قراءة نقدية في العمارة العربية المعاصرة
العدد 27 - ثقافة مادية
اذا كانت العمارة هي ظاهرة انسانية مرتبطة بكل جوانب حياة الفرد والمجتمع المعيشية والمعرفية ، فان دراسة ما يحدث اليوم في المنطقة العربية من حيث واقع البيئة المبنية والإشكاليات والتحديات التي تواجهها ابتداء من الية إنتاج العمارة وصولا الى النسيج العمراني والحضري للمدينة العربية - التي هي انعكاس بل جزء هام من تلك الاشكاليات والتحديات- هومن أهم السبل للوصول الى رؤية واضحة لما يجب القيام به في هذا السياق من أجل إيجاد بيئة عمرانية مستدامة تلبي حاجات وتطلعات المجتمعات العربية المختلفة.
ان التغيرات البنيوية الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية اليوم وخصوصا منذ مطلع عام 2011م والمتمثلة في أحد مظاهرها بتوجه عدد كبير من المجتمعات العربية - وبشكل تلقائي وغير مسبوق ربما في التاريخ - نحو تفكيك البنية الأساسية للواقع بمستوياته المختلفة سياسيا و اقتصاديا وحتى اجتماعيا يدل على وجود إشكاليات ضمن هذا الواقع، وإن هذه الاشكاليات اذا ما تم تحليلها في سياق علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي بشكل أساسي تظهر أن لهذه الاشكاليات تداخلات وعلاقات مشتركة ومعقدة بين مكونات المجتمع والبيئة التي يعيش فيها أفراده، كما يشير الى أن هذه الإشكاليات ليست حديثة وإنما هي عميقة مكانا وزمانا،حيث تظهر آخر التحليلات في هذا السياق أن المجتمعات العربية ترتبط بعلاقات معرفية على مستوى مفهوم الهوية تتجاوز الحدود الموجودة بين الدول المختلفة وهي علاقات أثبتت انها عميقة ومتفوقة في جوهرها على الفوارق التي تميز كل مجتمع عن اخر(1).
واقع البيئة المبنية في المنطقة العربية في طبيعته العامة - رغم وجود خصوصية لكل منطقة- يشير الى أن هناك مجموعة من التحديات ليس على المستوى الحياتي للانسان الذي يعيش ضمن هذه البيئة وحسب وإنما على المستوى المعرفي كذلك. واذا اما استطاعت بعض المدن العربية تجاوز الكثير من التحديات الحياتية والمعيشية لسكانها - بغض النظر عن أسباب ذلك -بقيت الإشكاليات المعرفية بارتباطاتها الاجتماعية تمثل المرحلة الأصعب التي لا تزال بعيدة عن وجود معالجة حقيقية لها نظرا للتعقيدات المتعددة والمتغيرة عبر التاريخ الحديث والمعاصر للعالم العربي من جهة ونظرا لغياب الإدراك الحقيقي لأبعاد هذه الاشكاليات وعلى مستوى واسع ضمن المجتمعات العربية من جهة أخرى، ولعل ما يحدث اليوم في هذه المنطقة من تحرك مجتمعي كبير نحو التغيير- والذي هوأشبه ما يكون بردة فعل كبيرة- هودليل على غياب هذا الإدراك لزمن بعيد.إن ملامح هذه الإشكالية المعرفية بدأت ملامحها تتبلور بعد مرحلة الاستقلال في النصف الثاني من القرن العشرين وأخذت عدة أشكال من خلال قضايا تم طرحها ضمن الحياة الثقافية وفي عدة مستويات من أهمها موضوع الهوية الثقافية ومستقبلها ومن ثم انعكاس ذلك على العمارة والمدينة العربية وما يحدث اليوم ضمن المنطقة العربية إنما هو تطور لهذه الإشكاليات ولكن بصورة راديكالية.
هذه المقالة تحاول الوقوف على أهم التحديات التي تواجه العمارة العربية المعاصرة في جوانبها المرتبطة بالمستوى المعيشي للمجتمع -وبشكل مبدئي- وهي تمثل المرحلة الأسهل من التحديات ومن ثم مناقشة المرحلة الأصعب في مواجهة التحديات المعرفية وذلك بهدف الوصول الى فهم حقيقي للعمارة المرتبطة بالمجتمع ومعبرة عنه وبعيدا عن الانسياق وراء اللغة التشكيلية المجردة للمدرسة الفردية التي تقدس الوصاية الأبوية ( من أعلى الى أدنى) للرؤية الجمالية والمعرفية للمعماري والمخطط الذي لا زال بعيدا من الناحية الأكاديمية ابتداء ومن الناحية العملية انتهاء عن قضايا المجتمع الحقيقية . إننا اليوم بحاجة ماسة الى بلورة موقف واضح ليس للمعماريين والمخططين العرب وحسب بل للمجتمعات العربية كذلك حتى نتمكن من الانطلاق نحو تحديد خطوات بناء نظرية معرفية للمستقبل من خلال قراءة واضحة للواقع.
1 - التحديات المعيشية ضمن البيئة المبنية
في نظرة تاريخية سريعة نلاحظ أنه قد حدث تغير كبير في آلية إنتاج العمارة على المستوى العالمي حيث تم الانتقال من الحرفة المتوارثة والمرتبطة بالمجتمع إلى التخصص بسبب ظهور عصر المكننة في الانتاج (الآلة) ونموه في اوروبا منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، حيث أدى هذا التخصص –كما يشير رفعة الجادرجي - إلى عزل المعماري أولا في مرحلة الرؤية في الإنتاج بعيدا عن التخصصات الأخرى من جهة وبعيدا عن بقية آلية انتاج العمارة من جهة أخرى مما كرس عزل المعماري عن إدراك شامل لحاجات المجتمع ومتطلباته الحسية والوجدانية وبالتالي أدى إلى إهمال التعرف إلى تاريخ العمارة كمنتج وذلك بسبب متطلبات هذا التخصص المعلوماتية المكثفة والمجهدة(2).
لقد انتقل هذا التغير إلى العالم العربي وذلك بعدة طرق خلال فترة الاستعمار الحديث منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي وما صاحبها وأعقبها من توجهات نحو تبني النموذج الغربي في التعليم عموما وآلية الانتاج،رغم وجود توجهات سابقة لذلك في التحديث ضمن المجتمع العربي في فترة حكم محمد علي لمصر.
إن مفهوم المجتمع الحرفي المندمج في المجتمع ثقافيا واجتماعيا في المجتمع العربي كما وثقه كتاب وصف مصر خلال حملة نابليون على مصر والذي لم يكن خصوصية لمصر وإنما تعددت صوره وأشكاله في عدة مدن عربية بدا يختفي تدريجيا إلى أن أصبح اليوم جزءا من الماضي البعيد عن الواقع من حيث المفهوم الاجتماعي والإنتاجي رغم بعض المحاولات لإحيائه والتي يغلب عليها الطابع الرومانسي المتحفي والتسويقي السياحي.وفيما يلي تحليل لأهم التحديات المعيشية التي تواجه البيئة المبنية :
1-1 ضعف مستوى التعليم الأكاديمي
والمرتبط بانتاج العمارة والمدن، وكذلك ضعف الصناعات المرتبطة بهذا المجال عموما مع وجود بعض الاستثناءات القليلة و الحديثة العهد لبعض المؤسسات الأكاديمية والصناعات في بعض الدول العربية، الا أن ذلك لم يسهم حتى اليوم في انبثاق مدينة عربية توازي في تكوين هويتها وتكامل خدماتها واستدامتها ما أنتجته الدول الغربية عموما وذلك عندما نقارنهما بناء على تبني النموذج الحضري والإنتاجي ذاته من حيث المبدإ مع وجود الفارق في مجال الثروات و التقدم التقني والاختلاف الثقافي والاجتماعي.
