مائدة الفقراء في برّ الهمامة* خلال النصف الأوّل من القرن العشرين، جدليّة الخصب والجدب: مقاربة انتروبولوجيّة
العدد 29 - عادات وتقاليد
تتنوّع الأغذية وتختلف باختلاف الشّعوب والثّقافات والفضاءات، وقد جعلها الأنتروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس LÉVI- STRAUSS (K.) في مثلّث يتكوّن من النّيء والمطبوخ والعفن(1). ويعتبر المثلّث المطّبخي هذا مرجعا أساسيا لكلّ الدراسات التي تهتمّ بظاهرة الطّبيخ، وفتح مجالا خصبا لتفهّم الظاهرة الغذائية وأبعادها الأنتروبولوجية ومنزلتها في المعاش اليومي للجماعات.
ويمكّننا البحث في الغذاء اليومي للفقراء في برّ الهمامة من الاطّلاع على جوانب من هويّة قبيلة الهمامة وخصوصيّاتها الثّقافيّة التي اندثر الكثير منها بسبب تأثير العولمة التي تسعى إلى نخر الثقافات المحليّة والقضاء عليها وخلق «ثقافة عولمية موحّدة» تتماشى ومصالحها.
أمّا فيما يتعلّق بالسّياق الزّمني فقد تمّ الاختيار على النّصف الأوّل من القرن العشرين باعتباره المرحلة الأخيرة التي مازال فيها الحضور لافتا لأنماط التغذية التّقليديّة في برّ الهمامة وفي المجتمعات الريفيّة بالبلاد التّونسيّة بصفة عامّة قليلة الانفتاح على المدن الكبرى حيث كان نسق التّحوّلات في الأنماط الغذائيّة يتسارع نتيجة الإكراهات الاقتصاديّة والثّقافيّة الخارجيّة تحت تأثير الاستعمار الفرنسي، وهو ما أدّى إلى ظهور أنماط غذائيّة جديدة.
وينتمي الغذاء إلى عناصر الثّقافة المادّية، وبالاعتماد عليه يمكن التّمييز بين الفقراء والميسورين من خلال الموادّ التي تتكوّن منها الأطعمة، لأنّ أسماءها في أغلب الأحيان لا تختلف بين الفئتين. وقد اعتمدنا في هذه المقاربة الأنتروبولوجيّة على المثلّث المطبخي لكلود ليفي ستروس LÉVI- STRAUSS، وعلى العمل الحقلي الذي يعتبر أساس الدّراسات الأنتروبولوجيّة (2)، وتحديدا على المقابلات التي تمّت مع العديد من المخبرين المنتمين إلى قبيلة الهمامة والتي مثّلت المصادر الشّفويّة التي لا يمكن الاستغناء عنها في مثل هذه الدّراسات، هذا إلى جانب المصادر والمراجع المكتوبة المتوفّرة.
1 - الأغذية غير المطبوخة:
1 - 1 - النيء:
تتكوّن الأطعمة النّيّئة التي كانت تمثّل جزءا من غذاء الهمامة الفقراء في النّصف الأوّل من القرن العشرين من العديد من الأصناف من الأعشاب البريّة التي تؤكل طازجة مثل «القُـرّيصة» و«الحُمّيضة» و«التالمة» و«أبّيْ مسعودْ» و«الحارّة» و«التّفافْ» و«بِزّول نعْجة» و«الخدّة» و»كْرعْ دْجاجة» و«البُكْ» و«القيزْ» وغيرها(3). وتمثّل هذه الأعشاب التّي يوفّرها الوسط الطّبيعي دعما غذائيا أساسيّا للفقراء في سنوات الخصب وخاصّة في فصلي الشّتاء والربيع . وإلى جانب الأعشاب البريّة تشمل الأغذية النّيئة كذلك القليل من الخضر التي لم تكن متوفّرة حتّى منتصف القرن العشرين(4)، ويفسّر ذلك بهيمنة الاقتصاد الرّعوي على برّ الهمامة.
وتتميّز دائرة النّيء في غذاء الفقراء من الهمامة والريفيين بصفة عامّة في البلاد التّونسيّة باتّساعها في سنوات الجدب. ويبدو أنّ تناول هذه الأعشاب والخضروات الطّازجة بصفة عامّة قد عرف انتشارا في البلدان العربيّة المتوسّطيّة منذ القرن الثّامن عشر(5). وتسمّى الأطباق التي تتكوّن من الخضروات الطّازجة
وأوراق الأعشاب المختلفة بالسّلطة Les salades، وأصل التّسمية Salata من اللّغة الايطالية(6). وخلال الفترة الاستعماريّة تزايد استهلاك الأعشاب البريّة في البلاد التونسيّة وخاصّة في سنوات الجدب تحت تأثير الجالية الإيطاليّة وخاصّة منهم الفئات الفقيرة(7) . وتجدر الإشارة في هذه السّياق إلى أنّ استهلاك الخضر الطازجة من أهمّ مميّزات المطبخ الايطالي الحديث. وأنّ الانتشار الهام للطّبخ الإيطالي في العديد من بلدان العالم فسح المجال إلى توسعة دائرة الأطعمة النّيئة.
1 - 2 - المتعفّن:
إذا كانت العديد من الشّعوب تعمد إلى تحويل النّيء طبيعيّا إلى عفن واستهلاكه مثل الأجبان المتعفّنة التي تستهلك في أوروبّا، فإنّ الهمامة والتونسيّين عامّة لا يستهلكون العفن وإنّما يتلفونه، فاللّحم العفن يعتبرونه نتنا وهو لا يختلف في شيء عن الجيفة أي الميتة التي هي حرام شرعا(8).
ونفس الشّيء بالنّسبة للأغذية النّباتيّة فالخضر والغلال إذا أصبحت عفنة يطلقون عليه لفظ الخامرة، ويتلفونها، كما أنّ الخضر الورقيّة والأعشاب الملتقطة إذا اصفرّت وذبلت فإنّهم لا يتناولونها، ويرغبون في تناول الخضر والأعشاب اليانعة(9). لأنّ الخضر والأعشاب إذا اصفرّت وذبلت نقصت منها الحياة، أمّا الأعشاب والخضر اليانعة فهي تنبض بالحياة، وكأنّهم بذلك يسعون إلى امتلاك الحياة بتناولهم الخضر والأعشاب اليانعة، أي أنّ امتلاك الحياة يتمّ عبر الخصب الذي ينتقل إلى الإنسان عندما يلتهم الأعشاب والخضر اليانعة(10).
1 - 3 - الثّمار:
- الثمار البريّة: لا تمثّل الثّمار البريّة الملتقطة مثل«الذّْمَخْ» Rhus oxyacantha ثمار الجداري و«الـﭭـضّوم» ثمار البطّوم وخاصّة «النْبـَقْ» Zizyphus lotusثمار «السّدر»، دعما غذائيا في سنوات الخصب. وفي سنوات الجدب يتمّ استهلاكها لمجةً بين الوجبات، ولا يتمّ التّعويل عليها كثيرا(11).
ويبدو أنّ كيفيّة التقاط الثّمار البريّة لا تختلف في شيء عن الطريقة التي كانت معتمدة من قبل الإنسان البدائي.
- التين الشّوكي «الهندي»: هو نبات شوكيّ أصله من القارّة الأمريكيّة، ينضُج ثماره خلال فصل الصّيف بداية من شهر جويليّة، ويتمّ قطفه وإزالة أشواكه بعد مسحه جيّدا، ثمّ إزالة قشرته إمّا باعتماد الأيدي كما تفعل ذلك النّسوة، أو وبواسطة سكّين كما يفعل ذلك الرّجال، وفي هذه الحالة يتم التّخلص من طرفي حبّة الهندي: الطّرف الذي كانت منه نابتة والطّرف المقابل له ثم شرخها من الوسط. ويعتبر التين الشّوكي «من أهم النّباتات النافعة للفقراء»(12)، ويمثّل دعما غذائيّا هامّا للفقراء في سنوات الخصب.
أمّا في سنوات الجدب فيصبح «الهندي» غذاء أساسيّا للهمامّة وللفقراء الرّيفيين بصفة عامّة ليلا نهارا خلال فصلي الصّيف والخريف وتحديدا خلال الفترة الممتدّة من بداية شهر جويلية إلى نهاية شهر سبتمبر. ويضطرّ العديد من الفقراء الذين لا يملكونه إلى شراء مساحات مغروسة تينا شوكيّا(13) ليقطفوا ثمارها لتوفير قوتهم، وغالبا ما تكون في مناطق بعيدة جغرافيّا عن مناطق استقرارهم مثل «العلا» بجهة القيروان، والشّرائع بجهة القصرين، و«الأبيّض» بجهة جلمة، وﭬـمّودة(14).
ولئن كانت تعتمده بعض العائلات وجبة واحدة في اليوم، فإنّ الأغلبية كانت تعتمده وجبتين في اليوم الواحد. وبما أنّ استهلاك الكثير منه يتسبّب في انقباض البطن ويمكن أن يؤدّي إلى الوفاة، فإنّه يستوجب تناول بعض الأطعمة السّائلة قبله مثل الحساء(15) و«الدشيشة»، و«الرْوينة» ويطلق عليها اسم «فْراشْ الهِنْدِي»، وهي أطعمة لا تتطلّب كمّيات كبيرة من الحبوب ولا خضرا.
