فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
21

التراث الشعبي الأردني معاجم ودراسات ومؤتمرات

العدد 21 - جديد النشر
التراث الشعبي الأردني معاجم ودراسات ومؤتمرات
كاتبة من مصر

نعرض في هذا العدد لمجموعة من الدراسات تعكس بعض الإنتاج الفكري لحركة التراث  الشعبي بالأردن. وقد تمحورت هذه الدراسات حول التراث الشعبي الأردني بصفة عامة، والأدب الشعبي بصفة خاصة. وقد تميزت هذه المجموعة بتنوع في منهج النشر والبحث، ما بين الكتاب ذو الفصول والأبواب، والموسوعات ذات الترتيب الهجائي، وأبحاث المؤتمرات المجمعة. والأعمال المرتبطة بأحد الأعلام ويُعد الملف الأردني هو الملف الثاني في منطقة الشام بعد أن عرضنا لملف سوريا منذ ثلاثة أعوام تقريباً (في العدد التاسع من هذه المجلة). ونعترف أن هذا قليل جداً على منطقة الشام الغنية بالتراث الشعبي. لذلك نعد أننا سنحاول إعداد الملف الفلسطيني في العدد القادم ثم الملف اللبناني لاحقاً إنشاء الله. أما الأردن فقد أبحرنا خلالها في عالم الأمثال الشعبية، والشعر النبطي الأردني، ومعاجم الألفاظ، والتنوع الثقافي، والتاريخ الشفهي، غير أننا سنبدأ بكتاب هو معلمة بحق كما جاء في عنوانه.

 معلمة للتراث الأردني

آثرت أن ابدأ الملف الأردني بهذا العمل الموسوعي الضخم لعدة أسباب أولها أنه يحتفي بعَلم من أعلام الأردن في مجال التراث الشعبي الأردني وهو روكسي بن زائد العزيزي (1903- 2004) الذي عاش 101 عاماً وعرف بجهده الموسع في جمع وتوثيق التراث الأردني في العديد من المجالات، وله أكثر من أربعين مؤلف. أما السبب الثاني فيعود لأن الكتاب يحوي عشرات الموضوعات المتعلقة بالتراث الشعبي الأردني،


وإن غلب عليها الأدب الشعبي الذي هو ثيمة هذا الملف عامة. والكتاب يحمل عنوان «مَعْلَمة للتراث الأردني» ويقع في خمسة مجلدات كبرى، وهو الطبعة الثانية التي أصدرتها وزارة الثقافة الأردنية عام 2012 بعد مراجعة بعض التكرارت وحذف بعض الموضوعات البعيدة عن التراث الأردني، وإعداد الهوامش في مكانها من الصفحة. ومن ثم فإننا أمام مجموعة أعمال كاملة لمؤلف له باع في هذا المجال، ويجب توجيه التحية لوزارة الثقافة الأردنية لتصديها لإصدار هذا العمل الذي يجب أن تسير على منواله وزارات الثقافة النظيرة في البلاد العربية، وإن كانت التجربة المصرية لها باع في هذا المضمار حيث تم نشر الأعمال الكاملة لرائدين في التراث الشعبي العربي هما الدكتور عبد الحميد يونس والأستاذ أحمد رشدي صالح. نعود للمعلمة التي يؤثر المؤلف أن يطلقها على الكتاب بدلاً من مصطلح «موسوعة» أو «دائرة معارف» اعترافاً بفضل أستاذه العَلامة أنستاس ماري الكرملي صاحب هذا الاصطلاح. وقد قسم العزيزي معلمته إلى خمسة أقسام في خمسة مجلدات، تناول القسم الأول موضوع «الأسماء والحكم ومناسباتها وحكاياتها وقصصها» موضحاً قيمة الأمثال في دراسة حياة الشعب وعقليته، ومن ثم كان المؤلف حريصاً على توثيق المثل كما ورد على أفواه الجماعة الشعبية مهما كانت الألفاظ الواردة به، وقد فرق بين الأمثال المرتبطة ببيئة محدودة في مدينة أو إقليم والأمثال المرتبطة بكافة طبقات الشعب والتي قد تتجاوز عدة مناطق عربية. وعلى هذا النحو قدم لنا موسوعة للأمثال مرتبة هجائياً أورد تحت كل مثل شرحاً للمعنى وللمفردات، وقصة المثل إن وجدت، ومضرب المثل، والسياق الذي يردد فيه، ومن ثم فقد نجد أمثالاً لا تحتمل سوى ذكر مضربها فقط في كلمات قليلة مثل:

إلرزق في النطات: مثل يضرب في أن العمل يأتي بالرزق وهناك أمثال أخرى يتبعها المؤلف بشروح وحكايات مثل: كل شيء محسوب احسابه غير ان تخدم اكلابه، ويروى: كل شي حسبنا احسابه غير الدق ع بابه. وهما مثلان يضربان في وقوع ما لم يكن يتصور حدوثه، ويفرد المؤلف لحكاية المثل والأشعار والحكم المرتبطة به. أما القسم الثاني من المعلمة فقد خصصها العزيزي للأسمار والحكايات والألغاز التي يسميها البدو (الفتاوي). والأسمار جمع سمر وهو الحديث في الليل، وهو غير السامر الراقص، غير أن المؤلف استرسل في شرح السامر الراقص دون أن يعرف الأسمار التي نستنتج من الكتاب أنها أحد أشكال الحكايات اليومية وأطلق عليها اسم «تعليلة»، وقد سجل منها 40 تعليلة باللهجة المحلية للرواة شارحاً للمفردات المستغلقة. وأعطى لكل منها عنوان مثل: تسامح وكرم- الدخيل- بين نارين- وشاية- الغيرة..إلخ. وقد احتلت تلك الأسمار ثلثي هذا القسم تقريباً. ثم عرض المؤلف بعد ذلك لأسماء الأعلام التي وردت في تلك الأسمار مشيراً للدرس الاجتماعي المستفاد من كل منها. لينتقل بنا إلى موضوع جديد في هذا القسم وهو الآداب الاجتماعية التي كانت مرعية في الأردن كالآداب بين الزوجين والأهل والأبناء، وآداب الضيافة، والأكل، والقهوة، والطنيب، والحديث، وآداب العونة (التعاون)، والمجالسة، وآداب المرافقة في السفر، والمشاركة، وأداب التعليلة التي يصفها المؤلف بأنها سهرة المحبين تتم عادة بين فتى وفتاة غير متزوجة، فالشاب يقعد خارج الخباء ويحدث الفتاة عن بطولاته ويطري جمال حبيبته والويل له إذا قبلها، فإنه يغرم غرامات باهظة، وتفخر البدويات بكثرة الذين تعللوا معهن، على نقيض ذلك تشعر الفتاة بالحقارة إذا لم يلتفت إليها أحد. كما يفرد المؤلف قاموسا صغيرا تحت اسم المغمز أو الكنايات المتداولة في المأثورات القولية الأردنية، مثال: إبن عيلة: كناية عن الوجيه- إيده خفيفة: كناية عن السارق الحاذق- راديو جديد: كناية عن الثرثار- نشفت ريقه: كناية عمن لقي أشد الأهوال. وأنهى المؤلف كتابه بفصل قصير حول ألعاب الأطفال بداية من سن 15 سنة حتى سن 40 سنة. غير أننا لم نجد في هذا القسم نماذج من الألغاز التي وعدنا بها المؤلف في المقدمة. أما القسم الثالث فقد تناول فيه المؤلف عدة موضوعات في التراث الشعبي في العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية بدأها بباب حول القضاء العرفي بعنوان «أنظمة البادية وحقوقها» تناول فيه قيمة القضاة الاجتماعية وترتيب مكانتهم القضائية، حيث عرض للدعاوي القضائية وتصنيفها، ومراحل المطالبة، وإقامة الدعاوي الحقوقية، وموعد النظر فيها والشهود. ثم انتقل لوسائل الإثبات والمزارات وأنواع العطوة، وجرائم العرض الكبرى، وبعض الحقوق المتفرقة، منتهياً بالقضايا الحقوقية ومعالجتها. ثم تناول العزيزي مجموعة أخرى من الموضوعات المتعلقة بالعادات والتقاليد الأردنية، حيث سجل بعض العادات المرتبطة بالأفراح كعقد الزواج، واحتفالية الزفاف والنقوط، كما عرض لعادات الوفاة المرتبطة بالنواح والمعيد والندب والرثاء، ثم العادات المرتبطة بالجركس وأصولهم، ثم الذبائح وأنواعها، وتوصيف بيوت الأرادنة وتطور ملابسهم، والمعارف المرتبطة بالطب الشعبي، منهياً هذا القسم بباب حول أوابد الجاهليين وأوابد الأرادنة والوشم. أما القسم الرابع من المعلمة فقد خصصه العزيزي لثلاثة موضوعات مختلفة، الأول عرض فيه للشعر الشعبي والشعراء الشعبيين أمثال: سالم القنصل، وجميل ابو العثم، وسالم الفلاح الشاهين، وعبدالله العكشة، وابو الكباير، وعبدالله اللوزي، وسلامة الغيشان. ثم خصص فصلاً حول بعض الأشعار مجهولة المؤلف. أما الموضوع الثاني فقد تناول فيه موضوع الخيل ونشأتها وتدجينها وكراماتها متناولاً أصول بيع الخيل الأصيلة والمعاني والرموز المرتبطة بالخيل، والخيل في الديار الأردنية. أما الموضوع الثالث فقد خصصه للأرادنة ومعارفهم حول الأنواء أتبعه بباب اشتمل اصطلاحات الفلاحة والزراعة عند الأرادنة. أما القسم الخامس والأخير من معلمة التراث الأردني فهو عبارة عن معجم قيم اشتمل على شرح وتأصيل للألفاظ الأردنية مرتبة هجائياً. وهذه التجربة قد تمت في عدة بلدان عربية منها الإمارات ومصر والجزائر.. ومن جانبنا نأمل أن تكون الفرصة مواتية لإصدار معجم موحد للألفاظ العربية. وقد أورد العزيزي المفردة الشعبية وشرح مفهومها الثقافي حسب مقصد الجماعة الشعبية، ثم شرح التأصيل اللغوي المعجمي لها من لسان العرب. وعلى هذا النحو اشتمل المعجم على مفردات خاصة بالأدوات، والأطعمة، والتعابير اليومية، والطب الشعبي، وأداب السلوك.. وكافة المفردات المستعملة في سياقها الشعبي، مثال: أفلت، وانفلت؛ انطلق فجأة، وإذا قالوا فلتان، عنوا بذلك أنه طلّق كل القيم، ولم يعد يتقيد بشيء مما يصون الأخلاق، والأنثي فلتانة، والجمع للذكور فلتانين، وللإناث فلتانات، وفلتة فجأة، وإذا قالوا ولد فلتة، عنوا بذلك أنه عبقري. وفي اللغة (أفلتني الشيء) وتفلت مني وانفلت وأفلت فلان فلاناً خلّصه، وأفلته غيره، والفلتة الفجأء. لسان العرب، مادة (ف ل ت). ونأمل لهذا العمل المتميز في طبعاته القادمة أن يسجل موضوع كل مجلد على الغلاف ليتيسر للقارئ التعرف على محتوى المجلد بيسر. ونكرر في النهاية الإشادة بوزارة الثقافة الأردنية لإصدارها هذا العمل الذي يُعد مجالاً خصباً للباحث الذي يريد التعرف على التراث الشعبي الأردني بكافة مجالاته، وهو وثيقة يفخر بها كل أردني عاشق لهذا التراث.