إن مستوى التعليم في العالم العربي عموما هو مستوى متدن من حيث الجودة مقابل التوسع في عدد المدارس والجامعات والخريجين، لقد انعكس كل ذلك سلبا على العمارة والإنسان، فعلى سبيل المثال لا الحصر: لماذا ازدادت نسبة الأمراض الجسدية الخطيرة والنفسية والمعقدة في المجتمعات العربية عنها في السابق، رغم تطور الصحة العامة والوعي؟ إن ذلك يعود إلى أسباب عدة منها تغير نوعية الغذاء، وزيادة نسبة التلوث، وطبيعة العمل، وتعقيدات الحياة، لكن لا يمكن أن نغفل الاثر العكسي لنمط الحياة المعاصرة في عمائرنا ومدننا وعلاقة ذلك كله بالبيئة، من حيث الإنارة والتهوية الطبيعية والمواد المستعملة في البناء إضافة إلى عدم مراعاة القضايا الاجتماعية والنفسية في التصميم فلهذا كله أثره البالغ في كل ما سبق. والمؤسف أن كل هذه الاعتبارات تكاد لا تدخل بشكل فاعل في تدريس علم العمارة في معظم الجامعات العربية، كما أنها تغيب عن الممارسة المهنية،ومن ثم - وبالرغم من التوجهات المعاصرة عالميا نحو مفاهيم الاستدامة المتكاملة- فاننا في هذا الجزء من العالم ما نزال بعيدين عن مفاهيمها الحقيقية وأهمية تبنيها رغم أن الجانب التسويقي والتجاري لها انتشر بشكل واسع . إن دراسة الوضع الراهن للتعليم الجامعي للعمارة والتخطيط بهدف وضع محاور للتطوير هو المحور الأساسي الذي يجب التعامل معه من أجل تحسين مستوى الإنتاج وممارسة المهنة(3).
1-2 ضعف البنية التحتية المبنية
(طرق،مواصلات،طاقة،سكن..الخ) والبنية التحتية الخدمية المرتبطة بتوفر فرص عمل وخدمات صحية واجتماعية وتعليمية تتناسب مع النموالسكاني والتوسع الحضري من حيث الأعداد والتركيبة السكانية .
لقد زادت نسبة التحضر في العالم العربي بشكل كبير منذ النصف الثاني للقرن العشرين وهذا له ارتباطاته بتغير نمط الحياة خصوصا بعد حركات التحرر من الاستعمار الحديث وتوجه العالم العربي نحو تحديث أنماط المعيشة اليومية والتوسع في إنشاء المدن من جهة، هذا فضلا عن ظهور الثروات النفطية واستثمارها في مجال التحضر في منطقة الخليج العربي بشكل أساسي من جهة اخرى، كما انعكس ذلك على مناطق أخرى بصورة غير مباشرة ولأسباب أخرى من أهمها الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن. لقد تغير العالم العربي كثيرا في مجال التحضر وشهدت كثير من مدنه توسعا كبيرا وتأثرا بما يحدث عالميا في مجال العولمة .
هذا التغير الكبير الذي شهده العالم العربي في مجال التحضر كان متوسعا باتجاه أفقي بمعنى أنه زيادة في الكم ولم يواز ذلك توسع رأسي مماثل بمعنى ارتفاع مكافئ في مستوى الخدمات وتوفرها، فكثيرمن المدن العربية اليوم تعاني من ضعف في البنية التحتية من حيث توفرالخدمات ونوعيتها واستدامتها، مما يكرس اشكاليات متعلقة بالاكتظاظ والتلوث والهجرة الداخلية من جهة، وارتفاع نسبة الفقر والجريمة والأمراض وخلل في التوازن الاجتماعي من جهة أخرى. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى إشكاليات متعلقة بالتخطيط الاستراتيجي وترابطه في مستوياته المتعددة الاقتصادية والاجتماعية والسكانية مع التخطيط الحضري، إضافة الى أسباب أخرى لا تقل أهمية عما سبق مرتبطة بالأوضاع السياسية العامة للمنطقة العربية والنزاعات العالمية و الاقليمية والمحلية التي أخذت مكانا لها ضمن المنطقة العربية ومحيطها، هذا فضلا عن الفساد الإداري والمالي والديون الخارجية والأزمات العالمية وانعكاستها بسبب ترابط العالم كله اليوم بفعل العولمة كل ذلك أدى الى ضياع كثير من فرص التطور.
المدن العربية اليوم هي في غالبها مدن مثقلة ومنهكة نتيجة ما سبق،إلا أن معالجة مثل هذه القضايا هو مما أصبح اليوم معروفا ومدركا من قبل عدد من الدول والمؤسسات العربية والبرامج التي بدأت بالعمل في هذا التوجه، ولكن النتائج في هذا التوجه ما تزال لا تحقق المستوى الذي يوحي بتجاوز الخطر في كل ما سبق، ولعله من المفيد هنا النظر في الدراسات العالمية الحديثة حول التحضر في العالم العربي والتي تبدو متفائلة نظرا لطبيعتها الإحصائية، يقول (دانيال بيو بيونيو) في معرض استعراضه لهذه التغيرات:
«لقد باتت المدن العربية تشهد المزيد من أشكال العولمة باعتبارها جزءاً من عولمة الاقتصاد العالمي، وذلك منذ انعقاد مؤتمر قمة المدن (مؤتمر اسطنبول) في عام 1996، وقد تم إنشاء المزيد من الروابط ما بين العالم العربي وبقية أنحاء العالم، حيث يمثل هذا الأمر ظاهرة هامة سواء كان ذلك من الناحية الاقتصادية، او الثقافية، او الاجتماعية. كما باتت صفة التدويل إحدى سمات هذه المدن، باستثناء البلدان الأقل نمواً، حيث تمثل هذه السمة اتجاهاً عاماً والذي يشهد المزيد من التسارع في العالم العربي. من جهة أخرى، فقد عمل برنامج الموئل خلال الأعوام 1986 – 1996 على تقديم الدعم التقني لبلدية دبي، بالإضافة إلى الإسهام في إرساء أسس الإدارة الحضرية السليمة، وقد كانت دبي صغيرة في تلك الآونة، بيد أن معدلات النمو الحاصلة بها قد شهدت وتيرة سريعة للغاية، حيث أصبحت كثافتها السكانية تتضاعف كل 10 أعوام (من 350 ألف نسمة في عام 1986 إلى 700 ألف نسمة في عام 1996، وإلى 1.4 مليون نسمة في عام 2007)، حيث تحولت قرية كبيرة إلى مدينة واسعة في أقل من 50 عاماً. إن هذا الارتباط مع العالم الخارجي يعد في غاية الاهمية، حيث سيتم تسليط الضوء عليه ضمن تقرير حالة المدن العربية نظراً لما أصبحت عليه