن قلبها رقيق وحنون وكم تضحي من أجل أولادها فتتحمل المشاق والصعاب ولا تتحمل عليهم الأذى.

وهى الزوجة  التي يجب أن تتصف بالجمال الـحـسـي والأصـل الـطـيـب ومــدى تـحــمـل المسولية والصبرعلى أعباء المعيشة والقدرة على عدم إفشاء الأسرار.

وهي الحماة  ذلك الخطر الذي يهدد كيان الأسرة لأنها سبب تعاسة أي زوجين لهما حماة للزوج أو للزوجة.

وهي الزوجة الثانية ( الضره ) التي تشارك الزوجة زوجها وتشارك الأولاد إرثهم في أبيهم.

وهي الأخت  التي قد تتناقض حياتها مع أختها فمرة تخطف زوج أختها لتتزوجه ومرة تحافظ بالحب والتعاون على أختها في أمورحياتها.

كذلك رأت الأمثال أن الزواج مسئولية متعددة الصور متفرعة الجوانب فيه حماية للمرأة واستقرار للرجل  لذلك تناول المثل  قضية الزواج  بأنه   قسمة ونصيب وأن الغنى والفقر لهما دور في تحديد أمر الزواج لذلك  كان النصح بالبعد عن زواج الأقارب صيانة للعلاقات الاجتماعية وحماية صحية للذرية وطالب بالاعتدال فى المهور وعدم المغالاة فيها ونصح بألا يتزوج الرجل على زوجته حفاظا على كيان الأسرة من الانهيار

أما نظر المجتمع للمرأة  فقد رأت الأمثال أن المجتمع ينظرللمرأة نظرة سفلية بخلاف النظرة التاريخية المتوارثة من عهد الفراعنة وذلك راجع لحيلها وكيدها الذى يفوق الوصف وخداعها واختلاقها لكثيرمن المشاكل مع زوجها وأيضًا لسوء سلوكها وتحكّمها فى عواطف الرجال مستغلة نظراتهم وشهواتهم لها، هذا بالإضافة إلى سلاطة لسانها وعدم كتمانها للأسرار وتحكّمها إذا ملكت شيئاً ومن ثم فهي لاتستطيع أن تنال رضا زوجها بل تفقد ثقته  فيها ومن ثم لايعتد بمشورتها حتى وإن تظاهر بذلك إلا أن هذه الصورة القاتمة لها مايناقضها  فمشورتها تعادل خبرة سنة كاملة وأنها حرة تحافظ  على عرضها وتصون شرفها وأهلها حتى ولو اُطلق عليها الرصاص وأن خيار الطباع تظهر في المرأة المحتشمة العاقلة لا في مظاهر الجمال البراقة

الجانب الديني :

من مجموع الأمثال المصرية يمكن أن نستخلص معتقد الشعب المصري فى الله تعالى، والإيمان به كخالق للكون ، وحافظ لنظامه، ومتصرف في شئونه ، وقريب جدًا من الإنسان. والملاحظ هنا عدم وجود أي نوع من التردد، أو الحيرة ، أو الشك ، أو حتى اللغط الذي ساد مقولات علماء اللاهوت والعقيدة الذين أرهقوا أنفسهم بها في مؤلفات مطولة ،  لذا رأينا   في الأمثال الإيمان بالله عن طريق العقل وأن   الله هو المسيطر على  الكون كله وأن الله واحد ، كما أن العمر – ببساطة – واحد وأن الله هو الذي خلق الحياة وقدّر الموت وهو وحده الغني ، الذى لا يفتقر إلى أحد ومن حكمته أنه جعل أقدارنا في الحياة مختلفة ، لكنه يسوي بيننا جميعًا في الموت وفي أي مكان سواء أقمنا أم رحلنا، فالله موجود، وهو معنا وكما أنه تعالى خلقنا ، فهو الذي يرزقنا

الجانب النفسي:

يلعب المثل دورا نفسيا عن طريق تهدئة النفس البشرية ، والتفريج عن همومها  وأتراحها   وذلك بتهدئة النفس البشرية في أمور يجب أن تؤخذ ببساطة وأن تترك مقاديرها لله تعالى  كما أن الجانب النفسي لم يقف على هذا الحد بل يمتد إلى أمور أخرى تحاكي الواقع وتحلله وتفسره للعمل بها وهي بمثابة إرشاد وتوجيه نفسي للأفراد ذوي الخبرات المحدودة للعمل بها ووضعها في الحسبان وللاستفادة منها في حياتنا اليومية بهدف الحياة السعيدة والتي تعتبر المطلب الأول والأخير في حياتنا العامة والاجتماعية، ومن ثم فالأمثال الشعبية لها فوائد وأهمية كبرى في توجيه الذات وفي فهم أنفسنا وحياتنا

خامسا الجانب الفلسفي:

وبقراءة متأنية في الأمثال يمكن استنباط الملاحظات التالية:

    أن الفلسفة الشعبية في الأمثال تبتعد عن روح التحليل‏.

    أن مصادر الفلسفة الشعبية لا تعرف الدهشة فالمفكر الشعبي في المثل دائم المراقبة للواقع والمحيط‏.

    أن الفلسفة الشعبية لا تسعى لإعطاء منهج للتفكير ولا لتكوين مذهب .‏

    أنها فلسفة موقف لا قضية أي النصح المؤقت للتصرف حيال ظروف عارضة.

الجانب السياسي:

فى هذا الجانب نجد الأمثال تعبر عن الحياة السياسية للمصريين  وتتناول الحاكم وسطوته فى الحكم وأنه لابد من وحدة الحاكم كما أن الشعب يخاطب الحاكم بأن منصبه معرض للزوال ، ولذلك ينصحه بالعدل، ويتوعد الحاكم الظالم بمصير محتوم  ولذلك كان الشعب المصري ينعم بالطمأنينة عندما ينام الحاكم ، والمقصود هنا النوم الحقيقي ، لأنه لا يمارس سلطاته المطلقة في الظلم والتنكيل كما نجد بعض الأمثال المصرية التي ترصد بعض اللمحات الهامة في سلوك الحكام وتوصي الناس (المساكين) بمجاراة سياسة الحكام لكي ينجوا من الظلم ، أو تنالهم بعض الخيرات  لكن في المقابل من ذلك نجد  أمثالا تدعو الناس إلى الابتعاد تمامًا عن محيط السلطان ، لأنه لا يأتي منه إلا الشر،  ومع ذلك فإن المصريين حين يخلون إلى أنفسهم ، ويأمنون من شرور الحاكم يمكنهم أن يفضفضوا برأيهم فيه.

سابعا الجانب الفكاهي:

كطبيعة الشعب المصري تتميزالأمثال الشعبية بخفة الدم ، التي يمكن تحليلها بأنها نوع من الرصد الفكاهي للأحداث والشخصيات التي تمتلئ بها الحياة ، ولا يستطيع أن يتوقف عندها سوى شعب عركته التجارب الصعبة ، وتمكن من تجاوزها ليس فقط بالصبر عليها ، وإنما أيضا بالسخرية منها ، وصياغة النكتة اللاذعة حولها

التقويم القبطي في حياة المصريين:

استطاع المصريون أن يضمنوا أمثالهم الشعبية شهورالسنة القبطية وما يتعلق بها من ظروف المناخ وربطوها بسلوكياتهم الاجتماعية ونشاطهم الزراعي  وبمأكولاتهم.

 

الهوامش

 

1. راجع ابن منظور – لسان العرب- دار صادر – بيروت - لبنان- 1388هـ- مادة مثل، وكذلك (المعجم الوسيط، المنجد فى اللغة والاعلام).

2. ابن منظور – لسان العرب- مصدر سابق- مادة نهج، وكذلك (المعجم الوسيط، المنجد فى اللغة والاعلام).

3.  سورة المائدة – آية 48.

4. د عبد الرحمن بدوى – مناهج البحث العلمى – وكالة المطبوعات – الكويت – 1977، ص4.

5.  محمد طه بدوي- دكتور- النظرية السياسية - المكتب المصري الحديث – القاهرة – 1986 - ص 261.

6. حميد الحمداني - النقد الروائي والإيديولوجيا  - من سوسيولوجيا الرواية إلى سوسيولوجيا النص الروائي- المركز الثقافي العربي - ط1 - الدار البيضاء - 1990م - ص68.