ألوان من التراث الشعبي

وفي إطار بحث التراث الشعبي الأردني صدر في 2011 كتاب طه الهباهبه بعنوان «ألوان من التراث الشعبي في الأردن» عن وزارة الثقافة الأردنية، ويقع الكتاب في 191 صفحة، يعرض فيه المؤلف التعريف الأولي لكلمة «تراث» كما ذكرت في بعض آيات القرآن الكريم،

 مشيراً لكونها كلمة أصيلة مستمدة من ينبوع الحضارة العربية والإسلامية، وتعني كل مايخلفه الإنسان لورثته من بعده، ويشير إلي ضرورة الحفاظ علي التراث من أجل الحفاظ علي الهوية الوطنية بشكل خاص وعلي الوحدة القومية بشكل عام، ثم يعرج إلي كلمة الثقافة في جدلية تؤكد أن مفهوم التراث (مصطلح العامة) وهو الأقدم في مخزوننا المعرفي، وهو ما ينتشر بين عامة الناس من أفكار وتجارب وخبرات، أي أمثالهم وألفاظهم وتعبيراتهم وقيمهم ومعتقداتهم وصنائعهم.

 هذا المفهوم قد تراجع الأن أمام مفهوم الثقافة الوافد إلينا من الدراسات الغربية. ثم يستعرض أهمية التراث كسلاح يواجه به الشعوب أشكال الغزو الثقافي في وقتنا الحاضر. ويشمل الكتاب العديد من الموضوعات المتفرقة حول التراث الشعبي في أربعة فصول، بدأها الهباهبه بفصل حول الحصاد متناولاً موسم الحصاد الذي يأتي عادة في أشهر الصيف، وأدوات الحصاد الرئيسية وهي اليد البشرية التي تستخدم في قلع الزرع، والمهارة التي يملكها الحصَّاد في ذلك، مع ترديد الأغاني التي تتعلق بالحصاد وطقوسه. ثم المنجل: وهو قطعة حديد على شكل علامة استفهام ويستخدم في قطع سيقان القمح أو الشعير..إلخ. ثم يتناول في الفصل الثاني المعنون «الوشم ذهب الفقراء» مفهوم الوشم والعادات والأشعار المرتبطة به. وقد عرف الأرادنة هذا اللون التراثي ومارسوه صناعة وتطبيقاً عملياً، ثم يعرض للأماكن التي يتم بها الوشم على الجسم سواء على ساعد اليد أو ظهر الكف أو بين العينين، أو الأنف، أو الشفاه..إلخ، ولكل طريقتها وأشكالها المتعددة وأدواتها. وقد أطلقوا على الوشم أسماء كثيرة أهمها: الدق- النقش أو النقرشة أو المنقرش- النكت- الخال. أما الفصل الثالث فقد خصصه المؤلف لأغاني الصيد والبحر المرتبطة بمدينة العقبة الأردنية، مسجلاً للعديد من النصوص المرتبطة برحلات البحر والممارسات المرتبطة بها كرفع الأشرعة:

ياويلا دانه دان دان   

                ياويلا دانه

والله الزمان الزمان الزمان                            خلي رماني

لنصب شراع العال                                    براسك يا فرمان

وامشي بوسط الباح

                وامسك السكان

ويقارن المؤلف بين أغاني البحر في الأردن وفلسطين ومنطقة الخليج، كما يعرض لأثر اللهجة المصرية واللهجة السعودية على أنماط الغناء عند الصيادين. أما الفصل الرابع والأخير فقد خصصه المؤلف للألعاب الشعبية الأردنية والتي يرى أنها قد تتشابه مع الكثير من البيئات العربية وغير العربية مع اختلاف بعض الألفاظ. ومن بينها ألعاب: طابة الشرايط- سبع جور- القلول أو الدواحل أو الروس أو البنور- الدحله أو الدحروج- قرد وشارة او (أنويقيسه)- الخويتمه أو الفنيجيله أو الصينيه- دق ذويب ع الغنم- حدره بدره- الشده- السيجة- سيجة المقص او القطار- الحاب- الطاب- الفنة- القلعة..إلخ. ويقدم المؤلف شرحاً لطريقة كل لعبة ومراحلها والغناء المصاحب والأدوات إن وجدت. وقد صاحب الكتاب في فصوله الأربعة العديد من الصور التوضيحية التي ساهمت في شرح المواد التراثية التي قدمها المؤلف.

 

كتابان لهاني العمد حول الأمثال والأدب الشعبي

خلال عام 2008 صدر كتابان لهاني العمد وهو من رواد التراث الشعبي الأردني، ونتصور أن الكتابين يكمل كل منهما الآخر، فالأول هو معجم مصنف للأمثال الأردنية، والثاني مجموعة دراسات متخصصة معظمها أبحاث تحليلية حول الأمثال الشعبية تفسر العديد مما جاء بالمعجم، إلى جانب بعض الدراسات حول الشعر والنكتة وألف ليلة وليلة. أما المعجم فهو  مصنف ضخم قارب السبعمائة صفحة بعنوان «الأمثال الشعبية الأردنية» صدر عن وزارة الثقافة ضمن سلسلة كتاب الشهر رقم 134. والكتاب صدرت له عدة طبعات، وفي كل مرة يضيف المؤلف الجديد، إلى أن بلغ عدد مواد هذه الطبعة 5000 خمسة آلاف مثل. 

 

 ويشير العمد إلى أن هذه الطبعة تتميز بإضافة بعض الأمثال العربية التي وردت في كتاب «ألف ليلة وليلة»، ولها ما يشبهها في الأمثال الأردنية، منها ما جاء بنصه، ومنها ما جاء التشابه في المعنى. ويضيف قوله: لعلي أتمكن من إضافة ما أورده الميداني من أمثال في كتابه «مجمع الأمثال» وأجد له نظائر في أمثالنا الشائعة في الأردن، وذلك في طبعة قادمة إنشاء الله.