المدن والتي لم تعد موجهة وفقاً لظروفها الداخلية الخاصة بها، بل أنها أصبحت تتأثر بالعوامل الخارجية في المقام الأول. كما باتت العديد من المدن بمثابة مراكز دولية، كما هو الحال في كل من مدينتي الدوحة ودبي. وقد تحولت المدن الصغيرة إلى تجمعات كبيرة، وباستثناء مدينة القاهرة، والتي تعد المدينة العربية الوحيدة الضخمة في العالم العربي، فقد تم تسجيل تسع مدن عربية والتي تجاوزت كثافتها السكانية الثلاثة ملايين نسمة، وهي: بغداد، الخرطوم، الرياض، الإسكندرية، الجزائر، الدار البيضاء، جدة، حلب، ودمشق. كما باتت غالبية تلك المدن في حال أفضل مما كانت عليه قبل عشرين عاماً، من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. كما يمكن الإشارة مثلاً إلى منطقة شمال إفريقيا، والتي شهدت انخفاضاً في نسبة سكان الأحياء الفقيرة من 34 % في عام 1990 إلى 13 % في عام 2010، وذلك وفقاً لبيانات برنامج الموئل. إلا أنه لا بد من الإشارة أيضاً إلى التحديات البيئية الخطيرة والتي لا تزال تواجهها العديد من المدن العربية.......»(4)
في مستوى آخر حول التنمية البشرية في العالم العربي يشير تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية لعام 2010م الى التقدم الذي أحرزته بعض الدول العربية في مجال التنمية البشرية حيث يعتمد تقرير 2010 ثلاثة أدلّة جديدة، الأول لقياس عدم المساواة، والثاني لقياس الفوارق بين الجنسين، والثالث لقياس الفقر المتعدّد الأبعاد. كما يشير التقريركذلك إلى أنه قد ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة في البلدان العربية من 51 سنة في عام 1970 إلى 70 سنة عام 2010. وهذا التحسّن في المنطقة العربية هو أفضل ما شهدته مناطق العالم. وقد انخفض معدّل وفيات الرضعّ.وتضاعف معدّل الالتحاق بالمدارس في البلدان العربية خلال العقود الأربعة الماضية، إذ ارتفع من 34 في المائة في عام 1970 إلى 64 في المائة اليوم. ولبنان وجيبوتي هما البلدان العربيان الوحيدان اللذان سجّلا أداء أقل من المستوى المتوقع لهما. ففي حالة لبنان، كان هذا التعثّر في الأداء نتيجة لحرب طويلة ولحالة من عدم الاستقرار السياسي، وهذا الوضع هو من العوامل الرئيسية التي أعاقت التنمية البشرية في أنحاء مختلفة من المنطقة، من العراق إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى السودان والصومال واليمن. فالتقرير يظهر أنّ حصة المنطقة العربية من سنوات الصراع تجاوزت في المتوسط ثلاث أضعاف ما شهدته سائر مناطق العالم، خلال فترة 18 عاماً، من 1990 إلى 2008.
يبيّن التقرير الفوارق الكبيرة التي يشهدها الوضع الإنمائي في المنطقة. وقد حلّت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بين البلدان العربية حسب ترتيب دليل التنمية البشرية، وفي المرتبة 32 على الصعيد العالمي، أي في فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً، وحلّ السودان في فئة التنمية البشرية المنخفضة، أي في المرتبة 154، من أصل 169 بلداً شملها دليل التنمية البشرية. ويخسر دليل التنمية البشرية في البلدان العربية 28 في المائة من قيمته بسبب عدم المساواة في الأبعاد الثلاثة، أي الصحة والتعليم والدخل. وتسجل المنطقة العربية أكبر الخسائر في بعد التعليم، حيث تبلغ 43 في المائة، مقابل متوسط يبلغ 28 في المائة لمجموعة من 139 بلداً طبّق عليها دليل التنمية البشرية معدّلاً بعامل عدم المساواة.
ويرصد دليل الفوارق بين الجنسين التفاوت بين المرأة والرجل في الصحة الإنجابية والتمكين والمشاركة في القوى العاملة في 138 بلداً. ففي المنطقة العربية، لم تتجاوز نسبة النساء اللواتي أنهين مرحلة التعليم الثانوي 32 في المائة من مجموع النساء في الفئة العمرية 25 سنة وما فوق مقابل 45 في المائة من الرجال في الفئة العمرية ذاتها. غير أن الوضع مختلف في التعليم الجامعي، حيث يبلغ معدّل الالتحاق 132 إمرأة مقابل كل 100 رجل. يشير تقرير الامم المتحدة الذكور سابقا الى انه رغم وجود بعض التطور في مجال مشاركة المرأة في الحياة السياسية في بعض الدول العربية حيث تحسّن مستوى تمثيل المرأة في البرلمانات العربية، إذ ارتفع من 18 في المائة في عام 1980 إلى 27 في المائة في عام 2008. فانه لا تزال البلدان العربية تشهد قيوداً على حق المرأة في التصويت. ويشير التقرير إلى الإصلاحات التي شهدتها المنطقة في مجالات سياسية أخرى، كتحسّن التمثيل في بعض المجالس الوطنية ولكنّ يبقى الكثير من العمل على صعيد حماية الحريات المدنية وتعزيز الحكم الديمقراطي(5).
إن هذا التطور الذي أشار اليه التقرير يعطي مؤشرات ايجابية ولكنه ذو طبيعة إحصائية في الغالب ينظر إلى التوسع الأفقي للتنمية بشكل واسع بينما لا يقيم بشكل عميق وكافي البعد الرأسي للقيمة الجوهرية التي تضيفها هذه التنمية للمجتمعات العربية، وعليه فإنه لم يستطع ان يتنبأ بدرجة الأزمة المعرفية الراهنة وعلاقتها بالمستوى الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة وهذا ما دلت عليه كل تلك التحركات الشعبية الكبيرة التي شهدها عام 2011 نحو تفكيك عدد من البنى السياسية في المنطقة العربية،مما يعطي دلالة على أهمية معالجة التحديات المعرفية في مستوياتها المختلفة ومنها تلك التي تواجه البيئة المبنية .
2 - التحديات المعرفية ومفهوم الهوية
2-1 المجتمعات العربية ومفهوم الدولة المعاصرة .