وبالإضافة إلى استهلاك «الهندي»، فالهمامة يقومون بتحويل كمّيات كبيرة منه إلى مربّى وشرائح وتجفيفها. ويستوجب تحويل «الهندي» إلى مربّى «رُبْ» تقشير كميّات كثيرة منه ويشترط أن تكون ناضجة جيّدا، ثمّ طبخه في مرحلة أولى في «نْحاسة»(16)على نار حامية حتى درجة الغليان، دون إضافة الماء إليه، وبعد ذلك يتمّ تصفيته للتّخلّص من الحّبّ الداخلي «القلوب». أمّا المرحلة الثانية فتقتضي إنضاجه في «الغنّاي»(17) إلى أن تجفّ كميّة المياه التي يحتويها للحصول على مادة لزجة ملتصقة ببعضها، وهي المربّى، وعمليّة إزالة المياه هي التي تمكّن من تصبيره وخزنه لمدّة طويلة. أمّا تحويل الهندي إلى شرائح فيتطلّب قطف كميّات كثيرة منه عندما ينضج تماما ويصبح أحمر اللّون، ثمّ مسحه جيّدا من الأشواك وغسله بالماء لإزالة ما تبقّى من الأشواك العالقة به، وبواسطة سكّين يتم التّخلص من طرفي حبّة الهندي الطّرف الذي كانت منه نابتة والطّرف المقابل له ثم شرخها من الوسط وتعريضها للشّمس لمدّة ثلاثة أيّام، ثمّ تُجمع وتوضع العديد من الشّرائح فوق بعضها، بمعدّل يتراوح ما بين 15 و 20 شريحة، ثم يتمّ الضّغط عليها بقوّة باعتماد اليدين وأحيانا الرجلين، وبمفعول المواد السكّرية التي تحويها تلتصق ببعضها فتكوّن «مْسِنْ» وجمعها «مْسَانْ». وبهذه الطّريقة يمكن تخزينها لمدّة تتجاوز السّنة(18). وتمثّل «شرائح الهندي» المجفّفة في سنوات الجدب وجبة غذائيّة كاملة خلال الفصول الأخرى.
إنّ التجاء الهمامة إلى توفير البعض من حاجيّاتهم الغذائيّة من المجالات المجاورة لهم على غرار «التين الشّوكي «الهندي» من بعض المناطق التابعة لقبيلة جلاص وقبيلة الفراشيش، والحبوب من «إفريقيا» أي الشّمال الغربي يُؤكّد انفتاح قبيلة الهمامة على المجالات المجاورة، والتّكامل الغذائي بين الجهات.
1 - 4 - الحليب ومشتقّاته:
في غالب الأحيان لا تتوفّر للفقراء كميّات هامّة من الحليب لأنّ أغلبهم لا يملكون أعدادا هامّة من الأغنام والماعز خاصّة وأنّها كانت تمثّل المقياس الأساسي للثّروة، أي أنّ الثّروة لديهم تقاس بعدد رؤوس الماعز والأغنام التي يملكونها. وفي حالة توفّره وخاصّة في سنوات الخصب فإنّه يمثّل أساس الغذاء في فصل الرّبيع، ويُستهلك الحليب الطّازج ومشتقّاته المختلفة منها الحليب الرّائب الذي يتحوّل طبيعيّا عن طريق التّخمّر، وبعد التّخمّر يمكن تناوله كذلك أو تحويله عن طريق الخضّ إلى لبن وزبدة.
ويستهلك الحليب الطّازج ومشتقّاته مصحوبا بمختلف أصناف الأطعمة. مثل التمر أو «البسيسة» في فطور الصّباح، والكسرة في الغداء(19). ومن العادات الغذائيّة للهمامة شرب الّلبن أو الحليب الرّائب بعد وجبة الغداء والعشاء. وبما أنّ الحليب مرتبط بالخصب فإنّه يقلّ في سنوات الجدب ويصبح حضوره في الغذاء نادرا.
2 - الأغذية المطبوخة:
يتمّ تحويل الغذاء بالطّبخ ويتمّ الطّبخ بالسّلق والشّي والصّلي والبخار والقلي والتّجفيف والتّقديد، على أنّ السّلق والشّيء هما الطّريقتان الأكثر انتشارا في أغلب الثّقافات(20).
2 - 1 - الأغذية المشتقّة من الحبوب:
تحتلّ الحبوب بمختلف أصنافها مكانة هامّة في غذاء سكّان بلدان المغرب(21) والبلدان المتوسّطّيّة بصفة عامّة وخاصّة منها القمح. فالقرطاجيون مثلا كانوا يُصنّفون ضمن آكلي القمح(22). ويتمّ تحويل الحبوب إلى أطعمة عن طريق العديد من أصناف الطّبخ من أبرزها السّلق والشّيّ والبخار. وبالرّغم من تنوّع أصناف الحبوب، فإنّ القمح يعتبر من أبرز سمات اليسر الغذائي لدى قبيلة الهمامة وغيرهم من سكّان البلاد التّونسيّة في النصف الأوّل من القرن العشرين، سواء في سنوات الخصب أو الجدب(23). وفي المقابل يعتمد غذاء الفقراء من هذه القبيلة وكلّ الفقراء في البلاد بصفة عامّة، في سنوات الخصب على الشّعير(24) والقليل من القمح. فالشّعير يعدّ من الحبوب التي تُميّز غذاء الفقراء، ليس فقط في البلاد التونسيّة وإنّما كذلك في كامل بلاد المغرب(25). وفي مناطق أخرى من العالم على غرار المشرق العربي(26).
ومن الأمثال الشّعبيّة التونسيّة المتداولة التي تؤكّد أفضليّة القمح على الشّعير «إذا يشوف قمْح النّاس يبزّعْ شْعيرُو»(27)، وهو مثل يضرب في من لا يقتنع بما عنده، ويخلق مقابلة رمزيّة محورها القمح والشّعير بوصفهما دالّين ثقافيّين يتّصل الأوّل بالثّراء والرّفاهيّة على نقيض من الثّاني الذي يختزن معاني الخصاصة والفقر وقلّة ذات اليد.
ولكي تصبح الحبوب جاهزة للاستعمال يتمّ طّحنها أو رحيها، وهي عمليّة أساسيّة في تحويل الحبوب، ويمكن اعتبارها انتقالا من الطّبيعة إلى الثّقافة لأنّ الرّحى أداة ثقافيّة، وهي عمليّة تشبه إلى حدّ ما الانتقال من أكل الأغذية المشويّة مباشرة على النّار بدون واسطة إلى الأغذية المسلوقة التي تتطلّب استعمال واسطة تتمثّل في الماء والآنية، وهي كذلك أداة ثقافيّة(28). وبعد عمليّة الطّحن يتمّ غربلة الطّحين لاستخراج كلّ صنف منه على حده: الطّحين الدّقيق، والطّحين المتوسّط، والطّحين الخشن «الأحْرشْ»(29).
ومن بين الأطعمة المشتقّة من الشّعير التي تكوّن أساس غذاء الفقراء من قبيلة الهمامّة خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين «البسيسة» و»كِسْرة الشّعير» و»الملثوث» و»البازين» والحساء بـ»الفْلِسْ»(30).
وفي سنوات الجدب يفتقد الفقراء من الهمامة وغيرهم من القبائل الأخرى وحتّى سكّان المدن القمح كليّا وتتقلّص كمّيات الشّعير المتوفّرة لديهم فيقبلون على بعض الأطعمة التي لا تستوجب كميّات هامّة منه، مثل «كسرة الرّغدة» و«الحساء» و«الحساء القارص» و«الدشيشة» و«القِلْيَة» و«الرْوينَة» وغيرها.
وفي حالة تتالي سنوات الجدب يفتقد الفقراء إلى الشعير فيلتجئون إلى أنواع أخرى من الحبوب التي كانت توفّرها عادة السّلط الفرنسية خلال الفترة الاستعمارية مثل الذّره «المستورة»، والقطانيا(31) وتسمّى كذلك «البشنة»، والأرز(32). وتوجد إشارات متعدّدة عن استهلاك التونسيين الفقراء في مختلف جهات البلاد أصنافا أخرى من الحبوب لم يتعوّدوا على استهلاكها مثل القصّيبة(33) في جهة السّاحل وهي حبوب تُنبت أعلافا للحيوانات، والمانيهوت(34)في مناطق بشمال البلاد وهي نباتات ذات جذور درنيّة تنبت في المناطق الاستوائية، ومن هذه الحبوب تُصنع عدّة أغذية مثل الكسرة والعصيدة. والتجأ الهمامة الفقراء كذلك إلى أنواع من البقول الجافّة التي مثّلت غذاءهم الوحيد لمدّة قد تتجاوز السّنة مثل الحمّص، والحلبة التي مثّلت أساس غذائهم سنة 1947. حيث كانوا يسلقونها في الماء ويضيفون إليها القليل من الزيت أو السّمن ويأكلونها. وكلّ هذه الحبوب لم يتعوّد الفقراء على استهلاكها، ولا تمثّل جزءا من عاداتهم الغذائية الموروثة، واقترنت في ذاكرة الهمامة وغيرهم من سكّان البلاد التّونسيّة بالجدب والمجاعة، مثل عام «الرّوز» 1937 الذي يعني عام المجاعة، فالاغتذاء بالأرز أصبح رمزا للمجاعة والفقر(35). بالرّغم من أنّه كان يُستورد في الفترة الحديثة في أغلبه من الإسكندريّة ويعتبر من الأغذية الرّفيعة المميّزة للفئات العليّة من المجتمع في كامل بلاد المغرب وأسعاره مرتفعة جدّا(36). وهو كذلك في العديد من المناطق الأخرى على غرار الشّرق الأوسط مثل العراق وإيران(37). ومن الأقوال المأثورة التي ترتبط بعام 1937 وبقيت متداولة إلى الآن «العامْ لزْرِق عْلينا بالرُّوزْ دزْ عْلينَا». والمقصود بذلك اقتصار الغذاء في هذه السّنة فقط على الأرز غير المحبّذ لديهم والذي لم يتعوّدوا على استهلاكه. فمنه كانوا يعدّون أطعمة مختلفة، فبعد إنضاجه بالبخار أو سلقا كان يضاف إليه الحليب أو اللّبن أو مرق متكوّن فقط من الملح والشّحم وبعض الأفاويه، وأحيانا بعض الأعشاب البرّية، وما يقوم دليلا على عدم تعوّدهم على استهلاكه أنّهم كانوا يصنعون منه بعض الأطعمة غير المتداولة في مناطق استهلاكه على غرار «الدّشيشة»، وخاصّة العصيدة والكسرة وذلك بعد طحنه وخلطه بالقليل من دقيق الشّعير لأنّ طحين الأرز لوحده لا يتماسك بعضه ببعض. بالرّغم من أنّه توجد بعض الإشارات التي تعود إلى الفترة الوسيطة بالأندلس وتحديدا بالسّاحل الشّرقيّ منها تؤكّد اعتياد سكّان هذه المناطق على استهلاك خبز الأرز(38). أما «المستورة» و»القُصيّبة» و»البِشْنة» أو «القطانيا»، فبعد طحنها كانوا يصنعون منها الكسكسي والحساء، والعصيدة. وباستثناء «المستورة» فإنّ أغلب هذه الأصناف الأخرى من الحبوب لها مذاق كريه. ومن الأمثال الشّعبيّة المتداولة إلى أيّامنا الرّاهنة وتذكّر بتلك الأيّام الصّعبة «ما رِيْناَ منْ الهمْ كانْ عَصِيدة القْطانْيا»(39)، ويعكس هذا المثل الشّعبي قدرة المخيال الشّعبي على تحويل الأحداث إلى دوالّ رمزيّة يقع شحنها بدلالات تحيل إلى سياق بأكمله شأن القطانيا بوصفها مادّة غذائيّة غريبة عن النّسق الثّقافي والممارسات اليوميّة لتحيل إلى معنى الجدب والمجاعة وتكون رمزا مشتركا. إنّ الالتجاء لمثل هذه الأنواع من الحبوب ناتج بالإضافة إلى إلإكراهات الطبيعيّة المتمثّلة في تتالي سنوات الجفاف والتي تمّت الإشارة إليها سابقا، عن التّأثيرات الخارجيّة المتمثّلة في المبادلات التّجاريّة ودور السّلطات الاستعماريّة الفرنسيّة في ذلك.
