فصلية علمية متخصصة
رسالة التراث الشعبي من البحرين إلى العالم
العدد
37

متداولين سبل ومنهجيات تدريس (الثقافة الشعبية) في المدارس بمملكة البحرين

العدد 37 - أصداء
متداولين سبل ومنهجيات تدريس (الثقافة الشعبية) في المدارس بمملكة البحرين

في لقاءٍ ثري، جاء بتوجيه من سعادة وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد النعيمي، جمع خبراء “الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر”، بخبراء إدارة المناهج في“وزارة التربية والتعليم” البحرينية، تبادل الطرفان خلالهُ سبل ومنهجيات تدريس الثقافة الشعبية، إلى جانب “تطوير المنهج الإثرائي للثقافة الشعبية بالمدارس الثانوية في مملكة البحرين”، وجاء اللقاء صبيحة الثلاثاء (13 ديسمبر 2016م)، في إطار التواصل البناء مع الشركاء في الاهتمام بمجال (الثقافة الشعبية).

وخلال اللقاء أشاد رئيس المنظمة الدولية للفن الشعبي (IOV)، علي عبد الله خليفة، بالتجربة الرائدة للبحرين في إدخال الثقافة الشعبية ضمن المناهج الدراسية، واعتمادها منهجاً إثرائياً لطلبة المرحلة الثانوية، إلى جانب إعداد مناهج متماسكة وشاملة تمكن الطالب من الإلمام بمحتويات ثقافته الشعبية وتراثه.

أكد خبراء وزارة التربية بأن تجربة تدريس الثقافة الشعبية، قطعت شوطاً في هذا المجال، مضيفين بأن لجنة من الاختصاصيين في الوزارة، تلقت توجيهات، منذُ العام (2006)، لإعداد وثيقة لمساق إثرائي (تطبيقي) لمنهج الثقافة الشعبية للمرحلة الثانوية، وقد تم إعداد هذه الوثيقة بمشاركة مجموعة من الخبراء.

وبين الخبراء، أن الثقافة الشعبية كانت وما تزال حاضرة، إذ أن هناك مساقات إلزامية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، كاللغة العربية، والتربية الوطنية، وحقوق الإنسان، والمواد الاجتماعية، وفي كل هذه المساقات، تحضرُ الثقافة الشعبية، إلا أن حضورها لا يتناسب والآمال المعقودة على تدريس مثل هذه الثقافة، إلى جانب غيابها عن طلبة المرحلة الثانوية عدا عن المقرر الإثرائي الذي اعتمد مدرسوهُ في تدريسه على الوثيقة التي أعدت من قبل الخبراء في (2006). وتابع الخبراء أن الكتاب الجديد (المعد لتدريس الثقافة الشعبية)، والذي اتخذ من الوثيقة انطلاقة، قد عالج قضايا الثقافة الشعبية تربوياً، وذلك استناداً إلى رؤية مخصوصة في تدريس هذه المادة «غير العادية»، إذ سيكون الكتاب بين يدي المعلمين والطلاب كليهما، مما يثري تدريس المادة على مختلف الصعد.

ويأتي هذا الكتاب كمقرر إثرائي إذ يجيء ضمن باقة من الاختيارات التي تلبي حاجة الطلبة في التعلم، بحيث يكون على الطالب اجتياز عدد محدد من الساعات المعتمدة لهذه المقررات الإثرائية، التي يترك لهُ حرية اختيارها، ليتسنى لهُ التخرج، وقد أتمّ كلّ الساعات المعتمدة المطلوبة منه. وهذا المقرر (الثقافة الشعبية) مدرج ضمن تلك الباقة التي يختار منها طالب المرحلة الثانوية، ولا يمكنه التخرج دون الانتهاء من الساعات الإثرائية.

ويمتدُ المقرر لفصل دراسي كامل، لا يخضع لعمليات تقويم كلاسيكية، بل يقتضي من الطالب الحضور والمشاركة في أحد المشاريع التي يمكن لمجموعة الصف أن تقوم بها انطلاقاً من المسائل المعالجة في المقرّر، وعليه فإن المقرر يأخذ صبغة إثرائية عملية وهذا جانب من جوانب الجدّة والطرافة فيه.