7.  شحيد جمال- في البنيوية التكوينية- مجلة المعرفة- السنة التاسعة عشر، العددان(225، 226)(نوفمبر، ديسمبر)، 1980م- ص29.

8.   محمد عزام - فضاء النص الروائي (مقارنة بنيوية تكوينية في أدب نبيل سليمان) - دار الحوار، اللاذقية 1996.‏ ص42

9. شحيد جمال - في البنيوية التكوينية - مجلة المعرفة - السنة التاسعة عشر، العددان(225، 226 - نوفمبر،  ديسمبر)، 1980م- ص29.

 10. المصدر السابق ص 41.

11.  المصدر السابق ص 42.

12.  فريدريك زايلر – علم الأمثال الألمانية – نشر 1922، نقلاً عن د. نبيلة إبراهيم – أشكال التعبيرفي الأدب الشعبي – دار المعارف – ط3 – 1981 ص197.

13.  عمرشاع الدين – الأمثال الشعبية – منحى لغوى – مجلة المأثورات الشعبية – مركز التراث الشعبى – الدوحة – قطر -  العدد27 – يوليو 1992.

14.  د. محمد حماسة عبد اللطيف – فى بناء الجملة العربية – دار القلم – الكويت – 1982 – ص41.

15.  د. محمد ابراهيم عبادة – الجملة العربية- دراسة لغوية نحوية – منشأة المعارف – الاسكندرية – 1984 ص153.

16. راجع  د أميره على توفيق - - الجملة الاسمية عند ابن هشام النحوى – مكتبة الزهراء – القاهرة – 1971.

17. د.محمود احمد نحلة -  مدخل الى دراسة الجملة العربية- دار النهضة العربية –  بيروت – 1983 ص 137.

18. المصدر السابق ص 145.

19. د. محمد ابراهيم عبادة – الجملة العربية- دراسة لغوية نحوية – مصدر سابق – ص155.

20. د. ابراهيم الشمسان – الجملة الشرطية عند النحاة العرب – مطابع الدجوى – القاهرة 1981 ص363.

21. د. محمود احمد نحلة -  مدخل الى دراسة الجملة العربية – مصدر سابق ص 145.

22. د. محمد حماسة عبد اللطيف – فى بناء الجملة العربية – مصر سابق ص 117.

23. د.  محمود احمد نحلة -  مدخل الى دراسة الجملة العربية – 181.

24. د  نبيله إبراهيم – أشكال التعبير في الأدب الشعبى – مصدر سابق – ص204.

25.  المصدر السابق.

26. آلان دندس – حول بنية المثل – ترجمة – د خطرى عرابى – مجلة الفنون الشعبية – القاهرة – العدد-53 1996.

27. السكتة هى وقفة قصيرة أثناء الكلام وتتعلق بالطريقة التى ترتبط  بها الكلمات مع بعضها البعض وتمثل فجوات أو تقاعسات أثناء اخراج المنطوق.

28 . د إبراهيم الدسوقى – السكتة في المثل الشعبى – مجلة الفنون الشعبية –  القاهرة -العدد 62-63.

29.  السكتة الكبرى هى التى تقع فى آخر المثل سواء استؤنف الكلام أو لايستأنف.

30 . السكتة الوسطى هى  التى تكون في نهاية شطر المثل إذا كان يتكون من أكثر من شطر.

31. السكتة الصغرى هى التى تكون بعد الموضوع أو المحمول وهما طرفا القضية المنطقية والموضوع هو محور الرسالة والمحمول هو المعلومة الجديدة التى يقدمها المرسل إلى المستقبل.

