فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
45

ألفاظ الأطعمة والأشربة في الشرق الجزائري - دراسة في ضوء اللسانيات الجغرافية-

العدد 45 - أدب شعبي
ألفاظ الأطعمة والأشربة في الشرق الجزائري  - دراسة في ضوء اللسانيات الجغرافية-
كاتب من الجزائر

اتجه الدرس اللساني المعاصر إلى دراسة الواقع اللغوي، وما يرتبط به من ظواهر تتعلق بالممارسات اللغوية للفرد المعاصر؛ في وعيه وإدراكه بماضيه وحاضره، أو في تفاعله مع محيطه الاجتماعي، ولأجل هذا القصد كان انفتاح النسق اللساني على مختلف الأنساق المعرفية تفاعلا ايجابيا أخذا وعطاء؛ وهو ما زاد من أهمية هذا العلم والحاجة إليه في حل المشكلات المعرفية التي تصادف الفرد في حياته اليومية.

ومن صور هذا الانفتاح تعالق اللسانيات بالجغرافيا الذي يتوخى من خلاله الدارس اللساني الكشف عن أثر البيئة الجغرافية في التباين اللغوي بين الأفراد، وما ينتج عن ذلك من فروق لغوية على صعيد الاستعمال اللغوي «صوتا، وصرفا، وتركيبا، ومعجما»؛ وما يتولد عن ذلك من تحول اللغات إلى لهجات أهم ما يميزها اختلاف العادات اللغوية في نطق الألفاظ بالتصرف في بنائها وتركيبها من موطن إلى موطن، ومن إقليم إلى آخر. وهكذا نلاحظ «اتصال علم اللغة الحديث بعلم الجغرافيا اتصالا وثيقا، وقد اقتبس علم اللغة منذ أكثر من نصف قرن مضى طرائق علم الجغرافيا؛ ليضع حدودا لغوية للهجات المختلفة، في خرائط تبين معالم كل لهجة، وتفرق بين لهجة وأخرى، ولا تختلف هذه الخرائط عن خرائط الجغرافيا إلا في أن ما يدون عليها ظواهر لغوية، تطلع القارئ على أدق الفروق في الأصوات والمفردات، بين اللغات المختلفة واللهجات المتباينة»1.

ولا يخفى في هذا السياق ما لتباعد اللغات أو تقاربها جغرافيا من أثر في التفاعل والمثاقفة بينهما؛ بل إن الحدود الجغرافية الطبيعية التي يصطنعها الإنسان من قديم الزمان تتهاوي في أحيان كثيرة أمام التمدد اللغوي الطبيعي، وتصبح الحدود اللغوية للمجتمعات الإنسانية هي المعيار الأساس لبناء الكيانات السياسية والاقتصادية.

انطلاقا من هذه القوانين وسواها التي تحكم علاقة اللغة بالجغرافيا تتأسس نظرتنا لموضوع هذه الدراسة التي تروم تقصي الخصوصية اللغوية للفرد الجزائري ضمن إقليمه المحلي الخاص، وفي إطاره الجغرافي الوطني أو الإقليمي؛ وذلك بالسعي إلى بناء أطالس لغوية لمختلف الألفاظ اللغوية التي يستعملها الجزائري في حياته العامة؛ واستكشاف أهم ما يميز هذه الألفاظ من سمات لسانية، والبحث في أصولها؛ وفي صلتها باللغة الفصحى، وفي مدى تأثر اللغات الأم للجزائريين وتفاعلها مع الوافد من اللغات مع ما شهده الجزائري في سيرورته التاريخية، كل ذلك من أجل الوقوف على تفسير لميزات هذه الألفاظ وارتباطها العضوي بالمكان والإنسان؛ حتى غدت سمة للإنسان الجزائري يوسم بها لغويا بين شعوب المعمورة.

ومن أجل استكشاف هذه الجوانب كلها فقد جاءت الدراسة في؛ مقدمة وخمسة مباحث؛ أوضحت في المبحث الأول ماهية اللسانيات الجغرافية ومجالات اشتغالها، وفي المبحث الثاني منزلة ألفاظ الأطعمة والأشربة في التراث اللغوي العربي والمغاربي، وفي المبحث الثالث وصف المجال الجغرافي للدراسة، وفي المبحث الرابع جانب من ألفاظ الأطعمة المستعملة في عامية الشرق الجزائري وتأصيل دلالاتها اللغوية والاجتماعية، وفي المبحث الخامس جانب من الأشربة الشائعة في الشرق الجزائري. ثم خاتمة متضمنة لأهم النتائج المتوصل إليها.

اللسانيات الجغرافية؛

المصطلح والوظيفة

ظهرت اللسانيات الجغرافية «géographie linguistique» كأحد أنساق الدرس اللغوي التطبيقي المعاصر البارزة؛ وقد كان اللساني فرديناند دي سوسير Ferdinand De Saussure-» 1912م» سباقا في الإشارة إلى إبراز أهمية هذا الاتجاه اللساني ومجالاته المعرفية؛ وذلك ما أوضحه بقوله: «إن من يباشر مسألة علاقة الظاهرة الألسنية بالمكان يخرج من مجال الألسنية الداخلية، ويدخل في مجال الألسنية الخارجية. وإن أول ما يسترعي انتباه من يدرس اللغات إنما هو، وما يظهر من فروق لغوية بمجرد أن يمر المرء من بلد إلى آخر أو حتى من منطقة إلى أخرى في البلد الواحد. ولئن كانت الاختلافات اللغوية الناجمة عن الزمان غالبا ما تغيب عن الملاحظ فإن الاختلافات بين مكان وآخر تبرز مباشرة للعيان. وحتى البدائيون (المتوحشون) من الناس يدركونها بفضل اتصالهم بقبائل أخرى ذات ألسن متغايرة ومقارنتاهم لغتهم بلغتهم. بل إن هذه المقارنة بالذات هي التي تجعل شعبا من الشعوب يتفطن إلى أن له لسانا خاصا» 3.

وقــــد ورد مــــصــــطــــلـــح جـــغــرافـــيـــا لـــســـانـــيـــة «géolinguistique» كصيغة مختزلة عن الجغرافيا اللـسـانـيـة أو الـجـغـــرافــيـا اللغــويــة «linguistique géographie» لتعبر عن دراسة الفروق المحلية أو الإقليمية الخاصة بلغة ما، وهي التي تحدد اختلافات اللغات وفروقاتها في الخرائط الجغرافية5.

وعرفه كل من «اوزالد ديكرو» و«جان ماري سشافير» في قاموسهما الموسوعي الجديد لعلوم اللسان بكونه: العلم الذي يراد به معرفة حدود الظواهر اللغوية سواء أكانت ظواهر صوتية أم ظواهر تتعلق باستعمال الألفاظ، وذلك بوضع مصور لغوي (أطلس لغوي) يبين المناطق اللغوية والجزر اللغوية6.

