تمثلات الموت في تاريخ المغرب من خلال أمثال شعبية وأقوال مأثورة
العدد 36 - عادات وتقاليد
يرتبط معنى المثل في معاجم اللغة العربية بالتشبيه والمقارنة، فهو عند الفراهيدي «الشيء يُضرب للشيء فيُجعل مثله»(1)، وعند ابن منظور «الشبه والصفة والنظير»(2). ويُقدم ابراهيم بن سيار النظّام (ت. 230 أو 231ه/ 844 - 845م ) تعريفا جامعا مانعا للمثل ومميزاته قائلا: «يَجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللّفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة»(3). ويظهر معنى المثل عند الدارسين المعاصرين أكثر وضوحا، إذ تُعرّف إيلي كونكاس مراندا (Elli Köngäs - MARANDA) الأمثال بأنها «صور أو دالات مشتقة من السياق الذي ينتج المدلولات»(4)، ويُعرّف كرم إدريس المثل بأنه «قالب لغوي يشير إلى تجربة أو نموذج معرفي ناتج عن سلوك سابق يُعتقد أنه سيتكرر من طرف الموجَّه إليه الخطاب أو الذي يدور عليه الحديث، ويتميز بالشمولية والجدية وسهولة الإقحام»(5)، الشيء يوفر فيه مرونة تجعله سهل التوظيف والاستعمال في وضعيات وسياقات مختلفة.
بناء على هذه التعريفات، يمكن القول أن المثل يؤدي معنيين: معنى مباشر يُستمد من متن المثل؛ ومعنى سياقي يحيلنا على التوظيفات المختلفة للمثل؛ بالنظر إلى ما يتوفر فيه من مرونة وقدرة كبيرة على التكيف مع التغيرات الاجتماعية. وتجعل هذه المواصفاتُ المثلَ الشعبي يتربع على هرم أشكال التعبير الشعبي الشفوي الأكثر شيوعا(6)، متفوقا بذلك على باقي الأنواع كالقصة والحكاية والنكتة والأسطورة.
تُعد الأمثال الشعبية مادة خاما تمنح إمكانيات كبيرة لإنجاز دراسات حول مختلف مناحي الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، للأمم والشعوب. وتكتسي أهمية خاصة في البحث التاريخي، إذ تعكس جوانب من المسكوت عنه في المصادر الرسمية، كما قد تسُد بعض الثغرات والفراغات في تاريخ الشعوب، بل ويمكن أن تلعب دور الموجِّه للأفراد والجماعات حين يغيب القانون.
ومع أن المقارنة بين المشرق والمغرب لا تستقيم فيما يتعلق بالعناية بالأمثال الشعبية، إذ أن المشارقة كانوا أكثر اهتماما بها؛ حيث جمعوها في عشرات المصنفات والمجاميع الضخمة(7)؛ فإن المؤلّف المغربي والأندلسي كان على دراية بأهمية الأزجال والأمثال الشعبية، فخلّف مؤلفات وكُتبا حفظت لنا عددا من الأمثال المتداولة بالمغرب والأندلس منذ العصر الوسيط، من بينها أزجال ابن قزمان(8)، ونكتة الأمثال للكلاعي(9)، وأمثال العوام للزجالي(10). واستمرت العناية بالأمثال خلال العصر الحديث عبر عدد من المؤلفات نذكر منها على الخصوص «زهر الأكم» لليوسي(11)، و«المحكم» لأبي مدين الفاسي(12). كما لم تَخْلُ من الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة كتب من أصناف أخرى، ككتب الفقه والمناقب والجغرافيا والتاريخ العام(13). ويعكس هذا الاهتمام من قِبل المؤرخين والمثقفين الوسيطيين، أهمية المثل في حياة الأفراد والجماعات، عند «العامة» و«الخاصة» على السواء.
وفي إطار التطورات التي عرفها البحث التاريخي منذ بداية القرن العشرين، سواء من حيث المنهج بانفتاحه على باقي العلوم الإنسانية والاجتماعية، أو من حيث الموضوع باشتغاله على مشكلات جديدة مرتبطة بالبنى الفكرية والثقافية للمجتمعات؛ ظهرت فروع معرفية تبحث في تاريخ العقليات والذهنيات، الشيء الذي دفع الباحثين إلى العودة مجددا إلى الثقافة الشفوية والأمثال، واستنطاقها باعتبارها خزانا للذاكرة الجماعية للشعوب(14). وكان الغرب سباقا، كعادته، حيث نشأ في مطلع القرن العشرين أدب أطلق عليه «أدب الفلكلور»(15)، يهتم بجمع التراث والمأثور من التقاليد الشفوية للشعوب ودراستهما.
خلال العقود القليلة الأخيرة، بدأ الاهتمام يتجه في العالم الإسلامي إلى التراث اللامادي الشفوي، حيث أُنجِزت دراسات تناولت المثل الشعبي، ووظفته في معالجة بعض مواضيع التاريخ الاقتصادي والاجتماعي(16). غير أن دراسة المثل من حيث مساهمته في تاريخ العقليات بقي خافت الحضور، وإذا ما تعلق الأمر بموضوع من مواضيع الذهنيات كتاريخ الموت مثلا، فإننا نجد أنفسنا أمام فراغ مهول، اللهم من بعض الدراسات النادرة التي أُنجزت حول صورة الموت من خلال الأمثال الشعبية في بعض البلدان العربية(17).
ولأن الصورة التي ترسمها نصوص المعاجم والشعر والفقه والتصوف عن الموت، تبدو نخبوية مثالية في بعض جوانبها، ولا تعكس، في كثير من الأحيان، موقف الإنسان المغربي العادي؛ فإننا نهدف إلى البحث عن معالم صورة الموت في ذهنية الإنسان المغربي عبر استنطاق بعض الأمثال الشعبية والمأثورات والتعبيرات العامية؛ سواء تلك التي حفظتها لنا المصادر التاريخية الإسلامية واليهودية، أو تلك التي لا تزال متداولة في المغرب إلى اليوم. وقد مكّنا هذا البحث من جمع مايزيد عن مئة مثل شعبي وقول مأثور، سواء باللغة العربية أو العامية(18)، بعضها يتحدث عن الموت مباشرة، وبعضها يوظّف الموتَ في سياقات اجتماعية متنوعة. ولن يتأتى لنا تحقيق الأهداف المتوخاة من هذا العمل إلا عبر مساءلة عدد من النصوص المصدرية اليهودية والإسلامية، واستنطاق ما تزخر به الذاكرة الشعبية المغربية من أمثال وأقوال مأثورة(19)؛ محاولين التفاعل معها من خلال التساؤلات التالية:
هل يمكن الخروج بمعالم صورة الموت في تاريخ المغرب من خلال الأمثال الشعبية؟ كيف تعالج الأمثال موضوع الموت؟ ما طبيعة العلاقة التي تربط الإنسان المغربي بالموت في أمثاله؟
كيف يوظف المغاربة تيمة الموت في أمثالهم؟ وما أهم القضايا التي تناولتها؟ كيف عَالَجَت الأمثال الموت عند يهود المغرب؟
الموت والمثل الشعبي، ملاحظات أولية
تجدر الإشارة بداية إلى أننا لا نتوهم إمكانية الخروح بموقف واضح للمغاربة من الموت من خلال الأمثال الشعبية، بقدرما نحاول استنطاقها لعلّها تسعفنا في تجاوز الصورة «النخبوية» التي يبدو عليها الموت في المصادر المكتوبة، والبحث عن تمثل الموت عند العامّة؛ التي تندر الإشارة إليها في المصادر كما في الدراسات. إن الصورة التي يمكن أن ترسمها الأمثال والأقوال المأثورة عن ظاهرة ما في متخيل الإنسان نسبية لا يمكن أن تعكس بكل الأحوال ذاكرة جمعية موحدة؛ فالمثل ابن بيئته وظروفه، كما أنه مَرن وحمّال أوجه يحتمل أكثر من تأويل؛ بحيث يمكن أن ينتقل من مكان إلى آخر، ومن زمان إلى آخر، تماما مثلما يمكن أن ينتقل من سياق لآخر، لتتم تبييئته وتكييفه لِيحملَ معان ودلالات يمتزج فيها القديم بالجديد. وإذا ما تعلق الأمر بموضوع كريه ومخيف كالموت، فإن المسألة تزداد تعقيدا، إذ «رغم أن اللغة التي تعبّر عن الموت تبدو بسيطة في كثير من الأحيان؛ إلا أنها مخادعة؛ أو ليست بريئة في جميع الحالات، فهي تُخفي وراء تسمياتها للظواهر الإنسانية والاجتماعية مضامين ومعان لا نفهمها إلاّ بفهم سياقاتها التي تختلف من موقع إلى آخر ومن حالة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر بحيث لا يحمل الموت معنى واحدا»(20).