ومن خلال الفهرس سنجد أن المؤلف رتب الأمثال هجائياً، وقد رقم أمثال كل حرف ترقيماً مستقلاً بذاته فحرف الألف يبدأ من 1 حتى 876 وهو من أكثر الأبواب احتفالاً بالأمثال. أما حرف الباء فيبدأ من 1 حتى 275 . أما حرف الثاء فيبلغ 22 مثلاً فقط وهكذا. وقدم العمد العديد من التفسيرات عند كل مثل، أهمها أنه حدد مضرب كل مثل، وهو العنصر الأساس في شرح موضوع المثل الشعبي. كما قدم شرحاً للمفردات التي قد تستغلق على القارئ، ويحسب للمؤلف أنه اجتهد في ضبط مفردات الأمثال بالشكل بدقة متناهية حيث أسهم ذلك في التعرف على نطق كل مثل حسب سياقه الشعبي. ثم أنه قدم التنويعات التي وردت حول المثل إن وجدت، فضلاً عما ذكره في المقدمة من إضافة بعض الأمثال التي وردت في كتاب ألف ليلة وليلة. وتبدأ أمثال هذا الكتاب بحرف الألف الذي يتصدره المثل التالي:

آبْ أُقْطُفْ اْلْعِنَبْ وْلاَ اتْهَابْ.

وكذلك: إنْ هَلْ آب كُلْ عِنَبْ وْلاَ اتْهَابْ.

وكذلك: لَنْ مَرْ آبْ وما ذَرِّيت عِدَّكْ بالهَوَا انْغَرّيتْ.

يضرب في طبيعة شهر أب.

ويرد مع المثل شرحاً لبعض المفردات:

عدك: كأنك- إنغزيت: أصبحت هدفاً للخديعة.

والمثل على هذا النحو يقع ضمن المأثورات القولية التي تكشف عن الطبيعة الطقسية الزراعية المرتبطة بالريف، على نحو ما يرد من أمثال حول الشهور القبطية في مصر: برمهات روح الغيط وهات..إلخ. وجميعها تحتاج لجمع ميداني عربي لرصدها وتوثيقها. حيث نجد العديد من التشابهات العربية في مضمون المثل: لبس المذراه بتصير امراه. وكذلك: لبس المقشا بتصير ست النسا. والمثلان كما قدمهما العمد يضربان في قيمة المظهر وقدرته على خداع النظر. وفي مصر: لبس البوصة تبقى عروسة..إلخ. غير أننا قد نجد بعض الأمثال التي أوردها المؤلف قد تكون غير مكتملة وقد وضع عدة نقاط مكان الكلمة الناقصة، مثال: ..... واحد عيب على كل العطارين (يضرب في أن السيئة تلغي جميع الحسنات)، أو المثل: كل قوم ولا...... امقشطين النور (يضرب لكل من خرج عن المألوف والمعقول). وقد تكون هذه النقاط محل كلمات خارجة أو غير مفهومة عند التدوين أو لأسباب أخرى، غير أن المؤلف لم يذكرها لنا.

ولعل أهمية هذا المعجم – ولا نقول الكتاب- تأتي من غزارة مادته وحرص صاحبه على التوثيق والشرح ومتابعة كل ما يستطيع جمعه من جديد الأمثال من حين لآخر، مما يجعلنا نطلب من الأستاذ الجليل الدكتور هاني العمد أن يقدم لنا في الطبعة القادمة تصنيفاً موضوعياً لهذه الأمثال، أو كشافاً يعكس مضارب هذه الأمثال من الناحية الموضوعية حيث سيسهم ذلك في الكشف عن العديد من العناصر الثقافية الأردنية. فإذا نظرنا لمجموعة الأمثال التالية سنجد الحاجة الشديدة لمثل هذا التصنيف الموضوعي:

بخت المعدل امبدل (يضرب في أن الحظ لا يستقيم لأحد)

تحكي الكلمة وتخبى بالقرنه (يضرب فيمن كان طبعه الدس والتحايل)

حط اللحمة قدام البس وقاله: هُص (يضرب لمن لا يحسن التصرف)

خلي الشختورة مطمورة (يضرب للحث على تناسي مثالب الآخرين)

شو جابت لدار ابوها (يضرب فيمن لا يأتي بجديد)

لنذال ما تنشرب قهوتهم (يضرب فيمن لا يحافظون على شرف الكلمة)

هذه الأمثال لا يجمعها سوى الترتيب الهجائي فقط رغم أنها تتعرض لموضوعات عدة كالحظ والتحايل وحسن التصرف والعفو والشرف..إلخ) مما يجعلنا نؤكد دعوتنا للدكتور هاني العمد بأننا في انتظار تصنيف موضوعي في الطبعة القادمة.

أبحاث في الأدب الشعبي

أما الكتاب الثاني لهاني العمد فيأتي في إطار الدراسات والأبحاث الأكاديمية المجمعة، حيث  صدر عام 2008 الطبعة الأولى من كتابه «أبحاث في الأدب الشعبي» عن دار نشر أمانة عمان الكبرى، الدائرة الثقافية، والكتاب يقع في 328 صفحة، اشتمل على مجموعة دراسات متفرقة للمؤلف تتمحور حول الأدب الشعبي من بينها مجموعة دراسات تحليلية لموضوع المثال وهو ما جعلنا نشير في المقدمة إلى أن هذا الكتاب قد يكون مكملاً لموسوعة الأمثال التي عرضنا لها منذ قليل. والحق فإن المؤلف في مقدمته قد عرض لمحتوى تلك الدراسات بمنهج مميز، لم يكن لدينا حيلة في التصرف فيه، أو إعادة عرض تلك الدراسات بطريقتنا، ومن ثم سنعرض ما أورده المؤلف حول تلك الدراسات دون تدخل منا.

 

 

 يقول هاني العمد: 

في البحث الأول «الأمثال الحوارية: الأمثال الشعبية الأردنية أنموذجاً» درستُ الأمثال التي تُعنى بالحوار بقصد إظهار أهميتها في مجموعة الأمثال الشعبية الأردنية، وأظهرتُ صيغها التي تنحو نحو الإختصار الشديد، وتقوم على بناء تشويقي، وتتضمن فكرة تتطلب الفهم العميق للطبيعة البشرية. كما استعرضتُ إيحاء الكلمات في هذه الأمثال، وقدرتها على حمل أصوات مختلفة، مظهراً بناءها اللغوي، وكذلك عناياتها في موضوعات الحياة العامة العادية، دونما الدخول في التفاصيل. وقد ظهر لي أن بعض هذه الأمثال تتضمن جدلاً أو حواراً خفياً.