أما فيما يخص هذا اللون من الدراسة اللغوية في التراث العربي؛ فيذهب بعض الدارسين العرب المعاصرين إلى ( أن من يدرس النشأة الأولى للنحو العربي يجد بوضوح أن بذور اللسانيات الجغرافية قد بدأ الأخذ بها منذ أن بدأ الخليل بن أحمد بوضع نظرية العامل على أسس اللغات أو اللهجات التي عدها نقية آنذاك، وقد تكون البذرة الأخرى لهذا العلم تكمن في الاندماج في مجتمع البصرة والكوفة ثم بغداد بين العرب وغير العرب، وبين الفقهاء والنحاة والمفسرين والفلاسفة والكلاميين من العرب وغيرهم، فتكونت بذلك إحدى أهم الأسس التي أثرت في توجيه الدرس اللغوي وفقا للتفاعل بين العلماء ورغبة كل واحد منهم في التأثير في غيره بحكم تخصصه. أما العامل الثالث الذي يعد بمثابة بذرة رئيسة في تكوين هذا العلم فهي المد العربي الإسلامي خارج حدود شبه الجزيرة العربية واعتناق أصحاب الحضارات الأخرى للفكر الإسلامي)7.

وقد تعزز في زماننا الاهتمام بهذا الاتجاه اللساني؛ ولا سيما في الشق المتعلق باللهجات وتوزيعها وانتشارها، واختلافاتها اللغوية، وفي علاقتها باللغات الإنسانية الفصحى/المعيار، ومما يستتبع ذلك العناية ببناء الأطالس الجغرافية اللغوية، وإنشاء معجمات متنوعة لألفاظ الحياة العامة للمجتمعات الإنسانية؛ لتتعدى وظيفة هذه المعجمات مجرد حصر الألفاظ إلى بيان طبيعة استعمال الألفاظ؛ لتعكس اللغة بذلك الملامح الخاصة للمجموعات البشرية المختلفة.

واللهجات حبلى في تكوينها البنيوي وبعدها التداولي الاستعمالي؛ فتجود لدارسها بشتى المعارف الحياتية، وتعطيه رؤية الأفراد والمجتمعات وطريقة تفكيرها؛ وحتى تكون أبحاثنا اللسانية العلمية مسايرة للحركة العالمية، وذات قيمة موضوعية؛ فعليها أن تواكب سيرورة الحركة الاجتماعية فتنقل التصورات اللغوية الممارسة في ماضي الأفراد وحاضرهم بالبحث التطبيقي الميداني الذي لا يستصغر من الظواهر اللغوية الاجتماعية شيئا قلَّ شأنها أو علا صيتها في واقع الناس، وهو الدأب الذي لم يسلكه أجدادنا - للأسف الشديد- في أغلب الحالات، فاكتفوا بالرواية الشفوية في رصد الظواهر ونقل تجاربهم ومعارفهم، فضاع جانب كبير من كنوزهم المعرفية، ولم يبق من إرثهم المعنوي إلا النزر اليسير الذي لا يغني كثيرا الدارسين اليوم في أبحاثهم الاجتماعية والإنسانية.

منزلة ألفاظ الأطعمة

والأشربة في التراث اللغوي

حسبنا من أهمية هذا الجانب من الدرس اللغوي؛ أن ألفاظ الحياة العامة كانت أساسا متينا في تكوين صرح الدرس المعجمي في التراث اللغوي العربي؛ ففي ظل الحضارة الإسلامية اتسع نطاق العناية بها ليشمل مختلف مجالات الحياة العربية، وتجاوزت دائرة الاهتمام بهذه الألفاظ علماء اللغة إلى علماء البلاغة، والرحلات والتاريخ والجغرافيا، والطب والصيدلة، والأصول والفقه وسواهم. وتأتي ألفاظ الأطعمة والأشربة في صدارة اهتمام الدارسين اللغويين العرب القدامى8؛ فقد خصت بمباحث وفصول مطولة ضمن مؤلفاتهم9؛ لتوفر مادة لغوية ثرية ومتنوعة؛ تعكس تنوع عاداتهم وأذواقهم في المأكل والمشرب، وتكشف عن التطور اللغوي والثقافي الحاصل في أبنية هذه الألفاظ ودلالتها لا سيما بعد احتكاكهم بالشعوب الإسلامية.

وقد شاعت في التراث العربي تسميات الأطعمة والأشربة بحسب أنواعها، وأحوالها، وأوقاتها، وأذواقها؛ «فهناك: المأدبة، والوليمة، والعقيقة، والوكيرة، والخُرس، والقِرَى، والتحفة، والوضيمة، والإفطار، والفطور، والسحور، والغداء، والعشاء، والوقيعة»10، وإطلاق هذه التسميات في المنظور اللساني التداولي السياقي يصور أحوال المعاش المختلفة من نحو؛ اليسر والترف أو العسر والضيق في العيش، أو حالة الندرة والقلة أو الرخاء والسعة في المأكل والمشرب، ثم إن شيوع هذه التسميات من جانب آخر يرسم صورة حقيقة عن طبيعة هذا المجتمع في جانبه الجغرافي بدوا كانوا أم حضرا؛ ولكل منهما طريقته وأسلوبه في المأكل والمشرب من حيث الشدة واللين. وتجسد أخيرا ما تجود به بيئة المجتمع من خيرات؛ من حبوب، وبقول، وخضر، وفواكه، ورطب وألبان. ونجد في تتبع ألفاظ الأطعمة والأشربة في ظل الحضارة العربية الإسلامية علاقة أكيدة في الاستطباب والوقاية بها من الأمراض، «وقد جعلوا لأطعمتهم وأشربتهم أوزانا محدودة، وأوقات معلومة»11.

وإذا نظرنا في التراث اللغوي ضمن الحيز الجغرافي المغاربي نجد التنامي اللغوي لألفاظ الأطعمة والأشربة وتطورها في ظل الحضارة الإسلامية؛ وهو ما يصور لنا جانبا من طبيعة ثقافة المأكل والمشرب في المجتمع المغاربي القديم حيث «نجد أنه لم يغفل جانب الطبخ وأولى لهذا الباب أهمية كبيرة، فأبدع سكان المغرب العربي فيه؛ فاهتموا بأنواع الأطعمة التي تطبخ واستعملوا اللحوم بمختلف أنواعها، واهتموا بأساليب حفظها ونقلها إلى مختلف الأماكن، وادخلوا المطيبات التي تدخل في طبخ الأطعمة كالملح والزعفران وغيرها من المطيبات التي تضفي على الطعام نكهة مميزة، أما الحلويات والمعجنات فشكلت قسما آخر من المطبخ المغربي. كما اهتموا بصناعة الأشربة بمختلف أنواعها»12.