الموت في أمثال مسلمي المغرب
تحفل الذاكرة الشعبية المغربية بالأمثال والأقوال المأثورة عن الموت، وينسجم معظمها مع التصور الديني الإسلامي في نقاط كثيرة، فعلى غرار ما ورد في النصوص القرآنية والحديثية، فإن الله هو من يُحيي ويُميت في المثل الشعبي المغربي: «ربي خلقنا وقهرنا بالموت(21)- لْمُوت منْ عند الله - خْذاه الله - دّا مُول الأَمانة أَمَانْتُو...، أما المُنفذ العملي فهو ملك الموت: «بَاشْ تَقْتَل بَاشْ تْمُوتْ يَا مَلاَك لْمُوت»(22). والموت لا يأتي إلا مرة واحدة «لْمُوت وحْدا»، وله أجل وتاريخ محدد: «كُلّ حَاجة فْوَقتها، حتّى لْمُوت بْدَقّتْهَا»، وهو مصير الجميع بدون استثناء، إذ يقال تعليقا على الوفاة: «مشا فين نمشيو كاملين - الدّايم الله - الموت حق علينا - تَالِيتْهَا مُوتْ - الدوام لله...».
يُدرج المثل الشعبي الموتَ كحلقة من حلقات دورة الحياة قائلا: «دَا كيعيش كيكبر، ودا كيموت كيغبر»(23)، ويُقرّ بأنه ذهاب بلا رجعة حيث يقول: «حتّا يْجي اللّي مات، وينوّر الملح ويْشِيب الغراب»(24)، وَ«بْحَال(25) حمالين النعوشة، يدّيوْ مايردُّو»، لا ينفع معه إلا الصبر، مع قبول البكاء كنوع من العزاء على فراق حبيب أو قريب. يقول أحد أمثال العصر الوسيط الذي وثقه الأديب أبو يحيى الزجالي القرطبي (توفي بمراكش عام 694 ه/ 1294م) «لْبْكَا وَاجبْ وْصْبَرْنا أنفع...إن من قد مات لمْ يمض ليرجع»(26). واليتيم أكثر قابلية واستعدادا للبكاء حزنا على فقدان أوليائه: « لاَ توصّي يتيم على بْكَاه». والموت يفرق الأحباب، فالفراق هو النهاية الحتمية لكل العلاقات الانسانية والاجتماعية، وحتى وإن لم يتم في الحياة، فإن الموت يَفْرِضه على الجميع «لْفْرَاق مَبعوت بالحي أو بالْمُوت». والموت قبيح وغير مرغوب لا يُجَوّز المثَل أن تتمناه لأحد ولو كان عدوا: «لْموت، مَاتْمَنّاهَا لعدُوك».
يُشَبه المثلُ النومَ بالموت - «انعاس خو لْموت»(27)- بما هو فقدان للإحساس والإدراك. غير أنه قد يأتي على حين غرة، لذلك يُشبَّه من بَاغَتَهُ الموت وهو في أتم قواه وعافية بدنه بآنية من خزف تسقط وتتكسر بسهولة وسرعة «طَاحْ طِيحَةْ الزّلافة، مَاطَال مَا طوّل». وبعضهم يدعو على نفسه «الله يَعْطينِي دقّة الزّلافة تطِّيح وتهرّس»(28)، ولعل كثرة حالات الموت المفاجىء هي التي دفعت الإنسان إلى الإحساس بإمكانية موته في أية لحظة: «لْمُوت اقْرب مَنّو مايكون»(29) وَ«لْمُوت مَا مَنُّو هْرُوب»(30) وَ«مَا كَاتْجِي فْخَطْرة غِي لْمُوت»(31). غير أن هذا لايعني غياب أمثلة مُناقِضة يتضح من خلالها غياب الموت من حسابات وأذهان الأحياء أو على الأقل تأجيل التفكير فيه، إذ تُظهر أمثال أخرى التشبت بالحياة حتى آخر رمق «ماحدّ ارُّوح تَطْلَع وبْنادم يطْمَعْ»(32).
يُقدم المثل المغربي الموتَ في مواقف جماعية على موتِ الانفراد، «لْمُوت فالجماعة نْزاهة»(33)، ويميِّز الموتَ من حيث سببه، إذ يُقال فيمن مات بشكل مفاجىء ودون أن يمرض أو يتعرض لحادثة «مَاتْ مُوت الله» تمييزا له عمّن توفي بعد مرض «مْرض ومات»(34). أما من قُتل فيعبر عنه بالقول «مات مقتول» أو «مات مغدور». ويظهر تنديد الموقف الشعبي بجريمة القتل، وتأكيده على سوء عاقبة القاتل «يا قاتل الرّوح وِين تْرُوح؟»، خاصة مع المكانة الرفيعة التي تحتلها الروح الإنسانية عند الله في أذهان الأحياء «الرّوح عند ربي عْزيزة»، بل ويصل المثَل إلى درجة التأكيد على عدم قدرة القاتل على إخفاء جريمته: «مُول الرّوح يبَان يباَن».
تتضح محاولة التعبيرات الشعبية الهروب من استعمال لفظ الموت وتعويضه بكلمات أخرى أكثر تحسيسا بالآمان، وتحمل أيضا نوعا من التسليم بالقدر المحتوم: مشا لدارْ الحق - رَاهْ عند الله - دّاه الله - بْغاه الله - خْتَارُو الله...؛ ونوعا من البحث عن الشفاعة: «الله يرحْمُوا - الله يرحمو ويوسع عليه»، وأحيانا تُضاف عبارة تَربِط الرحمة بشرط حسن الأفعال: «الله يرحمو إلى رَحمُوه فْعَايْلُو». وإذا كانت الدنيا مصالح وأهداف يمكن أن يبلغها المرء عن طريق العلاقات والنفوذ؛ فإن لِلمصير الأخروي علاقة بما قدمت يدا الراحل من أفعال حسب بعض الأمثال: «الدار هي دار الآخرة»(35)- «الدّنيا بالوْجُوه والآخرة بالْفعايْل(36)- «الطّرِيق لْجَهنم مَفْرُوشة بالْوَرْد»(37) - «طْلَعْ هْوَاهْ، وبَاعْ دِينُو بدنيَاه»(38). ويحضر هاجس المصير المرتبط بالأفعال في أحد الأمثال: «تْلاثة عَدْيَاني : عِينِي، وَدْني ولْساني ... لو كان مَا هُومَا ندخُلْ لْقَبْري هَاني»(39)، ويعكس هذا المثل هاجس الخوف من الذنوب المقترفة باستعمال الجوارح، فالعين قد تشاهد أعمالا مشينة أوتقترف ذنوبا (زنا العين مثلا)، والأذن قد تسمع كلاما فاحشا، أما اللسان فيقترف خطايا النميمة والكذب وغيرها. والملاحظ من خلال بعض هذه الأمثال أنها تنهل من الدين وتتعارض معه في نفس الوقت، رغبة في التجاوب مع حاجيات ومتطلبات المجتمع المختلفة.
تقدم الأمثال التي سجلتها مصادر العصر الوسيط بالمغرب والأندلس معلومات مهمة عن بعض الظواهر المرتبطة بالموت، ويُبرز أحدها - «كَمْ مَن حَمّال على ذَا الميّت»(40)- التفاوتات والتمايزات الاجتماعية والثقافية بين الأموات، إذ إن جنازات رجال السياسة والأعيان والفقهاء والمتصوفة كانت - ولا تزال- تعرف حضورا مكثفا أثناء مراسيم التشييع، قد يصل إلى درجة التهافت على حمل نعوشها وتكسير أعوادها بالنسبة للمتصوفة والفقهاء خلال العصرين الوسيط والحديث على الأقل، على عكس جنازات العَوَام والناس العاديين التي عادة ما يقتصر الحضور فيها على الأقارب والجيران(41). ويخلّد مثل أندلسي آخر ظاهرة تاريخية هي مشكلة عدم القدرة على شراء الكفن: «فضول سود في خبير: مشات تعزي أبيعت في الاكفان»(42). كما يشير مثل آخر إلى وجود ظاهرة النفاق في الحزن على الموتى: «مَا كُلّ مَن حزْنَت تْقَجْدرت، ولا من له ميت بكيت»(43)، بل ويظهر من خلال مثل آخر تصنُّع البكاء مقابل الأجر منذ العصر الوسيط ، يقول أحد أمثال الزجالي: «ليس ذا البكا على ذا الميت ... لو عطيتني بضيع كان نبكي معاك دميع»(44)، ويؤكد ابن حزم وجود نساء امتهن النواح على الموتى(45). وتتضح من خلال بعض الأمثال الوسيطية النظرة السلبية تجاه المرأة - «هَمّ البنات للممات»(46)، خاصة في الحالات التي يكون فيها عدد النساء كبيرا في الأسرة - «وِي على من مات وخلاّ سبع بنات»(47).