إن كل ما سبق من تحديات معيشية تواجه البيئة المبنية على تنوعها ضمن العالم العربي هي رغم صعوبتها وخاصة بالنسبة للمناطق الفقيرة من الممكن تجاوزها وبالفعل بدأ تجاوز بعضها كما ذكر سابقا في بعض الدول العربية التي حققت تقدما حسب مؤشرات التنمية البشرية التي تتتبناها الدراسات الأممية الأخيرة، ولكن وبحسب هذه الدراسات ايضا فإن العالم العربي ما زال بعيدا عن مفاهيم الحرية التي يعيشها العالم الغربي .لمزيد من التركيز على ما تمر به المنطقة العربية في مجال التنمية البشرية، يأتي تقرير التنمية البشرية العربية 2009 إلى تحديد أهم ما يؤثر على أمن الانسان العربي وضرورة التعامل مع عدد كبير من الأبعاد المؤثرة في حياة الناس وتشمل:الأمن البيئيّ، أداء الدولة في ضمان أمن الإنسان، أمن الإنسانِ بالنسبة إلى الجماعات الأضعف، الأمن الاقتصاديّ، التغذية والأمن الغذائي، الصحة وأمن الإنسان، وأخيرًا وطأة التدخل العسكري الأجنبي والاحتلال على أمن الإنسان(6). وكل هذا مرتبط بمفهوم العدالة الاجتماعية والعقد الاجتماعي الذي يربط الفرد والمجتمع بالدولة وهنا تظهر عدة إشكاليات معقدة تواجه المجتمعات العربية المعاصرة في عدة مستويات لها انعكاساتها على مظاهر الحياة المدنية ومنها العمران.وهنا تأتي أهمية وجود تحليل اجتماعي عميق لكل هذه التقارير ولكن ضمن سياق الثقافة العربية بحيث تحدد معالم الإشكالية بصورة أكثر ارتباطا بحياة المجتمعات العربية.وإني أعني هنا أن هذا الترابط بين ما يواجه المجتمعات من تحديات واشكاليات في المستوى المعيشي والمعرفي وأثره على العمران لابد من قراءته في مستوى يوازي بل ويتجاوز تلك التحليلات الاجتماعية المرتبطة بالعمران التي اشار اليها ابن خلدون سابقا في أحد تحليلاته على سبيل المثال في قوله:
«اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها و اكتسابها لما يرونه حينئذ من أن غايتها و مصيرها انتهابها من أيديهم و إذا ذهبت آمالهم في اكتسابها و تحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك و على قدر الاعتداء و نسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب فإذا كان الاعتداء كثيرا عاما في جميع أبواب المعاش كان القعود عن الكسب كذلك لذهابه بالآمال جملة بدخوله من جميع أبوابها و إن كان الاعتداء يسيرا كان الانقباض عن الكسب على نسبته و العمران و وفوره ونفاق أسواقه إنما هو بالأعمال و سعي الناس في المصالح و المكاسب ذاهبين و جائين فإذا قعد الناس عن المعاش و انقبضت أيديهم في المكاسب كسدت أسواق العمران و انتفضت الأحوال،..............»(7)
في ضوء ذلك ولكي ندرك هذا الجانب الهام وانعكاساته على العمارة والمدينة العربية لابد لنا من وقفة تحليلية للتاريخ الحديث والمعاصر للعمارة العربية وارتباطه بمفهوم الذات و كيفية التعبير عنها، وهو ما تم التطرق اليه سابقا، وفيما يلي مناقشة مختصرة لأهم ما تم طرحه سابقا في هذه الدراسات وذلك في ضوء ما استجد من معطيات ضمن الواقع العربي وارتباطه بالتاريخ الحديث للمنطقة(8).
2-2 التاريخ الحديث والمعاصر للعمارة العربية – من الاستشراق الى العولمة
في كتاب « الاستشراق في العمارة العربية اشكالية بناء الفكر والهوية-قراءة نقدية في التاريخ الحديث والمعاصر م1750-2009م» والذي تم نشره عام 2009م، حاولت تقديم دراسة تاريخية توثيقية وتحليلية ناقدة للعمارة العربية بصورة شمولية على مستوى التوجه المعماري والتخطيط الحضري لمرحلة هامة ضمت تغيرات كبيرة في البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمنطقة العربية. وكان المدخل لهذه الدراسة - التي ربما تكون الأولى من نوعها من حيث الشمول والتحليل لهذه المرحلة - هو الاستشراق كونه يمثل العامل الأهم الذي عمل ولايزال يعمل على صياغة العلاقة بين المنطقة العربية والغرب الذي لايمكن فصل توجهاته المختلفة وخاصة الاقتصادية والسياسية منها منذ البدايات الاولى لمرحلة الاستعمار الحديث في القرن التاسع عشر عن واقع الحياة العربية، وكان الهدف من هذا الكتاب هو الوقوف على ملامح تكوين الهوية العمرانية للمنطقة العربية من خلال تأثيرات الاستشراق وما لهذه الملامح من ارتباطات بتطور الفكر العربي ضمن الانتاج الأدبي والفني .ومن هنا برزت أهمية القراءة التحليلية للثنائية الأكثر تعقيدا ضمن الرؤية المجتمعية لمفهوم الهوية وهي ثنائية (الأنا –الآخر).
لقد كانت العمارة العربية انعكاساً واضحاً لكل التغيرات التي أحدثها الغرب، فإذا نظرنا مثلاً إلى بدايات الاستعمار، نجد أن فكرة المعارض الدولية كانت تمثل صورة واضحة لعلاقة المستعمر الغربي مع الشعوب التي تم إخضاعها. لقد كانت عمارة الأجنحة العربية في معارض لندن وباريس وشيكاغو وغيرها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وما رافقها من إعلام غربي، تمثل غياب القدرة العربية عن رؤية ذاتها بشكل يخرج عما يرسمه الآخر(الغرب).
عندما بدأت حركات التحرر الوطني والتطور المعرفي العربية تأخذ دورها في مطلع القرن العشرين، نجد أن هذه الصورة عن الذات العربية التابعة بقيت ضمن هذا الإطار حتى عند بعض المفكرين والأدباء الرواد، ولم تستطع أن تقدم طرحاً فكرياً بديلاً عن الغرب، فعلى سبيل المثال ما قاله توفيق الحكيم في رسالته التي وجهها إلى طه حسين في العام 1933 ويتحدث فيها عن الجمال العربي والجمال الفرعوني يقول: «أنستطيع أن نتخيل العرب تبني الأهرام أو تقدر فيها جمالاً؟ الفن العربي القديم فن إنساني دنيوي، والفن المصري القديم فن إلهي ديني .». عندما نقارن هذا التوجه الفكري العربي مع الطرح المعماري الغربي السابق لذلك بما يسمى (Egyptian Revival)، نجد أن هناك تأثيراً واضحاً للفكر الغربي على الطرح الفكري العربي. حتى عندما أراد العرب صياغة رمز للتحرر خاص بهم في تصميم ضريح سعد زغلول، كان النموذج الذي تم اختياره ذا مرجعية فرعونية، حيث كان تصميم الضريح يشبه المعابد الفرعونية بأعمدتها الضخمة وأسقفها المتعددة المستويات.
إضافة إلى ما سبق، فإن طرزا معماريا مثل (neo-gothic, neo-classic)، الذي انتشر في المنطقة العربية كطرز بديلة عن التراث وكرمز للتحضر نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين مثل ما نجده في مسجد الحسين بالقاهرة مثلا، لم تكن بإرادة غربية فقط، وإنما باستقبال عربي، ذلك أن أديبا ومفكراً مثل طه حسين عندما يدعو إلى تبني الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر في استلهام العقلانية اليونانية لا يمكن فهم طروحاته بمعزل عن هذه التأثيرات.