ولا يفوتنا في هذا السياق الإشارة إلى أحد المصنفات العلمية القيمة في التراث المغاربي التي نقلت لنا ألفاظ الأطعمة والأشربة؛ وهي الرحلة المشهورة بـ« تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» للرحالة المغاربي» ابن بطوطة(1325م - 1377م)»13، حيث ظهر غنى هذه الرحلة بهذا الجانب من الألفاظ، لكونه يمس جانبا يتكرر ذكره كثيرا في رحلات ابن بطوطة؛ فهو يمس حاجة ضرورية للإنسان لاستمراره في الحياة، كما أن الشعوب التي شملتها الرحلة تختلف عاداتها في الأكل والشرب، والمأكول والمشروب، وقد بينت الرحلة «الأثر اللغوي لتلك المفردات وإسهامها في الكشف عن التطور المستمر للغة العربية في جانب الألفاظ والمعاني، فهي تكشف عن عدد وفير من الألفاظ العربية المولدة، أو الدخيلة على العربية من إحدى لغات البلاد التي تحدث عنها ابن بطوطة، كما أنها تكشف عن معانٍ جديدة عبر عنها في الرحلة بألفاظ عربية»14، وما يهمنا في ألفاظ الأطعمة والأشربة التي ذكرت في هذه الرحلة تلك التي ترتبط بالمغرب العربي؛ فكثير من التسميات السائدة إلى اليوم تعود إلى تلك الحقبة؛ والى حقب أسبق عنها زمانيا.

ومع هذه الأهمية البالغة التي يمكن أن تمثلها ألفاظ الأطعمة والأشربة للدارس اللغوي وغيره؛ فيمكن النظر اليوم إليها بوصفها تعبيرا عن مستوى الرقي الثقافي والاجتماعي الذي بلغه إنسان هذه المنطقة في مساره التاريخي، مع ما تعاقب من دول وإمارات في حيزه الجغرافي، لتكشف عن تطور نظامه الغذائي للإنسان وعلاقتها بالتغذية، والطب، والأطباق الشعبية، والقضايا الثقافية والعرقية وسواها. فلم تحظ هذه الألفاظ بدراسات علمية جادة مرتكزة على الأسس المنهجية العلمية المعاصرة مثل؛ الإحصاء، والمقارنة، والتأثيل (البحث في أصل الكلمة وجذورها). إذا استثنينا عددا قليلا من الأبحاث الجادة؛ وهي في أغلبها فصول ضمن كتب جامعة أو مقالات علمية محكمة15.

من هنا بدا لي طرح التساؤل عن هذا الموضوع وجيها، والحاجة الماسة إليه أكيدة؛ ومن ذلك: هل هناك ثراء وتنوع في السجل اللغوي لهذا النمط من الألفاظ في الاستعمال المحلي؟، وما أصول ألفاظ الأطعمة والأشربة في منطقة الشرق الجزائري؟ وما علاقة هذه الألفاظ باللغة العربية الفصحى؟، وما هي الدلالات اللغوية والاجتماعية لهذه الألفاظ في الاستعمال المحلي؟ وأخيرا أي أهمية يمكن أن تمثلها ألفاظ الأطعمة والأشربة في دراسة واقعنا اللغوي؟

يذهب أستاذنا «د. عبد الكريم عوفي» إلى أن: العامية الجزائرية مزدانة بالألفاظ والمصطلحات الدالة على الأطعمة وما يتعلق بها مما ورثناه عن أسلافنا، وفي الوقت نفسه تزاحمها جملة من المصطلحات المولدة التي تقتضيها ضرورة الحياة اليومية من جهة، والألفاظ الحضارية التي تقذف بها المدنية المعاصرة يوميا من جهة ثانية، إن احتفاظ عاميتنا بهذا الموروث المصطلحي من فصيح العربية، كالثريدة والعصيدة والزريقة، والقلية، والقديد، والوليمة، والشواء، والخليع، والرغيدة، والهريسة، والمزيت، والكفتة، وغيرها من مئات الألفاظ التي تدور على ألسنة أفراد الأسر كل يوم مما ولد حديثا للحاجة الاجتماعية، كالمحمر، والبنان، والطمينة، والمحجوبة، والمحشي، والشخشوخة، والجاري، والطاجين، والبوراك، والمتوبة...الخ. هذه الألفاظ وغيرها دليل ثراء لغتنا، ومؤشر يفرض علينا إيقاف السيل الجارف من المفاهيم الحضارية والعلمية التي تفد علينا من الغرب ولها نظائر في لغتنا اليومية مما له صلة بالفصحى16.

المجال الجغرافي للدراسة

إن دراسة ألفاظ الأطعمة والأشربة في منطقة الشرق الجزائري يعني في واقع الحال الحديث عن رسم أطلس لغوي لمجال جغرافي واسع، يشمل أكثر من خمسة عشر محافظة (ولاية) يمتد من البحر شمالا إلى مشارف أعماق الصحراء جنوبا، ومن الحدود مع الجمهورية التونسية الشقيقة شرقا إلى محافظات وسط الجزائر غربا؛ إقليم يتربع على مساحة واسعة تتنوع فيه طبائع الأفراد وخصائصهم الاجتماعية والإثنية، كما تتنوع تضاريسه الطبيعية من وهاد وسهول وهضاب؛ يجود كل منها بخيراته الطبيعية التي تنافس غيرها؛ ويمكن أن نميز في هذا السياق بين ثلاثة أقاليم طبيعية:

إقليم الصحراء: يتكون هذا الإقليم من محافظة بسكرة، وجانب من جنوب محافظتي خنشلة وتبسة، وجانب من شمال محافظة الوادي؛ وتتصف هذه المنطقة بألفاظ الأطعمة والأشربة التي تزخر بها البيئة الصحراوية، مثل التمر ومشتقاته؛ وتكثر في مواسم محددة مثل أوائل فصل الخريف إلا أن أساليب الحفظ والتصبير التي دأب عليها إنسان هذه المنطقة وأبدعها منذ قديم الزمان تجعل من أطعمته وأشربته متوفرة في مختلف أوقات السنة.

إقليم الهضاب: يتكون هذا الإقليم من عدة محافظات تقع في الهضاب العليا، ويتصف هذا القسم بشساعة مساحته وتنوع تضاريسه من وهاد وسهول وهضاب وجبال عالية، وتنوع الغطاء النباتي للمنطقة مما يسمح بوفرة خيرات الطبيعة النباتية والحيوانية؛ التي تجود على الإنسان بما لذ وطاب ليصنع منها إنسان المنطقة أطعمته وأشربته المتنوعة. ومن أهم المحافظات (الولايات) المشكلة لهذا الإقليم: سوق أهراس، وتبسة، وقالمة، وقسنطينة، وميلة، وباتنة، وسطيف، برج بوعريرج، أم البواقي، وخنشلة.

إقليم الساحل: يتكون هذا الإقليم من عدة محافظات ساحلية تطل على البحر الأبيض المتوسط؛ وتتصف بعامل مشترك جامع بينها هو اعتمادها الأساس على ما يجود به البحر من خيرات إلى جانب سهولها الخصبة طوال العام؛ لكثرة مجاري المياه، وخصوبة الأراضي. ومن أهم المحافظات المشكلة لهذا القسم: الطارف، عنابة، سكيكدة، جيجل.

ومع شساعة إقليم الشرق الجزائري إلا أن الخصائص اللغوية المتقاربة لألفاظ الحياة الاجتماعية العامة تظل عنصرا جامعا في أغلب الأحيان، إلا ما ندر؛ وهو ما نلمسه في بعض الفروق الواضحة في مستويات النظام اللغوي للتعبير اللهجي المحلي ( المستوى الصوتي بالأخص).