2 - 2 - النّباتات البرية:
إلى جانب النّباتات البريّة التي تُؤكل طازجة توجد أنواع أخرى منها تُسلق في الماء والمـلح مثل «الحارّة» بصنفيها «حارّة ناسنا» و»حارّة بِلْ» و»الـﭭْطَفْ» و»البْسانْ» و»الوردانْ» و»التّازْيا» و»شْتلْ الـﭭِـيزْ» والبسباس البرّي... وبعد سلقها يتمّ عصرها جيّدا ثم تُلحق بمرق الكسكسي والملثوث. وثمّة بعض آخر مثل «التّالمة» و»شتل الـﭭـيز» تنضج أحيانا بالبخار ثمّ تضاف إلى المرق. ومنها ما كان يُسلق في المرق مباشرة مثل الخرشف البري أو يُسلق، ثمّ يُقلّى في الزّيت مثل الخبّيزة التي كانت قليلة الاستعمال في برّ الهمامة عكس مناطق أخرى من البلاد التونسية. إلى جانب هذه الأعشاب توجد أصناف أخرى منها «التلّاغودة» وهي من صنف النباتات التي تحتوي على مجموعة من الدّرنات، تشبه البطاطا قشرتها سوداء اللّون ولبّها أصفر، يتمّ استخراجها وتفتيتها وتجفيفها بواسطة أشعّة الشّمس وطحنها ومن دقيقها كانوا يصنعون الكسرة والكسكسي(40)، وفي جهات أخرى من البلاد التونسيّة يتمّ خلط طحين التّلّاغودة بالألبان واستهلاكها(41). وهي أكثر انتشارا في منطقة «إفْريـﭬّيا» التي تتطابق جغرافيّا مع شمال غرب البلاد التّونسيّة(42). و«التّرْفاسْ Tuber magnatum الذي ينتمي إلى الفطريّات يتمّ سلقه في الماء والملح أو شيّه على النّار مباشرة بدون واسطة، وقد كان محبّذا كثيرا لطعمه اللّذيذ(43). ومن الأعشاب البريّة ما كانت تستعمل كأفاويه مثل «الكُرّاث» الثوم البري و«اليازول» البصل البري.
إنّ الأطعمة التي تعتمد على الأعشاب التي تؤكل طازجة، والتي تُحوّل من النّيء إلى المطبوخ عن طريق الشّيّ على النّار بدون واسطة، أي بدون أواني طبخ تفصل بين النّار والطّعام، تُصنّف في خانة الطّبيعة، لأنّ الآنية أداة ثقافيّة، وغيابها يعني غياب الثّقافة. أمّا الأطعمة التي تقوم على الأعشاب التي تنضج سلقا أو عن طريق البخار فهي في حاجة إلى وساطة الماء والأواني بين الطّعام والنّار، وهو ما يجعل هذا الصّنف من الطّبخ داخل منظومة الثّقافة (44).
ويمكن تفسير المكانة الهامّة للأعشاب البريّة في أغذية الفقراء بعدم قدرتهم على توفير مستلزمات الطبيخ من أفاويه مختلفة، وخضروات وبقول ولحم، فوجبة الكسكسي أو الملثوث تتكوّن في أغلب الأحيان من «ثلاثة أرباع من الحشائش، وربع من الحبوب»(45).
أمّا بالنسبة للأفاويه فعند عدم توفّر «الكرّاث» و»اليازول» فإنّها تقتصر في أغلب الأحيان على الفلفل الحريف، لأنّه يزيد في تقوية الشّهيّة(46)، وبالتالي يجعل الأكل البسيط الذي يفتقد إلى اللّحم والخضر والأفاويه قابل للتّناول. وقد أكّد بعض الدّارسين أن الفلفل الحريف هو من أكثر الأفاويه المنتشرة في بلدان الجنوب، وله العديد من المزايا فهو يخفّض من حرارة الجسم لاحتوائه على مادّة الكابسين التي تزيد في تعرّق الجسم، ويلعب دور مطهّر للطّعام وهو ما يساهم في حفظه من الجراثيم ويمنع الحشرات من الاقتراب منه، كما يساعد على هضم النشويّات التي تمثّل إحدى المركّبات الأساسيّة للأغذية التي يكثر استهلاكها في المجتمعات الفقيرة بصفة عامّة(47).
أمّا في سنوات الجدب فيتزايد استهلاك النّباتات البريّة طازجة كانت أو مسلوقة في الماء والملح(48)، وفي أحسن الحالات يضاف إليها ذرّات من دقيق الشّعير أو القليل من الحليب ويطلق عليها البعض اسم «البكْبوكة». ويتزايد كذلك استهلاك «التّلّاغودة» التي يعدّون منها وجبات من الكسكسي والكسرة، وغالبا ما يتمّ خلطها بدقيق الشعير لغاية تغييب طعمها الكريه(49).
وفي هذا الإطار عدّد بعض المهتمّين بالغذاء النّباتي في البلاد التونسيّة في الفترة الاستعماريّة على غرار بوكاي (50) Bouquet (J.) حوالي ستّة عشر نوعا من النّباتات منها ما هو بريّ ومنها ما هو خضر مثل الخرشف والخبّيزة والسّبناخ، على أنّ البعض منها لم يعد رمزا للمجاعة مثل القنّاويّة والملوخيّة والزّقوقو.
إنّ الرّجوع إلى النمط الغذائي القائم على النّباتات البريّة يُفصح عن قدرة البدو والرّيفيّين بصفة عامّة على التأقلم مع الجدب، وإعادة ترتيب النظام الغذائي بما يتلاءم ومعطيات الطّبيعة. أي أنّ استهلاك الأعشاب البريّة يعكس الارتباط الوثيق بين االهمامة والوسط الطّبيعي.
ومن الأدلّة التي تثبت الاستهلاك الواسع للنّباتات البريّة تذكير النّسوة من قبيلة الهمامة وخاصّة إذا كنّ لا ينتمين إلى نفس الفئة الاجتماعيّة بعضهنّ عندما يتخاصمن بأنّ النّباتات البريّة كانت أساس غذائهنّ، وكنّ لا يشبعن منها، ومن الأمثلة على ذلك « يا فْلانة يا إلّي ما كُنْتيشْ تشْبِعْ بالحارّة» أو « يا فْلانة يا إلّي ما كُنْتيشْ تشْبِعْ بالقْطفْ». وتبيّن مثل هذه الأقوال قدرة الذّاكرة الشّعبيّة على تحويل الموادّ الغذائيّة على غرار النّباتات البريّة إلى رموز يقع توظيفها في سياقات الحياة اليوميّة، فالحارّة مثلا أو القطف في المأثور العامّي بوصفه غذاء نباتيّا يتحوّل إلى أداة للخصومة والسّجالات اليوميّة النّسويّة التي تستعير هذه المواد لشحنها برسائل هجائيّة هدفها النّقيصة والذّم.
ولئن بطُل اليوم الاغتذاء بأغلب هذه النّباتات ولم تبق إلاّ في ذاكرة كبار السّن الذين عايشوا تلك الفترة، فقد تواصل استهلاك البعض منها مثل «الحارّة»، والخُبّيزة والخُرشف و»الكُرّاث». وهي أعشاب أصبحت تلقى رواجا لدى الكثير من المستهلكين الذين ينتمون إلى فئات اجتماعيّة مختلفة، ويُفسّر ذلك بالنّسبة للأغنياء في المدن الكبرى بالرّغبة في الإقبال على المنتوجات البيولوجيّة وتناول أطعمة صحيّة. ومن المفارقات التي تبدو عجيبة أنّ ما كان في السّابق حاجيا بالنّسبة للفقراء أصبح اليوم كماليا بالنّسبة للأغنياء في إطار ما يعرف بثقافة البيو Bio. أمّا بالنسبة للمستهلكين الذين ينتمون إلى الفئات الفقيرة وحتى المتوسّطة في مختلف المدن والقرى على غرار أغلب الهمامة فيُفسّر ذلك بالحنين إلى الماضي وإلى أنماط غذائيّة تقليديّة عرفت العديد من التّحوّلات نتيجة التّأثيرات الخارجيّة.