إن الموت الكريم أفضل من العيش المرير بالنسبة للفقير، إذ يقال كناية عن المسكين أو المريض المعذب «لمُوت ستره»(48)، كما يقال أيضا «الله يجْعل لْموت تسبق لبلا»(49)- «الموت بالردم ولا الدلا د الخدم»(50)- «ذا مات الله يرحمو وذا عاش الله يرزقو»(51) - «ذا مات تهنا»(52).
ومع موت الإنسان تموت أسراره، «دّا مْعَاه سَرّو» - «سرّو مشا معاه لقبرو»، فالميت يأخذ معه أسراره إلى قبره، غير أن تَرِكَتَهُ حاضرة في المثل الشعبي، خاصة بالنسبة لمن ترك بعده عددا من الأقارب الفقراء، إذ يقال فيمن مات ولم يترك إرثا: «خلا الخوا وخيّو، والكموسة دفليو». وقد يُستغل غياب الإنسان بعد موته قِبل الأحياء، ليصبح - وهو ميت - شمّاعة يعلَّق عليها العجز، وتُنسب له أعمال وأقوال لا علاقة له بها، يقول أحد الأمثال «مين يموت لميّت، كايطوالو رجليه»(53)، ويورد الزجالي مثلا وسيطيا يحمل نفس المعنى « إذا وقعت البقر، غزرت السكاكين»(54)، لا يزال متداولا بلفظ دارجي «مين طٍّيح البقرة يكثرُو الجنَاوة»(55).
يجمع عبد الرحمن المجذوب (ت. 975ه/ 1568م) أهم هذه سمات وتمثلات الموت في أبيات زجلية(56):
لَا تخمّم لا تدبّر لا تَرْفدْ الْهَمْ دِيما
الفلْك مَا هُو مْسَمّر ولاَ الدّنيَا مَا لْهَا قِيمَا
الأرضْ فدّان ربّي والخَلق مجمُوع فِيها
عَزْرَايْن(57) حصّاد فريد مْطَامْرُو فْ كُل جِيها
تيمة الموت في سياقات اجتماعية
لا يقتصر حضور الموت على الأمثال والتعبيرات الشفوية التي تحيل عليه مباشرة، بل يُوَظَّفُ لفظُه في سياقات اجتماعية متنوعة، ويُشَبّه الانسان الساكن بالميت الراحل، إذ لا قدرة له على التفاعل مع الأحياء، يقول أحد الأمثال «بحال ميّت العَاصر مايدّي اخبار ما يجيب اخُور»(58)، ويقول آخر: «اش عند لميّت مايدير قُدّام غسّالو»، وَيُضرب المثل الأخير في الحالات التي يُفرض فيها على الإنسان الاستسلام بعد استنفاذ كل الإمكانيات، أوبعد عدم القدرة على الرد كأن يقف عاجزا أمام من يعرف عنه كل شيء مثلا. حيث يُشبه هذا الوضع بوضع الميت أثناء تغسيله بعد الموت، إذ لا إحساس ولا قدرة له، فهو مستسلم لغساليه.
تحمل بعض الأمثال والعبارات المتداولة معان متناقضة، فقد يحمل الموت في رمزيته دلالات الماضي الذي يُعتبر ميتا بالقياس مع الحاضر كما في المثل القائل: «اللّي فات مات»، وكما في الأمثلة المذكوره آنفا، التي يظهر من خلالها أن الموت ذهاب بلا رجعة. وعلى الرغم من ذلك فقد ظل عامّة المغاربة يعتقدون باستمرارِ التواصلِ بين الأحياء والأموات، فعلى سبيل المثال كانوا – ولا يزالون- يضعون تاريخ وفاة أحد الشخصيات القريبة أو المهمة كمرجع للتأريخ للأحداث والزمن، بالموازاة مع التأريخين الهجري والميلادي المعتمدين رسميا، مما يعكس حضورا يوميا ودائما للأموات في أذهان الأحياء. ولم يقتصر الأمر على العامّة بل تجاوزه إلى المثقفين والكُتاب الذي عادة ماكانوا يحاولون استدراك غياب التواريخ الهجرية لبعض الأحداث بربطها بتاريخ وفاة أفراد معروفين في المجتمع(59).
يُوَظف المثل بعض طقوس الموت كالحفر والدفن في سياق تربوي كالنهي عن إذاية الآخر: «تحفر فوسي وتنوي تدفن فيه خوك في ساسو ... راه لوقيد ما يشعل حتى يحرق راسو»، وهو نفس معنى المثل العربي «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، أو النهي عن بعض الممارسات التي تأتي في غير محلها كما في المثل القائل: «لْعِيبْ ماشي على من حرث في السطح، العيب لي فالموت وكايْشطح»، وهو يدعو إلى ضرورة تجنب السلوكات المؤذية لمشاعر أقرباء الميت بإبداء نوع من التضامن معهم. ومن بين الأمثلة الوسيطية التي أوردها الزجالي في هذا الإطار: «نية حفّار لْقبُور»(60) تعبيرا عن «سوء نيته» وهو يعد القبور(61). ويُستخدم الموت أيضا للدلالة على من يقوم بالشيء ويُبدي نقيضه: «يَقْتل الميت ويَمْشي في كْنَازْتُو».
يُثير الانتباه الحضور القوي للمرأة في الأمثال التي يُوظَّف فيها الموت، فهي حاضرة بمختلف الأعمار والوضعيات الاجتماعية؛ طفلة، أوعجوزا، أو زوجة، أو أرملة، ويطرح هذا الحضور أكثر من سؤال، خاصة إذا ما استحضرنا علاقة الموت بالمرأة في الأساطير المغربية؛ عربية ويهودية وأمازيغية(62). والملاحظ أن هذا الحضور يتسم في الغالب بالسلبية، يقول أحد الأمثال: «موت لمْرا ستره»، ويربط مثل آخر بين معايير اختيار المرأة الزوجة والوضعية التي يموت عليها الزوج قائلا: «اللي خذاها على زينها مات بْصير [أعمى]، واللي خذاها على مالها مات فقير، واللي خذاها على جُودْها ما يْخيب».
علاقة المرأة بالرجل حاضرة، هي الأخرى، في الأمثال التي يُستحضر فيها الموت: «من النهار الاول كايْمُوت لمش» حيت يوظف قتل الزوج للقط؛ الذي حاول خطف اللحم من على طاولة أول وجبة عشاء جمعت الزوجين، لإخضاع المرأة في بيت الزوجية(63). والرجل المتزوج بأرملة يموت في حالة صعبة «مات مُوتَا غريبة والهجالة معسّيَاه». ويُوضح مثل آخر موقف المرأة من الرجل الذي يجمع بين التعنت وعدم القدرة على إعالة أسرته: «راجل مُصيبة ماعاش وكفاني ولا مات هنّاني». ويوضح مثل آخر موقف المرأة من ظاهرة تعدد الزوجات، إذ يشبه عيشة المرأة الثانية بالقبر: «مشية للحفر، ولا مشية لبيت أخرى»(64)، أي أن المرأة تفضل الموت على أن تكون ضرة. وعلى العموم فإما الزواج أوالموت؛ خياران أمام البنت لا ثالث لهما: «البنت إما رَاجلْها وإما قبرها»، ويتبين من خلال هذا التشبيه الصورة السيئة للمرأة في الأمثال الشعبية المغربية(65). بالمقابل تحضر المرأة في علاقتها بالمرأة بشكل إيجابي في أحد الأمثال الذي توظف فيه تيمة الموت: «اللي ماعندها بنت؛ تدفن راسها فحياتها».
إن هذا الموقف الذي يقرن الزواج بالموت، ليس جديدا على المجتمع المغربي، فقد كان حاضرا منذ قرون، ومن الأمثال الوسيطية التي رَبطت الموت بالزواج «الزواج ولْمُوت هم لا يفُوت»(66). وهو مَثَل يكشف عن بعض الصعوبات التي يواجهها المتزوجون خاصة خلال الفترات العصيبة من تاريخ المغرب الوسيط.
إلى جانب العلاقة الإنسانية بين الجنسين، يُستحضر الموت في أمثال تعبر عن ظواهر اجتماعية أخرى كالسرقة مثلا، فالسارق يبقى سارقا مهما كان الموقف، إذ لا يعير اهتماما لظروف الضحية، حتى ولو تعلق الأمر بحدث محزِن كالموت، إذ يقال كناية عن الرجل غير ذي موضع ثقة «جابُو يعاونُو فقبر يمّاه هرب لُو بالفَاس»(67).