إن التعمير المبكر للإنسان لهذا المجال الجغرافي منذ أقدم الحقب التاريخية أعطى للمكان حضوره الاجتماعي وزخمه الثقافي المقترن بالطبيعة المشبعة بالثروات المتعددة (لا سيما ثروات النبات، والحيوان)؛ وهو ما حقق الوفرة في المأكل والمشرب؛ وانعكس في ثراء تسميات المطبوخ والمشروب وتنوعها؛ هذه التسميات التي نجدها في جانبها اللغوي الاثنوغرافي والفلكلوري مرتبطة بضروب من التفكير اللغوي لتعبر عن عادات وتقاليد المجتمع المحلي بالشرق الجزائري ومناسباته المختلفة من نحو؛ الأعياد الدينية، والأفراح والمسرات والأعراس، أو في الأعياد الطقوسية المرتبطة بالطبيعة ومظاهرها المختلفة مثل؛ رأس السنة، وقدوم الربيع، أو مواسم الحصاد والزرع (التويزة)، أو أطعمة الاستسقاء ونزول الأمطار(الزردة) وسواها. فلكل هذه المواقف التواصلية الاجتماعية المهمة ما يناسبها من أطعمة ومشروبات؛ لها تسمياتها المخصوصة المعبرة عنها.

والبحث في الأصول اللغوية لهذه الألفاظ ودلالتها يكشف للدارس عن طبيعة المجتمع المحلي بهذه البيئة الجغرافية، وما تجود به من خيرات يرتبط كل منها بموسم معين، وعلى هذا الأساس فهناك أطعمة وأشربة كثيرة يكثر شيوعها وتحضيرها في أوقات معينة لارتباطها بمواسم معينة؛ لتقل في مواسم أخرى. سواء تعلق الأمر بالخضر أو الفواكه (من مثل؛ مواسم جني القمح، أو الشعير، أو الزيتون، أو جمع عسل النحل) أو غيرها.

أما جذور هذه الألفاظ فمنها ما يعود إلى اللغات الأم للجزائريين (الأمازيغية والعربية) وهو الغالب الأعم؛ ومنها ما هو واقع تحت تأثير من الوافد التركي أو ما تركه الاستعمار الفرنسي في الماضي القريب من أثر مباشر في بعض التسميات المحدودة.

واعتقد -كما ذهب إلى ذلك بعض الدارسين- إلى أن ( الحقيقة الغائبة عن كثير من الناس في مجتمعنا وفي مجتمعات عربية أخرى - ولا سيما خاصة الخاصة من أهل العربية- هي أن ألفاظا ومصطلحات كثيرة تخص مجالات الحياة اليومية للفرد بما فيها ألفاظ الأطعمة والأشربة ذات أصول عربية فصيحة، فهي إما أنها مستعملة استعمالا فصيحا كما وردت على ألسنة العرب الأقحاح وروتها كتب اللغة ومعجماتها، وإما أن تطورا ما من التطورات التي تصيب اللغة قد أصابها فوقع فيها انحراف لكنه لم يبعدها عن أصلها الفصيح وبقيت تؤدي وظيفتها الأصلية بالدلالة نفسها، أو أنها تطورت دلاليا من مجال إلى مجال آخر لحاجة مستعمليها ولظروف المجتمع الذي استعملت فيه، لأن اللغة -كما ذكرنا- كالكائن الحي تتطور وتتغير كما يتطور الفرد المستعمل لها في ذات المجتمع) 17.

فعلينا إذا أن نعيد القراءة في مدى قرب كثير من ألفاظ الأطعمة والأشربة من العربية الفصحى، والتي قد يحملها الذي يجهلها على أنها من غير الفصيح وأنها بعيدة كل البعد عن جذورها الأصيلة. وهذا ما يحملنا على الدعوة إلى التأسيس لأطلس لغوي لمثل هذه الألفاظ؛ وفي المبحثين التاليين سأعكف على أعطاء نماذج لألفاظ الأطعمة والأشربة هي في جانب كبير منها من العامي الفصيح.

تأصيل بعض ألفاظ الأطعمة ودلالاتها اللغوية والاجتماعية

جانب من ألفاظ الأطعمة :

تشتهر منطقة الشرق الجزائري بسجل لغوي يتصف بالثراء بأبنية ألفاظ الأطعمة والأشربة وتنوع حقولها الدلالية؛ وقد تطور هذا السجل، وتنامى مع مرور الأيام وتعاقب الأحوال؛ احتفظ بأصالة الماضي وعبق الحاضر، ليعكس لنا هذا السجل اللغوي طبيعة المأكولات والمشروبات التي اشتهرت بها المنطقة في الماضي والحاضر، والتي تتنوع بتنوع المناسبات والأعياد، يكشف عما يتمتع به إنسان المنطقة من ذوق رفيع، ويصور تفنن أنامل المرأة في الطبخ وإعداد الحلويات والمشروبات؛ ويكشف عن حسن تدبيرها في مواكبة سيرورة الحياة اليومية؛ وما تجود به الطبيعة من خضر وفواكه موسمية؛ تتمتع بها المنطقة طوال السنة. وسأحاول فما يأتي عرض بعض هذه الألفاظ وما تتصف به من دلالات لغوية واجتماعية:

1) الشخشوخة

لفظ لأكلة شعبية مشهورة في الشرق الجزائري، تطبخ في المناسبات كالأعراس والأعياد، وهي عبارة عجينة من القمح اللين والماء والملح. وللشخشوخة أنواع؛ ومن ذلك: شخشوخة الظفر، وشخشوخة الفول، وشخشوخة الفرماس، والشخشوخة المورقة، والشخشوخة الرزام، والشخشوخة الحامضة، وشخشوخة الشواط، وشخشوخة الرفيس. وتشتهر منطقة قالمة في هذه الأنواع بـ:

- شخشوخة الظفر: دقيق وماء وملح تخلط لتكون عجينة طرية تخبز كالكسرة وبعدما تطهى تقطع مستطيلات ثم تقطع بالظفر مربعات صغيرة وتفور ثم تقدم مع المرق.

- شخشوخة الفول: فول مفور يضاف إليه شخشوخة الظفر، وتكثر هذه الأكلة في موسم جني الفول في منتصف الربيع.

2) الخبـز18:

لفظ لطعام رئيس في عموم الجزائر؛ وفي التعبير اللهجي المحلي نستعمل لفظة مرادفة لها «الكسرة» ومن ألفاظ أصنافه المشهورة: كسرة الدار، كسرة المطبقة، كسرة الرخساس، كسرة المطلوعة، وكسرة الشعير (وتسميها بعض المناطق الرغدة)19، كسرة الشحمة، كسرة الرقاق، كسرة الملال (كانت في الماضي: وتطهى في الرماد الذي أخمدت ناره لتوها).

3) السفنج أو الفطاير20:

لفظ لأكلة تحضر بخلط الدقيق والملح والخميرة والماء الدافئ؛ ويترك الخليط للاختمار مدة، ثم يقسم إلى كويرات صغيرة تخبز وتقلى ثم تغمز في العسل، تقدم هذه الأكلة كفطور في الصباح، ويبتهج الأطفال بتناولها في الجلسات الأسرية.