كانت الخضروات ولا تزال تحتلّ مكانة هامّة في غذاء التونسيّين بصفة عامّة وخاصّة منهم الريفييّن والفئات الشّعبيّة. ومن الأطعمة المتداولة إلى اليوم التي تقوم على الخضر نذكر على سبيل المثال مرق الخضر التي يمثّل أوراق السّلق أساسه، والكسكسي بـ»الحارة» والكسكسي بـ»المِرْشَانْ» والكسكسي بـ»العُصْبَانْ» والمقرونة «الجارية بالخُضْرَة» و»البْرودو» والأرز «الجربي» وغيرها. وتُعدّ الأطعمة التي تقوم على الخضر والأعشاب بصفة عامّة من المميّزات الغذائيّة لشعوب بلاد المغرب وشعوب المتوسّط بصفة عامّة(51). وهي بذلك تمثّل جزءا من هويّة هذه الشّعوب، وما التشبّث بها إلاّ تّشبّث بالانتماء إلى شعوب هذه المنطقة.
إنّ الأطعمة التي تعتمد على الأعشاب التي تؤكل طازجة، والتي تُحوّل من النّيء إلى المطبوخ عن طريق الشّيّ على النّار بدون واسطة، أي بدون أواني طبخ تفصل بين النّار والطّعام، تُصنّف في خانة الطّبيعة، لأنّ الآنية أداة ثقافيّة(52)، وغيابها يعني غياب الثّقافة. أمّا الأطعمة التي تقوم على الأعشاب التي تنضج سلقا أو عن طريق البخار فهي في حاجة إلى وساطة الماء والأواني بين الطّعام والنّار، وهو ما يجعل هذا الصّنف من الطّبخ داخل منظومة الثّقافة(53).
وبالرّغم من أنّ الاغتذاء بالنّباتات البريّة يمثّل عودة إلى نمط الغذاء البدائي(54) وخاصّة منها الأعشاب التي كانت تؤكل طازجة، فإنّه يجنّب المجاعة للكثيرين.
2 - 3 - اللّحوم والحليب:
- اللّحوم:
يتمّ تحويل اللّحوم من نيء إلى مطهوّ بطرق مختلفة منها السّلق والشّيّ والصّلي والبخار. ويختلف استهلاكها حسب الوضعيّة الماديّة للأفراد، فالعائلات الميسورة تستهلك اللّحوم باستمرار، وعادة ما تقوم بنحر عدد من الضّأن أو الماعز قصد استهلاك جزء من لحمها طازجا وتحويل الجزء الهامّ منها إلى قديد. أمّا الفقراء وهم الأغلبية فإنّهم لا يستهلكون اللّحم إلا نادرا، مرّة في الشّهر أو في الشّهرين. لكنّهم يجدون تعويضا في المناسبات المتمثّلة في الأفراح والأعياد. وثمّة من الفقراء من لا يستهلك اللّحم إلا في مثل هذه المناسبات(55). وحتّى في الأعياد المعروفة باستهلاك اللّحم مثل عيد الاضحى لم يكن بإمكان أغلب العائلات الفقيرة من الهمامة ذبح أضحية بمفردهم، وكانت كلّ مجموعة من العائلات مجبرة على الاشتراك في أضحية وتقسيمها حصصا، وفي هذا الإطار تحدّث المعمّر الفرنسي ريتشارد سيبيوت.(SEBILLOTTE (R في مذكراته المتعلّقة ببلاد المكناسي عن اشتراك العمال الذين يشتغلون في ضيعته في أضحية (شاة) اشتروها من عنده(56).
ويعتبر تناول اللّحم من مظاهر الترف لذلك قد يتباهى به البعض، ومن النّوادر المتداولة أنّ البعض يلتجئ قبل خروجه من بيته للالتقاء بالآخرين وخاصّة عند انعقاد الميعاد إلى مسح قطعة من الشّحم على شواربه ويترك أثرها واضحا ليراه الآخرون ويذهب في اعتقادهم أنّه من الذين يستهلكون اللّحم باستمرار في غذائهم اليومي.
ونظرا لعدم قدرة العائلات الفقيرة على توفير اللّحم التجأت بعض النّسوة إلى قلي الشّحم في «البُرْمة»(57) قبل الشروع في استعمالها لكي يمتصّه قاعها وجوانبها وتبقى نكهة طعمه ملازمة لمختلف الأطعمة التي تُطبخ فيها فيما بعد(58).
وكان اللّحم يُستهلك مسلوقا بالأساس أمّا حاليّا فيستهلك مشويّا أو مصليّا أو ناضجا بواسطة البخار، ويبدو أنّ هذا التّحوّل في أصناف الطّبخ لا يهمّ فقط قبيلة الهمامة والبلاد التونسيّة وإنّما هو تحوّل عام يشمل مختلف الشّعوب، فالفيلسوف الإغريقي أرسطو ARISTOTE يعتبر أنّ المسلوق أرقى من أصناف الطّبخ الأخرى على غرار المصليّ Le rôti أو المشويّ Le grillé، لأنّ السّلق يؤدّي إلى الإنضاج التّام للّحوم أمّا الصّلي فإنّه يُبقي أجزاء من اللّحم نيئة(59) . مع العلم وأنّ المشويّ هو أسلوب في الطّهي يقترب كثيرا من الطّبيعة لأنّه يستوجب أقلّ ما يمكن من مسافة بين اللّحم والنّار، أمّا المصليّ فهو يستوجب مسافة تفصل النّار عن اللّحم أي يفترض واسطة بين النار واللّحم تتمثّل في الهواء، وفي مثلّث الطّبخ لكلود ليفي ستروس LÉVI- STRAUSS (K.) يتوسّط المصليّ المسافة بين المشويّ والمدخّن Le fumé (60).
ويذهب كلّ من ديدرو DIDEROT (D.) ودالمبار D’ALEMBERT (J. L.) في الموسوعة أنّ المسلوق ألذّ من أصناف الأطعمة الأخرى وأكثرها قيمة غذائيّة(61). وتؤكّد هذه الإشارات أنّه في السّابق كانت توجد تراتبيّة في أصناف الطّبخ يحتلّ السّلق فيها مكانة الصّدارة. وهو ما يجعله طبخا مميّزا للأرستقراطيّة أي النّخبة، ومرتبطا بحياة التّمدّن والتّحضّر. أمّا الصّلي أو الشّيّ فهو طبيخ مميّز للفئات الشّعبيّة أي العامّة(62)، ومرتبط بالتّنقّل وعدم الاستقرار خاصّة وأنّه ليس في حاجة إلى أواني تكون واسطة بين الطّعام والنّار. إلاّ أنّ هذا التراتب عرف تحوّلات هامّة أدّت إلى تراجع مكانة المسلوق من الموائد الفاخرة وتمّ تعويضه بالمصليّ والمشويّ(63). وأصبح الصّلي والشّيّ علامة التّطوّر والرّقيّ، وهو ما يجعلهما أكلات الاحتفالات والمناسبات بامتياز. وفي هذا الإطار يرمز اليوم لحم الشّواء في أيّام عيد الاضحى بالنسبة للفقراء إلى نوع من الارتقاء الاجتماعي(64)، ويرون فيه تعويضا عن الحرمان الذي يعيشونه في أغلب فترات السّنة.
- الحليب:
إلى جانب استهلاكه طازجا يُستهلك الحليب كذلك مطبوخا، فبالإمكان أن يُسقّى الكسكسي أو الملثوث أو «المحمّصة» أو الأرز بالحليب فقط بعد تسخينه إلى درجة الغليان. كما يمكن إضافة الحليب إلى مكوّنات مرق الكسكسي والملثوث و«الرّغيدة» و«الدّشيشة» وأغلبها أكلات يتمّ تناولها في وجبة العشاء. ومن مشتقّات الحليب التي يتمّ الحصول عليها عن طريق الطّبخ وتحديدا عن طريق التّسخين إلى درجة الغليان نذكر السّمن «الدْهان» و«الكْليلة» واللّبأ. فالسّمن يتمّ الحصول عليه بعد تسخين الزّبدة إلى درجة الغليان ثمّ تصفيتها بعد أن تبرد قليلا، وبالإمكان خزنها لمدّة طويلة. ويعتمد العديد من الهمامة على السّمن في مختلف الأطعمة. وللحصول على «الكْليلة» يتمّ تغلية اللّبن إلى أن يتحول إلى «مِيصْ» وهي كمّيات المياه التي يحتويها اللّبن والتي تبقى طافية في الأعلى عندما تترسّب المواد الدّسمة التي تكوّن «الكْليلة»، وعادة ما يكون لونها مائلا إلى الصُّفرة، ويمكن تجفيفها والاحتفاظ بها لعدّة أشهر. وللحصول على اللّبأ يتم تحويل حليب الشّاة أو العنزة حديثة العهد بالولادة وتحديدا خلال الثّلاثة أيام الأولى، وذلك بتسخينه على نار هادئة(65).
ويعود حضور الحليب الطّازج ومشتقّاته التي يتمّ الحصول عليها بطرق طبيعيّة أو ثقافيّة - عن طريق الطّبخ- في أغلب أصناف الأطعمة سواء كانت ذات المذاق الحلو أو المالح أو الحارّ إلى كونه الغذاء الأوّل الذي يحتوي كلّ الأغذية الأخرى(66). ويرمز إلى الغذاء الوحيد الذي يحتاجه الإنسان والحيوان خلال المرحلة الأولى من حياته، ولذلك فهو غذاء متكامل يحتوي على البروتينات والدّهنيّات والسّكّريّات الفيتامينات وغيرها.