 وكان وسيلة لتقطير الأفكار لا تقريرها، ومجالاً للنفاذ إلي جوهر الأشياء مما يعني أن هذه المميزات مجتمعة تخلق حالة من الحرية التعبيرية أمام من يستعملها، بصرف النظر عن الناس الذين قد يتفقون في أثناء الحوار وقد يختلفون. وفي البحث الثاني المعنون بـ «شعر البكائيات النسوي في الأردن: بكائيات البلقاء أنموذجاً»، تحدثت عن أهمية النص الشعري النسوي، ولاحظتُ أن هذا الشعر مليء بالقضايا التي تستحق التعليق والتحليل، وانطلقتُ من دراسة العلاقة القائمة بين شعر المرأة وحادث الموت، حيث تقوم المرأة بإثارة جملة قضايا، وتشير إلي أحداث مثيرة، الأمر الذي يدلنا علي رأي المرأة في حادثة الموت، وكيفية تعاملها مع هذا الحادث. كما يطلعنا هذا الشعر على تصورات المرأة ومعتقداتها، لذلك اتجهتُ إلي دراسة موضوعات هذا الشعر، ومعانيه وما تضمن من حوار داخلي ومشاهد احتفالية. وفي هذه الأثناء بَيّنَتْ المرأة بشاعة الموت عندما يصيب أحد أفراد الأسرة. هذا إلي جانب عنايتي بتحليل معاني هذا الشعر، وموقف المرأة من الغيبيات وتصوراتها للقبر ومايجري فيه. كما أبنتُ ما في هذا الشعر من جودة وإتقان ورصانة، فضلاً عن الارتجال وسرعة التأليف، وتطويع بعض القوالب لاستيعاب الجديد. وفي البحث الثالث «الأمثال الشعبية الأردنية الثلاثية: دلالات النص والأسلوب واللغة» بَيّنْتُ أن المقصود بهذه الأمثال تلك التي تتعامل مع ثلاث قضايا أو وقائعَ ووردت في المثل الواحد. لذلك كان علي أن أبين مضربها وتأويلاتها القابلة للتغيير والتبديل. كما أشرتُ إلى دلالات النص من حيث هي كلمات وأسماء، في حين بحثت في روابط النص المَثَلي. ولأن أسلوب هذه الأمثال تتميز ببعض العوامل الطريفة، فقد أوضحت عناصر سلسلة الكلام، وقدرة المثل على حمل القارئ أو المستمع إلي الانتباه والتركيز. مشيراً إلى اللغة التي لعبت دوراً مهماً في الصياغة والتركيز والاختصار. وذهبت إلى أن للنص علاقة إسنادية، وأن للألفاظ منحى دلالياً يحدد ماهية الأسلوب والتركيب والإحالة. ولا يكاد يخلو نص مَثَلي من ضمير أو اسم إشارة أو حرف جر. مع ميزة إضافية وهي أن الكلمات لاتجود بالمعنى فقط وإنما تتعامل بالوظائف التي تظهر من خلال الخطاب. أما البحث الرابع المعنون بـ «ملامح النكتة الشعبية في الأردن: ثقافة شعبية متحركة وفاعلة» فقد بيَّنتُ فيه فعل النكتة الشعبية وشيوعها بين الجماهير والمجتمعات. وكان لابد من إظهار الخلاف بين النكتة والنادرة، وتبيان ملامح الشخصية الساخرة، وإظهار أسباب انتشار النكات في المجتمع الأردني، وتطورها، وارتباطها بالنقد الاجتماعي، وبَيّنْتُ كيف ساعدت التكنولوجيا المعاصرة على سرعة انتشار النكات، فضلاً عن جرأتها في نقل الواقع، وقلة عناياتها بالوقار الأخلاقي وتحطيمها للمحذورات. ولم تجمع النكات التي سادت وتسود في المجتمع الأردني. ومع ذلك، فقد جمعتُ حوالي 250 نكتة، وأخضعتها للدراسة والتحليل. وقد انحصرت دراستي في جوانب محددة هي: تقنية النكتة ومرتكزاتها اللغوية، والسرد الشفاهي وأهميته في مجال النكتة وشيوعها، فضلاً عن صياغتها على أسلوب السؤال والجواب. إلى جانب عناياتها بالمشاهد التصويرية وما تحمله من معارف قادرة علي كشف الحُجُب وتجسيد الواقع. وفي المبحث الخامس درستُ الأمثال المتشابهة في كتابين هما: مجمع الأمثال للميداني، والأمثال الشعبية الأردنية، وهي المجموعة التي قمتُ بجمعها وما زلت ابتداءً من أواخر الستينات من القرن الماضي. وقد بلغ عدد الأمثال المتشابهة في المجموعتين 124 مثلاً، تشابهت في اللفظ والمعنى والمضرب إلي حد ما. وكان لابد من قراءة معاصرة لأمثال الميداني، تمهيداً لمقاربة النصين، والتعرف على المدلولات المتشابهة، ومراقبة مواطن الاختلاف من حيث اللغة والبنية النحوية. ودرستُ أسباب التشابه، كما تناولت فكرة الحيز المثلي، حيث أظهرتُ أن المثل من خلال ألفاظه ومعانيه له حيز يحتله، ومشهد يظهر من خلاله. ثم ذهبت إلي تحليل علاقة المثل بالواقع الاجتماعي. وألحقتُ بهذا البحث ملحقاً تضمن النصوص المثلية المدروسة في كلا الكتابين. وقد خلصتُ إلي أن الأمثال قد وُظّفتْ لخدمة المجتمع وحركته في كلتا المجموعتين.

ويهدف البحث السادس الموسوم بــ «صورة المرأة في الأمثال الشعبية الأردنية» إلى توضيح ملامحها في هذه الأمثال، باعتبارها تجارب قد حدثت ويمكن حدوثها. وقد أظهرت أمثال المرأة جرأة في طرح قضاياها ومشكلاتها. وبَيّنتُ أن كثيراً من الأمثال قد كُرِّسَتْ لغرس سوء الظن بالمرأة، وأن صورتها سواء أكانت إيجابية أم سلبية، ظهرت أكثر وضوحاً من صورة الرجل، ربما لأن الأمثال اقتحمت عالمها دونما استئذان، وارتبطت بحياتها منذ الولادة حتى الممات، وشَرّحتْ مسلكياتها بطريقة شفافة. ونالت الألفاظ ودلالتها والأسلوب وميزاته اهتماماً ملحوظاً باعتبارهما وسائل حيازة، كان لابد من مناقشتها لفهم مدارات المثل النسوي. فلغة الأمثال الخاصة بالمرأة بدت قاسيةً ومكشوفةً، وكان خطابها غير متساهل أو مجامل، بحيث أفقدت هذه اللغة ثقة المرأة بنفسها، وأظهرت الفوارق الاجتماعية بين الرجل والمرأة، ورَكّزتْ بشكل ملفت للنظر على ما في شخصيتها من نقص في الدين والخلق، الأمر الذي أدى إلى تفوق الرجل عليها، فضلاً عن تصورها بأنها كائن ضعيف يحتاج على الدوام لحماية الرجل. وركزت الأمثال أكثر ما ركزت على الصورة العاطفية للمرأة، أكثر من تركيزها على الصورة العقلانية، وأظهرتها بالوضع الذي صنعه لها الرجل. وعندما استعرضتُ صورتها عبر التاريخ والحضارات المختلفة، وفي الأجناس الأدبية العربية، لاحظت أن الأمثال تتفوق على جميع هذه الأجناس، فكانت أوضح تصويراً لتاريخ المرأة وواقعها. وقد تأكد لي أن معظم الأمثال كان من صنع الرجل، وأنها تقدم كشفاً لحياتها وأوضاعها وأطوارها وكأنها تقدم سجلاً لحياتها منذ البداية وحتى النهاية. أما البحث الأخير المعنون بـ «خطاب الجنس في كتاب ألف ليلة وليلة» فقد أوضحتُ منذ البداية أن الكتاب في الأساس قصصي وروائي، وهو شرقي المنشأ، عربي البيئة، يصوّر كثيراً من المجتمعات العربية، ويشترك في قصصه عوالم عدة، وتتداخل فيه الأساطير والخرافات والخيال العلمي، إلى جانب منظومة من العادات والتقاليد ومظاهر الترف والجاه، فضلاً عن عنايته بطبقات المجتمع العربية كافة. لقد بقي النص مفتوحاً حتى القرن الثامن عشر الميلادي، فكان سلسلةً منسجمةً من الأفعال التي تؤدي جميعها إلي تصوير الجنس وأوضاعه، والسلطة ومكائدها، والحياة وتقلباتها، وعندما أقفل النص بالتدوين بقي شاهداً على مايتمتع به القاص الشعبي من حرية في التعبير. وقد لاحظتُ أن الجنس يشمل معظم صفحات الكتاب، وله خطاب يقوم على فكرة أن المرأة هي أساس الخيانة والمكر، وهي ناقصة عقلا ودينا، وحياتها تقوم علي الجنس الذي لا يعرف الحياد أو المراوغة أو التستر، وقد يصل إلي حد الإنفلات الجنسي والفوضي، بدليل أن معظم القصص جاءت متساهلةً مع الأخلاق.

وربما أرادت شهر زاد من خلال إقحام الجنس في خطابها السيطرة على عواطف الملك شهريار وتحويله إلي رجل قادر على أن يسمو على جراحه. لذلك كانت تقص عليه حكايات لا تضبطها ضوابط أخلاقية، لتنقله من حالة الشقاء التي يعيشها إلي صاحب سلطة رُدَّ إليه اعتباره. ولأن الجنس كان مفتاح علاج شهريار، مثلما كان مأساته، فقد أرادت شهرزاد استعراض جميع أنواع النساء علي مسامعه، لتتمكن من السيطرة على عواطفه، وتنشيط تخيلاته، وتحويل تفكيره إلى رغبات جنسية، وإقناعه بأن النساء لسن كلهن مثل امرأته الخائنة. ويختم العمد مقدمته بقوله: أستطيع القول بأن منهجي في هذه الأبحاث لم يكن متشابهاً، إلا من حيث كونه معنياً بالتحليل البنائي والاهتمام بالمعاني والأسلوب واللغة. وكنت أعتني بجمع مادة البحث، وأقوم بالاستشهاد بها، وتعيين مواقعها في المظان والمصادر المختلفة.