تُعبر بعض الأمثال التي يرِد فيها الموت عن ظواهرَ اجتماعيةٍ عرفها المجتمع المغربي منذ القدم، كالبطالة والكسل، فالموت خير من الحياة بالنسبة للاتكالي الكسول الذي يعتمد على غيره في شؤون الحياة «اللي مايقرا براتُو ويغسل كساتوا ويذبح شاتو موتو حْسن من حياته»(68). وتتعدد الأمثلة التي يُفضل فيها الموت على عيشة الفقر والمذلة، إذ يقال «عيشة هاذي، عيش لاتموت، مُوت احسن»، يُقال فيمن يقاسي عددا كبيرا من المحن في حياته، بسبب مرض موجع أو فقر مدقع، أو غير ذلك من نكبات الدهر، فيتمنى الموت بدل الحياة، ويقول مثل آخر «اللهم قبر مجلّي أولاَ شكارة خاوية»(69)ويقول آخر «غبن الموت ولا مذلة القوت»(70). ويقرن أحد الأمثال الموت بالخسارة وخراب البيت قائلا: «الموت والوخضة»(71)، وتعكس أمثال أخرى مكانة بعض الفئات والأفراد في المجتمع، ونظرة المغاربة إليهم، يقول أحد الأمثال: «المطلق دُوز على قبرو ولادّوز على دوّارُو»، ويسلط هذا المثل الأضواء على وضعية المطلق في المجتمع ومعاناته التي لا تنتهي إلا بموته، بمنطوق المَثل. وعلى العموم تحتل كل من مؤسسة الأسرة، والأرض، مكانة مهمة في المثل المغربي، باعتبار الأولى مصدر اعتزاز وافتخار، والثانية مصدر خير ورزق وارتباط بالأجداد، إذ يجعل أحد الأمثال الإنسان المغربي مستعدا للموت من أجل أسرته أو أرضه: «ارّاجل كايموت غير على وْلادُو ولاّ بْلاَدُو».
يحضر هاجس الخوف من البحر والتحذير من الموت المحقق، إذ يقال عن البحر «الداخل ميت والخارج حي»، ويَنْهى مثل آخر عن التسرع قائلا «للّي زربوا ماتوا». ويرتبط الموت بعمر الإنسان، إذ يقال: «ياكل القوت ويستنا الموت» كناية على بلوغ الإنسان مرحلة الشيخوخة.
لم يغب الأولياء الأموات عن المثل الشعبي، يقول أحد الأمثال «وَاشْ الْحْمَارْ كَيْعْرَفْ مُولاَيْ ادْرِيسْ»(72)، ويعكس المكانة الرمزية الكبيرة التي يحتلها الأولياء في ذهنية المغاربة منذ القدم، خاصة كبيرهم « مولاي ادريس» منذ العصر المريني على الأقل، ويُشبَّه من لايعرف قيمته بالحمار، حيث وجه الشبه هو الغباء لأن العقلاء يُعرفون مكانة مولاي ادريس.
يُوظف الموت وطقوسه، على سبيل التشبيه، في بعض الأمثال التي تحث على أداء الواجبات الدينية في وقتها، حتى ولو على حساب مساعدة شخص عزيز أو قريب في لحظات احتضار، أو القيام بواجب العزاء، يقول أحد الأمثال» خلّي مّك تموت، وصلّي المغرب لا يفوت»، ويقول مثل آخر: «لا تعزيني فولدي إيلا مات، وعزيني فضهور الجمعة إيلا فات»(73)، ويربط مثل آخر بين ترك الصلاة والمصير الأخروي» صلّي وقطَعْ، من جهنم ما تطلع»(74). ومن الواضح أن توظيف الموت في هذه الأمثال مجازي يفيد ضرورة أداء الصلوات في أوقاتها - خاصة صلاة الجمعة - مهما كانت الظروف، امتثالا لنصوص دينية كثيرة في الموضوع.
اليهود والموت من خلال
أمثال يهودية مغربية
تُجمع المصادر التاريخية على قدم استقرار اليهود بالمغرب، حيث تبين بعض الآثار المادية وجودهم به قبل الإسلام، فلا غرو أن يكونوا قد راكموا من الخبرات والتجارب ما جعلهم يُنتجون رصيدا مهما من الأمثال الشعبية، منها ما هو يهودي صرف مستمدٌ من المعتقدات الدينية اليهودية، ومنها ما يندرج ضمن الرصيد المشترك للمغاربة يهودا ومسلمين. وقد لامَسَت هذه التعبيرات الشعبية مواضيع متنوعة، ضمنها موضوع الموت الذي نحاول من خلالها الخروج بملامح صورته عند الأقلية اليهودية.
يَرِد الموت بقوة في كتب العهد القديم التي احتلت مكانة مهمة عند يهود المغرب(75)، وإذا ما اخذنا سفر الأمثال كنموذج، فإن الموت يتردد فيه عشرات المرات، ويظهر بصورة سلبية ومخيفة، إذ يُربط بالشر والذنوب والعقاب الإلهي على الخطايا، فالموت عاقبة من يستجيب للخطية(76)، و«البر ينجي من الموت»(77)، والخير يطيل عمر الإنسان، أما الشر فيسبب هلاكا سريعا لفاعله، لأن «مخافة الرب تزيد الأيام، أما سنون الأشرار فتقصر»(78)، والشرير يُطرد بشره، أما الصديق فواثق عند موته(79). تؤكد هذه النصوص الدينية اليهودية الرؤية الثنوية للعالم؛ الحياة في مقابل الموت والخير في مقابل الشر...إلخ، فالموت في العهد القديم نقيض للحياة. وهكذا تقابل الحياة الخير، في حين تواجه الموت الشر، «فالحياة مرادفة للخير والبركة، أما الموت فهو مرادف للشر واللعنة»(80).
يكتسي الموت إذن أهمية بالغة بالنسبة للفرد اليهودي، فهو يوم الدين وتقديم الحساب، وهو اللحظة التي ستقرر فيها نهائيا الصفة التي سيكون عليها وجوده الأبدي، يُعلق مثل قديم على يوم الوفاة قائلا: «يوم ها دين يوم دين وحشبون»(81). ويقول مثل آخر: «الكفن ليس له جيوب»(82)، وهو مثل متداول بين اليهود والمسلمين على السواء، ويعني أن الميت لن يأخذ معه أموالا إلى العالم الآخر، لذلك من الأفضل أن ينفقها في دنياه. ويقول آخر «الإنسان يفكر والإله يضحك»(83)، ومعناه أن الإنسان مهما فكر أو خطط لمستقبله، فإن مصيره مقرر ومقدر عند الله. وتعكس بعض الأمثال والأقوال اليهودية المأثورة اعتقادات وممارسات عريقة على صلة بطقوس الموت، فهي تستنكر على سبيل المثال مشاركة الولد في جنازة والده: «إكون في ندوّي، من ازرع ديالو ودوز من ورا كنازتو» ومعناه: أيمشي وراء نعش أبيه وهو من زرعه(84)، ومن الواضح أن المثل ينهى الإبن عن مرافقة الموكب الجنائزي لوالده المتوفى. ويقول مثل آخر: «لّي مات فالسبت، مايتسنّ لحدّ»(85)، ويُبين هذا المثل أن التعجيل بدفن الميت ضروري ولو كان اليوم الذي مات فيه هو يوم السبت الذي هو يوم راحة ولا يجوز أن يشتغل فيه اليهودي(86).
على العموم يبدو من خلال بعض الشواهد التاريخية حرص اليهود على الاعتناء بالأموات ودفنهم وفق طقوسهم الخاصة مهما كانت الظروف. ومن الأمثلة التي نسوقها على ذلك ما ورد في كتاب «التواريخ» حول انتهاك اليهود لحرمة السبت لانتشال موتى زلزال 5520 عبرية / 1760م(87)، كما يُعزي اليهود بعضهم البعض باستعمال بعض العبارات والحكم المستقاة من شعر أشعيا(88). ويقارن أحد الأمثال بين أجواء الجنازة والعرس في فاس، مفضلا الجنازة: «لْجنازة دْ فاس احسن من العروسة»(89)، وهو يصف أجواء الجنازة عند اليهود التي كانت تمر في ظروف جد منظمة بفعل الدور الذي تقوم به الجماعة المكلفة بالموتى(90).
إن الموت في المثل اليهودي المغربي، كما هو الحال عند باقي المغاربة، مفرق للأحباب، وهو من علامات النحس وسوء الطالع، يقول أحد الأمثال: «مُوت لسْحاب من تعوَاز لمزَال»(91) أي أن فَقْدَ الأحباب نُزول للسعد(92). والموت أفضل من معاناة المرض: «بوه بزرى [جرى] وبوه بالعسرا»، ومعناه الحرفي: الإسهال مضر والقبض مضر(93). ويقول مثل يهودي آخر «ما لله الموت ولا لعنيوات»(94)، فعلى غرار مواطنه المسلم؛ يفضل اليهودي الموت على حياة لايستطيع فيها مجابهة المشكلات المادية، فالموت خير من حياة الفقر. ويتشابه هذ المثل مع مغزى أمثلة مغربية غير يهودية كثيرة، سبق ذكر بعضها.
في سياق التوترات التي كانت تعرفها العلاقات بين اليهود والسلطة المغربية، ورد في كتاب «التواريخ» مثل يهودي يقول «الموت منّا والدية علينا»(95)، وهو يميط اللثام عن جوانب من معاناة اليهود، على غرار المسلمين، من الضغط الضريبي والهجومات التي كانوا يتعرضون لها، والتي كانت تؤدي بعض الأحيان إلى مقتل أعداد كبيرة منهم، خاصة بعد كل تغير في هرم السلطة(96).
