العدد 52 - آفاق
حينما وجه الأنتروبولوجيون أنظارهم نحو الطريقة التي يشغل بها الناس مساكنهم، وأماكن الصيد والعمل، لاحظوا على الفور بأن الفضاء ليس حاملا محايدا. فبعض الأماكن تكون خاصة بالاحتفالات المقدسة، وأخرى تكون ممنوعة على الرجال أو النساء، وثمة أماكن يجب اجتنابها لأنها مسكونة بالأرواح الشريرة.
وقد كان الاهتمام الأول للباحثين، فيما يتعلق بشغل الفضاء، يتعلق بمورفولوجيا المدن والقرى. ففي حدائق الكواري وصف مالينوفسكي كيف أن لدى التروبرانديين تكون القرية مبنية حول موضوع مركزي مخصص للمراسيم، والرقص والممارسات الجماعية. والمساكن العائلية مرتبة حسب مكانة كل عائلة. وفي كتابه الأنتروبولوجيا البنيوية حاول ليفي- ستروس بناء نظرية رمزية في شغل الأماكن، تكون انعكاسا لبنية اجتماعية وذهنية معقولة جدا1.