وبعد مرحلة التحرر من الاستعمار في منتصف القرن العشرين، كانت توجهات العالم العربي نحو الحرية والاستقلال تتزامن في غالبها مع تبني النموذج الغربي في العمارة والتحضر. كما أن بناء المؤسسات لم يكن نموذج الثقافة العربية الإسلامية يتجاوز فيه ملامح الخطاب الديني أو السياسي في بعض الأحيان، ولكن ليس كنموذج تطبيقي وعملي في الحياة، حيث كانت الطروحات الفكرية في غالبها امتداحية تبجيلية للماضي، أو أنها في المقابل متبنية للنموذج الغربي دون إدراك لفارق التجربة والمكان والزمان. ولعل ما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته يعطي تفسيرا اجتماعيا ونفسيا لذلك، حيث يشيربلغة عصره الى أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته وسائرأحواله وعوائده فيقول:
«والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقرعندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب و تشبهت به و ذلك هو الاقتداء أو لما تراه والله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا قوة بأس لم إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب تغالط أيضاً بذلك عن الغلب و هذا راجع للأول و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه ومركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها بل و في سائر أحواله وانظر ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائماً و ما ذلك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم و انظر إلى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية وجند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم حتى أنه إذا كانت أمة تجاورأخرى و لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و الاقتداء حظ كبير كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم و شاراتهم و الكثير من عوائدهم وأحوالهم حتى في رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء....».(9)
مقابل ماسبق قدم بعض المفكرين الجدد منذ النصف الثاني من القرن العشرين من أمثال إدوارد سعيد ومحمد أركون ومحمد عابد الجابري، قراءاتهم لحاجات العصر وعلاقة الأمة العربية بالآخر كمنطلق فكري تصحيحي، أقرب إلى التعامل مع جذور الإشكاليات الراهنة، في مقابل الخطاب الديني المثالي عند سيد قطب وحسن البنا من جهة التغيير الجوهري والمعتدل الوسطي- كما يصفهم ريموند بيكر في كتابه إسلام بلا خوف - عند الغزالي وغيره من جهة أخرى..
رغم ذلك كله، إلا أنه لا يمكن أن نعزل تأثير المدرسة الغربية في بناء النمط الفكري الفلسفي عند كثير من هؤلاء المفكرين الجدد، وابتعادهم بشكل كبير عن طبيعة الثقافة التي يعيشها الشارع العربي في حياته اليومية والتي هي أقرب إلى العاطفة التي تستجيب إلى الخطاب الديني الكلاسيكي. وبالتالي فإن ما يُطرح من أفكار عند هؤلاء المفكرين الجدد وحتى الوسطيين الدينيين يبقى غالباً أسير كتبهم وندواتهم العلمية ومن يطّلع عليها، وهم قليل، ولا يحدث تغيراً يُذكر في النمط الفكري الاجتماعي السائد للثقافة العربية المعاصرة التي تشعر بالاضطهاد ويغذّيها فكر الصراع مع الآخر الذي لا يجد ملاذا لاحتوائه إلا في الخطاب الديني الكلاسيكي، وهذا ما أشار اليه أركون في كتابه قضايا في نقد العقل الديني.
في موازاة هذه التوجهات الفكرية العربية وما يرافقها من حركات أدبية وفنية، تكاد الطروحات الفكرية ذات البعد الثقافي عند المعماريين العرب تنعدم، وكأنها في معزل عن الثقافة، وعليه فإننا إذا ما قارنا المعماري العربي - شأنه شأن أي معماري- فنان ومهندس في آن واحد، نجد أن هذا المبدع إذا ما قارنّاه مع غيره من المبدعين العرب في مجال الادب أو الفنون الجميلة نجده في بُعدٍ كبير عن التعامل مع قضايا الثقافة، وعمله في الغالب فردي تشكيلي يعبّر رؤية جمالية ذاتية، وهذا يعود إلى أسباب عدة أهمها طبيعة التدريس الجامعي للعمارة الذي يعمق مفاهيم الأنا والفردية متأثرا بالنماذج المعمارية الاكاديمية في الغرب . وهو ما يربطنا مرة اخرى مع السبب الاصيل الذي تمت الاشارة اليه في معرض مناقشة التحديات المعيشية وهو تغير آلية انتاج العمارة عالميا بسبب المتطلبات المعرفية المتصلة بعصر المكننة أو الالة التي حلت مكان الحرفة وانتقال ذلك الى العالم العربي.
بناء على ما سبق نجد أنه عند تحليل التوجهات المعمارية في العالم العربي اليوم في ضوء رؤية الذات مقابل الاخر تظهر أن الجانب الفكري الموازي للانتاج المادي قليل جدا ولا يعبر عن مخزون معرفي ينظّر لانتاج معماري فكري، ولكن مع ذلك فان ظاهره المادي والتكويني يوحي بمرجعياته الفكرية وهنا يمكن الخروج في هذا التحليل عن الاطار الذي اشار اليه ابن خلدون حول تقليد الامم الضعيفة للامم القوية وقد يكون هذا المنعطف النفسي الاجتماعي يظهر حالة متقدمة من التعقيد الاجتماعي والنفسي الذي وصلت اليه الإشكالية المعرفية في المنطقة العربية .
التوجهات المعمارية الرئيسية في العالم العربي في ضوء علاقتها بالاخر كما تم ذكرها في كتاب الاستشراق في العمارة العربية هي:
1 - مفاهيم الحداثة.... (الرؤية المركزية الغربية): وهي تعتمد على ايجاد تكوين معماري يكون فيه الفراغ الداخلي والتشكيل الخارجي منتميا الى طراز غربي منفصل عن المحتوى الثقافي للبيئة المحيطة .
2 - الرومانسية والانعزال: وهــــــي تعتمد على ايجاد تكوين معمـــــاري يعيد بناء نماذج تقليدية بصورة كاملة، وقد يكون ضمن آلية البناء أكثر من كونه ضمن نفس العناصر
3 - الانتقائية التلقيطية: وهي تعتمد على إيجاد تكوين معماري يكون فيه الفراغ الداخلي منتميا إلى (العمارة الاسلامية) وكذلك التشكيل الخارجي ولكن ضمن أسلوب تلقيطي انتقائي للعناصر المعمارية من أماكن وفترات زمنية مختلفة إما من خلال نسخها أو تجريدها
4 - الازدواجية والتناقض: وهي تعتمد على إيجاد تكوين معماري يكون فيه الفراغ الداخلي منتميا الى طراز غربي (العمارة الاسلامية) بأسلوب تجريدي أو منسوخ وهو يعتبر تطورا للانتقائية التلقيطية التي استخدمت في عمارة المعارض الدولية في القرن التاسـع عشر
5 - التفكيكية التحليلية: وهي تعتمد على إيجاد تكوين معماري يتراوح بين مجرد تحليل لعناصر البناء بأسلوب فراغي،عملية تحطيم وتفكيك لهذه العناصر، ومن ثم يكون الفراغ الناتج تغيب فيه الملامح الواضحة (للعمارة الاسلامية) أوحتى الطرز الغربية(10).