4) الكسكسي:

لفظ لطعام رئيس في منطقة الشرق الجزائري؛ وقد أشار بعض الدارسين إلى أن هذا اللفظ « الكسكسو» ( هو طعام أهل المغرب العربي من طرابلس الغرب إلى المغرب؛ قال التازي: يبدو أن ابن بطوطة أول من استعمل هذا اللفظ بهذه الصيغة « الكسكسو»، لكن الحقيقة أن ابن بطوطة لم يكن هو أول من استعمل ذلك اللفظ، بل إن ابن رزين التجيبي في القرن السابع الهجري (في حدود 640هـ) قد ذكر ذلك الطعام باسم» الكسكسو»؛ وفصل طريقة طبخه وأنواعه المتعددة)21.

وإذا كان الكسكسى له هذا التاريخ الطويل في شمال إفريقيا؛ حتى جعله بعضهم علامة في حياتهم مميزة لمعاشهم؛ فإن ألفاظه تتعدد وتتنوع بحسب طريقة إعداده وطهوه؛ ومن أهم ألفاظه الشائعة في منطقة قالمة والشرق الجزائري؛ البربوشة، والمسفوف، المفتول، المحمصة، العيش بركوكش ( وينطق في بعض المناطق بركوكس)، وبمغلوث، والمسفوف المحور؛ وسأعرض هنا للنوعين الأخيرين:

- لفظ المسفوف المفور: كسكس رقيق يفور يزاد إليه الزبيب والتمر والزبدة والعسل والرمان ويزين بالمكسرات

- لفظ كسكس بمغلوث: (ويميل لونه إلى الاحمرار الذي يشوبه سواد) وهو لفظ فصيح على وزن مفعول من الغَلْثُ؛ و( الغَلْثُ خَلْطُ البُرِّ بالشَّعِيرِ)22.

5) لغرايف أو البغرير:

لفظ لأكلة تقدم بالأخص في المناسبات السارة المختلفة؛ وهي عبارة عن دقيق وماء وخميرة، تطهى في «طاجين لمسرح - آلة طهي»، ثم تضاف إليها الزبدة الذائبة، والسكر أو العسل.

6 ) الطاجين:

آلة من آلات الطبيخ، وهو المقلى الذي تطيب فيه أنواع الكسور، كالحرشاية، والمطلوع، والشخشوخة وغيرها، كما تقلى فيه الحبوب كالقمح، والشعير، والحمص، ويسميه بعض الناس (الفراح)، وهو نوعان: نوع يصنع من الحديد وهو حديث، ونوع آخر يصنع من الفخار.

ومصطلح الطاجين دخيل في العربية من اللغة الفارسية، وفد إلى الجزائر مع الفاتحين الأوائل وبقي مستعملا في ألسنة الناس حتى يومنا هذا، ولكن العامة لم تكتف بالاستعمال الأصلي بل وسعوا مجاله الدلالي فأصبح يطلق على أصناف من الأطعمة الرفيعة التي تقدم في المناسبات الخاصة والأفراح.

ومن ألفاظ أصنافه: طاجين العنب، وطاجين الزيتون، وطاجين التفاح، وطاجين الشواء، وطاجين الإجاص، وطاجين العين، وطاجين الخوخ، وطاجين السفرجل، وطاجين شباح الصفرا، وغيرها23.

7 ) الثريدة:

من ألفاظ الأطعمة الشائعة في منطقة الشرق الجزائري اعتبر الثريد طعام العرب وسيد الأطعمة، و«الثريد من الثرد وهو الهشم والفت والكسر، ومنه قيل لما يهشم ويبل بالمرق وغيره ثريداً، وإذا كانت كلمة «المرق» تفيد الشيء الذي يمرق من اللحم، فإن «غيره» تحيل على شيء آخر يثرد به الخبز، فكلما كانت العرب تصنع الثريد من اللحم وعراقه والقديد، كانت تعالجه بالزيت والسمن وتتخذه من التمر، ولعلها تثرد الخبز بالزيت زمن الشدة»24.

8 ) البَسِيسَةُ:

نوع من الحلوى من دقيق القمح والحمص المقليين والسمن أو الزيت والعسل، وأهل تلمسان ينطقونه (لمبسس) بسكون الميم، أما البسيسة فلغة أهل الشرق الجزائري كقسنطينة وضواحيها، وفي الأوراس تعرف هذه الحلوى باسم (الزرير)، وتقدم في الغالب عندهم للمرأة النفساء، ومنه أيضا: بسيسة الشعير المعروفة باسم (المرمز)، والكسرة لمبسسة، أما الطعام الذي يقدم للمرأة النفساء في العربية فيسمى الخرسة25، وهو لفظ عامي فصيح26.

9 ) القلية:

من ألفاظ الأطعمة التي يكثر استعمالها في منطقة قالمة والشرق الجزائري؛ وقد تعددت أصنافه في وقتنا الراهن؛ وهي من العامي الفصيح جاء في كتب اللغة «القِليّةُ: من قلوْتُ الشيء، وقلَيْته: إذا شوَيْتَه مع نُدوَّةٍ»27.

10) الجاري (الحريرة):

حساء يتخذ من دشيش القمح عندما يكون فريكا، أي قبل أن ينضج، ويخلط مع اللحم والطماطم وبعض البهارات. ويشيع استعماله في الشرق الجزائري إذ لا يخلو بيت في شهر رمضان من حساء الجاري. وعن فصاحته يقول الدكتور عبد المالك مرتاض: «إننا نرى أن هذا الإطلاق عربي فصيح لا غميزة فيه والاسم يدل على المسمى من حيث الاشتقاق اللغوي». ورغم أن مصطلح (الجاري) عربي البناء، فهو من الألفاظ المولدة التي مكن لها الاستعمال الاستمرارية، لأن «المصطلح الذي يلقى القبول والاستعمال من قبل الجمهور هو الذي يحظى بالبقاء والاستمرار». والجاري أنواع، منه جاري دويدة، وجاري لسان العصفور، وجاري مرمز، كما هو الحال في المشرق العربي ولكنهم يستعملون مصطلح الحساء، وهو عربي فصيح أيضا28.

11) العصيدة:

من ألفاظ الأطعمة التقليدية العامية الفصيحة29؛ والعصيدة دقيق يلت بسمن ويطبخ في ماء القدر على أن ينضب، ويحرك بها الدقيق في القدر تحريكاً، حتى ينقلب ما في القدر ولا يبقى شيء منه إلا انقلب عندما ينضب الماء، ويضاف له السكر والزبدة(الدهان) وتقدم في أوقات معلومة مثل أيام البرودة في الشتاء.

11) الرفيس:

لفظ لنوع من الطعام التقليدي؛ وهو من ألفاظ الأطعمة العامية الفصيحة30، وهي طعام يتم تحضيره بالسميد المتوسط الذي بعد التحميص في المقلاة يخلط بالتمر المعجون(الغرس) المنزوع من النواة وكل الشوائب، مع إضافة الزبدة أو الدهان، لنحصل على الرفيس قي شكل قطع عجينة حلوة المذاق؛ هذا الطعام الذي يقدم في المناسبات؛ كالأعراس والختان، وفي الأعياد، ولأعز الضيوف.