2 - 4 - الأغذية الحيوانية الملتقطة:
تمثّل الحيوانات الملتقطة جزءا من أغذية الهمامة الفقراء خلال سنوات الخصب وخاصّة في سنوات الجدب. وتشمل عدّة حيوانات منها الجراد والسّلحفاة “الفكرون” والحلزون “الببّوشْ”(67).
- الجـراد: يعتبر الجراد من أهمّ الحيوانات الملتقطة إلاّ أنّه لا يتوفّر دائما وإنّما فقط في بعض السّنوات. وهو من الأغذية التي تحتوي على نسبة هامّة من البروتيين إلى جانب الدهون والفيتامينات. وهو من الأغذية التي كان سكّان شمال إفريقيا يأكلونها منذ القديم، حيث ذكر المؤرّخ الإغريقي هيرودوت HÉRODOTE في كتابه التّواريخ منذ القرن الخامس قبل الميلاد أنّ اللّوبيّين وتحديدا النازامون NASAMONES كانوا يصطادون «الجراد الذي يجفّفونه تحت أشعّة الشّمس، ثمّ يطحنونه حتّى يصبح دقيقا ويتناولونه ممزوجا بالحليب»(68). وتجدر الإشارة إلى أنّ استهلاك الجراد لم يكن حكرا فقط على شمال إفريقيا، وإنّما كان منتشرا في العديد من المناطق الأخرى على غرار الهلال الخصيب وشبه الجزيرة العربيّة(69). وتوجد العديد من الإشارات الأخرى التي تثبت تواصل استهلاك الجراد خلال الفترات التّاريخيّة اللّاحقة(70) من قبل سكّان البلاد التّونسيّة وبلاد المغرب بصفة عامّة. أمّا عن طرق طبخ الجراد واستهلاكه فهي متعدّدة ومن أكثرها انتشارا سلقه وتجفيفه وسحقه وهي الطّريقة التي ذكرها هيرودوت، والحسن الوزّان، وهي نفسها الطّريقة المعتمدة من قبل العرب في شبه الجزيرة العربيّة(71). ويُستهلك الجراد كذلك مطبوخا وهي طريقة أخرى ذكرها الحسن الوزّان، ومقليّا في الزّيت ومضاف إليه القليل من الملح وهي طريقة ذكرها ديفونتان DESFONTAINES (L.R.)، وقد ذكر الجاحظ في كتاباته أنّ الجراد يؤكل كذلك» حارا وباردا ومشويّا ومطبوخا ومنظوما في خيط ومجعولا في الخلّة»(72). ومن الجدير بالذّكر أنّ القيمة الغذائيّة للجراد ترتفع بعد تجفيفه حيث تصبح نسبة البروتيين حوالي 75 ٪ ونسبة الدّهون في حدود(73) 20 ٪.
ويُميّز الهمامة بين صنفين من الجراد، «الدّيمومي» و«السّريحي» والمفضّل عن غيره هو «الدّيمُومي» لاحتوائه على مخزون من الشّحم والبيض. ومن الأغاني المتداولة والمتعلّقة بالجراد:
الجْرادة السّريحيّة والدّيمُومي إنادي
الشّحمْ كدّى عليّا وأنا بقيتْ إنّادي.
أي أنّ الجرادة «الديموميّة» لم تتمكّن من الهروب واللّحاق بالجرادة «السّريحيّة» نظرا لثقل وزنها بسبب كثرة شحمها وبيضها.
أمّا الطريقة التي يعتمدها الهمامة في طبخ الجراد فتقتضي سلقه في الماء والملح، وغالبا ما يتمّ في «نحاسة». وعندما يبدأ الماء في الغليان تصبّ النسوة الجراد من الغرائر والأكياس في «النحاسة» وأثناء عمليّة إفراغه تردّد النّسوة «حَلالِكْ مَلالِكْ سكّينِكْ في ناركْ» وهي بمثابة البسملة بحكم أنّ الجراد لا يذبح. خاصّة وأنّ أكله بدون ذبح حلال شرعا عملا بقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «أُحِلّتْ لنا ميتتان ودمان؛ فأمّا الميتتان فالحوت والجراد، وأمّا الدّمان فالكبد والطحال» (رواه ابن ماجه والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما) وبعد أن ينضج يعرض للشّمس حتى يجفّ ثم تقوم النسوة بإزالة أرجله وأجنحته ورؤوسه، ويمكن أن يتناول مجفّفا كما هو، أو بعد تحميصه، أو قليه مع قليل من الزيت، ويمثّل طعاما لذيذا خاصة إذا كان من صنف الجراد «الديمومي»(74). وتجدر الإشارة إلى أنّ أغلب الهمامة يأكلون الجراد ويحبّذونه حتّى الميسورون منهم(75).
وبما أنّ الجراد غالبا ما يكون وجوده مقترنا بسنوات الجدب فإنّه يمثّل وجبة غذائيّة كاملة، وتعتبر العائلات الفقيرة الجراد هبة من السّماء(76).
- الحلزون “الببّوشْ”: هو حيوان رخوي يعيش في صدفة ويتغذّى بالنّباتات وليس به دم. ويتم التقاطه في الغالب من قبل الأطفال والنّساء. ويحبّذ الحلزون الذي يتمّ التقاطه في فصل الخريف وخاصّة في فصل الصّيف من تحت الأحجار لأنّه يكون في سبات وعندها يكون صائما عن الأكل وبالتالي نظيفا. أمّا خلال الرّبيع والشّتاء فيتمّ التقاطه من فوق الأعشاب ويكون متّسخا بالأتربة وفضلاته وفي هذه الحالة جرت العادة أن يُترك الحلزون لمدّة يومين أو ثلاثة ليُخرج أوساخه(77). وقبل سلقه في “النْحاسة” يتمّ غسله جيّدا بالماء، وأثناء وضعه في الماء السّاخن الذي تحويه “النْحاسة” تردّد المرأة التي تتولّى طبخه “بسم اللّه واللّه أكبرْ، سكّينكْ في ناركْ قدّرْ عليكْ رحْمَانكْ”(78). ويضاف إليه القليل من الملح وأحيانا مسحوق نبتة الجداري الذي يغير لونه ويجعله أكثر يبسا، وعند تناوله يتمّ إخراجه بواسطة إبرة أو “مَخْيطْ» وهي إبرة كبيرة الحجم. ولا يعتمد عليه الهمامة في إعداد بعض الأصناف من المرق كما في مناطق أخرى من البلاد التونسيّة(79). لا يعتبر تناول الحلزون أمرا غريبا في البلاد التونسيّة بل هو من الأطعمة التي تمثّل جزءا من الهويّة الثّقافيّة لسكّانها، إذا علمنا أنّ الحلزون مثّل أساس غذاء الإنسان القبصي فيما قبل التاريخ.
- السّلحفاة «الفكرون»: لئن كان البعض يستعملونه فقط دواء لبعض الأمراض فإنّ البعض الآخر يأكلونه. لذلك كانوا يلتقطونه. وبعد التقاطه يوضع بالقرب من النّار ليجبر على إخراج رأسه من قوقعته ليتمّ ذبحه. مع العلم وأنّ ذبحه صعب ففي كثير من الأحيان لا يتمّ ذبحه بشكل جيّد وبعد ذبحه يوضع في النار حتى تحترق قشرته لتسهيل تكسيرها بعد إخراجه من النار بواسطة حجر، وعادة ما يتمّ الاحتفاظ بفخذيه وكتفيه وكبده ويطبخ في مرق الكسكسي أو الملثوث(80).
لا يهتمّ الهمامة كثيرا بالحلزون والسّلحفاة في سنوات الخصب. أمّا في سنوات الجدب فتصبح وجبات غذائيّة كاملة.
خاتمة:
إنّ غذاء الفقراء من الهمامة خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين، وخاصّة في سنوات الجدب يبدو رتيبا وبدائيّا وأكثر التصاقا بالطّبيعة، أي أنّه كان خاضعا لها ولتقلّباتها. وفيما يتعلّق بالفوارق بين الأطعمة بين الفقراء والميسورين فهي في الغالب لا تختلف في تسميّاتها ولكنّها تختلف من حيث الموادّ المتكوّنة منها. وتبدو هذه الفوارق أكثر بروزا في سنوات الجدب مقارنة بسنوات الخصب.
ويمثّل الغذاء جزءا أساسيّا من ثقافة كلّ مجتمع وهو في علاقة بنوعيّة الموارد الطّبيعيّة المتوفّرة، وبطبيعة التّغيّرات التي تنشأ بسبب التّأثيرات الخارجيّة التي يمكن أن تعصف بالخصوصيّات المحليّة. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أنّ التّحوّلات الاقتصادية والاجتماعيّة الهامّة التي عرفتها البلاد التونسيّة والعالم ككلّ وخاصّة منها صناعة وتحويل المنتوجات الفلاحيّة وترويجها في مختلف أنحاء البلاد، وإمكانيّة استيرادها من الخارج قد قلّصت كثيرا من الخصوصيّات الغذائيّة المحليّة وساهمت في توحيد الطبيخ، وأصبح من الممكن إعداد أيّ طبيخ في أيّ فصل. وهو ما يؤكّد أنّ تاريخ الغذاء ليس ساكنا وإنّما يمثّل جزءا ممّا يسمّيه فرنان برودال BRAUDEL (F.) بـ «الحضارة المادّيّة».
وتكمن أهمّيّة الغذاء في علاقته بما هو اجتماعيّ وثّقافيّ. فالجوانب الاجتماعيّة تبرز في دور الأكل الجماعيّ في حصول الصّداقة وتوطيد أواصرها بين الناس لتشاركهم في تناول «الماء والملح»، وانعقاد الصلح بين المتنازعين. وبه تتمّ الضّيافة والأفراح والولائم والمآتم(81). وتبرز الجوانب الثّقافية في الآداب والعادات والتقاليد والطّقوس والممارسات المرتبطة بالغذاء، وفي كثرة الأمثال الشّعبيّة التي قيلت في شأنه والقصص التي حيكت حوله.