وكما نلاحظ فإن التوجهات المعمارية في العالم العربي تتراوح بين كونها في مرحلة انقياد للنموذج الغربي، أو تحاول التعامل معه بحذر أو تسعى نحو الانقطاع عنه. وهنا فإن معظم تلك المحاولات التي رغبت في التخلي عن النموذج الغربي والانقطاع عنه تحت عدة مسميات منها(العمارة الاسلامية) كتوجه لإحياء الماضي البعيد أو القريب تحاول أن تطرح ولو بصورة غير مباشرة السؤال التالي: هل يكمن الحل في التعبير عن الهوية في التخلي عن الآلة مقابل الحرفة ولو شكليا من أجل تجاوز هذه الإشكالية ولو جزئيا ؟ وهنا قد يبدو هذا السؤال والطرح سطحيا ومباشرا لكن جزءا غير قليل من ردود الفعل الثقافية والاجتماعية التي عاشها ويعيشها العالم العربي والتي دعت الى التعلق بالماضي في بعض أشكاله وصوره بل وأفكاره متغنية ب(nostalgia) الماضي هي في حقيقتها الإسقاط النفسي الذي بلغ تطوره ضمن العديد من المجتمعات العربية المقهورة والضعيفة في واقعها الى درجة ظهور تيارات لها تنظيراتها الايديولوجية القومية او الدينية والتي ما زال بعضها حاضرا بقوة على المستوى الفكري ليعكس الحاجة النفسية للمجتمعات العربية المعاصرة لحضور الماضي ضمن الحاضر من أجل حماية الذات وتكوين صورة قوية وجميلة للهوية المطلوبة التي هي في حقيقيتها لا تعكس الواقع المعاش.
لقد كانت عمارة الأجنحة العربية ضمن المعارض الدولية –كما أشرتا سابقا- منذ بدايتها في (CRYSTAL PALACE ) عام 1851 م وما أعقبه من معارض دولية وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين، وبغض النظر عن القوى الفاعلة في إنتاج النماذج المعمارية، تمثل التغيرات التي مرت بها الذات العربية خلال هذا التاريخ حيث بقيت الهوية العربية الواضحة المعالم والمعبرة عن رؤيتها لذاتها الفكرية ومستقبلها متحيرة ومترددة وتعكس إشكالية معرفية وثقافية عميقة . ومن الجدير بالذكر فإن هذه الاشكالية أخذت صورتها الأعمق في فترة الطفرة الاقتصادية الأخيرة التي بلغت أوجها في السنوات الاولى من القرن الحادي والعشرين حتى عام 2008م عندما بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكست على المنطقة العربية بفعل العولمة الذي أخذت تؤثرفي الحياة الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية بشكل كبير، وانعكست كذلك على البيئة من خلال التوسع العمراني الكبير وخصوصا بواسطة المشاريع العقارية والاستثمارية الكبرى.
وهنا من المهم الإشارة الى المدى الذي بلغه تأثير الطفرة الاقتصادية الأخيرة على البيئة العمرانية في المنطقة العربية، الذي تجاوز حدود الاعتبارات الاجتماعية و التأثيرات البيئية بفعل التوجهات الاستثمارية حتى إن اثرها كان على المستوى الانساني العام وهذا ما اشارت إليه عدة دراسات، ففي مقالة بعنوان عمارة الإنسان وإنسانية العمارة- تعليق على هامش الحرية نشرت في مجلة البناء قبل عدة سنوات تمت الاشارة إلى أنه وفي خضم هذا التضخم العمراني الكبير الذي شهده العالم العربي بفعل الطفرة الاقتصادية الأخيرة الناتجة بشكل رئيسي عن ارتفاع أسعار النفط وما رافقها من تغيرات سياسية عالمية وإقليمية أصبحت التوجهات العمرانية في سباق نحو تقديم الكم الكبير من المباني والمشاريع الاستثمارية الكبرى ذات التميز في الشكل ومستوى الرفاهية والتجديد في إطار من الغرابة بغض النظر عن التبعات الأخرى المترتبة على ذلك من حيث مفاهيم البيئة والاستدامة والثقافة التي لا تأخذ أهمية مناسبة في هذه التوجهات. وفي ذلك كله لعبت الشركات الاستثمارية من جهة والتوجهات السياسية العامة من جهة أخرى الدور الأساسي في تحديد معالم المستقبل للعمارة العربية المعاصرة.
إن ما تم إنتاجه خلال السنوات القليلة الماضية ضمن البيئة العمرانية العربية يفوق ما تم إنتاجه في عشرات من السنوات السابقة وكأن هناك سباقا مع الزمن او محاولة للحاق بالأمم الأخرى في مجال التحضر. وأيا كان السبب فإن هذا التوجه كان من الممكن تبريره وتحديد أهميته بل وضرورته, ولكن في مقابل ذلك كله كان يجدر بنا أن نسأل أنفسنا لمن نصنع ونبني كل هذا البنيان؟ وهنا قد يكون الجواب مباشرا وهو أن هذا كله للإنسان. لكن السؤال الأهم من ذلك والمترتب عليه في آن واحد هو هل العمارة التي تبنى للإنسان اليوم إنسانية؟!!! بمعنى آخر ما هو المجال المتاح للإنسان اليوم ليعبر فيه عن خصوصيته الثقافية والاجتماعية والبيئية من خلال العمارة والذي يمكن أن نطلق عليه هامش الحرية؟.
إن القراءة السابقة التي أشرنا اليها حول المنطقة العربية حيث كانت المجتمعات العربية الناشئة تبحث عن هويتها بعد حركات التحرر من الاستعمار الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين لتجدها في صور مشوهة لما اعتبره الغرب نموذجاً لا يصلح لأن يعمم على مجتمعه حيث أعادت هذه المجتمعات العربية استنساخ نماذج من العمارة العالمية الطراز وأصبحت رمزاً لها في تلك الفترة ومثل ذلك بالنسبة للمدينة العربية التقليدية التي تم تقطيع أوصالها وخلخلة نسيجها المتماسك، وذلك ضمن مرحلة الاستعمار ابتداء وضمن مرحلة التحرر انتهاء وذلك بدعوى التحديث، ولعل ما تعيشه بعض المدن العربية القديمة أمثلة حية لقصة معاناة الإنسان العربي بشكل عام في بيئته العمرانية، وهكذا انتقلت معاناة العمارة العربية ومن ثم المدينة العربية من الاستعمار المادي المباشر إلى الاستلاب الفكري غير المباشر. ومن ثم ظهرت كثير من الدعوات المعمارية في العالم العربي نحو التراث والمحافظة على الهوية والعمارة المحلية ورغم بعض التجارب الصادقة في هذا التوجه إلا أن إنسانية الإنسان العربي وهويته ولكن هذه المرة على المستوى الفردي تم اختراقها من قبل الشركات التي أنشات المشاريع السكنية والسياحية الكبرى والمدن ضمن رؤية فردية مسبقة وبهوية عمرانية محددة سابقا سواء بتوجه نحو التحديث أو بصورة تحاكي الماضي ولكن بصورة ذات طابع في غالبه استهلاكي استشراقي من جهة يبحث عن غرائبية حياة الماضي من خلال صور مرتبطة به وهي بهذا تعكس اضطرابا نفسيا يعيشه الانسان العربي فالماضي هو ذلك الغلاف المعرفي القوي الذي يحتمي بها الإنسان العربي من الواقع الذي لا يريده من جهة كما انه يمثل انفصاما لحياة تسعى الى التحديث ولكنها في نفس الوقت تسوق هذا الماضي سياحيا كونه يلقى إقبالا استهلاكيا محليا وعالميا رغم انفصال ذلك كله عن محيطه العمراني معيشيا ومعرفيا.