12) الكليلة:

لفظ لنوع من الأطعمة التقليدية المشتقة من الحليب؛ ويتم إعدادها بوضع كمية من اللبن في قدر يطهو لمدة من الزمن ثم نضعه في قطعة قماش رقيقة ونقوم بعصره، وهكذا نتحصل على مادة متماسكة تسمى الكليلة، يجفف، ويحفظ ليتم أكله في أوقات معينة من فصول السنة.

13) جبن بوهزة:

من ألفاظ أسماء الجبن التقليدية التي تحضر من اللبن الذي يقطر من الماء لتزول منه الحموضة المفرطة، وتضاف له بعض البهارات ليصبح مذاقه متميزا بشيء من الحموضة.

هذه الألفاظ - وسواها مما لم اذكره حصرا- ذات دلالة مميزة في المواقف الشعبية الاجتماعية المختلفة؛ إذ لكل منها رمزيتها التواصلية؛ من نحو؛ قدوم الضيف، أو عودة الغائب، أو زاد المسافر في سفر الطويل، أو إعلان الزفاف، أو فقد عزيز، أو ازدياد مولود، أو نجاح الولد والبنت، أو تحقيق أمنية من الأماني فلكل هذه المواقف الشعبية الاجتماعية أكلاتها المميزة ونكهتها الخاصة.

ويمكن أن نضيف إليها هنا بإيجاز هذه الألفاظ: العصبان، والروينة (الزميطة)، المقرطفة، والفطير، والمحاجب، والمريش، والمسمن، الهريسة ( نوع من الحلوى)، الأبراج وغيرها بألفاظ متنوعة كثير منها أقرب إلى العربية الفصحى.

تأصيل بعض ألفاظ الأشربة ودلالاتها

ألفاظ الأشربة لا تقل منزلة عن ألفاظ الأطعمة في التواصل الاجتماعي اليومي في المجتمع المحلي بمنطقة الشرق الجزائري، والمتصفح للسجل اللغوي لألفاظ الحياة الاجتماعية؛ يجد التنوع في ألفاظ الأشربة الواسعة الاستعمال؛ وهي تعبر في دلالتها اللغوية المباشرة عن السياق الاجتماعي للأفراد؛ فمن ألفاظ الأشربة ما يدل على المعاش وسد الرمق للجائع، ومنها ما يشرب في جلسات المتعة ولحظات الفرح والاجتماع الأسري أو في مجالس الأصدقاء...

وقد تطورت ألفاظ الأشربة مع مرور الوقت؛ ففي الماضي القريب كانت الأشربة معبرة عن حياة البادية ومصادرها الطبيعية النقية، مما يأخذ من الطبيعة مباشرة كشراب العسل، ومشتقات الحليب كاللبن، والحليب الرائب، أو تلك التي جلبها المجتمع المحلي من المجتمعات المجاورة أو من أماكن أخرى بعيدة؛ من نحو، القهوة التي كانت في الماضي تجلب خضراء ثم تقلى في البيوت، والشاي الأخضر والأحمر، الذي يفضل عادة أهل المنطقة شربه مع المكسرات كالفول السوداني، واللوز، والجوز . ومن أهم ألفاظ الأشربة التقليدية السائدة في المنطقة:

1) العسل:

من أهم ألفاظ الأشربة الشائعة منذ قديم الزمان في المنطقة؛ ويشيع بالأخص عند من يربون النحل، ويقطنون في المرتفعات وأعالي الجبال أو أطراف الانهار والمنابع المائية؛ حيث تسهل تربية النحل ويكثر النبت والزهر واخضرار الشجر طوال السنة، وتبدو قيمة هذا اللفظ في بعده العقدي، وفي الاستطباب به من كثير من الأمراض؛ وقد زادت الحاجة إليه في العقود الأخيرة؛ مع ما كشفه الطب الحديث من مزاياه الطبية.

2) اللبن:

من ألفاظ الأشربة الاساسة التي كانت ولا تزال شائعة في المنطقة؛ ويكثر تناول هذا الشراب في القرى والمدن؛ منذ قديم الزمان؛ «وقد كان يستعمل من قبائل بلاد المغرب العربي عصري المرابطين والموحدين»31؛ ومن الألفاظ التي تشيع تسمية اللبن بها في بعض مناطق الشرق الجزائري «الشنينة».

3) الــرُّبْ:

من ألفاظ الأشربة التي كانت شائعة في الماضي القريب في كثير من مناطق الشرق الجزائري؛ وهو عبارة عن «عصارة الفواكه المطبوخة بالسكر، ويستعمل هذا النوع من الأطعمة في الجنوب، كبسكرة وسيدي عقبة «اعتقد أن هذا مثال فقط من الباحث؛ وهو معروف في الماضي في أغلب مناطق الشرق إلى أقصى الحدود مثل تبسة، وسوق أهراس، والطارف»، ويحضر بوضع حبات التمر في قليل من الماء على نار خفيفة حتى تتحلل التمرات، ثم يصفى الخليط ويعصر ويعاد مرة ثانية على النار حتى يعقد، ثم يحفظ الرب في مكان بارد، ويتناول في أي وقت من الأوقات32.

ومصطلح الرب لفظ عربي فصيح، ذكرته كتب اللغة ومعاجمها، فقد ورد في اللسان: «الرب: ما يطبخ من التمر، وهو الدبس أيضا. والرب: الطلاء الخاثر وقيل: هو دبس كل ثمرة، وهو سلاقة خثارتها بعد الاعتصار والطبخ، والجمع الربوب والرباب»33.

3) عصير النخلة (اللاقمي):

عصير النخلة هو من الخيرات التي يجود بها النخيل ويعرف في اللهجة العامية بالشرق الجزائري باللاقمي «يكتب بالأجنبية: LAGMI» ويسمى باللغة الأجنبية (jus de palmier) من ألفاظ الأشربة التي كانت شائعة إلى الماضي القريب بالمناطق الجنوبية بالشرق الجزائري(جنوب محافظتي تبسة، وخنشلة، ومحافظتي بسكرة، والوادي) 34.

وإجمالا فألفاظ الأشربة سجل لغوي حافل بما تزخر به المنطقة من أشربة طبيعية، أو بما وفد مع الحركات التاريخية مع الهجرات الاجتماعية التي استوطنت بالمنطقة، وجلبت معها عاداتها وتقاليدها من المشروبات وطريقة إعدادها.

خاتمـة

يمكن أن نخلص في الختام إلى عدد من الاستنتاجات من أهمها :

في اللسانيات الجغرافية؛ تبدو اللغة بوصفها انتماء جغرافيا؛ والمكان شأنه شأن اللغة هُوية وانتماء للفرد والمجتمع.

تعاظم أهمية اللسانيات الجغرافية في وقتنا الراهن من حيث أنها بحث علمي ميداني يتوخى الحفاظ على لغات الأمم والشعوب ولهجاتها؛ والفروق اللغوية المميزة لها؛ من خلال وضع أطالس لغوية علمية ذات قيمة حضارية.