 الشعر النبطي الأردني

في إطار جمع وتحليل الشعر النبطي الأردني تطالعنا المكتبة الأردنية بكتابين صدرا عام 2010، وقد استطاع صاحب كل كتاب أن يقدم الجديد في المجال. الأول هو الطبعة الأولى لكتاب علي عبيد الساعي بعنوان «من روائع الشعر النبطي» عن سلسلة إبداعات رقم 60 الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية. والكتاب يقع في 137 صفحة من القطع الصغير يضم مجموعة مميزة من روائع الشعر النبطي إلى جانب مجموعة اختارها المؤلف لتضم نماذج من الشعر النبطي لبعض الشعراء الأردنيين. وقدم الكتاب الدكتور محمود رمضان الجبور الذى سجل رؤية علمية للأدب الشعبي وأهميته، مشيراً إلى أن النماذج الواردة بالكتاب تُعد من عيون الشعر البدوي، ويصح أن يٌطلق عليها «معلقات الشعر البدوي»، وقد أطلق السلف من أبناء البادية على بعضها مصطلح «شيخات القصيد»، وهم مجمعون على قيمتها الفنية والقيمة وإن اختلفوا في تحديدها وعددها، اختلاف النقاد العرب حول المعلقات، كما أنهم لم يحددوا المعيار الذي اعتمدوه في تقييمها، غير أن الناظر في هذه القصائد لا يعدم أن يلحظ ملحظاً بارزاً فيها، ذلك أنها تتناول منظومة القيم والأخلاقيات التي يعتد بها البدوي ويحاول جاهداً الحفاظ عليها وتعليمها لأبنائه، وهي خلو من الغزل بنوعيه العذري والصريح.

 

وقد احتوى القسم الأول من الكتاب عشرين قصيدة لسبعة عشر شاعر من شعراء العرب على النحو التالي:

قصيدة «لي بنت عم ما مشت درب الادناس» لشرعان بن فهيد بن ارمال الشمري، والنصايح (شيخة القصيد الأولى) لمحمد حسين الدسم الدوامي العنزي، و«قم يا فريد» لمنصور عزام، و«يا مالك» للشريف بركات الحسيني، و«أيامنا والليالي» لبديوي الوقداني، و«يامحلا الفنجال» لراكان بن فلاح بن حثيلين العجمي، و«ياعيال» لسويدان الحلامي، و«مناظرة بين الجمل و(الطرمبيل) لأحمد عطية الغامدي، و«يابجاد» لغانم اللميع، و«عديت روس مشمرخات الشواهيق» لمريبد العدواني العنزي، و«الله يالمطلوب» (شيخة القصيدة الثانية) لمقحم الصقري، و«لاخاب ظني بالرفيق الموالي» لمحمد بن أحمد السديري، و«الخلوج» لمحمد عبد الله العوني، وثلاث قصائد (القهوة ، فكرت بالدنيا، الصبر محمود العواقب) لمحمد عبدالله القاضي، و«يا الله باللي كل حي يسالك» لمحمد ابن عون، و»يا راكب» لمسعود عبد إبن هذال، و»قصيدتا» (يا موقدين النار، ونيت ونه من سرا الليل) لمشعان بن هذال. وتعرض القصائد للعديد من القيم التي يعكسها هؤلاء الشعراء العظام، فتكشف قصيدة النصايح لمحمد العنزي عن العديد منها:

يا خوي لك عندي وصاة مصيبة                                ترى وصاتي تلمس العقل وتصيبه

ترى وصاة أخوك ما به معيبه                          لا صار أخوك مكمل العقل ومنيبه

أخاف تموت ولا ذرا تلتجي به                                  توزي لضيقات الدروب الضنابيب

حيث الليالي ما تعلم بغيبه                               ولا يعلم إلا صاحب العلم بالغيب

وقد أفرد المؤلف ثلاث قصائد للشاعر محمد القاضي الذي يتغزل في وصف القهوة العربية:

دنيت له من غالي البن مالاق                           بالكف ناقيها عن العسف منسوق

احمس ثلاث يا نديمي على ساق                            ريحه على جمر الغضا يفضح السوق

اياك والنيه وبالك والاحراق                          واصحى تصير بحمسة البن مطفوق

ثم يتألق القاضي في قصيدته «الصبر محمود العواقب» التي يبدأها بتلك الأبيات:

الصبر محمود العواقب أفعاله                            والعقل أشرف ما تحلت به الحال

والصمت به سر سعد من يناله                                  والهذر به شر وشوم وغربال

حقيقة الأمر لقد وفق المؤلف في اختيار عيون من الشعر النبطي الممتعة التي قد تعيد للأجيال الحالية روعة هذا الفن، ومن ثم فقد حاول المؤلف أن يقدم لنا ما استطاع جمعه من بعض نماذج الشعر النبطي الأردني، ويشير لهذه النقطة بقوله «.. ورأيت أن يكون للشعراء الأردنيين نصيب في هذا الديوان، لأنهم حرموا من طباعة نتاجهم الشعري أو الترويج له، إلا ما ورد على ألسنة الرواة وسيجد القارئ الكريم في نهاية الديوان ست قصائد لشعراء أردنيين قدامى وإنني إذ أقدمهم للقارئ الأردني أعتذر له عن عدم قدرتي على البحث عمن سواهم بسبب المرض وعدم القدرة على السفر الذي يتطلبه البحث عن الرواة، رغم أن هنالك من يستحق مثل الشيخ حديثه الخريشا والشيخ سعود المصبحين». أما القصائد الست التي اختارها المؤلف للشعراء الأردنيين فهي قصيدة فلسطين لعبيد الساعي الخالدي، والبارحة يوم الخلايق نياما لنمر العدوان، ووالله ثم والله دين بالاشهاد لمحمد الغدير الخلايلة، والصلوات الخمس لمحمد الغدير، والمهرة لرثعان ابن ماضي، والتتن لسليمان الماضي. وسنجد بين نصوص الشعر النبطي الأردني ما يتصل بأحداث سياسية على نحو ما نجده في قصيدة فلسطين التي قالها الساعي في إحدى معارك القدس بين العرب واليهود سنة 1948. أما الشيخ نمر العدوان فيستدعي الكثير من الشجون في قصيدته «البارحة يوم الخلايق نياما»، فيقول:

البارحة يوم الخلايق نياما                     بيحث من كثر البكا كل مكنون

قمت أتوجد وأنثر الما علاما                   من موق عينٍ دمعها كان مخزون

وعلى حين يسرد المؤلف جانبا من حياة الشاعر محمد الخلايله، فيخبرنا بأنه توفي عن عمر لم يتجاوز الست والأربعين عاماً على إثر مرض أخطأ من وصف له العلاج، نجد قصيدة هذا الشاعر كما لوكان يصف مرضه قبل موته:

والله ثم والله دين بالاشهاد                     وحق الرسول وحق رب البرية

اني عليل ولا تهنيت بوساد                    ولي علة جوى الضماير خفية

أما الشاعر محمد الغدير فقد سجل له المؤلف قصيدة أعجبت أهل مدينة السلط الذين جمعوا لصاحب القصيدة دية ثلاثة رجال، وكان قد ذهب للسلط يطلب نصف دية رجل كان صاحبنا قد كسر أحد أطرافه، تقول مطلع القصيدة:

أول مبتدا الله أكبر                             وذكر الله كما مسك وعنبر

على ما دبر المعبود نصبر                            حمدنا الله على فعله وفنه

وعلى هذا النحو يجول بنا المؤلف في قصائد يحكي قصة بعضها حيناً، ويحكي عن سيرة صاحبها حيناً آخر. وإذا كان المؤلف قد أضناه التعب من البحث والسفر لأجل جمع هذه النصوص، فهي دعوة لجيل الباحثين من الشباب الأردنيين ليستكملوا الطريق لتوثيق تراثهم الشعبي النبطي الذي يليق به أن ينشر في عمل ضخم. أما الكتاب الثاني حول الشعر النبطي الذي صدر عام 2010 أيضاً فقد كان بعنوان «ألوان من الشعر النبطي في الأردن وما حوله» لمصطفى الخشمان وهو من نشر المؤلف بعمان، ويقع في 172 صفحة من القطع المتوسط. والكتاب هو الجزء الثاني للعنوان نفسه، وللأسف لم نتمكن من العثور على الجزء الأول الذي عرض فيه المؤلف لعلاقة هذه الألوان بالأنباط أجدادنا القدماء وكيف استمرت حتى هذا التاريخ. أما هذا الجزء فيعرض فيه المؤلف لألوان الشعر النبطي الدارج في منطقة الأردن وما حولها وهي: الجهيني والسامر والعرضه والجوفية وأبو رشيده والأهازيج والحداء.