32. د.وسمية عبدالمحسن المنصور - من أمثال القصيم - دراسة في المضمون والصياغة  - مجلة الدارة – العدد 3 – السنة 25 – 1999 - الرياض

33.  راجع:

*  الخفاجى شهاب الدين  - طراز المجالس- القاهرة – 1284 هـ  ص 253

* السيوطى – المزهر فى علوم اللغة – تحقيق محمد أحمد جاد المولى وآخرون – القاهرة                                                -1958  ج1 ص486

34. صفوت كمال –  الأمثال الكويتية المقارنة – الكويت –ط 1978 ص7

35. عبد الرحمن حسن الميدانى - البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها – دار القلم – دمشق – 1416ه

36 . د محمد ابراهيم عبادة – الجملة العربية- دراسة لغوية نحوية – مصدر سابق ص79

37. عبد القاهر الجرجانى – دلائل الاعجاز – تحقيق محمد محمود شاكر – مكتبة الخانجى - القاهرة،1984، ص68.

38. عبد الرحمن حسن الميدانى - البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها –  مصدر سابق  

39. المصدر السابق

40. حارص عمار – الأمثال الشعبية ودورها فى تنمية التفكير الناقد والقيم لدى تلاميذ الحلقة الاعدادية من خلال تعلم الدراسات الاجتماعية وتعلمها – اطروحة دكتوراه – كاية التربية - جامعة سوهاج  - 2010.

41. المصدر السابق.

42.  راجع:

 * د محمد عبد السلام إبراهيم – الانجاب والمأثورات الشعبية – دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية                                 والإجتماعية - ص20 وما بعدها.

* د فوزيه دياب – القيم والعادات الإجتماعية – دار الكاتب العربي للطباعة والنشر – القاهرة – بدون تاريخ – ص341.

43. راجع - حسن ناجى – المرأة فى المثل الشعبي – مجلة المأثورات الشعبية – العدد 8 – أكتوبر 1987.

44.  العَصبه  هى غطاء الرأس عند المرأة ويقال لها التربيعة أو الٍشقة.

45. لهذا المثل قصة تقول أن زوجا أراد أن يهذب طباع زوجته وأن يخضعها لسيطرته فأوهمها بأنه تزوج وأحضر جرّة وألبسها كأمرأة فإ نهارت الزوجة وتابت عما كانت تقوم به ولما كشف لها عن الحقيقة  أصرت أن تكسر الجرة قائلة هذا المثل (راجع د. ابراهيم شعلان - موسوعة الأمثال الشعبية – دار المعارف  -   القاهرة).

46. راجع  سليم حسن – مصر القديمة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 2000.

47. راجع  د حامد طاهر – الفلسفة المصرية من الامثال المصرية – دار الهانى للطباعة والنشر - القاهرة - 2008.

48. المصدر السابق

49. المصدر السابق

50. المقريزى – المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (المعروف باسم خطط المقريزي ) - مكتبة مدبولي 1998م.

51. ابن زولاق ( الحسن إبراهيم بن الحسين الليثي ) -  فضائل مصر وأخبارها وخواصها (   تحقيق  على عمر- مكتبة الأسرة - القاهرة 1999م.

 

 

  المصادر والمراجع

* القرآن الكريم

* أبحاث ودراسات

1. ابن زولاق ( الحسن إبراهيم بن الحسين الليثي ) -  فضائل مصر وأخبارها وخواصها ( -  تحقيق على عمر- مكتبة الأسرة - القاهرة 1999م

2. ابراهيم الشمسان – دكتور – الجملة الشرطية عند النحاة العرب – مطابع الدجوى – القاهرة 1981  

3. ابراهيم شعلان – دكتور – موسوعة الأمثال الشعبية المصرية – دار المعارف – القاهرة  - 1990

4. أحمد تيمورباشا – معجم الأمثال العامية – لجنة نشر المؤلفات التيمورية - ط3 – 1970

5. أميره على توفيق - دكتورة- الجملة الاسمية عند ابن هشام النحوى – مكتبة الزهراء – القاهرة – 1971

6. حامد طاهر- دكتور – الفلسفة المصرية من الامثال المصرية - دار الهانى للطباعة والنشر - القاهرة -2008

7. حميد الحمداني - النقد الروائي والإيديولوجيا  - من سوسيولوجيا الرواية إلى سوسيولوجيا النص الروائي- المركز الثقافي العربي - ط1 - الدار البيضاء - 1990م

8. السيوطى – المُزهر في علوم اللغة - - تحقيق محمد أحمد جاد المولى وآخرون  - القاهرة – 1958

9. سليم حسن – مصر القديمة – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 2000