من أبرز ما تهتم بها الأطالس اللغوية المعاصرة؛ جمع وتدوين ألفاظ الحياة الاجتماعية عامة التي يكثر شيوعها في الاستعمال اللغوي اليومي، وتأتي ألفاظ الأطعمة والأشربة في صدارتها.

حفلت منطقة الشرق الجزائري منذ قديم الزمان بهذا النمط من الألفاظ ذات القيمة التواصلية في التفاعل الشعبي والاجتماعي العام.

قدمت الدراسة إطلالة بسيطة على أهم الألفاظ الشائعة بالمنطقة للتحسيس بأهميتها في مجال البحث اللغوي الاجتماعي، وسعيا إلى بناء أطلس لغوي جامع لهذه الألفاظ.

تتباين بعض ألفاظ الأطعمة والأشربة في منطقة الشرق الجزائري في الخصائص الصوتية والمعجمية عن باقي مناطق الجزائر، وعلى العكس ربما يكون توافقها جليا في بعض الألفاظ ليمتد إلى البلد الشقيق المجاور «تونس».

وقد تبين للباحث ما لهذه الألفاظ العامية من صلات شديدة باللغات الأم للجزائريين؛ ومن ذلك اللغة العربية الفصحى ولهجاتها العربية القديمة والحديثة؛ وهو ما دعاه إلى بيان العامي الفصيح منها، والتأكيد على أهمية الكشف والتنقيب عن صيغ الفصيح وتراكيبه في تعابيرنا اللهجية المحلية.

تتأسس بألفاظ الأطعمة والأشربة الروابط المتينة بين شعوب المنطقة، وتحافظ من خلالها هذه الشعوب على الصلات الثقافية الحميمة في إطار انتماء حضاري واحد.

الهوامش

1 – الجغرافيا اللغوية وأطلس "برجشتراسر"، رمضان عبد التواب، مجلة مجمع اللغة العربية، ج37، مايو 1976، القاهرة، مصر، ص 119.

2 - Dictionnaire de linguistique, jean DUBOIS, Larousse, 2002, paris, France, p218.

3 – دروس في الألسنية العامة، فرديناند دي سوسير، تر: صالح القرمادي، محمد الشاوش، محمد عجينة، الدار العربية للكتاب، د.ط، 1985 تونس، ص 285.

4 - On appelle géolinguistique l’étude des variations dans l’utilisation de la langue par des individus ou des groupes sociaux d’origines géographiques différentes. Le mot géolinguistique est ainsi la forme abrégée de GÉOGRAPHIE LINGUISTIQUE Dictionnaire de linguistique, jean DUBOIS, 221.

5 – ينظر: اللسانيات الجغرافية وأثرها في توجيه دلالة الكلمات القرآنية، الجودي مردسي، مجلة الأثر، العدد 42، جوان2015، ص 26.

6 – ينظر: القاموس الموسوعي الجديد لعلوم اللسان، اوزالد ديكرو، جان ماري سشافير، تر: منذر عياشي، المركز الثقافي العربي، ط01، 2007، الدار البيضاء، المغرب، ص 127.

7 – التفكير اللغوي عند الجغرافيين والرحالة العرب في ضوء اللسانيات الجغرافية المعاصرة، مازن عوض الوعر، مجلة التراث العربي، العدد 104، كانون الأول 2006، دمشق، سوريا، ص 188.

8 - من المؤلفات التي ذكرها - مثلا- صاحب الفهرست ضمن "فصل الكتب المؤلفة في الطبيخ": كتاب الطبيخ، للحارث بن بسخر، كتاب الطبيخ، لإبراهيم بن المهدي. كتاب الطبيخ لابن ماسويه. كتاب الطبيخ لإبراهيم بن العباس الصولي. كتاب الطبيخ، لعلي بن يحي المنجم،كتاب الطبيخ،لمخبرة. كتاب الطبيخ، لأحمد بن الطيب. كتاب الطبيخ لجحفة...للتوسع ينظر: الفهرست لابن النديم، دار المعرفة، د.ط، د.ت.ط، بيروت، لبنان، ص 440

9 – اكتفي هنا بالإشارة إلى الفصل الوارد في كتاب فقه اللغة وأسرار العربية تحت مسمى"في الأطعمة والأشربة وما يناسبها"؛ وقد ضمنه عدة مباحث من أهمها: في تَفْصِيلِ أطْعِمَةِ العَربِ، فِيمَا يَخْتَصُّ بالخَلْطِ مِنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ، في تَفْصِيلِ أحْوَالِ العَصِيدَةِ، في تَفْصِيلِ أحْوَالِ اللَّحْمِ المَشْوِي، في مُعَالَجَةِ اللَّحْمِ بالوَدَكِ، في أوْصَافِ المُخِّ، في الطُّعُومِ سوَى الأصولِ وهِيَ الحَلاوَة والمَرَارَةُ والحُمُوضَة والمُلُوحَةُ، في تَرْتِيبِ أحوَالِ اللَّبَنِ وَتَفْصِيلِ أوْصَافِهِ،،،. للتوسع ينظر: فقه اللغة فقه اللغة وأسرار العربية، للثعالبي، تح: يحي مراد، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع،ط01، 2009، القاهرة، مصر، ص192.

10 - ينظر: فقه اللغة فقه اللغة وأسرار العربية، للثعالبي، مصدر سابق، ص192.

11 – هذا ما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته في الفصل التاسع والعشرين في سياق شرحه للحديث النبوي؛ الجامع للطب وهو قوله صلى الله عليه وسلم: [المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وأصل كل داء البَردة] للتوسع ينظر: المقدمة، لابن خلدون، دار صادر، ط01، 2000، بيروت، لبنان، ص308.

12 - أنواع الأطعمة والأشربة في بلاد المغرب العربي عصري المرابطين والموحدين، بان علي محمد، مجلة كلية التربية للبنات؛ جامعة بغداد، مج18، 2007، بغداد، العراق.

13 - ينظر: ابن بطوطة وتحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار - ضمن سلسلة الروائع ج03- ، فؤاد إفرام البستاني، دار المشرق، ط8، 1986،بيروت، لبنان.

14 - ينظر: ابن بطوطة وجهوده اللغوية الجغرافية (ألفاظ الأطعمة والأشربة أنموذجا)، عبد العزيز بن حميد الحميد، دار السويدي للنشر والتوزيع؛ ط01، 2011، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة.

15 - من هذه المؤلفات: اللّهجة التواتية الجزائرية، أحمد جعفري، منشورات الحضارة، ط01، 2014، بئر التوتة، الجزائر، ص 372. حيث خص الموضوع ببضع صفحات تحت مسمى" معجم أهم أسماء الأطعمة والأشربة". ومن المقالات العلمية المحكمة: مقال؛ مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مجلة اللسان العربي، مكتب تنسيق التعريب (جامعة الدول العربية)، العدد47، 1998، الرباط، المغرب. ومقال: أسماء الأطعمة والأشربة في العامية الجزائرية، عبد المالك مرتاض، مجلة التراث الشعبي، وزارة الثقافة، العدد10، السنة07، 1976، بغداد، العراق. وهذا المقال الأخير لم أتمكن من الاطلاع عليه.