وتناول الخبراء خلال اجتماعهم التحديات والرهانات التي تواجه تدريس هذا المقرر، والتي ترتكزُ على ندرة وجود الإطار التدريسي المختص في مجال تدريس الثقافة الشعبية، إلى جانب مسألة تصنيف مواد الثقافة الشعبية، والتي يختلف أهل التخصص في تصنيفها، وقد خلص الخبراء لتصنيفها إلى ثقافة فردية، وثقافة جماعية، كما طرح الخبراء إشكالية اللغة المستخدمة في تدريس الثقافة الشعبية؛ فهل يعتمد معلم اللغة العربية الفصحى للشرح والتدريس، أم اللهجة المحلية المحكية، ليقترب أكثر إلى روح الدرس والمادة؟.

كما لفت خبراء «الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث» إلى أهمية أن تنفتح «وزارة التربية والتعليم» على مختلف الجهات المعنية بالثقافة الشعبية، وعلى رأسها «مجلة الثقافة الشعبية»، و«جامعة البحرين»، بالإضافة لمختلف المراكز المعنية بالتراث الثقافي الشعبي، وهو ما قد يسهم في جودة المخرج النهائي للجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة في سبل تطوير هذا المقرر، كما لفت الخبراء إلى ضرورة أن تتولى الوزارة آلية، بالتعاون مع الجهات المعنية، لتوسيع مدارك المدرسين المسؤولين عن تدريس هذه المادة، وذلك عبر إشراكهم في الندوات والملتقيات والمؤتمرات التي تعزز اطلاعهم، وتوسع معارفهم بمجالات الثقافة الشعبية.

إلى ذلك أكد خبراء وزارة التربية أن التغلب على التحديات يتطلب تكاتف مختلف الجهات المعنية، إلى جانب الرهان على دور المدارس في إنشاء منتديات تعنى بمادة (الثقافة الشعبية) في مختلف المراحل التعليمية، بحيث يتسنى للطلاب من خلالها الإشتغال على المشروعات التطبيقية، التي تدفع نحو تأصيل المادة، فضلاً عن كون هذه المنتديات رافداً يغذي المادة نفسها بما يمكن أن تنتجهُ من مشروعات.

وبينوا أن من أبرز الرهانات المتعلقة بمنهج (الثقافة الشعبية)، هو نفاذ هذه الثقافة، وما تتضمنهُ من معلومات إلى الطلبة، إذ يعتبر كتاب (الثقافة الشعبية)، الذي أعدتهُ الوزارة، أول وثيقة رسمية مدرسية تصون مفردات الثقافة الشعبية، وتحفظ استمرارها بين صفوف الطلبة بشكل علمي، موثق بالصور والرسومات، وهذا ما يجعل المدرسة تغدو الضامن الوحيد لحصول تواصل بين مواد الثقافة الشعبية والطلبة، إلى جانب الدور الذي يلعبهُ المقرر في تعزيز الانتماء للوطن، والاعتزاز بهويته البحرينية الأصيلة، فضلاً عما تشيعه الثقافة الشعبية، بوصفها مشتركاً عاماً، من قيم المحبة، والتعاون، والتعايش بين أفراد الشعب، إذ استطاع الكتاب، أن يتجاوز مجرد استعراض التراث المادي وغير المادي وتوصيفه، إلى الغوص في المفاهيم والدلالات والقيم الاجتماعية التي تحرك في الطالب مهارة التفكير الناقد.

واختتم اللقاء بتثمين دور «وزارة التربية والتعليم» على جهودها الحثيثة، والتأكيد على أهمية استمرار التعاون في كل ما يخص إغناء مادة (الثقافة الشعبية)، التي أكد الخبراء في «الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر» على أهمية الاحتفاء بها على النطاق العربي كتجربة رائدة، وربما هي الأولى من نوعها في الوطن العربي، إلى جانب ضرورة الاستفادة من كون مملكة البحرين، هي من تقود «المنظمة الدولية للفن الشعبي».

وقد أبدى خبراء «الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر»، استعدادهم لدعم وزارة التربية في مساعيها نحو تأصيل الثقافة الشعبية، وذلك عبر تهيئة الكوادر المعنية بتدريس المادة، وتزويد الوزارة بالمدربين، وتوفير الخبرات العربية والأجنبية للاستفادة منها في هذا المجال.

أعداد المجلة