ملحق عدد1: مدوّنة الأغذية الواردة في المقال(82)
- الأرز الجربي: أرز ينضج في الكسكاس أي عن طريق البخار بعد خلطه بالسّلق و” المعْدْنوسْ” البقدونس والسّبناخ وأغصان البسباس وخاصّة البسباس العربي والبصل ومعجون الطّماطم والزّيت ومختلف الأفاوية واللحم. وهو أكلة أصلها من جزيرة جربة بجنوب شرق البلاد التّونسيّة كما يوحي بذلك اسمها.
- البازين : يشبه إلى حد كبير العصيدة. إلاّ أنّ طريقة إعداده تختلف عنها، إذ يتم عجن الدّقيق سواء كان من القمح أو خاصة من الشعير ويمكن أن يكون بازينا “فطيرا” أو “مخمّرا” ثم يسلق في الماء. وبعد أن ينضج يوضع في إناء ويمرق بـالسّمن، أو بالزبدة، أو بالزّيت ومربّى الهندي، أو بالحساء وهو الأكثر تداولا. وفي هذه الحالة يكون البازين مسلوقا في شكل كريّات من العجينة منفصلة عن بعضها البعض في حجم ملء الكفّ. وتسمّى الواحدة منها بـ“الفِلْسة”. وبما أنّ الحساء كان مرتبطا كثيرا بالبازين “فْلِسْ” فكانوا غالبا ما يسلقون البازين “فْطيرْ” ويخمّرون الحساء، ويعرف عندها بـ“الحساء الـﭭـارصْ بالفْلسْ”.
- البْرودو: هو حساء يتكوّن مختلف الخضر مثل السّلق والسّبناخ والجزر واللّفت والبطاطا والطّماطم والبقدونس “المعدنوس” والبصل وغيرها واللّحم وأحيانا القليل من الدّشيشة وهو من الأطعمة التي تقدّم للمرضى وللمرأة بعد ولادتها.
- البْسِيسَة: وتسمّى كذلك “الزّميّتة”: وهي من الأطعمة التي تتطلّب تحميصا أو قلي الحبوب سواء كانت قمحا أو شعيرا في “الطّاجين” وتسمّى “ﭭـليّة”، والغالب على بسيسة الفقراء أنّها من دقيق الشّعير. وتؤكل في شكل “بسيسة” أي مخلوطة فقط بالزيت، أو بالسّمن أو بالزبدة ومربّى الهندي أو تشرب في شكل سائل “روينة” بعد حلّها في الماء أو الحليب أو اللّبن. وهي من الأغذية التي تعود إلى ما قبل التاريخ.
- البكْبوكَة:هي طعام يتكوّن من أصناف مختلفة من الأعشاب البريّة التي يتمّ سلقها في الماء والملح، وأحيانا يضاف لها ذرّات من دقيق الشّعير أو القليل من الحليب.
- الحساء القارص بالفْلِسْ: بعد أن ينضج الحساء القارص، يسكب الحساء في القصعة التي تحتوي مجموعة “الفلس” التي يتكوّن منها البازين ويسمّى عندها “حساء بالفْلس” وعادة ما يكون نصيب كل فرد من العائلة “فلسة” واحدة. وبالامكان سلق “فلس” البازين في الحساء، ويعتبر “الحساء بالفْلِسْ” من المأكولات الشهيّة والمفضّلة، خاصة وأنّ الكثير من الذين شملتهم الاستمارة يتحسّرون على عدم تواصل مثل هذه المأكولات، حتى وإن كانت تذكّرهم بأياّم لا يرغب أغلبهم في تذكّرها.
- الحسـاء القارصْ: هو حساء مخمّر. ويعدّ في الغالب من دقيق الشّعير الذي يوضع في جرة تحتوي ماء. يتم تحريكها مليّا، ثمّ تترك جانبا لمدة يومين أو ثلاثة حتى تتخمّر ذاتيا، وبعدها يتمّ إنضاجه في القدر بعد إضافة القليل من الملح والزيت والأفاويه وخاصّة منها الفلفل الحريف.
- الحساء: هو غذاء يتكوّن من القليل من دقيق القمح أو الشّعير الذي يتمّ سلقه في الماء الذي يحتوي القليل من الزّيت والملح وبعض الأفاوية وخاصّة منها الفلفل الحريف. ويختلف عن الحساء القارص في كونه غير مخمّر.
- الدْشيشـة: هي حساء يعدّ من دشيشة القمح وخاصّة من الشّعير، ولا يتطلّب إنضاجها وقتا طويلا، وتسمّى في مناطق أخرى من البلاد التّونسيّة بـ “التّشيشْ”، وتُعرف في لغتنا المتداولة “شُربة شعير” إن كانت من الشّعير و”شربة قمح” إن كانت من القمح.
- الرْغيدة: هي كسكسي من القمح الصّلب أو ملثوث ينضج في مرحلة أولى بالبخار، ثم يسلق في مرحلة ثانية ولمدة قصيرة في قدر يحتوي حليبا، وقليلا من الملح، و»الكرّاث»، و»اليازول» وبعض التوابل إن توفّرت.
الرّوينة: هي بسيسة يتمّ حلّها في الماء أو الحليب أو اللّبن، وتكوّن بذلك غذاء سائلا.
- العصيدة أو العيشْ: هي دقيق قمح أو شعير مسلوق في الماء وبمفعول التّحريك المتواصل تختلـط حبّات الدّقيق ببعضهـا، وبعد أن يسلق يُجفّف. وبعد أن ينضج يمرق بالزّبدة أو السّمن أو الزيت، أو بمربّى الهندي، أو بالمرق المتكوّن من بعض الخضر التي كانت نادرة الوجود حتى منتصف القرن العشرين .
الـقـليّة : وهي حبوب شعير أو قمح محمّصة في” الطّاجين” وعادة ما يعتمدها الفقراء في غذائهم، وهي من الأغذية التي تعود إلى ما قبل التّاريخ.
- كسرة الرّغـدة: كسرة تعجن من طحين الشّعير الدقيق، وتشوى، وعادة تأكلها النّسوة والأطفال. وتنضج مختلف أصناف شيّا في “الطّاجين” ويسمّى كذلك “الغنّاي” وهو وعاء من الطين يمثّل الواسطة بين الكسرة والنّار.
- كسرة الشعير: وهي كسرة تُعدّ من “دشيشة” الشّعير الرقيقة تعجن ثم تشوى بنفس طّريقة كسرة القمح.
- الكسكسـي : وهو من أكثر الأكلات انتشارا وتجذّرا، ويميّز كامل بلاد المغرب من المغرب الأقصى غربا إلى طرابلس شرقا، لذلك يسمّى بالمغربية 3 في بلدان الشرق العربي، ويعود إلى فترات تاريخيّة قديمة، وربّما يكون أصله بربريا. وتُنضج حبّات الكسكسي في الكسكاس الذي يوضع فوق القدر. أمّا مرقه فينضج سلقا في القدر، وتختلف مكوّناته من فئة إلى أخرى وفقا لإمكاناتها الماديّة. ويتميّز كسكسي الفقراء بعدم احتواء مرقه على اللّحم والخضر والبقول والأفاوية المختلفة، واقتصاره على الأعشاب البريّة، أو فقط على بعض الأفاوية مثل الكراث أو البصل وقليل من الفلفل الأحمر المجفف وشيئا من الشحم إن توفّر ، كما يمكن أن يُسقّى فقط بالحليب المغلّى أو باللّبن إن كان متوفّرا.
وفي سنوات الجفاف يلتجئ الهمامة وكلّ الفقراء التّونسيين إلى أصناف أخرى من النّباتات التي يصنعون منها الكسكسي مثل التّلاّغودة التي يُجمع أغلب المستجوبين على أنّ طعمها كريه جدّا.
- الكسكسي بالعُصبان: هو كسكسي يحتوي مرقه على العصبان وهو قطعة من “كِرْشة” الضّأن أو المعز يتمّ خياطتها بالإبرة والخيط وتُملأ بخليط من البقدونس “المعْدنُوس” والسّلق بعد قصّه، وقِطع صغيرة من الدّوّارة و”الأفّادْ لحْمر” الذي يتكوّن من الكبد والقلب، إلى جانب معجون الطّماطم والزّيت ومختلف الأفاوية وثمّة من يضيف لها القليل من الدشيشة سواء كانت من الشّعير أو من القمح، وتسلق في مرق الكسكسي.
- الكسكسي بالمِرْشَانْ: كسكسي يتكوّن مرقه من خضر ورقيّة تسمّى المِرشانْ وهي أوراق نبتة اللّفت في مرحلة نموّها الأولى قبل أن تكبر حبّات “رؤوس” اللّفت، ويمكن أن يحتوي هذا المرق على اللّحم.
- المحمّصة:هي حبّات كسكسي معدّ سلفا ومجفّف للشّمس تسلق في المرق، وأحيانا كثيرة تسلق في الماء والملح فقط، وبعد أن تنضج يضاف إليها “الدْهانْ” السّمن، وتسمّى عندها “محمّصة بالدْهانْ” أو الحليب المغلّى وتسمّى محمصة بالحليب.
- المقرونة «الجارية بالخضرة»: مقرونة تُسلق في الكثير من الماء الذي يحتوي على العديد من أصناف الخضر مثل السّلق والسّبناخ والجزر واللّفت والبطاطا والبصل والطّماطم والفلفل إلى جانب العديد من البقول مثل الحمص والفول، ويمكن أن تحتوي على اللّحم، وتكون طعاما سائلا.