 

 وإذا كان كتاب علي الساعي قد ركز على الشعراء من أعلام الشعر النبطي فإن الخشمان قد ركز هنا على الكشف عن ألوان الشعر النبطي وتحليلها، وتوضيح الرقص الفولكلوري المرافق لكل لون، مع شرح طريقة الرقص والإيقاع. وتبقى مسألة جمع مادة الشعر النبطي أيضاً من أصعب الأعمال الميدانية التي تتطلب الوصول إلى الثقاة الحافظين لهذا النوع من الشعر مع اختلاف لهجاتهم وصعوبة فهم بعض الكلمات التراثية التي قل أو بطل استعمالها. ويبدأ المؤلف باستعراض شعر الهجيني وهو شعر شعبي على بحر الوزن المخلع البسيط، وهو من أكثر أنواع الغناء النبطي شيوعاً بالمملكة الأردنية، ويعرفه الشعب الأردني بكافة فئاته، بل ويستطيع أي شخص أن ينظم منه بيتاً أو بيتين حسب العاطفة التي تتملكه. ويغنى بألحان متنوعة حسب المناسبات والأوقات والأمكنة، وترافقه العود وبعض الآلات الموسيقية كالربابة. ويستعرض المؤلف أصل التسمية، وموطن الهجيني. أما موضوعات الهجيني فتتناول الكرم والطيب والحنين للأماكن:

الزين كله برام الله                                     واللي ورا القدس من غاد

وغزل المرأة بالرجل:

يا ولد يا بو خيالا زين                                يا صقر وارد على المية

وكذا يتناول الأمثال والحكم الدارجة والشكوى وقطع الأول والمداعبات:

حُطي على النار يا جده                                       حطي على النار عيدان

ربي حسيبا على النسوان                                      هرج القفا ما يخلنه

لو جلالات يالكاسه                                    رايق تقول دم غزلان

لو حلالات يالكاسه                                    شايا من الهند سيلاني

كما يستعرض المؤلف أنواع الهجيني التراثي المحفوظ في الذاكرة الجمعية وهو مجهول المؤلف، والهجيني الحديث الذي نظم في عهد القراءة والكتابة وأتيح له أن يدون. كما يتناول عرار شاعر الأردن الشهير، منتهياً بمناقشة بعض التعريفات الخاصة بهذا الفن وضبط مصطلحاته. أما السامر فيعرفها المؤلف بأنها الرقصة الرئيسية التي تسرق الوقت من ساعات الليل الرتيبة في البادية والريف، كما يطلق الإسم على لون من الغناء الشعبي ترافقه رقصة لمجموعة من الرجال تقف صفاً واحداً مستقيماً أو يشكلون نصف دائرة، ويطلق على الغناء اسم البدع والرقصة سحجة او رزعة. ثم يصف المؤلف المراحل الثلاث لرقصة السامر وما يصاحبها من شعر مغنى مستعرضاً دخول الحاشي (المرأة المشاركة في الرقص أمام الرجال) والتي قد تتخفى أو يحل محلها رجل متخف بلباس امرأة. وهي احتفالية تقوم على الحركة والموسيقى والشعر والتصفيق.. أما النص الشعري فهو ذو قالب لحني على وزن واحد لكل الألحان تختلف مثلها مثل الهجيني تبعاً لدمج أو مد الحروف. ومعظم أغاني السامر قصيرة تتألف من بيتين في أغلب الحالات وأحياناً يغنى بيت واحد ويرددها الشاعر الذي يعرف بالبّداع، والأشعار القصيرة تكون وافية المعنى تشفي غليل البّداع فيما يريد أن يوصله للمحبوب من عشق أو وصف أو فخر:

يا ابنيه ملا انت ابنيه                                  لو فيكي من الطول شوية

لحطك بخريج الذلول                                  والقي فيك الدوية

ثم ينتقل المؤلف للون آخر من الشعر النبطي الراقص وهو «العرضه» إحدى الرقصات الحربية التي يصاحبها السيف ولها مراسم معروفة في الأردن والخليج العربي، وارتبط بها ما يعرف بأغاني العرضة، وللعرضة ثلاثة أقسام هي: عرضة الجيش- عرضة الخيل- العرضة العامة، ويحاول المؤلف في هذا الجزء أن يوضح الفرق بين العرضة والجوفية حيث يقع الكثير في الخلط بينهما:

ديرتي بالشرف والعز مبنية                   صرحها في سنام المجد بانيته

وادي في القضا يسمى باهليه                  من الأوايل من العدوان حاميته

أما الجوفية فالاسم يدل على استعمالها الواسع بمنطقة الجوف بالأردن، وتختلف عن العرضة في وزنها ولحنها ورقصتها، على حين يشير المؤلف إلى أن الشعر النبطي المسمى بـ (أبو رشيده) لايُعرف أصل تسميته.

ويختتم المؤلف كتابه بفصل حول الأهازيج والحداء، والأهزوجة هي نشيد شعبي في لغة العامة ينشده الناس في مناسبات متنوعة كالحروب، والاستعراض، الاستقبال، التوديع..إلخ. ومن أبرز خصائص الأهزوجة التلقائية والوضوح وقد كان للأهزوجة دور كبير في تعميق المفاهيم الوطنية، وقد تكون الأهزوجة قصيرة وهي الأكثر شيوعاً أو طويلة ذات مقدمة تمهيدية، ومن أمثلة الأهازيج النسائية التي قيلت لتشجيع المحاربين وذكرها الدوسري في كتابه أهزوجة الشريفة عمشاء بنت ناصر بن غالب الشريف تحرض على قتل مصلح البعاع الذي قتل عمها:

من يقطع الفرجة على البعاع                          يصــير للشـيخة حليل

يا ريت ما رمحه يجي منعاج                         يقلط إلى هاب الذليل

أما اللون الأخير من الشعر النبطي الذي عرض له المؤلف فهو «الحدادي» والحداء هو غناء، والغناء الذي يغنيه الحادي قد يكون من ألوان مختلفة، ومعظم الحداء من ألوان الهزج وقد فصل مصطفى الخشمان في العلاقة بين الأهازيج والحداء موضحاً بالعديد من الأمثلة لينتهي ببعض النتائج المهمة التي توصل لها في خلاصة دراسته.

 

ألفاظ وأشعار كركيه

وفي مجال الأدب الشعبي والاحتفاء بالشعر الشعبي الأردني صدر عام 2009 كتاب ألفاظ وأشعار كركيه لفراس دميثان المجالي عن إصدارات وزارة الثقافة 2009، والكتاب نشر في إطار الكرك مدينة الثقافة الأردنية، ويحوي 219 صفحة مكون من مقدمة وستة فصول اشتملت تصنيفات متعددة للألفاظ الشعبية والأشعار النبطية المتداولة في مدينة الكرك حاضرة الصحراء كما يصفها المؤلف، والتي شهدت تغيرات في حياتها ومرت عليها أحداث جسام مما زاد في شهرتها وسمعتها.