من الواضح إذن من خلال هذه النماذج من الأمثال اليهودية التي تناولت موضوع الموت والظواهر المتصلة به مباشرة؛ غلبة المغزيين الديني والاجتماعي، والحضور القوي للوازع والخلفية الدينية من خلال حرصها على التعجيل بالدفن.
كما هو الحال عند كل الشعوب، يُوظف الموت عند اليهود في سياقات اجتماعية متنوعة ليُحيل على معان وقيم؛ ويعبر عن ظواهر مختلفة تعكس جوانب من حياة مجتمع يهود المغرب، يقول أحد الأمثال: «اللي يتسناك يموت بلا شِمع»(97) يقال في شخص لا يُعتمد عليه. من الأقوال اليهودية المغربية المأثورة «دخلت لو الدبانا فراسو»، ويحيل هذا المثل على سوء عاقبة من يعتدي على الصالحين والأتقياء، إذ يُحكى في التراث اليهودي أن نمرود، وهو الذي رام حرق ابراهيم الخليل، نفذت ذبابة إلى أذنه، وصعدت إلى رأسه وقاسى منها ما لا يطاق حتى توفي(98). ويعد هذا المثل من الأمثال المشتركة بين المغاربة يهودا ومسلمين.
والمرأة حاضرة في الأمثال اليهودية التي يُوظف فيها الموت، يقول أحدها: «المرأة العاقر شجرة ميتة»(99)، يشبه المثل المرأة العاقرة بالشجرة الميتة، ويعكس نظرة اليهود وتصورهم الديني الذي شجع على الإنجاب(100)، فقد جاء في سفر التكوين «وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض»(101).
خاتمة
حاولنا من خلال هذا العمل أن نلامس بعض جوانب موضوع الموت والعالم الأخروي وتَمَثّلِه عند مسلمي ويهود المغرب من العصر الوسيط إلى اليوم، من خلال الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة، وسمحت لنا هذه الدراسة بالوقوف على الإطار العام لصورة الموت وعالم ما بعد الموت عند المغاربة يهودا ومسلمين؛ من خلال رصدنا لبعض مظاهر الائتلاف والاختلاف بين ثقافتين مختلفتين جمعتهما الجغرافيا والتاريخ المشترك، عبر تحليل أمثال الموت؛ سواء تلك التي تجعل منه موضوعا مباشرا، أو التي توظفه في حقول وسياقات أخرى.
لقد اتضح لنا جليا التأثر والتأثير المتبادل بين اليهود والمسلمين، على الرغم من حرص كل طرف على الحفاظ على معتقداته وعاداته الخاصة. ومن ثمة أصبحت صورة الموت عند المغاربة مزيجا من المعتقدات الدينية اليهودية، والسامية والمتوسطية. ولفت انتباهنا طيلة أطوار البحث، التشابه الكبير بين عدد من أمثال اليهود والمسلمين، سواء من حيث الألفاظ والعبارات، أو من حيث المعاني، وفي ما يتعلق بالموت فقد تعددت عند الطرفين الأمثلة التي يُفضل فيها الموت على عيشة الفقر والمذلة كما رأينا. ومن الأمثلة النادرة التي يحضر فيها الموت وتتشابه لفظا ومعنى، ولا زالت متداولة بين اليهود والمسلمين؛ مثل يقول: «اللي حبني ما بنالي قصر، واللي كرهني ما حفرلي قبر»(102).
وكغيره من الأمثلة الشعبية عند كل الأمم، صمد المثل المغربي في وجه كل التحولات التي عرفها المجتمع، غير أن هذا الصمود لايعني الجمود، بقدرما يعكس مرونة المثل وقابليته للتأويل والتوظيف في سياقات مختلفة، وبما أن الأمر يتعلق بموضوع كريه ومزعج، فقد حاولت التعبيرات الشعبية المغربية الهروب من استعمال لفظ الموت وتعويضه بكلمات أخرى أكثر تحسيسا بالآمان، وتحمل أيضا نوعا من التسليم بالقدر المحتوم والبحث عن الشفاعة (تاليتها موت - مشا لدار الحق - راه عند الله - دّاه الله...)
إن أبرز ملاحظة تسترعي الانتباه في معظم الأمثال التي بين أيدينا، سواء التي أوردتها المصادر التاريخية، أو تلك المتداولة اليوم بين الناس، مسلمين كانوا أم يهودا أم هما معا؛ هو كونها أمثال بالدارجة المغربية، اقتُبِست بعضها من الأمثال العربية الفصيحة فدُرجت ليسهل تداولها بين أفراد المجتمع. ومن الواضح أن خطاب الموت في المثل المغربي خطاب ذكوري، ولو أنه موجه للجنسين، فالمُخَاطَبُ المباشر من خلاله هو الذكر، لا حضور فيه للمرأة إلا حينما تكون هي المقصودة دون الذَّكَر.
كما يُلاحظ الحضور القوي لأسلوب التشبيه، باستعمال بعض أدوات التشبيه الدراجة (بْحال، دا ...)، حيث يُشَبّه الموت وطقوسه بأشياء مادية وظواهر اجتماعية ملموسة، وقد يكون مردّ ذلك إلى طبيعة موضوع الموت المجردة، التي تتطلب تشبيهها بظواهر وأشياء مادية قابلة للإدراك والمقايسة لتسهيل فهم وتوظيف الأمثال الشعبية مادامت من إنتاج العوام وفي خدمتهم. كما لاحظنا التوظيف السلبي لتيمة الموت في التشبيهات باقترانها بكل ماهو سلبي في المجتمع.
ملحق: لائحة بأهم أمثال الموت بالمغرب
أمثال متعلقة بالمسلمين، أو مشتركة:
اش عند لميّت مايدير قُدّام غسالو.
بَاشْ تَقْتَل بَاشْ تْمُوتْ يَا مَلاَك لْمُوت.
بْحَال حمالين النعوشة، يدّيوْ مايردُّو.
بحال ميّت العَاصر مايدّي اخبار ما يجيب اخُور.
البنت إما رَاجلْها وإما قبرها.
تَالِيتْهَا مُوتْ.
تحفر فوسي و تنوي تدفن فيه خوك في ساسو
.راه لوقيد ما يشعل حتى يحرق راسو
تْلاثة عَدْيَاني : عِينِي، وَدْني ولْساني
.لو كان مَا هُومَا ندخُلْ لْقَبْري هَاني
جابُو يعاونُو فقبر يمّاه هرب لُو بالفَاس.
حتّا يْجي اللّي مات، وينوّر الملح ويْشِيب الغراب.
خلا الخوا وخيّو، والكموسة دفليو.
خلّي مّك تموت، وصلّي المغرب لا يفوت.
دَا كيعيش كيكبر، ودا كيموت كيغبر.
دّا مْعَاه سَرّو
دّا مُول الأَمانة أَمَانْتُو.
الداخل ميت والخارج حي.
الدار هي دار الآخرة.
الدّنيا بالوْجُوه والآخرة بالْفعايْل.
ذا مات الله يرحمو وذا عاش الله يرزقو.
ذا مات تهنا.
رّاجل كايموت غير على وْلادُو ولاّ بْلاَدُو.
راجل مُصيبة ماعاش وكفاني ولا مات هنّاني.
ربي خلقنا وقهرنا بالموت.
الرّوح عند ربي عْزيزة.
الزواج ولْمُوت هم لا يفُوت.
سرّو مشا معاه لقبرو.
صلّي وقطَعْ، من جهنم ما تطلع.
طَاحْ طِيحَةْ الزّلافة، مَاطَال مَا طوّل.
الطّرِيق لْجَهنم مَفْرُوشة بالْوَرْد.
طْلَعْ هْوَاهْ، وبَاعْ دِينُو بدنيَاه.
عيشة هاذي، عيش لاتموت، مُوت احسن.
غبن الموت ولا مذلة القوت.
فضول سود في خبير: مشات تعزي أبيعت في الاكفان.
كُلّ حَاجة فْوَقتها، حتّى لْمُوت بْدَقّتْهَا.
كَمْ مَن حَمّال على ذَا الميّت.
لا تعزيني فولدي إيلا مات، وعزيني فضهور الجمعة إيلا فات.
لاَ توصّي يتيم على بْكَاه.
لْبْكَا وَاجبْ وْصْبَرْنا أنفع
.إن من قد مات لمْ يمض ليرجع
لْعِيبْ ماشي على من حرث في السطح، العيب لي فالموت وكايْشطح.
لْفْرَاق مَبعوت بالحي أو بالْمُوت.
للّي زربوا ماتوا.
لْمُوت اقْرب مَنّو مايكون.
لمُوت ستره.
لْمُوت فالجماعة نْزاهة»
لْمُوت مَا مَنُّو هْرُوب.