10. شهاب الدين الابشيهى - المستطرف فى كل فن مستظرف - تحقيق : د.مفيد محمد قميحة - دار الكتب العلمية – بيروت - الطبعة الثانية ، 1986     

11. شهاب الدين الخفاجى – طراز المجالس- القاهرة – 1284 هـ

12. صفوت كمال – الأمثال الكويتية المقارنة  - الكويت – ط 1978

13. عبد الرحمن بدوى - دكتور – مناهج البحث العلمى – وكالة المطبوعات – الكويت – 1977

14. عبد الرحمن حسن الميدانى - البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها – دار القلم – دمشق – 1416ه

15. عبد القاهر الجرجانى – دلائل الاعجاز – تحقيق محمد محمود شاكر – مكتبة الخانجى - القاهرة  1984-.

16. فوزية دياب – دكتورة – القيم والعادات الإجتماعية – دار الكاتب العربي للطباعة والنشر - القاهرة – د.ت

17.  محمد حماسة عبد اللطيف-  دكتور – فى بناء الجملة العربية – دار القلم – الكويت – 1982  

18. محمد طه بدوي- دكتور- النظرية السياسية - المكتب المصري الحديث – القاهرة – 1986

19. محمد ابراهيم عبادة- دكتور- الجملة العربية- دراسة لغوية نحوية – منشأة المعارف - الاسكندرية - 1984  

20. محمد عبد السلام إبراهيم –  دكتور -  الإنجاب والمأثورات الشعبية – دارعين للدراسات والبحوث الإنسانية والإجتماعية ط1 – 1996

21. محمد عزام - فضاء النص الروائي ( مقارنة بنيوية تكوينية في أدب نبيل سليمان) - دار الحوار- اللاذقية 1996

22. محمود احمد نحلة- دكتور -  مدخل الى دراسة الجملة العربية- دار النهضة العربية –  بيروت – 1983  

23. المقريزى- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (المعروف باسم خطط المقريزي )- مكتبة مدبولي 1998 م

24. نبيله إبراهيم – دكتورة -  أشكال التعبير فى الأدب الشعبى  - دار المعارف – القاهرة – ط3 – 1981

 

 

  الدوريات  

1 . مجلة الدارة – العدد 3 – السنة 25 – 1999 - الرياض.

2 .  مجلة المأثورات الشعبية الأعداد 8 ، 27 – مركز التراث الشعبي – الدوحة – قطر.

3 . مجلة الفنون الشعبية – الأعداد 53 ، 62/63 – الهيئة العامة للكتاب- القاهرة.

4 . مجلة المعرفة- السنة 19- العددان(225، 226) (نوفمبر،  ديسمبر) - 1980م– وزارة التربية والتعليم  السعودية.

 

 

  المعاجم اللغوية

- ابن منظور – لسان العرب – دار صادر -    بيروت، لبنان- 1388هـ.

- شريف فهمى بدوى - المنجد في اللغة والأعلام – دار الكتاب اللبنانى للطباعة والنشر والتوزيع - 2000

- مجمع اللغة العربية - مصر -المعجم الوسيط – مكتبة الشروق الدولية -2004

 

 

 الدراسات الجامعية

 *  حارص عمار – الأمثال الشعبية ودورها فى تنمية التفكير الناقد والقيم لدى تلاميذ الحلقة الاعدادية من خلال تعلم الدراسات الاجتماعية وتعلمها – اطروحة دكتوراه – كاية التربية - جامعة سوهاج  - 2010

 

 

   الصور

1. https://travelswithjayedotco.files.wordpress.com/2014/04/dsc0314.jpg

2. http://3.bp.blogspot.com/-GB-7m8tYNkk/UUXL2Z3p6UI/AAAAAAAChPA/CMJairUjmFM/s1600/Egypt+in+Old+Photographs+(28).jpg

3. english.ahram.org.eg/Media/News/2012 /4/3/2012-634690629527047347-704.jpg

4. c1.staticflickr.com/8/7106/7414652928_ae5679184a_b.jpg

5. english.ahram.org.eg/Media/News/2012/4 /3/2012-634690629446864375-686.jpg

 

أعداد المجلة