ان الثمن الذي دفعه الانسان العربي بفعل العولمة كان هذه المرة أكبر بكثير مما سبق، ذلك أن التوجهات السياسية العامة للدولة العربية المعاصرة عموما وضمن المستويات التخطيطية والعمرانية خصوصا قد رسخت سلطة التوجهات الاقتصادية ومن صورها الشركات الاستثمارية بحيث لم تدع للإنسان مجالا من الحرية ليتعامل فيه مع بيئته وليعبر عن خصوصيته وثقافته التي تجري عولمتها، وعليه لم يعد لهذا الإنسان هامش ليرمم بيئته المتبقية وهكذا اصبح معظم ما تم إنتاجه في بيئتنا العمرانية لا مجال فيه للتعبير عن الذات إلا ضمن أطر محددة مسبقا من خلال الشركات الاستثمارية صغيرة كانت أم كبيرة أو من خلال توجهات سياسية عامة،وهنا كانت النتيجة مبهرة للوهلة الأولى أو معبرة عن تطورعمارة الإنسان ولكنها لا تنسجم في توجهها العام وطرحها المعرفي مع إنسانية العمارة ابتداء وخصوصية الانسان العربي الاجتماعية والثقافية انتهاء(11).إن المفهوم المعرفي لعلاقة المجتمع بالدولة في المنطقة العربية (وذلك في عدد غير قليل من الدول) قد تغير في إطاره العام بفعل الطفرة الاقتصادية والعولمة ونعكس على النواحي الاجتماعية والثقافية والبنيوية، بسبب التوجه الاستراتيجي نحوالاستثمار الاقتصادي وهو ما يسمى بالمدينة الشركة التي تمتلك مشاريع استثمارية تكون هي محور أولوياتها التنموية من الناحية العملية بما قد لا يكون منسجما مع بنية المجتمع وثقافته(12).
مستقبل العمارة العربية و ضرورة بناء نظرية معرفية
في ضوء كل ما سبق من تحليل ومناقشة للتطورات التاريخية للمنطقة وعلاقة ذلك بالتوجهات المعمارية و بالفكر المعبر عن الهوية يظهر حجم الإشكالية التي تواجه مستقبل العمارة العربية في إطار البعد المعرفي.
حيث يظهر وبشكل واضح أن من أهم انعكاسات التحديات المعرفية التي تواجه المجتمعات العربية المعاصرة هو عدم وضوح مفهوم الهوية الثقافية المعاصرة وعلاقة ذلك بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وارتباط ذلك بالعولمة ودور الغرب (الآخر) في صياغة هذا المفهوم.ولعل النقاشات الثقافية التي تزامنت وأعقبت الحركات الشعبية الكبيرة في المنطقة العربية منذ مطلع عام 2011 والتي طرحت من خلالها عدة تساؤلات حول شكل هذه الهوية وطبيعتها هو دليل على حجم هذه الاشكالية.
لم يعد بوسع البيئة العمرانية العربية اليوم أن تستمر في ايجاد مدن بلا هوية كما حدث في كثير من المدن العربية التي سعت إلى التميز بخلق مدن بلا سكان، واستعارت أشكالا وأنماطا عمرانية لا ترتبط بثقافة المكان، ومن ثم استهلكت الموارد الطبيعة بلا رحمة لإعاشة هذه المدن التي أصبحت كلفتها التشغيلية هائلة، لأنها لا تستجيب للبيئة، بل تتعارض معها، مما أدى إلى مزيد من التلوث، وتفاقم مشكلة الاحتباس الحراري، وظهور التفكك الاجتماعي والانعزال الثقافي، إلى غير ذلك من آثار سلبية أفرزتها مظاهر العولمة.
في ضوء ما سبق، لا بد من وضع استراتيجية بعيدة المدى للعمران في العالم العربي، تقوم على التواصل مع حاجات المجتمع وثقافته ومتطلبات البيئة المحيطة وتراعي خصوصية كل منطقة، وهنا يأتي دور التعليم في تعزيز مفاهيم الثقافة والبيئة حيث ينبغي على المفكرين والعلماء المجددين أن يأخذوا دورهم خارج كتبهم، ليشكّلوا فكراً ورأياً عاماً من خلال المؤسسات التعليمية ومن خلال الحوار مع المجتمع بكل فئاته على اختلافها، بحيث تُستثمر هذه الجهود العظيمة التي يبذلونها كلّ في مجاله، بهدف إعادة بناء الفكر على أسس علمية تحترم البيئة، وتتعامل مع الواقع برؤية نقدية واعية، كما تتعامل مع الآخر بإيجابية وحوار هادف متجاوزة مرحلة الانقياد او الانقطاع، وتمتلك في ذلك كله فقه المرحلة وشروطها، وتميز بين ما هو واجب وما هو ممكن، وتحدد الأولويات ومنهجيات التطبيق.فلا يبقى مجال بعد اليوم لجلد الذات بكاء على الأطلال، أو اللهاث وراء تجارب الآخرين البراقة دون إدراك كامل لخصوصيتها. هذا التوجه سيسهم في تطوير الخطاب الثقافي العربي، وسيفرز جيلا نخبويا في مختلف الفئات والتخصصات يضم معماريين ومخططين قادرين على تجاوز مشاكل المدينة العربية المعاصرة المختلفة، ومنها أزمة الهوية في البيئة العمرانية، كما يسهمون في تشكيل معالم مستقبل هذه المدينة بإرادة واعية وفاعلة تتجاوزالوقوف عند ثنائية الأنا والاخر التي قيدت الفكر العربي بتاثير الاستشراق، كما تتجاوزضياع الذات بسبب متطلبات العولمة.
هذا بالنسبة للمستقبل، أما اليوم، فلابد من ايجاد توجه معرفي للنقد والفكر المعماري العربي، بحيث يضم هذا التوجه كافة الفئات المؤثرة في انتاج البيئة العمرانية ماديا ومعرفيا لتشمل بذلك معماريين ومهندسين وأطباء وعلماء اجتماع وفقهاء ومخططين وسياسيين ومعلمين وأدباء ومفكرين وفنانين وغيرهم، لأن اشتراك كل هؤلاء في متابعة وتقويم ما يتم إنتاجه في البيئة على مستوى البناء الواحد وعلى مستوى تخطيط المدن هو السبيل الأول لتكوين ثقافة عربية ترتبط فيها العوامل المختلفة التي تشكل بيئتنا وتحدد معالم ثقافتنا المعاشة. إن وجود رؤية ثقافية عربية ومشروع ثقافي عربي معاصر بمفهومه الاجتماعي، هو ما نحتاج إلى إنتاجه وبلورته اليوم، فلا جدوى من أن نبني دون فكر أو ثقافة مرتبطة بالمجتمع، ودون أسس علمية تحترم البيئة والإنسان.