لْمُوت منْ عند الله.
لْمُوت وحْدا».
لْموت، مَاتْمَنّاهَا لعدُوك.
الله يجْعل لْموت تسبق لبلا.
الله يرحمو إلى رَحمُوه فْعَايْلُو.
الله يرحْمُوا - الله يرحمو ويوسع عليه.
الله يَعْطينِي دقّة الزّلافة تطِّيح وتهرّس.
اللهم قبر مجلّي أولاَ شكارة خاوية.
اللي حبني ما بنالي قصر، واللي كرهني ما حفرلي قبر.
اللي خذاها على زينها مات بْصير، واللي خذاها على مالها مات فقير، واللي خذاها على جُودْها ما يْخيب.
اللّي فات مات.
اللي ماعندها بنت؛ تدفن راسها فحياتها.
اللي مايقرا براتُو ويغسل كساتوا ويذبح شاتو موتو حْسن من حياته.
ليس ذا البكا على ذا الميت ... لو عطيتني بضيع كان نبكي معاك دميع.
مَا كَاتْجِي فْخَطْرة غِي لْمُوت.
مَا كُلّ مَن حزْنَت تْقَجْدرت، ولا من له ميت بكيت.
مات مقتول- مات مغدور.
مَاتْ مُوت الله.
مات مُوتَا غريبة والهجالة معسّيَاه.
ماحدّ ارُّوح تَطْلَع وبْنادم يطْمَعْ.
مْرض ومات.
مشا فين نمشيو كاملين.
مشا لدارْ الحق.
مشية للحفر، ولا مشية لبيت أخرى.
المطلق دُوز على قبرو٬ ولادّوز على دوّارُو.
الموت بالردم ولا الدلا د الخدم.
الموت حق علينا.
موت لمْرا ستره.
الموت والوخضة.
مُول الرّوح يبَان يباَن.
مين طٍّيح البقرة يكثرُو الجنَاوة.
مين يموت لميّت، كايطوالو رجليه.
نعاس خو لْموت.
نية حفّار لْقبُور.
هَمّ البنات للممات.
وِي على من مات وخلاّ سبع بنات.
يا قاتل الرّوح وِين تْرُوح.
ياكل القوت ويستنا الموت.
يَقْتل الميت ويَمْشي في كْنَازْتُو.
أمثال يهودية أو متعلقة باليهود:
إكون في ندوّي، من ازرع ديالو ودوز من ورا كنازتو
الإنسان يفكر والإله يضحك.
بوه بزرى وبوه بالعسرا
جنيزة اليهود، الجري والسكات. (مثل إسلامي متعلق باليهود)
دخلت لو الدبانا فراسو. (مثل مشترك)
الكفن ليس له جيوب.
لْجنازة دْ فاس احسن من العروسة.
لّي مات فالسبت، مايتسنّ لحدّ.
اللي يتسناك يموت بلا شمع.
ما لله الموت ولا لعنيوات.
المرأة العاقر شجرة ميتة.
مُوت لسْحاب من تعوَاز لمزَال.
الموت منّا والدية علينا.
يوم ها دين يوم دين وحشبون.
الهوامش
1 الفراهيدي الخليل بن أحمد (ت. 180 ه)، العين، ترتيب وتحقيق، هنداوي عبد الحميد، ج. 4، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 2003، ص. 118.
2 ابن منظور، لسان العرب، مج. 11، دار صادر، بيروت، د. ت، ص-ص. 610-612.
3 نقلا عن، الميداني أبو الفضل، مجمع الأمثال، ج. 01، تحقيق، محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1955، ص. 6.
4 نقلا عن الخطيبي عبد الكبير، الاسم العربي الجريح، ترجمة، محمد بنيس، ط. 1، منشورات الجمل، بيروت، 2009، ص. 36.
5 كرم ادريس، الادب الشعبي بالمغرب؛ الأدوار والعلاقات في ظل العصرنة، نشر، اتحاد كتاب المغرب، 2004، ص32.
6 ابراهيم نبيلة، أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت، ص. 138.
7 حول بيبليوغرافيا الأمثال في المشرق خلال العصر الوسيط يمكن العودة إلى: أبو العزم عبد الغني، «كتب الأمثال، مجامع أم معاجم» في: فكر ونقد، ع. 35، 2001، دار النشر المغربية، الرباط، 2001، ص- ص. 120-136.
8 ابن قزمان محمد، (ت. 555ه/ 1160م) ديوان ابن قزمان، إصابة الأغراض في ذكر الأعراض، تحقيق وتصدير، فيديريكو كورينتي، تقديم محمود علي مكي، ط. 1، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1995.
9 الكلاعى أبو الربيع سليمان (ت. 634ه/ 1237م)، نكتة الأمثال ونفثة السحر الحلال، حققه وقدم له، ابراهيم علي كردي، ط. 1، دار سعد الدين، دمشق، 1995.
10 الزجالي القرطبي (ت. 694 ه/ 1294م )، ري الأوام ومرعى السوام في نكت الخواص والعوام أو أمثال العوام في الأندلس، جزآن، تحقيق وشرح ومقارنة، محمد بن شريفة، منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصيل، مطبعة محمد الخامس، فاس، 1975.
11 اليوسي أبو علي حسن بن مسعود (ت. 1102ه/ 1690م)، زهر الأكم في الأمثال والحكم، تحقيق، محمد حجي؛ محمد لخضر، ط. 1، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1981.
12 الفاسي أبو مدين(ت. 1181ه/ 1767م)، المحكم في الأمثال والحكم، مخطوط بالمكتبة الوطنية تحت رقم ج - 405.
13 بنشريفة محمد، مادة « أمثال المغرب»، معلمة المغرب، ج. 2، مطابع سلا، 1989، ص. 686-688.
14 يرى جاك لوغوف أن الذاكرة في التاريخ « تعني قدرة الفرد أوالجماعة على تخزين أفعال أو معلومات ماضية بهدف استحضارها لسبب من الأسباب» ويعتبرها «مادة أولية للتاريخ»، نقلا عن: محمد غالم , LE GOFF, Jacque : Mémoire et Histoire », in Insaniyat / إنسانيات [En ligne], 4 | 1998, mis en ligne le 31 mai 2013. URL : http://insaniyat.revues.org/11729, consulté le 16 juin 2015.
15 صاغ هذا التعبير { فلكلور «Folklor} الآثاريّ الإنجليزي «وليام جون تومس» William John Thoms عام 1846 ليحل محل « الآثار الشعبية» ، للمزيد من التفصيل حول الموضوع يمكن إلى العودة ألكسندر كراب، «علم الفلكلور»، ترجمة، لطفي الخوري، مجلة التراث الشعبي،ع. 1، السنة الاولى، أيلول 1963، دار الزمان، بغداد، ص. 3.
16 تيتاوحميد؛ لطيف محماد، ملامح من التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لقبائل آيت عطا من خلال أمثالها: مساهمة في تدوين الأمثال الأمازيغية مطبعة النجاح الجديدة، 2003.
17 في تونس نذكر: الحبيب النهدي، «محاولة في دراسة المواقف أمام الموت من خلال الأمثال الشعبية»، ضمن مجلة I.B.L.A ع. 193، 2004، ص-ص. 25-39 ويشير النهدي إلى اشتغاله على الموضوع ضمن أطروحة دكتوراه: الموت كما يعيشه المجتمع التونسي الحالي، إشراف عبد المجيد الشرفي، قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بمنوبة، 2001، وفي مصر نذكر عملين : شحلان سميح عبد الغفار، الموت في المأثورات الشعبية، عين للدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية، القاهرة، 2000؛ وخضر فارس، ميراث الأسى؛ تصورات الموت في الوعي الشعبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2009.
18 حول الأمثال التاريخية بالأمازيغية، يذكر بنشريفة أن لا شيء دُوّن منها في المصادر، ويفترض إمكانية تعرض بعضها للتعريب بتعرب الناطقين بها، بنشريفة محمد، معلمة المغرب، ج. 2، م. س، ص. 687، ومن الواضح أن موضوع الموت في الأمثال الشعبية الأمازيغية التي احتفظت بها الذاكرة الجماعية للمغاربة يحتاج إلى البحث والدراسة.
19 لا نزعم أننا جمعنا كل أمثال الموت بالمغرب في هذا العمل، بقدرما اشتغلنا على أكثرها تداولا وشيوعا.
20 النهدي الحبيب، محاولة في دراسة المواقف أمام الموت من خلال الأمثال الشعبية، م. س، ص. 31.
21 داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 105.
22 بلاجي محمد، «المثل في الخطاب السياسي المغربي»، في مجلة، فكر ونقد ع. 35، س. 2001، ص. 56؛ وَينسجم هذا المَثل مع ما يقدمه التصور الديني الإسلامي، إذ يعتقد المسلمون بموت كل الملائكة ، ابن حزم علي، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج. 4، مكتبة الخانجي، القاهرة، ص. 21؛ وَ ابن تيمية أحمد، مجموع الفتاوى، ج. 4، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد المدينة المنورة، 1995، ص. 259.
