لابد للبحث العلمي اليوم، وفي جميع اختصاصاته، من الارتباط بقضايا المجتمع وواقعه المعيش، يسعى جاهدا للمساهمة في تحقيق الإضافة المعرفية والتطبيقية، وتتأكد أهمية هذا التوجه اليوم مع تزايد وتيرة التحديات التي تواجه موروثنا الشعبي عامة والثقافة المحلية خاصة مع تزايد ضغوطات العولمة والتحولات السياسية. في هذا الاطار عادت مختلف الشعوب لدراسة موروثها الشعبي، قصد البحث عن حلول لمشاكلها الراهنة، وتعتبر الاستفادة من المواد المحلية، في مجال العمارة، قاعدة عامة بالنسبة لمواد البناء في أي مكان من العالم1.
إن الموقع الجغرافي الذي تحتله دول الغرب الإسلامي (مصر، ودول المغرب الكبير ومالي) جعلها تحظى بسفوح مطلة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وتخترقها سلاسل جبلية شامخة، وتتحلى الجهة الجنوبية منها بالواحات البديعة الساحرة. وقد انعكس كل ذلك على ثقافتها وتراثها وتاريخها وأنماط عيش سكانها. وتراث هذه البلدان هو أحد الجوانب التي ينعكس عليها التنوع، فهو غني ومتعدد الأشكال، فهناك البناء الحضري المدني وهناك المعمار الجبلي ثم البحري ثم الصحراوي، أو شبه الصحراوي، وهناك المساجد والمدارس والأبواب والقصبات والقصور وغيرها؛ والتي ما تزال تحتاج لجهود الباحثين من أجل تعرفها وإماطة اللثام عن أسرارها ونظمها وأنساقها الثقافية.