- الملثوث: يسمّى كذلك “بودْشيشْ” ينضج في الكسكاس بواسطة البخار، لكنّ طريقة طبخه تختلف بعض الشيء عن الكسكسي، لأنّه لا يتطلّب “كسكسة” وإنما يتكوّن من دشيشة الشّعير. أمّا مرقه فينضج سلقا ولا يختلف في شيء عن مرق الكسكسي.
ملحق عدد 2
الأسماء العلميّة لبعض النّباتات البريّة
الأسماء المحليّة الأسماء العلميّة
أُبّي مسعود Chysanthemum coronarium
بزّول نعجة Emex spinosus
البسان Sinapis pubescens
البسباس البرّي Foeniculum vulgare
بُكْ Onopordon arabicum
التّازيا Asphodelus tenuifolius
التّالمة Scrsonera laciniata
التّفاف Sonchus oleraceus
التّلاّغودة Bunium incrassatum
الحارّة Diplotaxis harra
الحميّضة Rumex crispus
الخُبّيزة Malva sylvestris
Malva parviflora
الخدّة Sonchus arvensis
الخرشف Cynara cardunculus
القُرّيصة Rumex tingitanus
القطف Atriplex halimum
القيز Scrsonera ondulata
الكرّاث Allium roseum
كْرع دجاجة Anacyclus clavatus
اليازول Muscari comosum
المراجع :
* يشمل برّ الهمامة بالبلاد التّونسيّة كامل «وطن» قفصة بما في ذلك توزر و»وطن» الوديان، ويحدّه من الجنوب سلسلة جبلية قليلة الارتفاع تفصله عن نفزاوة وأولاد يعقوب وبني يزيد، ومن الشّمال الغربي كلّ من «وطن» الفراشيش وماجر، ومن الشّمال الشرقي «وطن» جلاص ومن الشّرق أراضي عروش المهاذبة ونفّات ومن الغرب أراضي أولاد سيدي عبيد، وأراضي أولاد سيدي تليل.
وينتمي الهمامة حسب رأي أغلب الباحثين إلى القبائل الهلاليّة التي قدمت إلى إفريقيّة خلال القرن الحادي عشر للميلاد، ويبدو أنّهم واصلوا طريقهم نحو الغرب ثم رجعوا ليستقرّوا بإفريقيّة في أواخر القرن السّادس عشر بعد ما أصبحت إيالة عثمانيّة.وتنقسم قبيلة الهمامة إلى عدّة عروش وهي: أولاد عزيز وأولاد معمّر وأولاد رضوان وأولاد سلامة. ولكلّ منها روايته لتفسير أصل القبيلة وهي مختلفة عن بعضها.
1 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine des manières de table, Librairie Plon, Paris, 1968, p. 390- 411.
2 - يعتبر كلّ من الأنتروبولوجيين بواس BOAS ومالينوفسكي MALINOVSKI من مؤسّسي المنهج الذي يقوم على العمل الحقلي.
3 - مقابلة مع محمّد جليّلة بن علي غابري، 86 سنة، المكناسي في 03-10-2004.
4 - مقابلة مع ابراهيم بن سالم الجلالي، 80 سنة، الهيشرية في 03- 11-2004.
5 - AUBAILE- SALLENAVE (F.), « La méditerranée… une cuisine? Des cuisines », in Qantara, magazine des cultures arabe et méditerranéenne, publication de l’Institut du Monde Arabe. Paris, n° 36, été 2000, p.33.
6 - Ibid, Idem..
غالبا ما يضاف إلى الخضروات وأوراق الأعشاب القليل من الملح والزّيت والخلّ، وجرت العادة أن تكون مصاحبة للأطباق الرّئيسيّة وتُؤكل في بداية الطّعام.
7 - BOUQUET (J.), « Contribution a l’étude de l’alimentation, aliments végétaux d’appoint », in Archives de l’Institut Pasteur de Tunis, t. XXVII, 1938, p. 72.
8 - الدبابي الميساوي (سهام) : « الطبخ التونسي »، في ظواهر حضارية من تونس في القرن العشرين، إشراف عبد المجيد الشرفي، منشورات كلية الآداب منوبة 1996، ص.28 - 29.
9 - نفس المرجع، ص. 29.
10 - FRAZER (J. G.), Le rameau d’or. Col. Bouquins, Paris, 1983, I – IV.
11 - براهمي (عبد الكريم)، الغذاء واللباس في برّ الهمامة، الهيشريّة والمكناسي نموذجا، دراسة لإنشاء جناح إتنولوجي لمشروع متحف بسيدي بوزيد، شهادة ماجستير، جامعة منوبة، كليّة الآداب، 2005-2006. ص. 41.
12 - ببرم الخامس ( محمد) : صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار والأقطار، المجلد الثاني المجمع التّونسي للعلوم والآداب والفنون، بيت الحكمة 1999، شركة أوربيس للطباعة، ص.338.
13 - التليلي (مصطفى) : منطقة قفصة والهمامة في عهد محمد الصادق باي 1859 - 1882، دار صامد للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2004. ص. 98.
14 - مقابلة مع لزهر بن علي ونّاس ساكري، 76 سنة، الجبّاس، في 19 - 10 - 2004.
15 - كلّ أسماء الأطعمة الواردة في المقال يوجد تعريف لها في الملحق عدد 1 ومرتّبة ترتيبا هجائيّا.
16 - النْحاسة: قدر من معدن النّحاس، ذو شكل مخروطيّ، توجد في أحجام مختلفة، ويتجاوز قطر قاعدتها قطر فتحتها العليا وتحتوي على عروتين عموديتين ومتناظرتين في أعلى جانبيها. وفيهـا تسلـق بعـض الأطعمـة مـثل العصـيدة والأعشـاب البريّة والجراد والحلزون ويلتجأ إليها أثناء المناسبات والأفراح لإنضاج الكسكسي. وعادة لا يملكها إلاّ الميسورون ويمكن استعارتها من طرف الجيران عند الحاجة.
17 - «الغنّاي»: وعاء طيني يستعمل لشي الكسرة وإنضاجها ويسمى كذلك «الطّاجين».
18- مقابلة مع لطيفة بنت أحمد بن مليك بوعزيزي، 94 سنة، الهيشرية في 21- 10-2004.
19 - مقابلة مع أحمد بن محمّد المكركب ساكري، 70 سنة، و مباركة بنت فرح نصري، 65 سنة، وحدة النصر في 06-10-2004.
20 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p. 400- 410.
21 - ينعت ابن خلدون مختلف أصناف الحبوب في بلدان المغرب بـ « الأقوات»، ومنها الحنطة والشّعير والباقلاّ والجلبّان وغيرها... ، ابن خلدون ( عبد الرّحمان)، المقدّمة، الدّار التّونسيّة للنّشر،1993، ص. 438.
22 - SPANO GIAMMELLARO (A.), «Les phéniciens et les Carthaginois », in Histoire de l’Alimentation, Paris, 1996, p. 93.
23 - كان القمح في السّابق من سمات اليسر الغذائي أمّا في الوقت الرّاهن فهو ليس كذلك ولا علاقة له بذلك، وهذا راجع إلى التّحوّلات الهامّة التي عرفها نمط الغذاء ونمط العيش بصفة عامّة في البلاد التونسيّة وفي كامل أنحاء العالم تحت تأثير العولمة الثّقافيّة والاقتصاديّة. وأصبح الناس يشترون يوميّا حاجاتهم الغذائيّة جاهزة أو نصف جاهزة من المحلاّت التّجاريّة، وهي منتجات استهلاكيّة أصبحت متوفّرة في كلّ الأوقات.
24 - BURNET (E.) et VISCONTINI (CH.), «Le pain et les céréales dans l’alimentation Tunisienne », in Archives de l’Institut Pasteur de Tunis, 1939, p.226.
25 - الوزان (الحسن )، وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطّبعة الثّانية، 1983. ج. 2، ص. 84، 98، 110 - 111؛
PEYSONNEL (J.A.) et DESFONTAINES (L.R.), voyages dans les régences de Tunis et d’Alger publiés par M. Dureau de la Malle. Librairie de Gide, Paris, 1838, t. 1, p.73.
26 - ZUBAIDA (S.), « Le riz et son domaine », in Qantara, magazine des cultures arabe et méditerranéenne, publication de l’Institut du Monde Arabe. Paris, n° 36, été 2000, p. 50.
27 - الرّزقي (محمّد الصّادق)، الأمثال العاميّة التّونسيّة وما جرى مجراها، تحقيق وتعليق الدّكتور محمّد الطّاهر الرّزقي، الطّبعة الثّانية، دار سحر للنّشر، تونس، 2010، ص. 65.
28 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p. 397.
29 - لمزيد من التفاصيل يمكن الرّجوع إلى براهمي (عبد الكريم)، الغذاء واللباس...، مرجع مذكور، ص. 61 - 63.
30 - نجد ذكرا لبعض هذه الأطعمة عند الحسن الوزّان الفاسي والعديد من الرّحّالة الأوروبيين على غرار بايسونال Peyssonnel (J.A.) وديفونتان Desfontaines (P.L.). فالحسن الوزّان مثلا ذكر أنّه من عادة التّجّار والصّناع وأغلب سكّان المدن تناول البسيسة وهي « دقيق الشّعير الممزوج بقليل من الماء الخاثر كالصّمغ يضاف إليه قليل من الزّيت أو عصير اللّيمون الحامض أو البرتقال» (الوزان (الحسن )، وصف إفريقيا،... مصدر مذكور،ج. 2، ص. 75- 76. )، والبازين وهو طعام يتكوّن من دقيق شعير مسلوق في الماء، (نفس المصدر السّابق، ص.76.) وفي معرض حديثه عن سكّان مدينة المنستير بالسّاحل التّونسي وتحديدا الفقراء منهم ذكر أنّهم «يقتاتون بخبز الشّعير أو... البازين المخلوط بالزّيت» (نفس المصدر السّابق، ص. 84)، وهو نفسه غذاء معظم الصّفاقسيّة النسّاجين والبحّارين والصّيّادين ( نفس المصدر السّابق، ص. 87.).