23 داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 85، وَ«دا» لفظ دارجي معناه : هذا.
24 دادون ادريس، الأمثال الشعبية المغربية، جزآن، مكتبة السلام الجديدة، ط. 2، الدار البيضاء، 2007، ج. 1، ص. 441.
25 لفظ دارجي يحل محل آداة التشبيه «مِثل» باللغة العربية
26 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 1، ص. 528
27 دادون ادريس، م. س، ج.2، ص. 229
28 الزلافة لفظ دارجي تعني إناء من طين أو فخار
29 داوود محمد، الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية، مج. 1، منشورات المجموعة الحضرية، تطوان، 1999، ص. 552.
30 دادون ادريس، م. س، ج. 2، ص. 210.
31 ن. م، ص. 225.
32 بختاوي فتيحة ، المثل الشعبي في وجدة، بحث لنيل شهادة الإجازة في الدراسات العربية، إشراف، محمد الشامي، كلية الآداب- جامعة محمد الأول بوجدة، الموسم الجامعي 1982/1983، مرقون، ص. 73.
33 «يقابله في المشرق الموت في الكثرة سترة» وفي اللغة العربية « الموت في الجماعة طيب» إميل ناصيف، أروع ما قيل في الموت، دار الجيل، ط. 1، بيروت، 1995، ص. 19؛ ويُوظف هذا المثل ليحمل معاني ضرورة الانضباط للجماعة وعدم الشذوذ عن مواقفها.
34 يستعمل هذا المثل في سياقات أخرى بمعنى وجوب الاختصار .
35 دادون ادريس، م. س، ج. 1، ص. 99.
36 يصبح المثل في كتاب أمثال تطوان «الدنيا بالوجوه ولاخرة بالزراوط»، وهو يؤدي نفس المعنى تقريبا، داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 102.
37 دادون ادريس، م. س، ج. 2، ص. 149.
38 ن. م، ص. 147.
39 بمعنى: ثلاثة أعدائي، عيني وأذني ولساني.... لولا هم لدخلت قبري مرتاح البال.
40 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 2، ص. 256.
41 حقي محمد، الموقف من الموت في المغرب والأندلس في العصر الوسيط، ط. 1، مطبعة مانبال، بني ملال، 2007 ، ص. ص. 71 و 75.
42 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 2، ص. 400.
43 ن. م.
44 ن. م، ص. ص. 279و 287 و313.
45 ابن حزم علي، طوق الحمامة في الألفة والآلاف، تقديم البزم، مكتبة عرفة، دمشق، د. ت، ص. 32.
46 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 1، ص. 243.
47 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 2، ص. 452
48 يقال في اللغة العربية: الموت الفادح خير من العيش الفاضح، إميل ناصيف، أروع ما قيل، م. س، ص. 20.
49 داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 126.
50 ن.م ، ص. 212.
51 ن. م، ص. 219.
52 ن. م، ص. 54.
53 داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 85.
54 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 2، ص. 9.
55 معناه الحرفي، حينما يتم إسقاط البقرة بغرض الذبح، تكثر آنذاك السكاكين.
56 المجذوب عبد الرحمن، القول المأثور من كلام سيدي عبد الرحمن المجذوب، مكتبة الوحدة العربية، الدار البيضاء، د. ت، ص. ص. 8 و 18.
57 لم يَرد في القرآن ولا في الحديث اسم محدد لملك الموت (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ- سورة السجدة، آية، 11)، ويظهر أن إطلاق اسم عزرائيل عليه منقول عن حضارات أخرى؛ محمود مصطفى، نظرات في صحائف العلامة الإنسانية؛ محمد أمين شيخو، دار نور البشير للطباعة والنشر، دمشق، 2005، ص. 56 – 58 ومن أجل تفاصيل أوفى حول عزرائيل في التراث الديني الإسلامي يمكن مراجعة مبحث « ماحقيقة عزرائيل»، ضمن نفس المصدر، ص- ص. 54–62.
58 دادون ادريس ، م. س ، ج. 1، ص. 23، والمقصود بميت العاصر: الذي يزامن موته صلاة العصر.
59 تبدو هذه الظاهرة واضحة في الكتابات المناقبية المغربية على سبيل المثال.
60 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 2، ص. 355.
61 حقي محمد، م. س، ص. 114.
62 أوسوس محمد، دراسات في الفكر الميثي الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، 2007.، ص. 107- 110 ويلاحظ أن الموت الذي يسمى في الأمازيغية «تماتانت» مؤنث، ولْمُوت في الدارجة كذلك مؤنث، على عكس «الموت» في أصله العربي الفصيح الذي يعتبر مذكرا، ص. 110.
63 عباس الجراري، حكايات من الفلكلور المغربي، ج. 1، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، د. ت، ص. 59.
64 الزجالي القرطبي، م. س، ج. 2، ص. 350.
65 للمزيد من التفصيل في الموضوع يراجع: بوخريص فوزي، «صورة المرأة في الأمثال الشعبية: المرأة في مؤسسة الزواج كنموذج»، في: مجلة فكر ونقد، ع. 63، س. 2004، ص. ص. 53 – 65؛ وَ بل العافية منى، المرأة في الأمثال المغربية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2008.
66 زمامة عبد القادر، الأمثال المغربية دراسات ونصوص، ط.1، دار القلم، الرباط، 2010، ص. 41؛ وَ داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 109.
67 داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. ص. 76. 77.
68 مثل مغربي دارجي معناه: «إن الذي لا يستطيع قراءة الرسالة، وتنظيف الملابس، وذبح الخروف، موته أفضل من حياته»
69 يرد عند داوود محمد بالعبارات التالية: « قبر منسي ولا شكارة خاوية»، م. س، ج. 1، ص. 169.
70 دادون ادريس، م. س، ج. 2، ص. 162.
71 لايزال هذا المثل شائعا في بعض مناطق المغرب الشرقي. بونجون م، السجع، قبيلة بدوية بين البربر، ترجمة محمد لغرايب، مطبعة ربا نيت، الرباط، 2008، ص. 103.
72 الكنوسي سميرة، بلاغة السخرية في المثل الشعبي المغربي، في: فكر ونقد، ع 35.
73 معناه: لا تعزيني في ابني إذا مات، وعزيني في صلاة الجمعة إذا لم أُؤَدها في وقتها.
74 الأمثلة الثلاثة الأخيرة نقلا عن، بختاوي فتيحة، م. س، ص. 78.
75 حول الموضوع يمكن العودة إلى: الزعفراني حاييم، ألف سنة، م. س، ص. 107.
76 سفر الأمثال، الإصحاح 9، الآية 18.
77 أمثال سليمان، الإصحاح 10، الآيات 2 و3.
78 سفر الامثال، إص. 10، أية 27.
79 سفر الامثال، إص. 14، آية 32.
80 سفر التثنية، إص. 30، آيات 15 و 19.
81 الزعفراني حاييم، يهود المغرب، ج. 2، م. س، ص. 473.
82 Victor Malka, Journal d›un rabbin raté, Seuil, 2009 , p. 71 .
83 Isabelle Casta, Nouvelles mythologies de la mort, Honoré Champion, 2007, p. 32.
84 ن. م، ص. 492.
85 شحلان أحمد، اليهود المغاربة، م. س، ص. 286.
86 يحرص اليهود على أن يتم الدفن في يوم الوفاة إلا إذا كان يوم سبت، شحلان، ن. م، ص. 486.
87 مجموعة أحبار من عائلة يهودية فاسية (ابن دنان)، كتاب التواريخ أو تاريخ فاس، مطابع الشويح، تطوان، د. ت، ص. 103.
88 الزعفراني حاييم، يهود المغرب، م. س، ج. 2، ص. 495
89 مجموعة أحبار من عائلة يهودية فاسية (ابن دنان)، م. س، ص. 85.
90 الفاسي أبنر(ت. 1884م)، «يحاس فاس»، ترجمة وتعليق، محمد لغرايب، في: مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة، ع. 5، 2005، ص-ص. 167 و 168؛ ومن بين تسمياتها يذكر الزعفراني، إخوان الرحمة والحقيقة، و»حِبْرَت حِسِدِ وإِمِت»، للمزيد يمكن العودة إلى: الزعفراني، يهود المغرب، ج. 2، م. س، ص. 480؛ وترِد عند لوتورنو باسم «هيبرا»: لوتورنو روجي، فاس قبل الحماية، ج.2، ترجمة محمد حجي؛ محمد لخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1992، ص. 824.
91 المزال كلمة عبرية تعني الحظ والسعد، شحلان أحمد، اليهود المغاربة من منبت الأصول الى رياح الفرقة، قراءة في الموروث والأحداث، ط. 1، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2009، ص. 289.
92 شحلان أحمد، اليهود المغاربة، م. س، ص. 285.