16 - ينظر: مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مجلة اللسان العربي، مكتب تنسيق التعريب (جامعة الدول العربية)، العدد47، 1998، الرباط، المغرب، ص268.

17 - ينظر: مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مقال سابق، ص269.

18 – الخبزُ: مصدر خبزتُ أخبزُ خبزاً، والخُبْزُ: اسم ما يخبز. وخبزت القوم أخبزهم: أطعمتهم الخبز. والخبَّاز: الذي صناعته الخبز، والخِبازة حرفته. للتوسع ينظر باب الخبز وآلاته من كتاب: مبادئ اللغة، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي، تح: عبد المجيد دياب، دار الفضيلة، ط01، 2000، القاهرة، مصر، ص126.

19 - خبز الشعير ذكره ابن بطوطة في رحلته في أثناء حديثه عن دمشق في سرده لحكاية ذكرت له؛ وفيها: ( وصنع له مرقة، وذبح له دجاجة فاتاه بها، وبخبز الشعير فأكل من ذلك ودعا للرجل). للتوسع ينظر: ابن بطوطة وجهوده اللغوية الجغرافية (ألفاظ الأطعمة والأشربة أنموذجا)، عبد العزيز بن حميد الحميد، مرجع سابق، ج01، ص55.

20 - اللفظان من العامي الفصيح الشائع في أغلب معجمات اللغة العربية؛ ويلاحظ الإعلال في اللفظة الثانية (الفطائرــ الفطاير)؛ وهي من الظواهر الصوتية التي يشترك في طريقة الأداء الصوتي (النطق) بها اغلب الجزائريين.

21 - ينظر: ابن بطوطة وجهوده اللغوية الجغرافية (ألفاظ الأطعمة والأشربة أنموذجا)، عبد العزيز بن حميد الحميد، مرجع سابق، ج01، ص57.

22 - ينظر: فقه اللغة فقه اللغة وأسرار العربية، للثعالبي، مصدر سابق، ص193.

23 - ينظر: مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مقال سابق، ص270.

24 - ينظر: لسان العرب، مادة (ثرد).

25 - ينظر: مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مقال سابق، ص270.

26 - جاء في " فقه اللغة وأسرار العربية"( البسيسة السَّوِيقُ بالأَقِطِ والسَّمْنِ والزَّيتِ ، وهِيَ أيضاً الشَعِيرُ بالنَوَى، عَنِ الأصْمَعِيّ) للتوسع ينظر: فقه اللغة فقه اللغة وأسرار العربية، للثعالبي، مصدر سابق، ص194.

27 - ينظر: مبادئ اللغة، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي، مصدر سابق، ص138.

28 - ينظر: مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مقال سابق، ص270.

29 - عقد لها الثعالبي مبحثا سماه"في تَفْصِيلِ أحْوَالِ العَصِيدَةِ" جاء فيه: (إذا كَانَتِ العَصِيدَةُ نَاعِمَةً فَهِيَ الوَطِيئَة، فإن ثَخُنَتْ فَهِيَ النَّفِيثَةُ، فإذا زَادَتْ قَلِيلاً فَهِيَ اللَّفِيتَةُ، فإذا تَعَقَّدَتْ وَتَعَلَّكَتْ فَهِيَ العَصِيدَةُ.) للتوسع ينظر: فقه اللغة فقه اللغة وأسرار العربية، للثعالبي، مصدر سابق، ص195.

30 – جاء في لسان العرب الرَّفِيسُ والرُّفُوسُ، ورَفَسَ اللحمَ وغيره من الطعام رَفْساً: دَقَّه، وقيل: كل دَقٍّ رَفْسٌ، وأَصله في الطعام. والمِرْفَسُ: الذي يُدَقُّ به اللحمُ. للتوسع ينظر: لسان العرب مادة(رفس).

31 - أنواع الأطعمة والأشربة في بلاد المغرب العربي عصري المرابطين والموحدين، بان علي محمد، مقال سابق، ص05.

32 - مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مقال سابق، ص271.

33 - ينظر: لسان العرب، مادة (رب).

34 - ومعلوم لدى العامة أنه إذا لم يشرب هذا الشراب طازجا تخمر وصار مسكرا مثل الخمر.

المراجع

* ابن بطوطة وتحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار - ضمن سلسلة الروائع ج03- ، فؤاد إفرام البستاني، دار المشرق، ط8، 1986،بيروت، لبنان.

* ابن بطوطة وجهوده اللغوية الجغرافية (ألفاظ الأطعمة والأشربة أنموذجا)، عبد العزيز بن حميد الحميد، دار السويدي للنشر والتوزيع؛ ط01، 2011، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة.

* أنواع الأطعمة والأشربة في بلاد المغرب العربي عصري المرابطين والموحدين، بان علي محمد، مجلة كلية التربية للبنات؛ جامعة بغداد، مج18، 2007، بغداد، العراق.

* الجغرافيا اللغوية وأطلس «برجشتراسر»، رمضان عبد التواب، مجلة مجمع اللغة العربية، ج37، مايو 1976، القاهرة، مصر

* Dictionnaire de linguistique, jean DUBOIS, Larousse, 2002, paris, France.

* دروس في الألسنية العامة، فرديناند دي سوسير، تر: صالح القرمادي، محمد الشاوش، محمد عجينة، الدار العربية للكتاب، د.ط، 1985 تونس.

* اللسانيات الجغرافية وأثرها في توجيه دلالة الكلمات القرآنية، الجودي مردسي، مجلة الأثر- مجلة محكمة تصدر عن جامعة قاصدي مرباح، العدد 42، جوان2015، ورقلة، الجزائر.

* القاموس الموسوعي الجديد لعلوم اللسان، اوزالد ديكرو، جان ماري سشافير، تر: منذر عياشي، المركز الثقافي العربي، ط01، 2007، الدار البيضاء، المغرب.

* الفهرست لابن النديم، دار المعرفة، د.ط، د.ت.ط، بيروت، لبنان.

* فقه اللغة وأسرار العربية، للثعالبي، تح: يحي مراد، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع،ط01، 2009، القاهرة، مصر.

* المقدمة، لابن خلدون، دار صادر، ط01، 2000، بيروت، لبنان.

* اللّهجة التواتية الجزائرية، أحمد جعفري، منشورات الحضارة، ط01، 2014، بئر التوتة، الجزائر.

* مصطلحات الأطعمة في العامية الجزائرية وصلتها بالعربية الفصحى، عبد الكريم عوفي، مجلة اللسان العربي، مكتب تنسيق التعريب (جامعة الدول العربية)، العدد47، 1998، الرباط، المغرب.

* لسان العرب، ابن منظور، دار الجيل، د.ط، 1988، بيروت، لبنان.

الصور

1 - http://www.tourismomag.net/wp-content/uploads/2014/06/828325-640x360.jpg

2 - https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/f/f2/Traditional_Algerian_food.jpg

3 - https://ma3loma10.com/wp-content/uploads/2018/10/1540829018_maxresdefault.jpg

4 - https://i.ytimg.com/vi/8B-aVg9iVsk/maxresdefault.jpg

5 - https://www.maghrebvoices.com/a/tunisia-ramadan-south-relegion-palm-story-market/440321.html

أعداد المجلة