بهذا يمكن لنا أن نتجاوز الإشكاليات المعرفية التي تواجه البيئة المبنية في منطقتنا العربية والتي من أهم مظاهرها كما ذكر سابقا تلك التوجهات الابوية في انتاج عمارة لا تنتمي الى محتواها، ومشكلة الرؤية الفردية في التعبير عن الهوية وذلك سواء لكل من نظر إلى الماضي وأراد إحياءه في غير زمنه، ومن نظر إلى الآخر وأراد تقليده دون إدراك لخصوصيته الثقافية مكانا وزمانا.
إن بناء فكر معماري عربي في ضوء ما سبق سيسهم في بناء نظرية معرفية للعمارة العربية المعاصرة، حيث أن بناء هذه النظرية اليوم هو الضمان الوحيد، كما أرى، لتجاوز أزمة غياب رؤية اجتماعية واضحة تفهم الذات العربية وتلبي حاجاتها وتطلعاتها حتى تتمكن من التعبير عن جوهرها متخطية بذلك تلك التحديات المعرفية التي تعيق تطورها وازدهارها.
الهوامش والمراجع
1 - اشارت مقالة بعنوان(Why Middle East Studies Missed the Arab Sprig)للباحث (Gregory GauseIII) ضمن العدد الرابع لعام 2011 لمجلة (Foreign Affairs) الى ان النظريات التي تبنتها الدراسات الغربية السابقة حول المنطقة العربية كانت تنظر الى العوامل السياسية والاقتصادية بشكل اساسي لتفسير الاستقرار للدول في المنطقة العربية،لكن كل هذه التحليلات لم تستطع ان تتنبأ بالتحول الكبير الذي حدث في عام 2011م من حيث التحولات الكبرى والثورات التي شهدها العالم العربي بصورة انتشرت ضمن اكثر من دولة مما يعزز وجود ترابط في الهوية او مايسمى(cross boarder Arab identity). وتوفوقها على العوامل الاخرى مما يتطلب اعادة النظر في النظريات السابقة لعلماء الاجتماع الغربيين في هذا الخصوص.
2 - يشيرالمعمار رفعة الجادرجي في كتابه (في سببية وجدلية العمارة ) الى ان التغيرات التي طرأت على المجتمعات بفعل المكننة من حيث تعدد المرجعيات في تقييم المنتج .بمعنى ان دور الرقيب على المنتج كان في المجتمع التقليدي هم نفسهم افراد المجتمع نظرا لوجود مرجعية واحدة .لكن ذلك لم يعد ممكنا في المجتمع المعاصر بسبب استقلال الرؤيوي والمعمار الاكاديمي عن المجتمع بحيث اصبح هناك حرية التشخص والتفرد وبالتالي لم تعد هناك مرجعية مشتركة مما استدعى استحداث لوظيفة الناقد كوسيلة لازالة الفجوة والالتباس بين المنتج والمتلقي .
3 - تم دراسة موضوع تعليم العمارة في العالم العربي من خلال ورشة عمل متخصصة تحت عنوان تعليم العمارة في الوطن العربي عام 2006 حيث اشارت عدة اوراق عمل الى اشكاليات منهجية فضلا عن غياب بعض القضايا المتعلقة بالبيئة والثقافة عن المواد التي يتم تدريسها في اقسام العمارة ،كما ان هناك دراسة لاحقة تم الاعداد لها في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الاردن حول علاقة التعليم الجامعي بممارسة المهنة والفجوات التي يجب معالجتها من اجل ايجاد ترابط واضح بين ما يتم تدريسه وبين الواقع العملي لممارسة المهنة .
4 -في مقالة بعنوان (المدن العربية في الطريق نحو حياة حضرية افضل) والتي نشرت بتاريخ 24/10/2010 في الموقع الاكتروني لبرنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية(الموئل)http://www.unhabitat.org.jo ، يشير (دانيال بيو بيونيو) الى التطورات التي شهدتها المدن العربية من النواحي المختلفة وارتباط ذلك بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية واتباط ذلك بالنمو السكاني والتحديات التي تواجه المدن العربية من حيث العولمة والتلوث كما يشيرالى ضرورة ان تكون الدراسات حول الدن العربية اكثر موضوعية في تقييمها لهذه المدن.
5 - ارجع الى برنامج الامم المتحدة الانمائي - تقرير التنمية البشرية 2010.
6 - ارجع الى برنامج الامم المتحدة الانمائي - تقرير التنمية البشرية 2010.
7 - ارجع الى الفصل الثالث والاربعين من مقدمة ابن خلدون
8 - هناك مجموعة من الدراسات والمقالات تم نشرها خلال السنوات القليلة الماضية صدر بعضها في مجلة البناء ومجلة المستقبل العربي تناولت قضايا متعلقة بالهوية العمرانية في ضوء التغيرات التي تعرضت لها المنطقة العربية ضمن فترة الطفرة الاقتصادية التي شهدها العالم العربي خصوصا مطلع القرن الحادي والعشرين.
9 -ارجع الى الفصل الثالث و العشرين من مقدمة ابن خلدون.
10 -ارجع الى الجزء الثالث من كتاب الاستشراق في العمارة العربية –إشكالية بناء الفكر والهوية، الطبعة الاولى عام 2009 للمعمار رائد ارناؤوط
11 -هناك مجموعة من الدراسات والمقالات تم نشرها خلال السنوات القليلة الماضية صدر بعضها في مجلة البناء تناولت قضايا متعلقة بالهوية العمرانية في ضوء التغيرات التي تعرضت لها المنطقة العربية ضمن فترة الطفرة الاقتصادية التي شهدها العالم العربي خصوصا مطلع القرن الحادي والعشرين.ارجع الى الاعداد 203،183.
12 -تم مناقشة مفهوم المدينة الشركة بشكل موسع واثر في ضوء التغيرات التي تشهدها مدينة دبي في فترة الطفرة الاقتصادية وذلك ضمن مقالة عبد الخالق عبد الله في مجلة المستقبل العربي،العدد 323 عام 2006م.
المراجع:
Gregory GauseI ،مقالة بعنوان(Why Middle East Studies Missed the Arab Sprig)،مجلة (Foreign Affairs)،July/August 2011.volume90.number 4
- اشراف المعمار رهيف فياض رئيس ،ورشة عمل متخصصة تحت عنوان تعليم العمارة في الوطن العربي (بيروت-23 -25 آذار 2006)،هيئة المعماريين العرب،بيروت،2006.
-رائد ارناؤوط ،الاستشراق في العمارة العربية اشكالية بناء الفكر والهوية –قراءة نقدية في التاريخ الحديث والمعاصر(1750-2009)،الطبعة الاولى،دار المأمون، عمان الاردن،2009.
- تحقيق وتقديم علي عبد الواحد وافي ،مقدمة ابن خلدون ،مكتبة الاسرة،القاهرة، 2006.
- رفعة الجادرجي ،في سببية وجدلية العمارة، الطبعة الاولى ،مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت -2006
- عبد الخالق عبد الله ،(دبي:رحاة مدينة عربية من المحلية اى العالمية)،مجلة المستقبل العربي ، ،العدد 323 عام 2006م.
- مجموعة من المقالات -مجلة البناء- الاعداد 203،183
http://www.unhabitat.org.jo