93 ن. م، ص. 286.
94 شحلان أحمد، اليهود المغاربة، م. س، ص. 284.
95 مجموعة أحبار من عائلة يهودية فاسية (ابن دنان)، م. س، ص. 16.
96 حول الموضوع يراجع: مجموعة أحبار من عائلة ابن دنان، م. س، ص. ص. 62 - 73.
97 ن. م، ص. 280.
98 ن. م، ص. ص. 288 و293.
99 الزعفراني حاييم، ألف سنة، م. س، ص. 48.
100 المسيري عبد الوهاب، م. س، ج. 2، ص. 76.
101 سفر التكوين، إص. 1، آية 28.
102 شحلان أحمد، م. س، ص. 274؛ وَ داوود محمد، م. س، ج. 1، ص. 80.
المصادر والمعاجم
القرآن الكريم برواية ورش.
الكتاب المقدس؛ العهدين القديم والجديد، الطبعة الصادرة عن جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الإصدار الثاني، ط. 4، 1995م، وقارناها بالنسخة العربية للعهد القديم المتاحة على الموقع: http://st-takla.org/pub_oldtest/index_.html، تمت آخر زيارة للموقع بتاريخ 20/08/2015.
ابن تيمية أحمد، مجموع الفتاوى، ج. 4، تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد المدينة المنورة، 1995.
ابن حزم علي، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج. 4، مكتبة الخانجي، القاهرة.
ابن حزم علي، طوق الحمامة في الألفة والآلاف، تقديم البزم، مكتبة عرفة، دمشق، د. ت.
ابن منظور، لسان العرب، مج. 11، دار صادر، بيروت، د. ت
أبو زكرياء يحيى بن عمر الكناني الاندلسي(ت. 289 ه)، أحكام السوق، تحقيق محمود علي مكي، في، مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد، مج. 4، ع. 1-2، مدريد، 1956. ص. ص. 59 - 151.
الزجالي القرطبي أبي يحيى عبيد الله، ري الأوام ومرعى السوام في نكت الخواص والعوام أو أمثال العوام في الأندلس، جزآن، تحقيق وشرح ومقارنة، محمد بن شريفة، منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية والتعليم الأصيل، مطبعة محمد الخامس، فاس، 1975.
الفاسي أبنر(ت. 1884م)، «يحاس فاس»، ترجمة وتعليق، محمد لغرايب، في: مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة، ع. 5، 2005، ص-ص 155 – 172.
الفراهيدي الخليل بن أحمد (ت. 180 ه)، العين، ترتيب وتحقيق، هنداوي عبد الحميد، ج. 4، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 2003.
مجموعة أحبار من عائلة يهودية فاسية (ابن دنان)، كتاب التواريخ أوتاريخ فاس، مطابع الشويح، تطوان، د. ت
مجموعة من المؤلفين، ثلاث رسائل في الحسبة، تحقيق ليفي بروفنسال، القاهرة، 1955 .
محمد بن أحمد بن ميارة، نصيحة المغتربين وكفاية المضطرين في التفريق بين المسلمين، دراسة وتحقيق، مينة المغاري وحفيظة الدازي، مطبعة أبي رقراق، ط. 1، الرباط، 2007.
الميداني أبو الفضل أحمد بن محمد (ت. 518 ه)، مجمع الأمثال، ج. 01، تحقيق، محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1955.
ابن بشكول خلف بن عبد الملك، الصلة في تاريخ أئمة الأندلس، ج. 2، تحقيق: إبراهيم الأبياري، دار الكتاب المصري ، القاهرة؛ دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط. 1، 1410ه/1989م.
المراجع والدراسات
ابراهيم نبيلة، أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار نهضة مصر، القاهرة، د. ت.
أبو العزم عبد الغني، «كتب الأمثال، مجامع أم معاجم»، فكر ونقد، ع. 35، 2001، دار النشر المغربية، الرباط، 2001، ص-ص. 120-136.
أرينال كارسيا مرسيديس، «البلديون الفاسيون، مجموعة من المسلمين الجدد من أصل فاسي»، ترجمة عبد العزيز بل الفايدة، في، مجلة أمل، ع. 27، س. 2001، ص. ص. 276 - 307.
أصراف روبير، معطيات من تاريخ اليهود بفاس من 808م إلى اليوم، تعريب محمد مزين، دار أبي راقراق، ط. 1، الرباط، 2010.
الخالدي يونس عبد العزيز، اليهود في الدولة العربية الإسلامية في الأندلس (92-897ه/ 711-1492م)، مطبعة ومكتبة دار الأرقم، غزة، 2011.
دندش عصمت، «من مظاهر الحياة الاجتماعية بالاندلس (طقوس الجنائز)»، في، مجلة دراسات اندلسية، ع.19، ع.19، 1994م، ص ص. 105 - 122.
ألكسندر كراب، «علم الفلكلور»، ترجمة، لطفي الخوري، ضمن مجلة التراث الشعبي،ع. 1، السنة الاولى، أيلول 1963، دار الزمان، بغداد، ص ص. 3 - 9.
إميل ناصيف، أروع ما قيل في الموت، دار الجيل، ط. 1، بيروت، 1995.
أوسوس محمد، دراسات في الفكر الميثي الأمازيغي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، 2007.
بختاوي فتيحة ، المثل الشعبي في وجدة، بحث لنيل شهادة الإجازة في الدراسات العربية، إشراف، محمد الشامي، كلية الآداب- جامعة محمد الأول بوجدة، الموسم الجامعي 1982/1983، مرقون.
بلاجي محمد، «المثل في الخطاب السياسي المغربي»، في: فكر ونقد ع. 35، س. 2001، ص. ص. 46 - 60.
بنشريفة محمد، مادة « أمثال المغرب»، في: معلمة المغرب، ج. 2، مطابع سلا، 1989، ص. 686-688.
بوعمامة فاطمة، اليهود في المغرب الإسلامي خلال القرنين 7 و 8 ه ( 13 و 14 م)، دار كنوز الحكمة، الجزائر، 2011، ص. 155.
الحبيب النهدي، «محاولة في دراسة المواقف أمام الموت من خلال الأمثال الشعبية»، ضمن مجلة IBLA ع. 193، 2004، ص-ص. 25-39.
حقي محمد، الموقف من الموت في المغرب والأندلس في العصر الوسيط، ط. 1، مطبعة مانبال، بني ملال،2007م.
خضر فارس، ميراث الأسى؛ تصورات الموت في الوعي الشعبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2009
الخطيبي عبد الكبير، الاسم العربي الجريح، ترجمة، محمد بنيس، ط. 1، منشورات الجمل، بيروت، 2009.
دادون ادريس، الأمثال الشعبية المغربية، ج. 1، مكتبة السلام الجديدة، ط. 2، الدار البيضاء، 2007.
دوتي إدموند، الصلحاء؛ مدونات عن الإسلام المغاربي خلال القرن 19م، ترجمة، محمد ناجي، ط. 1، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2014م.
شحلان أحمد، اليهود المغاربة من منبت الأصول إلى رياح الفرقة، قراءة في الموروث والأحداث، دار أبي رثراق، ط. 1، الرباط، 2009.
عطا علي محمد شحاته ريه، اليهود في بلاد المغرب الأقصى، في عهد المرينيين والوطاسيين، ط.1، دمشق، 1999م.
كرم ادريس، الادب الشعبي بالمغرب؛ الأدوار والعلاقات في ظل العصرنة، نشر، اتحاد كتاب المغرب، 2004.
لوتورنو روجي، فاس قبل الحماية، ج.2، ترجمة محمد حجي؛ محمد لخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1992 .
المجذوب عبد الرحمن، القول المأثور من كلام سيدي عبد الرحمن المجذوب، تقديم، مكتبة الوحدة العربية، الدار البيضاء، د. ت.
محمود مصطفى، نظرات في صحائف العلامة الإنسانية؛ محمد أمين شيخو، دار نور البشير للطباعة والنشر، دمشق، 2005.
المريني مأمون، اليهود في الأمثال المغربية، في مجلة: فكر ونقد، ع. 35، س. 2001، صص. 67-71.
واعراب مصطفى، السحر والمعتقدات السحرية، ط. 2، دار الحرف للنشر والتوزيع، القنيطرة، 2007م.
المراجع باللغة الفرنسية
BEN AMI Issachar, culte des saints et pélerinages judéo-musulmans au maroc, éditionts, maisonneuve et larose, Paris, 1990.
CASTA Isabelle, Nouvelles mythologies de la mort, Honoré Champion, 2007.
MALKA Victor, Journal d’un rabbin raté, Seuil, 2009.
COULVIN Joseph, Les mellahs de Rabat-Salé, librairie orientaliste paul geuthner, Paris, 1927.
الصور
1 https://i.ytimg.com/vi/7AAcYDXYwdc/max1resdefault.jpg
2 http://tippytricks.com/wp-content/uploads/2016/02/depositphotos_8348450_m.jpg