 احتوى الفصل الأول من الكتاب على الألفاظ المرتبطة بالعشق الذي يسبق الخطبة، والزواج، والحبل والولادة. وقد قدم المؤلف أمام كل لفظ معناه في إطاره الثقافي، ومن الألفاظ التي وردت في هذا الباب: مرعية: فتاة على حساب أحد أو مخطوبة- طيار: غير مقيد أو غير مرتبط بفتاة- الحلية: ذبح شاة بعد زفاف العروسين في الليل- لاقطة: بداية الحمل. أما الفصل الثاني فقد اشتمل ألفاظ اللباس، والحلي والجواهر، وألفاظ الوصف، والمدح، والذم والسب. ومنها: ضحاك الحجاج: من يُسر لرؤية الضيوف- المخرفن: كثير الكلام. أما الفصل الثالث فقد اشتمل على ألفاظ متصلة بموضوعات متعددة مثل: الألفاظ التي تتعلق بالمسكن الشعبي، وبيت الشعر، والقهوة، والطعام، والماء، والنار، والصيد، والأسلحة، والفلك، والقضاء. وخلال هذا الفصل نتعرف على الكثير من الألفاظ، فالقنطرة هي ما يرتكز عليها السقف، والحميل هي مخلفات القهوة السابقة في الدلة، والمليحية عبارة عن لبن مع شراب اللحم، والنبوت هو العصا الكبيرة، والمدمي هو من ارتكب جريمة قتل. ثم ينتقل المؤلف في الباب الرابع لرصد ألفاظ الزراعة، والحليب ومشتقاته، ونباتات البقل، وأشجار الطب، والمحاصيل الحقلية، والنباتات البرية. ومن ثم أدخلنا المجالي في عالم جديد من الألفاظ ذات الدلالات المحلية لنعرف أن الكابوسة هي قطعة خشبية يتكئ عليها الحراث أثناء العمل، والحثيمة هي حليب اللبا، واللبا حليب الشاة، والقطف نبات يستعمل للحطب. ثم خصص الباب الخامس لشرح الألفاظ المرتبطة بالحيوانات، مثل الألفاظ التي تتعلق بحيوانات العمل، والمواشي، والكلاب، والدواجن، والخيل. ومن ثم نجد أمن الخلوج هي الناقة الوالدة حديثاً، والعوسية هي نعجة وجهها بني وليتها كبيرة، والمقاقاة هو صوت الديك، والمحسة هي مشط حديدي دقيق لتنظيف الفرس. أما الفصل السادس والأخير من هذا القسم من الكتاب فقد خصصه المؤلف لألفاظ الحرف والمهن، ومايتعلق بالغزل والنسيج، والخياطة، والمقاييس والأوزان، والعقود. ومن خلاله نتعرف على اللاحوق وهو مساعد راعي الغنم، والكرداش وهي أداة لتنعيم الصوف والشعر، والحفنة هي ما يملأ الكف، والقطمة نصف الحفنة. وإلى هنا ينتهي حديث المؤلف حول الألفاظ الكركية والتي نقدر له حرصه على جمعها وتوثيقها، غير أن تحفظنا الوحيد على هذا القسم هو أن المؤلف لم يرتب الألفاظ ترتيباً هجائياً حتى ييسر على القارئ الوصول لكل لفظة بسهولة، وكان من الممكن أن يصنف هذا القسم تصنيفاً هجائياً موحداً حيث أن التصنيفات الفرعية اشتملت على مجموعات صغيرة من الألفاظ وصل بعضها إلى أقل من عشرة ألفاظ.أما القسم الثاني من الكتاب فقد خصصه المؤلف لعرض نماذج من الشعر النبطي الكركي: الشروقي- الهجيني- الحداء. لنكتشف خلاله أن مؤلفنا هو واحد من شعراء النبط، فبدأ بعرض  لبعض مبدعي الشعر النبطي مثل غنام المزارقة البطوش، وسعود المجالي، وعبدالله العكشة، وسالم أبو الكباير، ومصطفى السكران، ودميثان رفيف المجالي، ويوسف ربيقان المجالي، ودليوان المجالي،  وخازر موسى المجالي، وفراس دميثان المجالي(المؤلف)، ومحمد فناطل الحجايا، كما خصص المؤلف قسماً مستقلاً لنماذج من شعر الهجيني الخاص بعائلته وأقربائه مثل معالي صالح المجالي، ودميثان المجالي، وحابس المجالي، وعصر رفيقان. واختتم المؤلف كتابه ببعض الأبيات من قصيدة له من شعر الهجيني:

دنيت حبري مع الأوراق                              وأنظم اشعاراً للهجيني

سر يا قلم وانصح العشاق    

        اللي بهواهم غشيمين

هذا الهوى ماكر بواق                         يخدع القلوب المحبين

وش فود عشقاً بلا ميثاق                              بالعمر مايعيش يومين

 

معجم التراث والألفاظ الشعبية

وينقلنا الملف الأردني لنشاط علمي جديد في مجال المعاجم والموسوعات حيث صدر عام 2012 معجم التراث والألفاظ الشعبية، لأحمد سليم الزول عن وزارة الثقافة بمناسبة اختيار مادبا مدينة الثقافة الأردنية.

 

 ومن الوهلة الأولى نجدنا أمام عمل متخصص ومحترف في المجال، له أطر منهجية محددة، حيث أعلن المؤلف عن أنه صنف المعجم موضوعياً، ورتب كل موضوع هجائياً، ثم وثق المصادر التي اعتمد عليها سواء المكتبية أو الميدانية، وإضافة ألفاظ توضيحية لدلالة الكلمة ومعناها، وجمع بعض الألفاظ تحت مسمى يجمعها، فضلاً عن تزويد المعجم بصور ورسومات توضيحية. كما قدم ثبتا بالألفاظ الشعبية ومقابلها الفصيح، فضلاً عن أسماء الإشارة والضمائر وأحرف العطف والجر. وقد صنف المؤلف معجمه لإحدى وعشرين فصلاً على النحو التالي:

1) الإنسان والصفات المتعلقة به.

2) الصفات الخُلقية والخلقية وألفاظ الطلب والمعاملات والإشارة.

3) العبادات والمعتقدات والأساطير.

4) العادات والتقاليد والألفاظ المتعلقة بالزواج والأسرة.

5) العلاقات الاجتماعية وتقاليد التكافل الاجتماعي.

6) اللباس وصفاته وأنواعه والألفاظ المرتبطة به.

7) البيوت ومحتوياتها ومكونات وأجزاء بيت الشعر والبيت الريفي والحضري.

8) أجزاء القرية والمضارب والبساتين وصفات الأرض وما يتعلّق بها.

9) الألعاب الشعبية والألفاظ والمصطلحات والمسميات المتعلقة بها.

10) القضاء العشائري والألفاظ المتعلقة به.

11) القهوة في التراث الشعبي.

12) أدوات الطعام والشراب والألفاظ والمصطلحات  المتعلقة بهما.

13) المأكولات الشعبية  الحليب ومشتقاته والألفاظ والمصطلحات والأدوات المتعلقة بها.

14) التدفئة والإضاءة وأدواتهما.

15) الطب الشعبي وأنواع الأمراض والألفاظ والأدوات المتعلقة بهما.

16) الفنون والأغاني والأهازيج الشعبية والألفاظ والمصطلحات والأدوات المتعلقة بها.

17) الحيوانات والألفاظ والمصطلحات والأدوات المتعلقة بها.

18) الفصول الأربعة ومواسم الحصاد والنباتات ومايتعلق بها من ألفاظ ومصطلحات وأدوات.

19) وسائل النقل والتحميل.

20) العملة والنقود والأصوات والألوان.

21) معجم الألفاظ التركية التي مازال بعضها مستعملاً في الأوساط الشعبية.

وعلى هذا النحو نجدنا أمام مئات الألفاظ الشعبية التي تعكس الثقافة الأردنية، وليس هناك حدود لعدد الكلمات التي تشرح اللفظة، فمثلاً قد يشرح المؤلف كلمة «صدّارات» بأنهن النساء اللواتي أحضرن الماء في القرب أو الراويات، أما كلمة «وَنَس» فهي نوع من أنواع الأرواح، أو الجن الذي يظهر في بعض الأماكن المهجورة، أو الخالية من الناس، أو في الأماكن التي قتل فيها أحد الأشخاص باسمه.. ويستطرد المؤلف في ذكر هيئة هذا الجن والفرق بينه وبين «المكتول» وهو نوع آخر، ووقت ظهوره وعلاقته بالإنسان..إلخ. وسنجد في المعجم العديد من الألفاظ التي فصل المؤلف في شرحها، كحديثه عن لباس المرأة، وجهاز العروس، والقضاء البدوي. وقد أشار المؤلف في مقدمته أن المعجم يحاول أن يجمع في طبعته الأولى بعض الألفاظ والمعتقدات الشعبية التي تعارفت عليها معظم المجتمعات العربية، ومن ثم نجد بعض الألفاظ التي قد تكون خارج السياق الأردني، مثل «عيد شم النسيم» الذي يصفه المؤلف بأنه احتفالات يقوم بها أهل مصر في فصل الربيع، وهي منقولة عن الفرس حيث كانوا يحتفلون بعيد النيروز. وعند تصفحنا للمعجم سنجد بعض المواد عرضها المؤلف من خلال بعض النماذج فقط دون وصف مفصل لطريقة أدائها، ومن ذلك ما أورده حول أغاني السامر، التي وصفها المؤلف بأنها الأغاني التي تقام ليلة العرس، وتؤدى بطريقة جماعية، ثم استطرد في تسجيل عشرات الأبيات التي تٌغنى في هذا السياق، والأمر نفسه عندما عرض لأغاني الطهور. أما أغاني الشوباش فقد اقتصر تعريفها فقط على أنها الأغاني التي تنتهي بلفظ (واو). ورغم هذا المنهج الذي التزمه المؤلف في التصنيف والتوثيق، فإننا نجد بعض الفصول الفرعية التي نتصور أنها تحتاج لا ستكمال، مثل الجزء الخاص بالآلات الموسيقية الذي اقتصر فقط على آلات: جهاز الحاكي (الفونوغراف)- المزمار- اليرغول. يبقى الإشارة أن المؤلف حرص على توثيق مادته المرجعية وهناك بعض المراجع التي اعتمد عليها بشكل أساسي منها: قرية محي للجنة إحياء التراث، والطفل في الحياة الشعبية الأردنية لنايف النوايسة، والقضاء العشائري لمحمد أبو حسان، ودراسات في عادات وتقاليد المجتمع الأردني لسليمان عبيدات. وقد أنهى المؤلف موسوعته بمجموعة صور للعناصر المادية التي وردت بالموسوعة مثل المباني الطينية، والجرن، والمهباش، وفناجين القهوة، والأدوات المنزلية، والحلي، وأدوات الزراعة..إلخ.