وفي القرن الثّامن عشر ذكر بايسونال Peyssonnel (J.A.) أنّ الغذاء الأساسي للبدو المور في أرياف بلاد المغرب يتكوّن من البسيسة وهي دقيق شعير يتمّ خلطه بالماء وأحيانا بالحليب، ومن العصيدة المتكوّنة من دقيق الشّعير المسلوق في الماء والزّيت
PEYSONNEL (J.A.) et DESFONTAINES (L.R.), voyages dans les régences…, op. cit., t. 1, p.73.
31 - لئن يعتبر سكّان جهات أخرى من البلاد التّونسيّة أنّ القطانيا هي «المستورة» أي الذّره، فإنّ أغلب سكّان برّ الهمامة يُميّزون بين القطانيا والذّره، ويعتبرون القطانيا هي «البشْنة».
32 - مقابلة مع محمّد جليّلة بن علي غابري، 86 سنة، المكناسي في 03 - 10-2004.
33 - الدبابي الميساوي (سهام) : «الطبخ...»، مرجع مذكور، ص. 22.
34 - العامري (سنيا)، العادات الغذائية وفنون الحفظ والطبع بجهة بنزرت، شهادة الدّراسات المعمّقة في التراث، جامعة تونس 1، كلية العلوم الانسانيّة والاجتماعيّة ، ديسمبر 2000. ص. 30.
35 - RODINSON (M.), « GHIDAH » in Encyclopédie de L’Islam, T II, p. 1087 ; VALENSI (L.) : Fellahs Tunisiens : L’économie rurale et la vie des compagnes aux 18ème et 19ème siècles, Mouton, Paris, LAHAYE, 1977, p. 243.
36 - PEYSONNEL (J.A.) et DESFONTAINES (L.R.), voyages dans les régences…, op. cit., t. 1, p.70.
37 - ZUBAIDA (S.), « Le riz… », op. cit., p. 50.
38 - وردت هذه الإشارة في كتاب الأغذية لمحمّد بن إبراهيم الرّندي، عن الخطّابي ( محمّد العربي)، الأغذية والأدوية عند مؤلّفي الغرب الإسلامي، دار الغرب الإسلامي، الطّبعة الأولى 1990، ص. 198.
39 - الرّزقي (محمّد الصّادق)، الأمثال العامّيّة ...، مرجع مذكور، ص. 129.
40 - مقابلة مع العائشة بنت لزهر عمامي، 65 سنة، منزل بوزيّان في 05- 12-2004.
41 - الماجري (الأزهر)،قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر (في جدليّة العلاقة بين المحلّي والمركزي). منشورات كلية الآداب والفنون والإنسانيّات منّونة، الطّبعة الثّانية 2007. ص. 97.
42 - وهو ما يؤكّده مقطع من أغنية شعبيّة نسائيّة وردت في كتاب أغاني النساء في برّ الهمامة، لكلّ من نعيمة غانمي وأحمد الخصخوصي، تونس 2010. بالصّفحة 168:
يا لا لا يا قولوا يْـجينا يِجيبْ الوادْ ويِـتْسلْهبْ
مُقْرونو بالفضّة يِلْهبْ
يا لا لا يا مشِّي بلادي بلادي سقدال وْقمّودة
وهاذي بْلاد التّلاّغودة
يا لا لا طْحْتْ مْريضة ما بيّا راسي لا كِرْشي
ما بيّا كان فُرْقَة عَرْشي
ويشير هذا المقطع في الأصل إلى رفض ظاهرة الزّواج برجل من خارج العرش الذي تنتمي إليه البنت. والمقصود ببلاد التّلاّغودة هو الشّمال الغربي وتحديدا جهة الكاف بشمال غرب البلاد التّونسيّة.
43 - ذكر الحسن الوزّان في بداية القرن السّادس عشر أنّ الترفاس “غذاء لطيف جدّا” وأنّه بالإمكان شيّه على الجمر ثمّ طبخه في المرق، كما أنّ الأعراب كانوا يسلقونه في الماء أو في اللّبن، الوزان (الحسن )، وصف إفريقيا،... مصدر مذكور،ج. 2، ص. 282.
44 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p.397.
45 - LOUIS (A.), Nomades d’hier et d’aujourd’hui dans le sud Tunisien, édi. Sud. Aix-en-Provence, 1979. p. 133.
46 - الدبابي الميساوي (سهام)، « الطبخ... «، مرجع مذكور، ص. 38.
47 - FARB (p.) et ARMELAGOS (G.), Anthropologie des coutumes alimentaires. Denoӫl, Paris, 1955, p. 198-199.
48 - ذكر لويس أندري LOUIS (A.) أنّ بعض العائلات الفقيرة بالجنوب التونسي قد تكتفي في بعض سنوات الجدب بتناول الأعشاب البريّة المسلوقة في الماء طيلة الخريف والشّتاء،LOUIS (A.), Nomades d’hier…, op. cit., p. 134
49 - أجمع كلّ الذين أجريت معهم مقابلات في إطار بحث ميداني يتعلّق بالغذاء في برّ الهمامة على كونها من أتعس أنواع الأغذية.
50 - BOUQUET (J.), « Contribution… », op. cit., p. 66 - 77.
51 - GOBERT (E.G.), Usages et rites alimentaires des Tunisiens ; leur aspect domestique, physique et social, Tunis 1940. p. 192.
52 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p.397.
53 - Ibid., Idem.
54 - GOBERT (E.G.), Usages et rites …, op. cit., p. 225.
55 - مقابلة مع محمّد جليّلة بن علي غابري، 86 سنة، المكناسي في 03- 10-2004.
56 - SEBILLOTTE (R.), Kasar El Ahmar, imprimerie Rulliere Libeccio, 1999, t. IV, p. 136.
57 - البرمة: قدر طيني يستخدم لطهي مختلف أصناف الأطّعمة وخاصّة الكسكسي والملثوث.
58 - مقابلة مع هنيّة بنت علي بن أحمد براهمي، 95 سنة، الهيشريّة في 29- 08-2004.
59 - d’après LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p. 399.
60 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p.406.
61 - d’après LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p. 402.
62 - LÉVI- STRAUSS (K.), L’origine…, op. cit., p. 401.
63 - Ibid, p. 402.
64 - الدبابي الميساوي (سهام)، « الطبخ... «، مرجع مذكور، ص. 31.
65 - نفس المرجع، ص. 34.
66 - مقابلة مع فضة بنت العوني طاهري، 71 سنة، الجبّاس في 1- 8- 2004.
67 - يسمّى الحلزون كذلك «الجغلون» أو «الجغلان».
68 - هيرودوت، تاريخ هيرودوت، ترجمة عبد الإله الملاح، أبو ظبي، المجمع الثقافي، الإمارات العربيّة المتّحدة،2001. ص, 360.
69 - الآشوريين مثلا كانوا يأكلون الجراد مشويّا في السّفود وقد كان من الأطعمة الملكيّة حيث كان يقدّم أثناء الاحتفالات في قصر الملك آشور بانيبال في نينوى،جميل (نينا)، الطّعام في الثّقافة العربيّة، رياض الرّيّس للكتب والنّشر، الطّبعة الأولى 1994، ص. 36 عن
BROTHWELL (D.) et (P.), Food in antiquity, Thames et Hudson, London, p. 71
70 - من هذه الإشارات نذكر ما أورده:
- الحسن الوزّان في بداية القرن السّادس عشر من أنّ سكّان بلاد المغرب يعيرون أهمّية كبرى للجراد، ويأكلونه مطبوخا أو في شكل طحين وذلك بعد تجفيفه تحت أشعّة الشّمس وسحقه، الوزان (الحسن)، وصف إفريقيا،... مصدر مذكور،ج. 2، ص. 278.
- بايسونال PEYSONNEL (J.A.) في القرن الثّامن عشر من أنّ سكّان المغرب يستهلكون الجراد في القرن الثامن عشر.
PEYSONNEL (J.A.) et DESFONTAINES (L.R.), voyages dans les …, op. cit., t. 1, p.73-74.
- ديفونتان DESFONTAINES (L.R.) في القرن الثّامن عشر من أنّ أهالي الجريد التونسي يستهلكون الجراد بعد قليه في الزّيت وإضافة الملح إليه في القرن الثامن عشر.
Ibid, t. 2, p.72.
71 - جميل (نينا)، الطّعام في الثّقافة...، مرجع مذكور، ص. 36.
72 - عويس (محمّد)، المجتمع العبّاسي من خلال كتابات الجاحظ، القاهرة، دار الثّقافة، 1977، ص. 364.
73 - TANNAHILL (R.), Food in history, Paladin, 1975, p. 50.
74 - مقابلة مع مباركة بنت محمد الصغير براهمي، 85 سنة الهيشريّة في 25-08 -2004.
75 - مقابلة مع أحمد بن محمّد المكركب ساكري، 70 سنة، وحدة النّصر في 06-10-2004.
76 - الماجري (الأزهر)، قبائل ماجر والفراشيش...، مرجع مذكور، ص. 97.
77 - GOBERT (E.G.), Usages et rites…, op. cit., p. 82..
78 - Ibid, p. 83.
79 - Ibid, Idem.
80 - مقابلة مع فضة بنت العوني طاهري، 71 سنة، الجبّاس في 1- 8- 2004.
81 - جميل (نينا)، الطّعام في الثّقافة...، مرجع مذكور، ص. 190-191.
82 - أغلب المعطيات الواردة في المدوّنة مصدرها المعرفة الشّخصيّة، ونتائج عمل ميداني قمت به في برّ الهمامة فيما بين 2003 و2005.