التنوع الثقافي في الأردن

هذا الكتاب يأتي في إطار نشاط وزارة الثقافة الأردنية في توثيق الذاكرة الثقافية في المملكة، وهو بعنوان « التنوع الثقافي في الأردن: النسيج الاجتماعي، والتشريعات، والفعاليات الثقافية، تحرير حكمت النوايسة، وقد صدرت طبعته الأولى عن مديرية التراث بالوزارة عام 2012 في 178 صفحة.

 

والكتاب يحوي مجموعة دراسات متنوعة شارك فيها نخبة من المتخصصين في رصد آفاق التنوع الثقافي في الأردن، وقد امتزجت فيه التجارب المحلية والعربية في أجواء من القبول الرحب كما يشير محرر الكتاب في المقدمة. وقد احتوى الكتاب خمسة موضوعات أساسية بدأت بدراسة احمد راشد حول التشريعات والاتفاقيات الدولية والمشاريع الثقافية. تناول فيها النصوص الدستورية الضامنة لحرية التعبير الثقافي في الأردن، وتجلياتها من خلال الواقع العملي، مع الإشارة إلى دور وزارة الثقافة في تعزيز أشكال التعبير الثقافي في المملكة. أما الدراسة الثانية فهي لمفلح العدواني بعنوان «التنوع الثقافي والنسيج الاجتماعي في الأردن» تناول مكونات المجتمع الأردني الإثنية والدينية والاجتماعية، وصورة القبول التي تسير عليها الحياة في الأردن، معززة بالفعاليات، والمؤسسات المعبرة عن هذا القبول. وفي البحث الثالث تناول غسان طنش نموذج الجمعيات والهيئات الثقافية التطوعية المسجلة بموجب قانون الجمعيات النافذ، حيث أبرز تنوع الهيئات والمؤسسات الثقافية الأردنية، وتوزعها الكمي والنوعي، وتمثيلها لشرائح المجتمع الأردني كافة، دون تميز أو تحيز، وانتشارها في بادية الأردن وقراه ومدنه، وفق إحصائيات دقيقة وحديثة، تعبر عن هذه الهيئات والمؤسسات. كما تناول عبد الكريم العمري موضوع الإعلام وتنوع أشكال التعبير الثقافي في المملكة الأردنية الهاشمية: الأعمال التلفزيونية نموذجاً، حيث تناول البرامج والأعمال التليفزيونية التي ترصد الفعاليات الثقافية، وتوثق للعادات والتقاليد والتعابير الثقافية في المجتمع الأردني. ويختتم الكتاب بدراسة أحمد الطراونة حول الفعاليات الثقافية من خلال الإعلام المقروء: جريدة الرأي نموذجاً، حيث رصد الفعاليات الثقافية المعبرة عن هذا التنوع والأخبار الصحفية التي غطتها في الفترة من 2007 إلى 2010 وعكس البحث ثراء الحراك الثقافي الأردني وغناه بالتنوع الثقافي والحضاري للفعاليات الثقافية خلال هذه الفترة. ويختم حكمة النوايسة مقدمة هذا الكتاب بقوله: هذا جهد نفتح فيه الأبواب لتوثيق الذاكرة الثقافية الأردنية، وإبراز الوجه الثقافي المشرق في الثقافة الوطنية الأردنية، بما يؤهلها أن تكون ثقافة التنوع الاحترام والقبول، وأن تشكل نموذجاً حقيقياً للثقافة التي تحترم وتعزز تنوع أشكال التعبير الثقافي، وتفتح المجال أمام جميع مكونات المجتمع لتعبر عن ذاتها وخياراتها الاجتماعية والثقافية. ونحن إذ نتفق مع المحرر في تقييمه لهذه الدراسات المهمة فإننا نأمل أن يقدم الجزء التالي من مشروعه تطبيقات المملكة الأردنية في إطار اتفاقية اليونسكو حول حماية وتعزيز تنوع اشكال التعبير الثقافي، والتي وقعت عليها الأردن عام 2007. حيث أن الدراسات الخمس التي نشرت بهذا الكتاب تعد بحق أساساً يمكن البناء عليه لتطبيق هذه الاتفاقية.

 

دراسات وتجارب في التاريخ الشفوي

صدر في 2011 عن مركز الأردن الجديد للدراسات، كتاب بعنوان: التاريخ الشفوي؛ دراسات وتجارب، إشراف وتقديم هاني الحوراني. والكتاب يقع في 206 صفحة يضم مختارات من المساهمات التي قدمت في المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ الأردن الاجتماعي الذي عُقد في 16 و17 أغسطس 2005، بمشاركة باحثين وأكاديميين من الأردن وفلسطين والولايات المتحدة الأميريكية، وكرس المؤتمر أعماله للتعريف بالتاريخ الشفوي وأبعاده المختلفة، النظرية والعملية، وكذلك بالتجارب العربية، ولاسيما الفلسطينية في مجال تدوين وحفظ الروايات الشفوية، وإلي جانب ذلك فقد تضمن المؤتمر تجارب وشهادات من الأردن للعديد من المؤرخين والصحفيين والأنثروبولوجيين والأدباء الذين لجأوا إلي مصادر شفوية في أعمالهم واستخدام تقنيات التاريخ الشفوي،

ويضم الكتاب أيضاً مختارات من أعمال أول دورة تدريبية تقام في الأردن حول « تقنيات ومهارات التاريخ الشفوي»، والتي عقدت ما بين 3 و7 شباط/ فبراير2006، بمشاركة واسعة من المتدربين والمتدربات الذين يتوزع إنتماؤهم بين مؤسسات متنوعة، أكاديمية وإعلامية ونسائية وأهلية، وقد تركز التدريب علي توثيق وتدوين تاريخ الحركة النسائية في الأردن والشخصيات النسوية القيادية. الكتاب مقسم لبابين يبدأ بمقدمة مختصرة ودقيقة لهاني الحوراني بعنوان: لماذا التاريخ الشفوي الآن؟!.أما الباب الأول فيبدأ بمساهمتين للخبير الأميركي المعروف توماس ركس، الأولى بعنوان: التاريخ الشفوي. ما هو؟، والثانية يتبنى فيها مقولة جون إتش. آرنولد: التاريخ هو عملية وجدل ويتكون من قصص حقيقية حول الماضي. يتلوها دراسة بعنوان الأبعاد النظرية والعملية لتطبيقات التاريخ الشفوي لسونيا النمر. ثم دراسة صالح عبد الجواد حول خصوصية الحالة الفلسطينية: الضرورة والمشاكل والمصداقية. كما يتعرض رياض شاهين للصعوبات التي تواجه تطبيقات التاريخ الشفوي وطرق تجاوزها، وينتقل الكتاب لدراسة قضية أثارت جدلاً واسعاً في الماضي وتأخذ نفس الطابع الجدلي الآن، وهي المنظور النسوي للتاريخ الشفوي بين النظرية والتطبيق والذي عالجته فيحاء عبد الهادي. أما عادل يحيى فقد اختتم هذا الباب بدراسة حول منهج وتقنيات البحث في التاريخ الشفوي. أما الباب الثاني، فقد احتوى على العديد من الشهادات والتجارب المحلية، بدأت بشهادة المرحوم سليمان الموسي بعنوان «تجربتي الشخصية في توظيف تقنيات التاريخ الشفوي»، وشهادة روان وديما الضامن حول التاريخ كما يراه الأطفال: ملاحظات مستقاة من دراسات ميدانية. ثم شهادة فاروق جرار حول تجربة مراكز الدراسات والأبحاث في مجال التوثيق التاريخي. أما محمد خريسات فقد سجل في شهادته موقع تقنيات التاريخ الشفهي في مجال توثيق التاريخ في الأردن. على حين تناول عبد العزيز محمود في شهادته مكانة التحقيق الميداني في دراسة التاريخ الاجتماعي والسياسي، كما سجلت ملك التل تجربتها في كتابة التاريخ الشفاهي، وعنون محمود الذيودي شهادته باسم «دراما من دراما»، وسجل كايد هاشم تجربته حول تطبيقات التاريخ الشفهي في كتابة التراجم الأردنية. واختتمت سلسلة التجارب بتجربة هاني العمد حول تقنيات التاريخ الشفهي.

 

أعداد المجلة